محمد الوشيحي

خيط دخان

كل شيء يتحرك في هذا البلد الميت إلا الحياة والليبراليين، أو الوطنيين كما يسمّون أنفسهم، وكما نسميهم نحن أيضاً بعد الغمز بعيننا اليسرى.

لكن دعك من الحديث عن الليبراليين الذين تلخبطت ألوانهم بعدما تطفل عليهم المتطفلون، حتى إن الكاتب والمحامي المعمم بلا عمامة آية الله صار يتحدث باسمهم، وتعال اجلس بجانبي واطلب فنجان قهوة كي يروق مزاجك فنتحدث عن محاسن «كتلة العمل الوطني»، التي اختفت عن شاشة الرادار وشاعت أنباء عن سقوطها في أعماق الأطلسي.

ولو أن «كتلة العمل الشعبي» هي التي اختفت، لانتشرت كرنفالات الشماتة في الشوارع ولا كرنفالات جنيف، ولتطايرت الألعاب النارية في الفضاءات، ولتوزّع المهرجون بأنوفهم الحمراء في الساحات، لكن المختفي، لسواد الحظ، هو التكتل الوطني، التلميذ المؤدب الذي يفرق شعره من الجنب، ويجلس على أول كرسي مواجه للمدرس، ويضع يده على خده، اسم الله عليه، وتكسو وجهه حمرة الخجل عند الحديث عن أي موضوع غير الجنسية والقروض ومحاربة التدين السياسي.

قيل إنها، أي الكتلة، شوهدت في ميدان الطرف الأغر، في لندن، تنثر الحب للحمام، ويتبادل أعضاؤها الصور بينما يحطّ الحمام فوق أذرعهم ورؤوسهم. الربع ماخذينها سياحة. وقيل إن أعضاءها يتوجهون في يوم الأحد من كل أسبوع إلى الـ»هايد بارك» كي يتذكروا أمجادهم، أو أمجاد آبائهم وأمجاد «هنري الثامن»، ذي الميول الليبرالية، الذي انتزع هذه الحديقة من قبضة الكنيسة وفتحها أمام طبقات الشعب. الله على ماضيهم ما أجمله، الله على تاريخهم ما أنصعه، وسبحان من يخرج الميت من الحي.

أحد شبّانهم المتحمسين سأل الراحل الكبير نزار قباني عن الكتلة فأجابه على أنغام الناي الحزين: «ستفتش عنها يا ولدي في كل مكان، وستسأل عنها موج البحر وتسأل فيروز الشطآن، وسترجع يوماً يا ولدي مهزوماً مكسور الوجدان، وستعرف بعد رحيل العمر بأنك كنت تطارد خيط دخان».

يا ولدي، مات حمود الزيد الخالد وعبدالعزيز الصقر وسامي المنيس وآخرون رحمهم الله، وابتعد الدكتور أحمد الخطيب وجاسم القطامي وآخرون، فعن أي كتلة «وطنية» تتحدث؟ الأحاديث الآن تدور عن «كتلة العقلاء»، وهي «كتلة قابضة» يندرج تحت سطوتها كل من يخاف على كرسيه، عضوها المنتدب النائب عبدالسلام النابلسي. تخيل، عقلاء بزعامة النابلسي! من المجانين إذن؟ يا ولدي، صدقني لو أن الجاهل الصغير نجح في الانتخابات لكان الآن عضواً في كتلة العقلاء. يا ولدي كان آباء الكتلة في الماضي يخصصون اثنين من أشد جنودهم بأساً وأكثرهم سواداً كي يقفا برمحيهما أمام باب الدستور وحقوق الناس، يتحققان من هوية كل من يريد الدخول، ويرعبان كل من تسوّل له نفسه اقتحام الحصن، لكن الجنديين سقطا منذ أصبح همّ «أربابهما» البقاء على الكراسي وبناء العوائق أمام كتلة العمل الشعبي، فقط.

يا ولدي، خلاص، صدقني خلاص، كان الليبراليون إعصاراً يسحب خلفه أمطاراً، فأصبحوا خيط دخان… الفاتحة. 

احمد الصراف

كفن تورين.. و«دفناه سوا»

