محمد الوشيحي

الذيبة خلفك


عندما قلت إن لدينا فائضاً من الفساد جاهزاً للتصدير، وإن الكويت بعد نضوب النفط ستصدّر الفساد، لم يصدقني إلا القلة، ودارت الأيام على حل شعرها، وإذا بصحف أميركا الشقيقة تتحدث عن فساد شركة كويتية تلاعبت بمبنى إحدى السفارات الأميركية، وعلى رأس هذه الصحف واشنطن بوست.

وفي الصحف تلك قرأنا أن مجلس النواب عقد جلسة استماع واستدعى بعض المعنيين بالأمر، فتحدث موظف أميركي، كان يعمل في الشركة ثم استقال، عن سوء المعاملة التي تتلقاها العمالة الفقيرة في هذه الشركة الكويتية، والظروف المعيشية السيئة التي أجبرتهم عليها الشركة، ثم قال بالحرف الواحد: «لم أرَ مثل هذا التلاعب (قال كلمة بذيئة جداً فاستبدلتها أنا بكلمة تلاعب) في حياتي من قبل، فقد تم تحطيم كل قوانين العمل الأميركية».

وإذا كان الأميركان «زلم وما ينخاف عليهم»، وسيستردون حقهم، وستركع لهم الرؤوس وتقبّل أيديهم الشفاه، فمن يخلصنا نحن الذين لسنا «زلم» ولا تربطنا بالزلامة زمالة، إذا عرفنا أن الشركة هذه بقضها وقضيضها ونصبها ونصيبها ستتولى أعمالاً كبرى في إحدى المدن الإسكانية الجديدة؟… يا حبيبي هؤلاء استغفلوا الأميركان، ما تبيهم يستغفلون حكومتك الرخوة؟ هذه الحكومة التي حتى الديك الرومي، وهو أغبى الحيوانات من المحيط إلى الخليج، يعمل فيها النون وما يعلمون.

وكي تعرف كيف سنسترد حقوقنا من الشركات، خذ سيارتك الله لا يهينك، واسلك الدائري السادس كي تشاهد «ستاد جابر» كيف وُلِدَ مشوّهاً، بعد تعسّر شديد في الولادة، وبعدما تقافزت تكلفته، قبل أن نتسلمه مريضاً بالفشل الكلوي، أو فلتتوقف عند مشروع الصبية الذي يشبه فتاة أجبروها على الزواج من شيخ سبعيني مريض، أو فلتتحدث عن مشروع «طوارئ 2007» والملايين التي طارت في الهواء وتساقطت لنا على شكل معدات كهربائية خربة ومتهالكة، ثم ارفع أصبعك الكريمة وأشر بها إلى أي مسؤول يستطيع أن يقتصّ لنا من هذه الشركة أو تلك، وسأرفع لك أنا أصبعي أيضاً، بل وسأعطيك إياها… خذ.

هذه الشركات الجميلة، وغيرها، ناحت ولطمت ونثرت التراب على رأسها تباكياً على التنمية التي أوقفها البرلمان والصحافة الحرة، كما تزعم، وهددت بأنها في حال إقرار قانون «بي أو تي» كما يشتهي التكتل الشعبي، ستنقل أموالها خارج الكويت وتتركنا بلا طعام ولا زاد، وسترفسنا برجلها إن تشعبطنا بأسفل ثوبها. كانت تريد أن تستفرد بنا. لكن نوابنا أقروا القانون، وحددوا أطر الملعب، وسدوا ثغرات الجدار بقوانين من الحديد الصلب، فضاقت مساحة التلاعب على بتوع البيضة والحجر، فراحوا يشوهون سمعة النواب ويرفعون القضايا على الكتّاب، بتهمة السبّ المريع والقذف السريع.

وقبل أن تقع الفأس بالرأس، أقول الآن للشيخ أحمد الفهد (مسمّاك الرسمي يا شيخ أطول من ليل الشتاء): هذه الشركة الذيبة تتعامل مع إحدى وزاراتك، وها هي تقعي هناك على رأس جبل في انتظار غفوتك كي تفترس الأغنام، والبندقية في يدك، فانتبه واحرص على أغنامنا. 

سامي النصف

هل هي مشاريع مدفوعة الأثمان من الخارج؟!

سبق أن اشتكينا من قلة الاحتراف وخفية التعامل مع قضايا البلد المصيرية من قبل بعض النواب بسبب عدم وجود دورات تأهيلية مسبقة للعمل التشريعي، ما يزيد الطين بلة ندرة الاطلاع والثقافة السياسية لدى ذلك البعض، ومن ذلك ما شهدناه من حملة هتلرية ـ ستالينية للتحول للدوائر الخمس «قمعت» وبشكل غير ديموقراطي كل الآراء الأخرى، وقد عاد نفس الأطباء لوصف روشتة خاطئة أخرى أكثر ضررا من سابقتها هي مشروع «الدائرة الواحدة» التي ستحيل كما يقول علماء السياسة النزاعات والمنافسات الظاهرية الصغيرة التي تدور ضمن محاور المناطق المختلفة إلى نزاعات مسلحة حقيقية على مستوى الوطن وقد يكون هذا وبحق المطلوب تحقيقه رغم فظاعته.