ورد في المصادر التاريخية، ان قطعة قماش من الكتان تم اكتشافها في عام 544 ميلادية في مدينة أديسا، واعتقد وقتها أنها ربما تكون الكفن الذي لف به جسد السيد المسيح عند دفنه بعد صلبه، وما عزز ذلك الاعتقاد، وفق المصادر التاريخية، ان قطعة القماش تلك تظهر، بطريقة غريبة، وجه وجسد انسان، وملامح الوجه تشبه ما روي عن ملامح المسيح، كما وجدت آثار دماء على الكفن مما اكد الرواية اكثر، وكانت تلك بداية واحدة من اكثر القصص اثارة عن المسيح ومعجزاته، كما اصبحت تلك القطعة الاكثر قدسية وتبجيلا طوال قرون. وورد في المصادر التاريخية كذلك ان ملوكا وقادة عسكريين واباطرة وباباوات تنافسوا حتى الموت على اقتناء هذا الاثر المقدس والعظيم. ونقل في اغسطس 944 عنوة إلى القسطنطينية، عاصمة الامبراطورية البيزنطية، حيث تم التأكد من حقيقة كونه كفن المسيح، وان اللطخات التي تظهر عليه هي بالفعل دم انسان! كما توالت التأكيدات من جهات مختلفة على مر السنين بصحة ما قيل عن حقيقة الكفن، واصبح هناك اعتقاد راسخ بأنه كفن السيد المسيح والدم دمه والصورة صورته، وانها آخر معجزاته.
مع تغير الممالك وتقلب العصور تقاذفت الايدي كفن المسيح وانتقل من عاصمة إلى اخرى حتى استقر في ايطاليا واصبح يعرف بـ«كفن تورين» ربما نسبة إلى الكاتدرائية التي يحفظ فيها حاليا في ايطاليا منذ عقود طويلة.
ولان الفكر الغربي، وحتى لو كان يمثل عاصمة الكثلكة المتزمتة في العالم، لا يؤمن بالمسلمات، وبسبب مناخ حرية البحث والتطوير الذي تتمتع به شعوب اوروبا، والغرب عموما، وللتأكد من كل ما اثير حول الكفن من اقاويل، فقد وافقت الكنيسة على اخضاع آخر معجزات السيد المسيح للفحص المختبري الكربوني لمعرفة حقيقة الامر، وكانت المفاجأة غير السارة ان الفحص المختبري بين ان قطعة القماش تعود إلى القرون الوسطى وبالتحديد للفترة من 1260 الى 1390 ميلادية، وانها قطعة بالتالي مزيفة اراد صانعها الاستفادة منها ماديا. وقد اكد واحد من اكبر علماء الآثار الايطاليين، نقلا عن وكالة رويترز للانباء، ما توصلت اليه المختبرات من نتائج سلبية، كما عقد مؤتمرا صحفيا بين فيه الكيفية التي ظهرت بها صورة وجه وجسد انسان على قطعة القماش تلك، وان عمرها لا يزيد على 800 عام، وليس 1500 عام، كما كان يعتقد سابقا، وان كل ما دُوّ.ن في «المراجع التاريخية» عن الكفن وقدسيته غير صحيح، وان الجميع عاش في وهم لفترة تقارب الثمانمائة سنة! ويمكن العودة للشيخ «غوغل» لمعرفة مزيد عن تاريخ واحدة من اكثر مقدسات الكنيسة اهمية، والتي ثبت عدم صحة كل ما قيل فيها وعنها.
ما قام به علماء الغرب وما اقدمت عليه مختبراتهم يوضح بطريقة لا تقبل الجدل كم هو كبير الفارق بين الامم الحية وغيرها المغيبة. فقبل 30 عاما وقعت احداث شغب عنيفة في احد اسواق مدينة مومباي الهندية، اثر سريان اشاعة عن قيام البعض بسرقة شعرتي النبي المحفوظتين في احد مساجد المدينة! وقبل ان يتبين عدم صحة الخبر كان 200 شخص بريء ومسالم، وأغلبيتهم من الهندوس، قد فقدوا حياتهم، واحرقت عشرات المتاجر والمركبات، وطالت اعمال الشغب اكبر مدن الهند لساعات عدة!
وفي هذا السياق، توجد في متاحفنا، وبالذات في تركيا، مجموعات كبيرة من السيوف والتروس والعمائم والخفف، او النعال، التي يعتقد انها تعود في أغلبيتها لزمن النبوة والخلافة! ولكن بالتمعن في اشكالها وحالتها غير السيئة، وتاريخنا الذي لا يؤمن اصلا بالآثار بسبب طبيعة المنطقة وامور كثيرة اخرى، تجعل من الصعب الايمان بصحة ما يشاع عن اعمار وتاريخ أغلبية هذه الآثار، وربما يكون عامل المتاجرة بعواطف المؤمنين وراء تلك الادعاءات، التي ليس من السهل التأكد من صحتها في ظل غياب تام لاي تدقيق او تمحيص عن حقيقة اعمارها او مصادرها. كما اننا على غير استعداد لاخضاع كثير من الاماكن المقدسة من اضرحة ومقامات للفحص المختبري والكربوني لمعرفة حقيقة ما يثار حولها من اقوال. فنحن كنا ولانزال سعداء بما نعتقد ولا نريد ان يعكر صفو حياتنا احد باي اكتشافات قد لا تتفق وامزجتنا وما نؤمن به.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

الراقصون في الأفراح والأحزان

 

لم يعد مستغربا أمر الجنود المجهولين الذين يقدمون الغالي والنفيس في اللذود عن حياض الوطن، ويتقدمون الصفوف الخفية (ولتكن الخلفية) إن جاز لنا التعبير، وهم يشمرون عن سواعدهم بفرقعات وشعارات وسلالم مجد من ورق في ادعاءاتهم بأنهم إنما يقدمون كل ذلك العمل الوطني الجبار من أجل دين الله ومن أجل الوطن ومن أجل ولاة الأمر.