إن خيار الدوائر الخمس لم يعط الوقت الكافي لتجربته وإذا كانت هناك حاجة للتعديل والتغيير فيجب أن يتناغم مع ما هو قائم في العالم أجمع من «زيادة» عدد الدوائر لا تقليلها خاصة بعد الأمور السالبة الكبرى التي تمت مع عملية «التقليل والتكبير» وما رأيناه من نزول الجيش وقوى الأمن للشارع إبان العملية الانتخابية ووصول البلد للمرة الأولى في تاريخها لحافة الهاوية، ان خيار الدائرة الواحدة غير معمول به في «جميع» الديموقراطيات الأخرى عدا إسرائيل.

وإسرائيل للعلم بلد شديد التقدم اقتصاديا والتطور علميا والقوة أمنيا، إلا أنها شديدة الضعف والتشرذم سياسيا كأحد مخرجات نظام الدائرة الواحدة، حيث تمتلأ لعبتها السياسية بالفساد وعدم الاستقرار ـ رغم وجود الأحزاب ـ واختطاف التوجهات المتطرفة للقرار المصيري في الدولة، والعجب ممن لم يجعل من الإنجاز الإسرائيلي في الاقتصاد والبحث العلمي والتعليم والقوة العسكرية قدوته واكتفى بتقليد أسوأ ما فيها.

ومعروف أن كلفة الحملة الانتخابية قد ارتفعت ضمن الدوائر الخمس إلى ما يقارب 200 ـ 250 ألف دينار وبعملية جمع حسابية بسيطة نعلم أن التحول للدائرة الواحدة يعني أن كلفة الحملة الانتخابية لتغطية الكويت من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها ومدنها القديمة والجديدة ستصل إلى مليون دينار مما سيفتح الباب واسعا لأموال السفارات والمخابرات والقوى الاقتصادية الكبرى وسيمتنع بالتبعية الاكفاء والامناء عن الترشح ناهيك عن الفوز.

لقد ساهم تقليص الدوائر في اختفاء منطقة كبيرة ضخمة كالجهراء من التمثيل في مجلس الأمة ولا شك في أن التحول لخيار الدائرة الواحدة سيساهم في اختفاء مناطق وشرائح وطوائف وقبائل وتوجهات سياسية بأكملها ضمن لعبة سياسية يعتقد من يملك 51% أن من حقه الغاء حق من يملك 49%، لقد ضمنا قبل أيام لقاء على قناة «الصباح» وكان الضيف الآخر هو أحد مقدمي مشروع الدائرة الواحدة وقد أقر بأنه لا يملك أي دراسات أو أرقام عما سيحدث فيها لو طبق اقتراحه.. وهذا هو اللعب غير المسؤول بمستقبل البلاد والعباد ولّا بلاش.

آخر محطة:
 
1 ـ بدأنا وبحق نشك في وجود مخطط خارجي مدفوع الثمن يهدف لتدمير الكويت سياسيا بعد أن دمرت اقتصاديا تحت رايات ظاهرها رحمة وباطنها عذاب من قبل نفس القوى ونفس النواب القابضين فلا يمكن أن يصل الجهل بهم إلى هذا الحد.

2 ـ يتعلل البعض بوجود فوارق في أعداد الناخبين بين الدوائر كعذر للتحول للدائرة الواحدة ونقول إن تلك الفوارق أقل كثيرا مما هو قائم في «جميع» الديموقراطيات الأخرى التي تؤمن بأن الديموقراطية تتحقق بالتمثيل الشرائحي الذي يضمن تواجد جميع ألوان الطيف السياسي والاجتماعي والاقتصادي تحت قبة البرلمانات حتى لو تباينت الأعداد بين الدوائر.

احمد الصراف

براك والمناهج

قبضت السعودية على 44 مواطنا بتهمة القيام بأعمال إرهابية والتخطيط لها والتحريض عليها. وتبين أن 30 منهم يحملون تخصصات علمية عالية تصل الى الدكتوراه! لم يحرك الخبر شعرة في أي من واضعي المناهج والمشرفين عليها في مدارسنا وجامعاتنا، وكأن هؤلاء «المتهمين» اكتسبوا فكرهم التكفيري من مدارس بلجيكا وتكيات صحارى فنلندا ومدارس حفظ القرآن في آيسلندا! وفي هذا الصدد يقول كاتب سعودي مستنير، قريب عائليا من مراكز اتخاذ القرار الديني في السعودية: إن عملية الاستحواذ على عقل ووجدان الإنسان المتطرف تبدأ من الصغر وتكرس من خلال التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي، ليصبح التعليم الجامعي مجرد تخصص يمر به المتطرف ليكون مؤهلا عمليا لخدمة أيديولوجيا التطرف وليس لخدمة تخصصه الدراسي والتفوق فيه، وأن تأثير هذه المرحلة عليه لا يكاد يذكر. ويتساءل الكاتب: «.. ولا أدري إلى متى سيظل مشايخنا وفقهاؤنا يمسكون العصا من الوسط، يشجبون النتائج وينددون بالإرهاب ويتهربون من إدانة المحاضن الثقافية التي تتولى تنشئة هؤلاء الإرهابيين منذ نعومة أظفارهم…»!.
ومن هنا نرى أن الحل الوحيد لمحاربة الإرهاب بصورة علمية لا يمكن أن يتم خارج الفصول الدراسية، مما يعني أن العبء يقع على المنهج والمدرس، وهما في تخلف تام، ولكن الأمر لا يخلو من وجود عناصر وطنية طيبة. ويجب بالتالي ملاحقة الوضع قبل أن ينهار تماما، كما حدث في أفغانستان في مرحلة نشوء حركة طالبان التي خرجت من رحم 150 ألف مدرسة باكستانية لتحفيظ القرآن، ولا تزال أفغانستان وباكستان تدفعان ثمن مخرجاتها غاليا منذ منتصف تسعينات القرن الماضي.
ولو نظرنا الى مناهج مدارس الكويت، وقمنا بمقارنتها بما كانت عليه قبل 30 عاما لهالنا ما أصابها من خراب شامل، والذي تم تحت سمع وبصر السلطة الممثلة بالحكومة، ولا يمكن إعادة الأمور الى ما كانت عليه بغير دعمها، وهذا رد على كل من يعتقد بأن المشكلة هي في مجلس الأمة وليست في الحكومة، فقبل 30 عاما لم يكن عندنا بورمية ولا هايف ولا غيرهما من المتطرفين الذين أنتجتهم مصانع المدارس الحكومية.
ولو نظرنا الى عينة من الكتب المدرسية التي سبق ان تطرقنا للبعض منها في مقالات سابقة، والتي قمنا بنقلها من مدونة الشاب المبدع براك، لوجدنا الكوارث التالية:
في باب التغيرات العصرية التي تتعارض مع الإسلام، من كتاب الدين الإسلامي للسنة 11 ورد أن محاكاة المسلمين لغيرهم واختلاط الرجال بالنساء ورقص الفتيان مع الفتيات وتناول الطعام باليد اليسرى وإطالة بعض الأظافر كلها أمور محرمة! وهذا يعني أن منهج وزارة التربية الكويتية يعلّم طلبتنا أن ما يحدث من اختلاط في مئات أماكن العمل في الحكومة وغيرها، وحتى في مجلس الأمة، هو أمر محرم ويتعارض مع الإسلام، فكيف يستقيم ذلك؟ وكيف ترضى وزيرة التربية بوجود مثل هذه النصوص التي تحرّ.م حتى وجودها هي بين الرجال؟ وما الذي سترد به لو سألها أحد الطلبة، أثناء جولة مدرسية، أن وجودها بين الرجال محرم، من واقع مناهج وزارتها؟ فهل يختلف اثنان على أن هذه النصوص المستهجنة هي بداية الحث على الإرهاب؟
وفي الجزئية المتعلقة بالتغيرات الدخيلة على المجتمع الكويتي، من الكتاب نفسه، نجد أن نزول المرأة للعمل محرم لأنه يؤدي الى فقدان الأبناء الرعاية. كما أن خروج الكويتيين للسياحة في الخارج محرم! ومحرم ما نشاهده من زوال سلطة الوالدين على أبنائهما وطغيان آراء الأبناء. ومن الأمور التي تستهجنها كتب الدين المدرسية تعدد المدارس الخاصة ذات المنهج الأجنبي التي تسببت، حسب المنهج، في تعدد ثقافات المجتمع الكويتي.
وفي باب الوطنية أو المواطنة في الإسلام ترد النصوص التالية في كتاب الدين الإسلامي للصف 12 صفحة 92 الدرس الرابع عشر: الإسلام لا يرفض الوطنية بل يؤيدها! ولكن ما إن تكمل القراءة حتى تجد أن المواطنة التي يقصدها الكتاب هي أن يكون حب الوطن على اعتبار انه جزء من بلاد المسلمين، وهذا يعني أن لا مواطنة لغير المسلمين! فليس من حق هؤلاء الإحساس بالوطنية، وليذهب مسيحيو الكويت وأقباط مصر ويهود البحرين للجحيم! وهذا ببساطة لا يتعارض ونصوص الدستور الكويتي في حرية الاعتقاد فقط، وبل وحقوق الإنسان، الذي يذكر المدون البراك أن منهج الدين يدرَّس بالموازاة مع منهج «الدستور وحقوق الإنسان»، وهنا المفارقة المحزنة والمبكية.
المأساة عميقة والفكر متخلف والوضع سيئ.. ولكن لا تزال هناك بارقة أمل في الهارموني هاوس في السالمية.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

إنجازات التيار الوسطي

 