لم يعد أمر نشاطهم مستغربا خصوصا مع حدوث أي صورة من صور الإنفراج في البلاد؟ لكن ما يثير الإستغراب فعلا، أن أولئك المدعومين من قبل من أطلقوا على أنفسهم نشطاء سياسيين أو اجتماعيين أو حتى المدعين على الدوام بأنهم جنود للوطن ممن يصعدون على المنابر ويطلقون الخطب العصماء الهوجاء في آن واحد، أننا نجدهم في حالة رقص دائم في الأفراح والاحزان! حتى أن الحدث التاريخي المهم بالإفراج عن معتقلي كرزكان يوم أول أمس (الثلثاء)، والذي يؤكد نزاهة القضاء البحريني، جعلهم ينشطون بصورة غير طبيعية في المجالس وفيما بين بعضهم البعض، مستندين على ثلاثة مواقع الكترونية مشهورة بأهدافها الفتنوية في المجتمع… لكن رقصهم هذه المرة، ليس ككل مرة… ففيه من الإساءة الى الدولة والى الحكومة والى قضائها الشيء الكثير…

إنهم يرون أن كل من يدخل السجن بتهمة التخريب والتحريض على كراهية السلطة، لابد وأن يصدر الحكم (بإعدامه)! وإن صدر حكم القاضي ببراءة متهم، فإن التنكيل هنا والغمز واللمز والطعن… يجب أن يتوجه الى القضاء، وما يلبث هذا الطعن أن يتحول من أولئك الذين عهدناهم دائما يرفعون شعار طاعة ولي الأمر كذبا ورياء ونفاقا مقيتا، الى أقوال من قبيل: «على البحرين السلام»… أو من قبيل: «رضوخ الحكومة لتهديدات الإرهابيين»، وربما تمادوا أكثر ليدعوا الطائفة الأخرى إلى النزول وافتعال الحرائق والتخريب لكي تتم الإستجابة لمطالبهم.

ظهيرة يوم الثلثاء الماضي كانت مفعمة بالفرح والسرور والثناء على القضاء ونزاهته، وكنا نرى المعارف والزملاء من الطائفتين الكريمتين يعبرون عن فرحهم لا لأن (إرهابيا) نفذ بجلده من العدالة، بل لأن هناك قضاء عادلا نزيها قال كلمته الفصل بكل عدالة، وهو جهاز يأتي على رأس مجلسه جلالة الملك الذي يمثل (ضمير الأمة قطعا)، والراعي المسئول عن رعيته الحاكم بالعدل الرافع للظلم عن كل من وقع عليه ظلم… لكن ذلك بالنسبة لدى البعض كيل بمكيالين! فترتفع أصوات منكرة لتقول: إذا صدر الحكم في صالح الإرهابيين قلتم أن القضاء نزيها، وإذا صدر حكم بالسجن والعقوبات قلتم أن القضاء ليس نزيها… كل ذلك لا يهم، طالما نحن في رحاب دولة قانون ومؤسسات.

ومن قال أن من تثبت عليهم تهم التخريب والتحريق والإرهاب يجب أن يطلق سراحهم ليمشوا ساخرين من القانون؟ ومن قال أن من تثبت عليهم تهمة (قتل نفس) يجب أن يخرج مرفوع الرأس؟ مرارا وتكرارا، طرحت في هذه الزاوية، وطرح غيري من الزملاء في أعمدتهم، موضوعات انتقدت بشدة أفعال التحريق والتخريب وتدمير الممتلكات العامة والخاصة والإضرار بالقرى، والتحريض على كراهية النظام وكراهية المجتمع بأكمله، وحذرنا الشباب من كل ذلك، لكن من الإعتبار لكل الممارسات المطلبية السلمية القانونية التي لا يمكن قمعها أبدا وقد منحها الدستور للناس.

سينشط الراقصون في الأفراح والأتراح، لكن لن يجدوا لهم آذانا صاغية… فقط لننتظر قليلا.

سامي النصف

رسوم كاظمة

«رسوم كاظمة» هو الكتاب الجديد لصديق الكويت الزميل المبدع حسن علوي، والمطبوع هو بمثابة الجزء الثاني من أوراق ذكرياته، وضمن حكاياته التي يوردها في الإصدار ما جرى في صيف عام 1961 عندما أعلن عبدالكريم قاسم مطالبته بالكويت وكان العلوي معتقلا وأتاه طلب من مسؤوله الحزبي دحام الألوسي ليكتب من سجنه بيان موقف حزب البعث من تلك المطالبة وهو ما فعله وأصبح موقفا رسميا للحزب تضمنته سلسلة كتب «نضال البعث».

وقد سبق لنا الإشارة لذلك البيان الذي لم يستغل بالشكل المناسب إبان حربنا الوثائقية ضد صدام حسين حيث تم ضمنه رفض مبدأ تبعية الكويت للعراق وحذر من استغلال شعار الوحدة العربية لتبرير مطامع القيادات الديكتاتورية وإشغالها لشعوبها عن أوضاعها المأساوية.

وسبق للأستاذ حسن علوي ان كتب ثلاثة مقالات في 3/7/1982 و3/4/1983 و11/3/1985 تضمنها كتابه الشهير «أسوار الطين» تنبأ خلالها وفي ذلك الوقت المبكر بنية صدام غزو الكويت بسبب الحرية والرفاه اللذين يتمتع بهما الشعب الكويتي مقارنة بالضنك والقمع اللذين يعيشهما الشعب العراقي تحت قيادته القمعية المدمرة، كما حذر من طريقة اختياره لسفرائه في الكويت حيث كانوا جميعا ودون استثناء من رجال المخابرات ومحترفي القتل ممن أوكل لهم دراسة أوجه الضعف في المجتمع الكويتي والعمل على بث الفرقة بين أبنائه وتصوير صدام على أنه المنقذ والمنتصر لهذا الطرف ضد ذاك.