هناك دلالة كبيرة مهمة في الحفل الذي أقيم مساء يوم أمس الأول الجمعة برعاية جلالة الملك، وهو حفل جائزة الشباب العالمية لخدمة العمل الإسلامي الذي ناب فيه رئيس المؤسسة العامة للشباب والرياضة الشيخ فواز بن محمد آل خليفة جلالة الملك للإحتفاء بالمكرمين.
الدلالة هي أن مثيري الفتنة وأصوات النشاز الذي يشعلون العداوة بين المسلمين بخطاباتهم الطائفية والتحريضية المجرمة، ليس لهم مكان من (الإحتفاء)! بل الدلالة الأوضح والأهم أنهم (مرفوضون) حتى وأن حشدوا لهم من الأتباع من يصفق لهم في المنتديات الإلكترونية، أو يجمل صورهم في الصحافة، أو يكتب فيهم القصائد والأناشيد.
الفائزون هذا العام استحقوا الفوز بجدارة، حتى وإن اختلفنا معهم في بعض الجزئيات، أو (اصطدنا) عليهم كبوة هنا أو هناك، لكن الغالبية العظمى من متابعيهم يدركون أنهم يقومون بعمل كريم لا تتصدر رأسه «الفتنة والعداوة والأحقاد الطائفية»، وهم: الداعية الشيخ أحمد القطان، و الشيخ ابو زيد الإدريسي، والشيخ نظام يعقوبي، والمفكر الإسلامي عصام البشير، والإعلامي أحمد الشقيري ثم المنشد سمير البشيري.
وكانت كلمة نائب رئيس مجلس إدارة جمعية الإصلاح عبدالعزيز جلال المير، التي تتعاون مع منظمة «فور شباب العالمية» و»رابطة الفن الإسلامي العالمية» في الإحتفاء بالمكرمين.. كانت كلمة واقعية أشادت بالإنجازات الحضارية لتيار «الوسطية» واثبات بطلان الدعايات بالتطرف ومعاداة الإنسانية التي تنسب الى الدين الإسلامي، والتركيز على جهود الدعاة الذين يحافظون على قيم المجتمع الأصيلة، في الوقت الذين يعانون فيه من الإهمال والتهميش وحملات التشكيك.
هذه اللفتة، تؤكد أن الكثير من العلماء والباحثين والمثقفين الإسلاميين المعتدلين، مهما تعرضوا للتهميش والتشكيك، فلن يكون، في مقابلهم، مجموعة من (الطائفيين والهمجيين) الذين يريدون لأبناء الأمة أن يعيشوا في خلافات كتب التاريخ والنبش فيها، ويظهرون للناس بوجوه عابسة… مكفهرة… متعطشة للدماء والعداوات والتناحر.
لا مراء من الإعتراف، بأن الكثير من أصحاب الوجوه المكفهرة الذين يشوهون كل يوم صورة الدين الإسلامي خلف ستار الدفاع عنه وعن تراث الأمة، ويفرحون بإثارة الفتن الطائفية، لا مراء من أن الكثير منهم يحصلون على دعم دول وجماعات وأصحاب نفوذ، وتصرف بين أيديهم ومن خلفهم الأموال الطائلة… لكن، لا يمكن لأبناء الأمة أن يحتفوا بهم أبداً… وهل يمكن الإحتفاء بالمتعطشين للدماء دائماً؟
نتمنى أن تشهد نسخة الجائزة في العام المقبل، نماذج نسائية، ومنهن كثيرات فاضلات أفضل من (أبو القتال الوحشي)، أو (أبو المنتصر الدموي)، أو (أمير دولة الخلافة الإرهابية).
 

سامي النصف

المرحومان طلال العيار وحمود بوشيبة

في أواخر شهر اغسطس الماضي كتب د.محمد الرميحي مقالا جميلا اسماه «طلال العيار» ذكر ضمنه انه التقى «أبومبارك» في قبو احدى مكتبات بيروت واكتشف انه مثقف كبير سبق له ان ساهم دون اعلان في انقاذ مكتبة «مغنية» الشهيرة في بحمدون.

ولا شك أن شهادة شخصية مفكرة مثل الصديق محمد الرميحي لطلال العيار وتسمية المقال باسمه تعكس علو شأنه كمثقف وعظم مصابنا برحيل النائب والوزير السابق الذي ضمتنا ذات مرة رحلة طويلة معه على الطائرة اكتشفنا من خلال الحديث كم الحكمة والعلم والثقافة التي يتمتع بها وهو ما نفتقده في كثير من الشخصيات العامة هذه الايام التي تعاني بشدة من قلة القراءة والاطلاع.

ويحسب «للوزير» طلال العيار انه اول من حذر ونبه من خطورة عدم انشاء محطات كهرباء جديدة على البلد وتنبأ في وقت مبكر بأن الوزارة ستضطر للقطع المبرمج فيما لو استمر الحال على ما هو عليه من استهلاك غير عقلاني للكهرباء والماء، و«النائب» طلال العيار هو من تنبأ كذلك بان تعديل الدوائر لن يقضي، كما قيل وروج، على الممارسات السالبة في الديموقراطية الكويتية وأتبع القول بالعمل فامتنع عن الترشح ضمن نظام الدوائر الخمس التي اعترض عليها.

وسبق لـ«ابومبارك» ان ساهم بفعالية في خلق كتلة المستقلين للدفع بقضايا التنمية في البلد الى الامام، واضفاء كم من الهدوء والحكمة على العمل النيابي، فلما خطفت الكتلة من قبل المستغلين والكاذبين والمستنفعين واصحاب المصالح ابتعد عنها فأصبحت اثرا بعـد عين بعد ان غاب العقل والحكمة التي يمثلها العيــار عـن اعمالها ومواقفها.

ومما عرف عن الراحل الكبير انه لا يقبل الا المراكز الاولى والصدارة في المجالس والمواقف وهي من شيم الفرسان من الرجال لذا لم يتقبل التهنئة، كما قيل، عندما تراجع ترتيبه ذات مرة وبشكل غير معتاد للمركز الثاني، كما اشتهر رحمه الله بالتواضع الجم وتقديره الشديد لكبار السن ممن بادلوه الود وكانوا يمثلون الدعامة الاولى له ولحملاته الانتخابية في الجهراء عروس الشمال.

واذا انتقلنا من مادحيه وما اكثرهم الى منتقديه وما اقلهم فيكفيه فخرا ان الزميل العزيز محمد الوشيحي «انتقده» بالقول انه رجل لا يعرف الكلل وان الابتسامة التي يشهدها آخر الخارجين من ديوانه هي الابتسامة ذاتها التي يشهدها اول القادمين فالابتسامة جهد مجهد ولكن العيار رجل لا يكل، كما اقر له ضمن المقال نفسه بـ«المرجلة» في التصرف والحزم في القرار كوزير متمنيا ان يكون بقية زملائه الوزراء مثله، والشهادة الحقة هي التي شهد بها الناقدون قبل المادحين.

آخر محطة:

بعد كتابة المقال وصلنا النبأ المحزن بوفاة الصديق والقريب، العاقل والحكيم المرحوم حمود بوشيبة فللفقيدين الكبيرين ـ رغم صغر سنهما ـ طلال العيار وحمود بوشيبة الرحمة والمغفرة ولاهلهما وذويهما ومحبيهما الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون.

احمد الصراف

الفرق بين الصفعة والصفقة

في بداية الهجوم البري الأميركي الواسع على العراق في ربيع 2003، ومع ظهور بوادر نجاحه الساحق، تبين للقوات الأميركية انها بحاجة لكميات أكبر مما خططت له من الوقود لآلياتها ولاستخدام الشعب العراقي، وهكذا قام الجيش الأميركي بالاتصال بعدد من الشركات الكويتية لترتيب عملية التوريد، بسبب طبيعة المنتج الاستراتيجية وضخامة الكميات المطلوبة والشروط القاسية التي تضمنها عرض التوريد، فقد أحجمت الشركات «نصف المؤهلة» عن الدخول في المغامرة بسبب كبر حجم المخاطرة، اضافة لعدم توافر المئات من صهاريج الوقود المطابقة للمواصفات في السوق المحلي، مع سائقيها، وهذه مشكلة كبرى. وقد عزم صديق لي على دخول المعترك، ودعاني لمشاركته في الصفقة فرفضت، لان العملية كانت بنظري أقرب للصفعة المالية منها «للصفقة».
دخل صديقي المنافسة ومعه ثلاثة شركاء، وهذا شجع آخرين على منافستهم، ولكن الصفقة انتهت لمصلحتهم في نهاية الأمر! وما ان انقشع غبار المعركة، ونسي الناس مخاطر هؤلاء القريبة من الجنون، وتبين للجميع ما حققوه من ربح كبير لانفسهم وللمال العام، بسبب دور الحكومة الذي تمثل بشراء الوقود من طرف ثالث وبيعه للشركة المحلية، التي قامت بدورها ببيعه للجيش الأميركي، حتى ثارت النفوس، اما جهلا واما حسدا، او حتى شكّا في ان الامر، لا بد ان يكتنفه «الخدش والدس» المعتادان في مثل هذه الصفقات.
تقلبت قضية «هاليبرتون» الشهيرة في اروقة السياسة من لجنة الى أخرى، ومن درجة قضائية الى ما بعدها لينتهي الامر بقيام محكمة الجنايات («القبس» 28/9) بتأييد قرار النيابة المتعلق بحفظ القضية، ورفض تظلم «مؤسسة البترول الوطنية» الحكومية على قرار الحفظ، ان المحكمة اكدت خلو اوراق القضية من أي أدلة على وجود تجاوزات بين مؤسسة البترول وهاليبرتون الاميركية، ولم يكن هناك اضرار بالمال العام، وان العقد ابرم على وجه السرعة مع الجيش لتلبية احتياجات استراتيجية وانسانية للشعب العراقي.
أكتب للتاريخ، كشاهد ليس بامكانه الجزم بشيء غير ان الصفقة كانت تتضمن مخاطرة هائلة اخذها من فازوا بها على عاتقهم وكان من الممكن ان تتسبب في افلاسهم بسبب الضمانات المصرفية الكبيرة التي قدموها. والقاعدة انه كلما عظمت المخاطرة عظم الربح كذلك. وفي جو الفساد العام الذي يلف البلاد فان من اعتقد حقا او باطلا، ان شيئا ما شاب عقد التوريد منذ اليوم الأول، فلا يلام على شكه وظنونه!!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

زيت وزير الداخلية


خلاص، تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وسقطت الجرة وتناثرت محتوياتها أمام المارة، بعدما أجاب يوم أمس نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون القانونية وزير العدل عن سؤال النائب مسلم البراك، بخصوص شبهة التلاعب في المال العام وقضية اللوحات الإعلانية التي كلفت الدولة خمسة ملايين دينار من دون وجه حق.

وزير العدل في إجابته كشف أن رد النائب العام على «رسالة» وزارة الداخلية كان في تاريخ 7 يونيو 2009 أي قبل استجواب وزير الداخلية بستة عشر يوماً! وكان وزير الداخلية أثناء الاستجواب يلوّح بأوراق في يده زاعماً أنها أوراق إحالة القضية إلى النيابة. فبلغتني – أنا يا محاكيك – معلومات تؤكد عدم وجود قضية ولا هم يحزنون في النيابة، فنشرتُ ذلك، وقلت إن معالي وزير الداخلية صبّ على رؤوسنا ورؤوس نوابنا زيتا حاراً، وها هو يضع يده على بطنه ويتلوى لشدة الضحك.