ورغم ان كتاب «عبدالكريم قاسم.. رؤية بعد العشرين» الصادر عام 1983 للأستاذ حسن علوي فيه تفضيل لقاسم على صدام من منظور عراقي بحت، إلا أن ذلك لم يمنعه من رفض وتفنيد حجج مطالبة قاسم بالكويت عبر ثلاثية: التاريخ كحقيقة والسياسة كحقيقة والواقع كحقيقة، أي إظهار الحقائق التي تثبت ان الكويت دولة مستقلة اعترف بها العراق والعالم أجمع وان واقعها افضل لها وللمنطقة مما لو تحققت مطالبات الضم المتلاحقة.

وفي كتابه الرائع «العراق دولة المنظمة السرية»، الصادر في نوفمبر 1990 اي قبل تحرير الكويت بأشهر رجع العلوي للدفاع عن الحق الكويتي ورفض الخلط الزائف بين مشاريع الوحدة السلمية ومشاريع الضم العسكرية، مذكرا بأن أدبيات حزب البعث الحقيقية ترفض ما يقوله ويقوم به الطاغية صدام.

آخر محطة:

يخوض صديق الكويت حسن علوي غمار الانتخابات العراقية المقررة بداية العام المقبل متحالفا مع رئيس الوزراء العراقي السابق اياد علاوي ولا شك أن لنا مصلحة مباشرة في الكويت بفوز تلك القائمة الليبرالية العلمانية غير المتأزمة التي تضم كافة شرائح المجتمع العراقي دون تمييز، بعكس القوائم الطائفية والعرقية المتأزمة الأخرى التي لن ينفع فوزها العراق أو.. جيرانه!

علي محمود خاجه

جريدة الأخلاق

جالس على الطاولة ومن حولي مفتاح السيارة ومحفظتي وألبس نظارتي والكمبيوتر المحمول أمامي.

سرحت قليلا بمحيطي الصغير هذا، وأخذت أفكر بكل جزء منه، مفتاح السيارة أستطيع به أن أشغل السيارة لأذهب إلى العمل أو لأصل الأرحام أو لعيادة المريض أو لتأدية واجب العزاء أو التهنئة، وبالمقابل تستطيع نفس السيارة أن تقلني إلى أماكن رذيلة أو أن أدهس شخصا ما، أما محفظتي فبأموالها أستطيع شراء هدية جميلة تسعد أمي أو أن أشتري فيها زجاجة خمر تذهب عقلي، أما نظارتي فتمكنني من قراءة كتاب محترم أو رواية حالمة وبإمكاني أيضا أن أقرأ بها جريدة أسوأ وزير في تاريخ الكويت، لم يبق سوى الكمبيوتر الذي بإمكاني أن أملأه فكراً وفناً ومعرفة، وبعكس الاتجاه أستطيع أن أملأه بالأفلام الخلاعية ومواقع المقامرة ومنتديات التفرقة والشتم.

نشرت صحيفة أسوأ وزير في تاريخ الكويت خبراً يتحدث عن الأخلاق، مستخدمة فيه بعض الصور عن تصرفات منبوذة تمارس في بعض المقاهي في الكويت، فهب إثر ذلك نواب من السطحية بمكان لينحدروا لدرجة تحديد مقاس المايوه ليطالبوا بغلق المقاهي وأي مكان مفتوح بعد منتصف الليل؟

وطبعا فإن حكومة الرضوخ لبّت النداء سريعا، فباتت تطرد الشباب من المقاهي فور اتجاه عقارب الساعة نحو منتصف الليل؟ ولو كتبت صحيفة أسوأ وزير عن مفتاح سيارتي، أو محفظتي، أو نظارتي أو كمبيوتري فستصادرها، بل قد تصادرني معها، فالتوعية والإرشاد مصطلحان لا معنى لهما لدى أصحاب القرار.

أن تأتي دوريات الشرطة مصحوبة بحافلة من العسكر لإطفاء الأنوار على أصحاب المقاهي ومرتاديها لمجرد صور نشرتها صحيفة الأخلاق هو مثال صارخ على من يسير شؤون البلد، ومن لا دور له سوى السمع والطاعة، ولنفرض أن كل المقاهي دونما استثناء هي أوكار للرذيلة فهل يعقل أن يكون الحل هو إغلاقها بعد منتصف الليل، فهل ستتوقف الرذيلة بذلك.

طيب، نعلم أن بعض أئمة المساجد ومن يلقي الدورات فيها توجهوا إلى خط الإرهاب وقتل البشر فهل نغلق المساجد لهذا السبب؟

هذه السطحية تنبئ بتلاشي دولة العقل وهو كل ما تبقى لنا بصحبة عدد من براميل النفط، فإن غابت دولة العقل فبالتأكيد سنستخدم البراميل النفطية لري النبات، وحينها ننتهي.

قبل النهاية: سرقت ناقلاتنا في وضح النهار واستثماراتنا كذلك، ووحش حولي مارس جرائمه في النهار وقاتل الطفلة آمنة اقترف جريمته في النهار أيضا، فلماذا إذن نربط الفساد بمنتصف الليل وأكبر جرائمنا وأشهرها تمت في النهار؟!

خارج نطاق التغطية:

فرحت للتجاوب السريع من الداخلية والعقيد محمد الصبر على مقالي السابق لاعتقادي أن الحق سينتصر في شكوى المواطنة المظلومة، إلا أن ما حدث لها بعد مقابلتها لوزير الداخلية لا يبشّر بالخير، والتفاصيل موجودة لدي يا سعادة العقيد. فهل ستجيب؟

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

سامي النصف

البابطين.. وعشرون عاماً من العطاء

الفارق بين عبدالعزيز البابطين وبعض الآخرين انهم وضعوا اموالهم فوق رؤوسهم فقصرت قاماتهم حتى كدنا لا نراهم، بينما وضع ابوسعود ماله وحلاله تحت قدميه فطال عوده حتى ناطح السحاب وذاع صيته حتى سمع به من به صمم.

وقد حصد الفارس والشاعر والاديب عبدالعزيز البابطين العديد من الاوسمة والجوائز والنياشين وشهادات الدكتوراه تقديرا لاعماله الخيرة من العديد من الدول العربية والاسلامية والعالمية، رافعا اسم الكويت للعلياء ولو كان في بلد آخر لأطلقت الدولة اسمه على اكبر الجامعات والساحات واوسع الشوارع كنوع من رد الجميل على خدمته للوطن وللعروبة والاسلام وللانسانية جمعاء.

لذا، فمن الامور المخجلة وغير المنصفة او العازلة ان يثار لغط حول مكتبة ووقف البابطين، فالاراضي العامة للدولة توزع لألف غرض وغرض دون ان يتكلم احد، حيث تمنح تلك الاراضي العامة لاغراض تجارية واستثمارية وصناعية وزراعية وترفيهية تدر الملايين على مستخدمها، بينما استخدم رجل الخير والكرم عبدالعزيز البابطين تلك الارض لانشاء مكتبة لا تدر فلسا احمر، موفرا على المال العام كلفة انشائها وكلفة شراء النفائس والذخائر وبطون الكتب التي تمتلئ بها من كتبه وكتب شقيقه عبدالكريم البابطين، والتي لا تقدر بثمن، فما الخطأ في ذلك؟! ولماذا غلت الارض التي أقام عليها البابطين مشروعه الثقافي ولم تغلُ الاراضي الاخرى التي تستخدم لاغراض تجارية؟!

ان الاراضي العامة للدولة تبلغ كلفتها الحقيقية ما يقارب الصفر (لا ما يقارب 50 مليون دينار كما يدعي البعض)، وتلك الاراضي تستخدم لاغراض عدة منها التجاري والاقتصادي ولانشاء دور العبادة والمدارس والحدائق العامة ومباني الوزارات دون ان يحدد احد قيمة مالية لاراضي تلك المشاريع، وضمن ذلك المفهوم المعمول به تم تخصيص ارض المكتبة والوقف اللازم للصرف على ذلك الصرح الشامخ الذي لم ازره الا ووجدت ضيوفا كراما للدولة على اعلى المستويات يقومون بزيارته، حيث اصبح معلما بارزا من معالم الكويت.

آخر محطة:
 
1 ـ ليقم احد ناقدي البابطين بواحد من مليون مما يبذله بوسعود من جهد وتعب وصرف من تجارته وحر ماله لرفع اسم الكويت والعروبة والاسلام عاليا وليأخذ بدلا من ارض المكتبة الف ارض، فمعيب الا نعمل ولا نعطي ونوجه السهام لمن يعمل ويعطي.

2 ـ وليضع هؤلاء النقاد انفسهم محل البابطين وليروا هل من العدل والانصاف ان يعامل بعد كل هذا العطاء بهذه الطريقة؟!

3 ـ ولو أنصفوا لترجموا حبهم للكويت بمقترح يمنح البابطين الارض التي اقيمت عليها المكتبة بدلا مما هو قائم من تأجيرها عليه وكأنها مشروع تجاري.

احمد الصراف

وباء النقاب.. والملك عبدالله!