حينئذٍ، ثارت ثائرة بعض النواب الذين كانوا قد أيدوه أو امتنعوا عن طرح الثقة به، وهددوا بأن يتخذوا موقفاً حاسماً ضد الوزير إذا ثبت أنه لم يحل القضية إلى النيابة، فهددني الوزير بأن يشتكيني إلى القضاء، فاستجديته أن يفعل كي أتمكن من مسح الزيت المسكوب على رأسي، لكنه لم يفعل. واحسفا.

وإضافة إلى أن معاليه لم يقل الحقيقة أثناء الاستجواب، ها هو يرفض الإجابة عن سؤال النائب البراك لنفس السبب والحجة «لا يمكن أن أجيبك عن قضية مرفوعة أمام القضاء». وبعد إجابته بأيام، أتى رد وزير العدل على نفس السؤال الذي رفض وزير الداخلية الإجابة عنه، فتبين للناس الصدق من ابن عمه اللزم، وتبين أيضاً كم يحترم وزير الداخلية الشعب ونوابه.

عموما، عن نفسي، عملت كل ما في استطاعتي، كتبت وكشفت وراهنت وأخليت مسؤوليتي. والآن تعالوا نسمّي المسؤولين ومسؤولياتهم، وعلى رأسهم أعضاء الحكومة الخمسة عشر، تُرى هل سيقبلون الجلوس والاجتماع مع وزير الداخلية بعد أن لعلعت الفضيحة بلسانها أم سيحتجون على بقائه بينهم ليحافظوا على سمعة فريقهم؟ والمسؤول الآخر هو نوابنا الذين عارضوا طرح الثقة بالوزير أو امتنعوا ثم هددوا بأن يتخذوا إجراءً حاسماً ضد الوزير إذا لم تكن هناك قضية في النيابة، وها هو الصدق يلوّح لهم بيديه الكريمتين، فماذا سيفعلون؟

أما المسؤولية الكبرى فتقع على كاهل النائب مسلم البراك. فإن لم تتم إقالة الوزير فعلى النائب البراك أن يتقدم باستجواب آخر، يكون كاسحاً ماسحاً هذه المرة، ليس لكشف الوزير، فقد انكشفت الأمور كلها، بل كي يعرف الجميع أن الكذب حرام وعيب وككّا، وكي ينام المال العام هانئاً مستمتعاً بالنسيم الذي يتسلل إليه من النافذة المفتوحة، وكي يتسنى للنواب المخدوعين، كالزوج الطيب، أن ينفضوا رؤوسهم ورؤوس ناخبيهم من الزيت الذي يتقاطر على جباههم، أو فليعرف الناس أن لنوابهم من الكيكة جانبا. 

احمد الصراف

نصب التذاكر وشاشات الحواس الخمس

وردت مكالمة هاتفية من مؤسسة مالية معروفة في الرياض لصديق في الكويت، وقالت له السكرتيرة ان الدكتور فلان يريد التحدث معه بخصوص أمر يتعلق بتعاملاته المتشعبة معهم، ولأن الصديق يعرف بأن هناك من يحمل ذلك الاسم في المؤسسة فقد صبر طويلا على الخط ليعود صوت السكرتيرة بعدها معتذرا، معللة الأمر بانشغال الدكتور الفلاني في مكالمة مستعجلة مع أحد الوزراء وأنه خرج على عجلة للاجتماع به، وأنه أوصاها بأن تبلغه تحياته وأن المستشار الفلاني، وذكرت له اسم شخصية سعودية اخرى، يرغب في زيارته والاجتماع به في الكويت لمناقشة أحد المشاريع المهمة معه، وأن هذا الأخير موجود في نيويورك لحضور اجتماعات الـ MIF، وسيتصل به من هناك لتحديد موعد اللقاء.. وبالفعل، وبعد يومين، وردت لصديقي مكالمة من أميركا، حيث أخبره المتحدث أنه فلان وأنه مغادر في مساء اليوم نفسه الى الكويت ويرغب في تحديد موعد اجتماع معه، وأن زوجته، التي تعمل مساعدة تنفيذية له ستكون برفقته.
وهكذا تم ترتيب الأمر.
بعد ساعات قليلة وردت لصديقي مكالمة أخرى من الشخص نفسه أبلغه خلالها أنه في ورطة، حيث أضاع حقيبة يده الصغيرة التي تحتوي على تذكرتي السفر ومحفظة نقود، وأنه الآن في مطار نيويورك ومجبر على البقاء في المطار 7 ساعات أخرى حتى موعد الرحلة التالية، وأنه بحاجة ماسة لثمن تذكرتي سفر نيويورك ــ كويت على الدرجة السياحية، وأنه سيدفع له المبلغ بعد وصوله الى الكويت، وأن المبلغ يجب أن يحول لحساب السيدة (..) الأميركية، التي قال إنها تدير مكتب إصدار التذاكر في المطار! لم يخامر الشك صديقي أبدا، فهو يتعامل بالفعل مع مؤسسة مالية كبيرة في السعودية ومديرها هو الذي حاول التحدث معه وهو الذي أخبره بالموعد الذي كان يتوقعه منذ فترة، كما ان المبلغ المطلوب ليس بالكبير مقارنة بحجم تعاملاته، وهكذا تم تحويل المبلغ ولا يزال صديقي، ومنذ ثلاثة أسابيع بانتظار وصول المدير من نيويورك، وخسر مبلغا يقارب الالفي دولار دون مردود، فعليكم بالحذر فقد أصبح النصب علما يدرس.
***
• ملاحظة:
بمناسبة المؤتمر الصحفي الذي عقده المشرف على «بيت الكويت للاعمال الوطنية» الذي سبق ان اثير الكثير من اللغط حول مجريات تأسيسه واستمرار عمله غير القانوني، حيث اعلن خلال المؤتمر «الوطن» (13/10) الذي حضره نايف الركيبي وكيل ديوان رئيس الوزراء عن مشروع متحف كويتي اسلامي على شكل اسم محمد (!) يتضمن شاشات تخاطب الحواس الخمس، كما سيتضمن المتحف، ان اقرت ميزانيته من قبل مكتب سمو رئيس الوزراء، معجزات القرآن «للتأثر فيها»، وسينما ومكتبة، هيلوغرافية! فيا اصحاب الضمائر الحية، لاحقوا الامر لكي لا يرى هذا المشروع الهلامي النور ابدا، فيكفينا ما تعانيه بلادنا .