قامت شركة الكوكاكولا في منتصف ثمانينات القرن الماضي بإعلان تغيير طعم مشروبها الشهير، ولأول مرة منذ 99 عاما. وقد رفض محبو الكوكا الطعم الجديد، مما اضطر الشركة الى توفير النوعين معا، ولكن مع استمرار الاعتراض اضطرت في نهاية الأمر الى سحب الجديد من السوق بشكل كامل. وقد انتهزت «البيبسي كولا»، منافستها الرئيسية في أميركا وبقية العالم، الفرصة وقامت بنشر إعلان في جريدة النيويورك تايمز الشهيرة، وعلى صفحة كاملة بيضاء تماما وكتبت في منتصفها الجملة التالية بخط صغير: After 99 years of eye to eye, the eye blinked. Pepsi Cola أو بعد 99 عاماً من العين في العين (المخازز) رفّت العين الأخرى. التوقيع: بيبسي كولا!
وهذا يعني ان بعد 99 سنة من التنافس بين الشركتين رفّت عين الشركة المنافسة فغيرت طعم مشروبها. وقد فاز الإعلان في حينه بجوائز عدة.
ولو عدنا الى منطقتنا، لوجدنا ان الكويت والسعودية كانتا دائمتي التنافس في الكثير من الميادين والمجالات الرياضية والطبية ورعاية المواطنين وبناء الطرق والمساكن، وكانت الدولتان دائمتي التأثير بعضهما في بعض، بالرغم من الفوارق بينهما، وكانت الكويت رائدة في الكثير من المجالات، ولكن بدأت أحوالها بالتقهقر، وبعد تنافس استمر عقودا طويلة بين الدولتين رفت عين الكويت تعبا وفازت عليها السعودية بالضربات الأربع التالية: أولا، افتتاح جامعة الملك عبدالله الجديدة. ثانيا، السماح بالاختلاط بين الطلاب والطالبات فيها. ثالثا، تعيين مدير «سنغافوري» للجامعة ذات التقنية العالية. رابعا، اعفاء رجل الدين الشثري من مناصبه الدينية المرموقة لانتقاده قرار الملك المتعلق ببعض أنظمة الجامعة.
ومن جانب آخر، قام شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي بتلخيص موقفه الشخصي والرسمي من النقاب، وذلك بالطلب من طالبة في أحد المعاهد الأزهرية خلع نقابها، لانه «عادة وليس عبادة». كما اصدر قرارا منع بموجبه ارتداء النقاب في الأزهر، وأصبح هو الموضة التي لم تعرفها مصر منذ عهد الفراعنة حتى ما قبل سنوات قليلة!
لا نحاول هنا التستر على سعادتنا بقرارات الملك عبدالله الكبير ولا بموقف شيخ الأزهر، فالحقيقة تقول ان الاصرار على ارتداء النقاب غير مبرر، خاصة بعد ان تحول من عادة لأمر شخصي الى عبادة. كما أصبح يمثل رأيا دينيا سياسيا يراد من خلاله ايصال رسالة لمن يهمه الأمر بأن من سيقود الشارع هم من يقفون وراء هذا النقاب، وهؤلاء لا شك يريدون الشر بالمرأة، بعلمها وبغير ذلك، ويهدفون الى «نتف» كل مكتسباتها وإعادتها الى «حظيرة» القرون الوسطى، ففي هذا العصر البالغ التعقيد الذي نعيشه، وأمام كل هذه المخاطر التي تحيق بنا، من تكنولوجيا، عقائدية أو صحية، لا يمكن الاعتداد بمبدأ «الحرية الشخصية» عندما يتعلق الأمر بتصرف يخص الجماعات المتأسلمة، ورفض الحرية الشخصية نفسها متى تعلق الأمر بتصرف ليبرالي أو علماني حر! فظهور وباء ما يتطلب تطعيم الجميع ولا يمكن هنا رفض أخذ الطعم بحجة الحرية الشخصية، فهذا هو السخف بذاته، فعدم أخذه ضار بسلامة المجتمع، ولا خيار لأحد، ايا كان، في الرفض. وما اصبحت مجتمعاتنا معرضة له من مخاطر سياسية وعقائدية دينية لا يختلف عن تعرضها لاوبئة مرض الطيور أو الخنازير أو القرود، حيث يتطلب الأمر الحذر والانتباه لكل مجهول، والتطعيم ضد كل وباء. وارتداء النقاب «الطالباني» الشديد التخلف والسماح لمرتدياته بالتجول في الاسواق ودخول الاماكن العامة واداء الوظائف الحساسة والخطيرة أمر بالغ الخطورة، فالنقاب لا مبرر له في مجمل حياتنا، كما لم يكن مبررا طوال قرون في العالم اجمع، فالبشرية استمرت من غيره لمئات آلاف السنين، فكيف أصبح فجأة واجبا محتما يتطلب الموت في سبيل تنفيذه؟ وكيف تسمح السلطات الأمنية في الكويت للمنقبات بالاشراف على مجموعة من الوظائف الخطيرة، كالتدقيق على جوازات الخروج من المطار عبر المنافذ، خاصة ان أياً من كبار ضباط الأمن في المطار، لا يجرأون على الطلب من الموظفة المنقبة الكشف عن وجهها للتأكد من هويتها، ومع هذا نشكو دائما من هروب مطلوبين ماديا وأمنيا من الموانئ الرسمية!
ان الأمر يتطلب من الحكومة اتخاذ كل ما يلزم لإعادة الأمور الى نصابها. فلم يعرف تاريخ الكويت الحديث ومنذ بدأت المرأة بالعمل في الحكومة وجود سيدات عاملات منقبات حتى عندما كن يقمن بمهمة التدريس في خمسينات القرن الماضي، فكيف بعد نصف قرن تعود عقارب الساعة وتصبح المنقبة الكاملة هي الممثلة للصفاء والنقاء، وغيرها عكس ذلك.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

قبل أن تتوحد 
البيوت

ضربٌ من الجنون، وقتلٌ من الهبل، أن تصرخ في الناس: «الحنفية خربانة»، بينما البيت كله يحترق، والنيران تلتهمه التهام الصائم لإفطاره. والأكثر جنوناً وهبلاً أن تحاول زراعة الأمل في قلوب أهل البيت الذي يحترق أمام أعينهم، فتمتدح أثاث الصالة: «كان ذوقكم في اختيار الألوان رفيعاً».

هذا هو حالنا مع ما يحصل في الكويت. هذا هو السبب الذي حادَ بنا عن الحديث عن فساد وزارة الإعلام مثلاً، والتلاعب في مصروفات وفد معرض إكسبو 2008 الذي تم في إسبانيا، أو الحديث عن إمكانية إلغاء معرض الكتاب في الكويت هذا العام، ولأول مرة في التاريخ، حسب ظني، بحجة نقص الميزانية.

أفتحُ غطاء القلم وأكتب: «التلاعب في وزارة الإعلام يقلب المعدة رأساً على عقب»، فأخجل وأضع القلم وأتمتم «يا إلهي يا رب»، على رأي المعلق الرياضي التونسي، لماذا أختص وزارة الإعلام وحدها، «والدنيا ولعانة برّا»، كما تقول نجوى كرم؟ الشعب سيأكل بعضه بعضاً، والجاهل الصغير يشعل الحرائق في خيام القبائل، فيُكافأ باستقبال الوزير المختص بالقبض عليه، فتغلي الصدور، ويتجمّع أبناء القبائل حول الركام بحثا عن عصا أو حديدة تعبّر عما في صدورهم.

وكنا قبل معرفتنا باستقبال الجاهل والترحيب به نتشبّث بالأمل، نمسك ركبتيه ونقبّل قدميه ونستجديه ألا يرحل، فيرفع أصبع التحذير: «آخر مرّة»، ثم يغمغم: «اللهم طوّلك يا روح». وتكررت بلاوينا، وتكرر تقبيلنا قدميه، وتكرر تحذيره إيانا، لكن – بعد أن استقبل الوزير صاحبه الجاهل الصغير – شوّح الأمل بيده وحملَ مزودته على ظهره وراح.

غريبة هذه الإدارة الحكومية، أقصى ما استطاعت فعله لمكافحة الحريق هو أن أشعلت حرائق عدة في أماكن مختلفة، فأوعزت، مثلاً، إلى إحدى الصحف بنشر صور رواد المقاهي كي يلتفت الناس إلى الاتجاه ذاك ويتناسوا الحريق الأكبر. استغلال فج لسذاجتنا. ونجحت في مسعاها، وتعالت أصوات بعض الدراويش بمصطلحاتهم المستهلكة: «مَن يذود عن شرف الأمة، ويذبّ عن حياضها؟ ويحٌ لأعداء الدين، مرحى يا بني خزاعة». نجحت الحكومة، لكن نجاحها مؤقت، سرعان ما تبخر وتفرق المتجمهرون من حوله وعادوا يتساءلون: «ما الذي فعلته الحكومة لتوقف الجاهل عند حدّه؟». والجواب: «وزير الداخلية استقبله في مكتبه، ووزير الإعلام لم يفعّل المادة التي تمنع الحض على ازدراء وكراهية إحدى فئات المجتمع»… شكراً إدارتنا الحكومية، ألف شكر، وأرجو أن تستعدّي لما هو أسوأ، فاللعبة لمّا تنتهِ بعد، وعلى مَن أشعل الكبريت ألا يستغرب غضبَ الحريق.

يبدو أن الإدارة الحكومة الرخوة لا تريد الاستقالة رغم فشلها المستمر إلى أن تشاهد الرماد بعينيها. ففي عهدها سمعنا عن «توحيد البيت الشيعي» وغداً سنسمع عن «توحيد البيت القبَلي» وبعد غد «توحيد البيت الحضري»، وبعدها بأسبوع ستُرفع البيارق الحمراء، وسترتفع أصوات سيارات الإسعاف والإطفاء. 

سامي النصف

الناقلات وضياع الطائرات

منذ ثلاث سنوات ونحن نسطّر المقال تلو المقال عن استحالة خصخصة «الكويتية» ومن ثم بيعها للقطاع الخاص، نشرت الزميلة «الراي» في عدد امس نص اللقاء التلفزيوني مع وزير المواصلات قال فيه: «ستصبح الكويتية شركة حكومية تدار من قبل الهيئة العامة للاستثمار ولن تباع للقطاع الخاص».

مرَّ على وزارة المواصلات خلال السنوات القليلة الماضية أقوى وأفضل وأرقى الوزراء أمثال الفاضل شريدة المعوشرجي، كما مرَّ عليها أسوأ وأكذب وأضعف الوزراء ـ والجميع يعرف من نعني ـ ومعرفتنا بالوزير الحالي تجعلنا متفائلين ومتأملين الخير فيما يعتزم القيام به من أعمال، خاصة انه قد ورث جبالا صماء من الأخطاء المتراكمة وكان الله في عون الوزير بوعبدالله.

سؤال النائب الفاضل علي الراشد عن صحة ابتعاث طلبة الطيران تحت إشراف «الكويتية» ثم عدم قبولهم فيها يأتي في محله فــ«الكويتية» بعد العودة عن مشروع التخصيص يجب ان يحدّث أسطولها وتتوسع أعمالها لخدمة مشروع كويت المركز المالي حالها حال السنغافورية والإماراتية والقطرية والاتحاد، ومن ثم فهناك حاجة للمزيد من الطيارين لا محاولة التخلص منهم لأسباب واهية.

مقارنة ما جرى في الناقلات بما جرى في الطائرات يصب بالكامل في صالح القائمين على الناقلات، فالتجاوز المالي فيها تم «قبل» الغزو، اما التجاوز في شراء الطائرات فقد تم «قبل» و«أثناء» و«بعد» الغزو كما ذكرت ذلك تفصيلا مجلة «الايكونومست» البريطانية الرصينة، كما ان تجاوز الناقلات قد مسَّ الشحم اي من فوائض الأموال والأرباح المحققة، اما تجاوز «الكويتية» فقد تم فيها بعد ان أكل السراق الشحم واللحم وكسروا العظم ومصّوا ما في داخله.