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

الفريقان… الطائفتان… المذهبان!

 

الثنائي المتلازم، مفردة للدلالة على اشتراك طرفين في ذات المعنى، من قبيل القول… القبلتان: المسجد الحرام والمسجد الأقصى، الحرمان: مكة والمدينة، السبطان: الحسن والحسين «ع»، الأخضران: العشب والشجر، الأزهران: الشمس والقمر… وهكذا.

كلها ملافظ ثنائية جميلة ولها هيبتها.. أليس كذلك؟ فقط لنتأمل في قائمة (الثنائيات) تلك، وهي على كل حال متداولة في الكثير من المواقع الإلكترونية، ولنتأمل في الهيبة التي تحتويها تلك الثنائيات… كلها لها وقعها الخاص في النفس، إلا (ثنائية) واحدة هي: المذهبان، الفريقان، الطائفتان.. الشيعة والسنة، فقد أصبحت هذه الثنائية من الثنائيات المثيرة للتذابح والتناحر، خصوصا في أوساط التيار الديني المتشدد والمؤدلج من (الجانبين)، ونحمد الله سبحانه وتعالى على أن التيار المعتدل بدأ يأخذ طريقه في المجتمع الخليجي وإن على مضض.

وأردت أن أعيد كتابة فقرة تناولتها كثيرا في وصف حال «التحشيد الطائفي»، فقد لا نرغب في استخدام مفردات مثل :»الفريقين… الطائفتين… المذهبين»، لكننا -عنوة- ندور في فلك ذلك الشحن الذي لا يكاد يتوقف من طرف حتى يشعله طرف آخر! والكل يتفنن… بعض صغار الكتاب وكبارهم يتفننون… مشايخ وخطباء ما عرفوا الحق من الباطل يتفننون… معلمين ومعلمات يتفننون… ناشطين سياسيين، بل قل جمعيات برمتها تتفنن… والغريب أن الدولة صامتة تجاه أي حركة تحشيد! اللهم باستثناء بعض الخطوات الخجولة تحدث لتطييب النفوس… ثم ما تلبث تلك النفوس أن تشحن من جديد!

صور التحشيد الطائفي التي يشهدها مجتمعنا اليوم خطيرة الى درجة أنها توغر الصدور وتزرع الحقد بين الناس، والأغرب من ذلك أنك تجد مواطنا متعكر المزاج بسبب معلومة أو قصة أو خطبة (طائفية) أو تصريح صحفي… والمصادر متنوعة ومتعددة: منها بعض النواب ومنها بعض المسئولين ومنها بعض الخطباء، لكن يبدو واضحا أن بعض الصحفيين أولا وبعض الخطباء أو المحسوبين على التيار الديني ثانيا هما سبب تردي الأوضاع!

لكن لماذا يصدقهم الناس لا سيما اذا كانت النوايا خبيثة؟ ولماذا يتبارى الخلق ويتنازعون ليفرح مشعلو الفتن؟

لعل الوقت قد أصبح ملائما لأن نرى (موضة) جديدة، أو (بدعة) حسنة، من خلال وزارة الثقافة والإعلام ووزارة العدل والشئون الإسلامية، لمعاقبة كل من ثبت عليه أنه من (تيار التحشيد والطائفية)… كاتبا مخضرما كان أم كويتبا، خطيبا محترما كان أم سيئا…

لا حرج من تطبيق القانون… الحرج كل الحرج في القفز على القانون لتقع بدل المصيبة… (مصيبتان).