كذلك نجحت إدارة العمليات في الناقلات بإخراج «جميع» ناقلاتها المتواجدة في الكويت مع الدقائق الأولى للغزو ـ ومثلها عمليات طيران الجيش ـ اما عمليات الكويتية فقد سلمت «جميع» طائراتها للعدو الصدامي الذي استخدم الطائرات الـ 17 الكويتية لنقل جنوده وخدمة مجهوده الحربي وقد تسبب ذلك التسليم بالتبعية في شراء طائرات جديدة دون حاجة عام 1991 مما أدخل «الكويتية» في دين مدمر وغير مبرر بمليارات الدولارات.

كما قامت ادارة الناقلات بقبول عرض إمارة الشارقة واشتغلت من هناك بكامل طاقتها إبان الغزو فحققت الأرباح المجزية والكويت محتلة مما يدل على الكفاءة بينما رفضت إدارة الكويتية عرضا مماثلا من الشارقة التي لا تملك شركة طيران خاصة بها وفضلت العمل من القاهرة دون حقوق نقل مما نتج عنه خسائر مالية فادحة وتشغيل صوري عبارة عن رحلة واحدة لطائرة واحدة في الأسبوع مما يدل على انعدام كامل للكفاءة.

آخر محطة:

العزاء الحار لعائلة القناعات الكريمة وللصديق الدكتور محمود البدر على وفاة شقيقه عبدالفتاح، فللفقيد الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

احمد الصراف

عندهم وعندنا خير

قام خمسون إسرائيليا بين حاخام ومتدين، باستئجار طائرة والتحليق بها فوق المدن الإسرائيلية، وبالصلاة من أجل حماية الشعب اليهودي من مرض، أو وباء «H1N1»، الذي ترفض الغالبية في إسرائيل، لأسباب دينية، إطلاق تسمية انفلونزا الخنازير عليه! ويبيّن الشريط السينمائي المصور لتلك الرحلة حاخامات بلحى طويلة ومهيبة، يحركون رؤوسهم بقوة إلى الأمام والخلف وهم يقرأون بصوت عال من كتب دينية كبيرة الحجم، وتقوم جماعة أخرى خلفهم، في الوقت نفسه، بالنفخ في أبواق تشبه قرن حيوان، أو مزامير تصدر أصواتا حادة. وجماعة ثالثة تقوم بأداء صلاة أو دعاء من خلال اتصال هاتفي من الطائرة برقم أرضي ما، والبقية تهز رؤوسها وهي مندمجة تماما في صلوات وأدعية عميقة. ومن لا يعرف ما يجري حقيقة في الطائرة يعتقد بأنها ستقع خلال دقائق، وما يقوم به ركابها هو الطلب من السماء منع وقوع الكارثة وهلاكهم، وليس لمنع الوباء عن دولة يزيد تعداد سكانها على خمسة ملايين!
وصرح الحاخام اسحاق بتسري عند وصول الطائرة إلى المطار، نقلا عن الـ BBC، بأنهم قاموا بتلك الرحلة غير المسبوقة لوقف انتشار الوباء في دولتهم، وأنه متيقن من ان السيطرة عليه قد تمت تماما بعد رحلتهم الميمونة تلك، وأن الوباء أصبح وراءهم!
وقد تذكرت، وأنا أشاهد المقطع المصور عن هذه الرحلة الانفلونزية العجيبة، ما دأب اليهود على القيام به عند حائط المبكى المقدس، والذي يوقره المسلمون لوجود الحلقة الحديدية التي ربط بها الرسول البراق في طريقه إلى السماء، حيث يصلّي اليهود أمامه بترتيل وهز الجزء الأعلى من الجسم بشكل متكرر إلى الأمام والخلف، ومن ثم لمس الحجر ووضع لفافات ورقية ضمن شقوق الحائط ربما تتضمن أدعية أو صلوات أو طلبات محددة من الرب. ومع دخول الهاتف المحمول الخدمة لدى طبقة الأرثوذكس الشديدي التدين، ورغبة من البعض في «زيادة أجر» أقاربهم أو معارفهم الموجودين خارج إسرائيل، فإن هؤلاء يتصلون بهم عن طريق النقال ويطلبون منهم تلاوة الصلاة أو الدعاء بصوت عال ليقوموا خلالها بوضع طرف الهاتف، أو كله إن كان نحيفا، في أي من شقوق الحائط المقدس لتأكيد إيصال الرسالة إلى الرب عن طريق شق في الحجر.
وقد استغل شاب يهودي هاوٍ للكمبيوتر هذا الهوس لدى البعض، فأعلن عن استعداده لاستقبال صلوات وأدعية وطلبات اليهود الذين تصعب عليهم زيارة حائط المبكى للصلاة أمامه، إما لوجودهم خارج إسرائيل، وإما لظروف خاصة تمنعهم من القدوم.. وأعرب عن استعداده لاستلام صلواتهم عن طريق البريد أو الإنترنت وطبعها على أوراق صغيرة وطيها ومن ثم نقلها للحائط لــ«دحشها» في أحد شقوقه!
ويبدو أن ما عندهم من «خيرات» لا يقل عما عندنا.
ويمكن مشاهدة فيديو صلاة الحاخامات في الطائرة عن طريق موقع الـ«بي بي سي» من خلال الرابط التالي:
http://news.bbc.co.uk/2/hi/middle_east/8196786.stm 

أحمد الصراف