سامي النصف

اتحاد الطلبة وإشكاليات المركز المالي

بدعوة كريمة من اتحاد طلبة الكويت في المملكة المتحدة وايرلندا ورئيسه الاخ ناصر فدغوش الهاجري قمنا والاخ ناصر النفيسي بتقديم اوراق حول كويت المركز المالي للمؤتمر الذي ابتدأت انشطته اوائل الاسبوع الجاري في منتجع «بتلنز» الساحلي الجميل في شمال شرق انجلترا، ثم شاركنا والأخوان محمد السنعوسي ووليد الجري في لقاء مفتوح مع ابنائنا الطلبة. وقد وجدت ان الطريقة المثلى للورقة التي اعددتها ان تكون على شكل امر اعتاده الطلبة، اي السؤال والجواب ولغة الارقام والمعلومات لذا كانت البداية هي عبر طرح سؤال مهم هو: هل كويت المركز المالي خيار من الخيارات ام انه الخيار الوحيد لنا؟! وكانت الاجابة الجازمة هي انه الخيار «الوحيد» لكويت المستقبل لذا يجب عدم التهاون في التعامل معه كحال تعاملنا مع قضايانا الاخرى. السؤال الثاني: هل تكفي الرغبة الحكومية الكويتية في ذلك المشروع لحتمية تحقيقه كحال ما يحدث لدى الدول الخليجية الاخرى التي ما ان تعلن عن مشروع حتى نراه قائما خلال سنوات قليلة؟! الجواب الصريح هو عبر زيارة تاريخية سريعة لكثير من القرارات الاستراتيجية التي صدرت في البلد وما آلت اليه الامور فيها، فمشروع كويت المركز المالي والمنطقة الحرة تم طرحه على اعلى المستويات عام 1963 وكرر في خطاب الحكومة عام 1970. حال ذلك المشروع كحال قرارات سيادية اخرى صدرت عام 1982 بتعمير جزيرة بوبيان وانشاء 7 مدن حدودية لحماية الكويت وجزرها من الغزو ومن تداعيات الحرب العراقية ـ الايرانية المشتعلة آنذاك ولم يتحقق شيء على الاطلاق من تلك القرارات الاستراتيجية الكبرى كوننا لا نخلق آليات التنفيذ والمتابعة كحال الدول الاخرى كما اننا نسمح للقيادات الوسطى بعرقلة المشاريع الكبرى دون عقاب فالمحاسبة لدينا ـ ان وجدت ـ هي لمن يخطئ لا لمن يعرقل. السؤال الثالث: هل يعني التحول للمركز المالي البعد عن الانشطة الاقتصادية الاخرى كالصناعة والزراعة (الاقتصاد الحقيقي) كما حدث لدينا حيث تحولت اموال الشركات الصناعية والزراعية للمضاربة في البورصة بحجة ان ذلك احد متطلبات كويت المركز المالي؟! الحقيقة ان من سلبيات المراكز المالية سرعة الانهيار حيث يتسبب تخفيف القيود في الدخول السريع للاموال الساخنة والخروج الاسرع لذا تعمد دول المراكز المالية كسنغافورة وسويسرا.. الخ الى خلق قطاعات اقتصادية مساندة تخفض من تداعيات تلك الانهيارات ولا تكتفي بالاقتصاد الورقي كحالنا. السؤال الرابع: هل من الضرورة ان يصبح المركز المالي مركزا تجاريا وسياحيا؟! الحقيقة ان هناك فارقا بين المراكز الثلاثة، فمصر على سبيل المثال مركز سياحي لا مالي او تجاري لذا يفضل ان يصبح المركز المالي مركزا تجاريا وسياحيا دعما له وهو امر نقوم بعكسه تماما فقد تسببت المشاكل السياسية في منع تحولنا لمركز تجاري فاعل يصدر للعراق وايران، كما تسببت القرارات «القراقوشية» المتكررة وآخرها قرار «السندريلا» المانع للتجول في البلد بعد الساعة 12 ليلا في تطفيش القلة القليلة من الزائرين والسائحين السعوديين والخليجيين و..عفارم! السؤال الخامس: هل تظهر الحقائق والارقام نجاح مسارنا في التحول للمركز المالي؟! التقارير «المحايدة» الدولية تظهر تأخرنا الشديد بجميع المؤشرات التي تتابعها الدول والشركات العالمية كما ان الارقام «الجامدة التي لا تكذب تظهر اننا اقل الدول جذبا للاستثمارات الاجنبية «دون محاسبة» كما اننا اكبر دولة «مصدرة» للاموال والاستثمارات (انظر التقرير الفاضح الاخير لحجم الاستثمارات الاجنبية في دول الخليج لاعوام 2003 ـ 2008 الذي اصدرته شركة جلوبل) و.. الشق عود!.

آخر محطة:

 (1) عندما كانت الكويت مركزا ماليا حقيقيا كان لديها 10 آلاف سفينة لنقل البضائع والبشر منها واليها كما يذكر المؤرخون وهو امر تقوم به سنغافورة وهونغ كونغ ودبي وابوظبي والدوحة والبحرين هذه الايام عبر انشاء شركات «حكومية» ضخمة للطيران والنقل فكيف تستقيم رغبتنا في التحول لمركز مالي وبيع «الكويتية» للقطاع الخاص؟! ومن سيتكفل بالذهاب لمشارق الارض ومغاربها للاتيان بالمستثمرين والسائحين؟! لست ادري.

2 – خيار المركز المالي لا نقرره نحن بل يقرره الآخرون لنا كذلك فما الذي سيجعل الدول والشركات تختار بلدنا بدلا من الدوحة او أبوظبي او دبي او البحرين كمركز مالي؟! الاجابة سهلة ولا تحتاج الا لقراءة قصة زواج جحا من بنت السلطان، وللموضوع عودة.