سامي النصف

هذا ما نمثل فماذا تمثلون؟!

هناك ضجة غير مبررة دائرة في البلد افتعلها بعض المستفيدين من هدر المال العام، والا فأين وجه الاختلاف مع ما تدعو إليه مجموعة الـ 26 او «الحملة الوطنية لوقف الهدر وترشيد الانفاق»، وما يدعو اليه مثيرو الغبار؟! فنحن ـ للعلم ـ ندعو لمحاربة الفساد، فهل يدعون هم لتشجيع الفساد ودعمه ونشره؟! كما اننا ندعو لوقف الهدر والتكسب الشخصي من المال العام وتحويله الى مشاريع تنموية تفيد الكويت في حاضرها ومستقبلها، فهل يدعو مخالفونا الى زيادة الهدر والاستنزاف والى عرقلة قضايا التنمية؟! واذا ما كان الامر كذلك فلماذا لا يعلنون موقفهم بكل صراحة ووضوح؟!

فواضح ان الفارق الكبير بيننا وبين من يثير الغبار وينشر الاشاعات ويدغدغ مشاعر البسطاء ويرمي لهم الفتات بينما يحصد هو الملايين، هو اننا نؤمن بتنمية الثروة ويؤمن الآخر باقتسامها، ونؤمن بان الكويت بلد باق الى الابد ويؤمن الآخر بانها شركة تحت التصفية لكل طرف ان يأخذ نصيبه منها، ونؤمن بمشروع الدولة ويؤمن الآخر بمشروع الكعكة التي يتم التسابق على الحصول على الجزء الاكبر منها والتهامها.

ان لغة الارقام التي لا تكذب تظهر ان الاوضاع العامة وصلت الى مستوى لا يرتضيه اي مجلس لبلده، فالصرف في الميزانية العامة تضاعف بسبب العطايا والمنح خلال اقل من عشر سنوات بنسبة 300% (غير مسبوقة في العالم اجمع)، اي من 4 مليارات الى 12 مليار دينار، واصاب التأمينات عجز قدره 10 مليارات دينار سيتم تحصيلها من الاحتياطي العام للدولة ليبدأ العجز مرة اخرى بالتراكم في ميزانيتها بسبب مشاريع الدغدغة القائمة، وقد اصبحنا الدولة «الوحيدة» في العالم التي تعتمد بشكل كلي على مدخول النفط الذي كانت الميزانية العامة تتوازن عند سعر 15 دولارا للبرميل منه عام 2000، فأصبحت يظهر العجز فيها لو انخفض سعره عن 58 دولارا كما هو الحال الآن وهو امر محتمل جدا.

ان اغلب من يخدعون ويتم دغدغة مشاعرهم هذه الايام هم من اصحاب الدخول المتوسطة والمحدودة المعتمدين كليا على الراتب الحكومي (الوظيفي والتقاعدي) في تحقيق العيش الكريم لهم ولابنائهم، وهؤلاء هم من يجب ان يرفعوا اصواتهم ويدعموا اخوانهم الداعين لوقف الهدر ومحاربة الفساد وتشجيع عمليات التنمية، فالانهيار المالي ان حدث – لا سمح الله – سيكون اكثر ضررا وتأثيرا وتدميرا من غزو عام 1990 الذي لم يستمر الا ستة اشهر عشناها بكرامة بسبب ما تم توفيره في الحقب السابقة، ان اموال الكويت المدخرة هي امضى سلاح ينفع البلد، فلمصلحة من يحاول البعض تجريدنا منه؟! لست ادري.

آخر محطة:
 
1 ـ الدول لا تدار بطريقة «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب»، بل بنهج « احفظ الفلس الابيض لليوم الاسود».

2 ـ وجود ممثلين للشعب لا يعني الحجر على حق الشعب في ان يبدي رأيه، فالنواب هم وكلاء ولا يجوز للوكيل ان يحجب صوت من وكله.

3 ـ يمكن لمن يود ان يزور موقع «الحملة الوطنية لمواجهة استنزاف ثروة البلاد وترشيد استخدامها» الدخول على «www.group_26.com».

احمد الصراف

أرارات أو “مسيس” الأرمني

يقع جبل ارارات في اناتوليا بتركيا حاليا ويسميه الارمن «مسيس»، ويبلغ ارتفاعه 5137 مترا وتغطي الثلوج قمته طوال العام، ويتوسط الحدود الارمينية والايرانية والاذربيجانية.
وعلى الرغم من قدسية الجبل لدى اليهود والمسيحيين من خلال ما ورد في «سفر التكوين» من ان سفينة نوح قد رست عليه، فان لهذا الجبل مكانة تاريخية كبيرة في وجدان الشعب الارمني، ولم تتوقف مطالباتهم الملحة منذ 100 عام بعودته إليهم.
سافرت إلى تركيا لاول مرة قبل 35 عاما، واختلطت بكثير من الاتراك في مناسبات واماكن عدة، وتعاملت مع شركات تركية. ووجدتهم في أغلب الاحوال شعبا جادا في عمله امينا في وعوده وتعامله ومبدعا في ما يقوم به. وعندما اقارن ما نقوله ونشيه عنهم وما نطلقه عليهم من نكات سخيفة، وانهم اقرب للصلافة والجلافة منهما إلى اي امر آخر، اجد ان الاوصاف تنطبق علينا بنسبة اكبر من انطباقها عليهم.
ومن جهة اخرى، اجد ان تقدم تركيا ورقيها لا يقارنان بما هو عليه الوضع في أغلبية الدول العربية، وليس في ذلك ما يخجل، لولا اصرارنا على السخرية منهم، وهم الافضل منا، بالرغم من تاريخهم الاستعماري السيئ معنا. نقول هذا على الرغم من فخر كثيرين بذلك التاريخ وكونه مرحلة مهمة تستحق الاحترام والتقدير. ويمكن ان نضيف كذلك ان علمانية اتاتورك هي التي خلصت تركيا من اوحال التمزق والتخلف التي تسبب بها سلاطين الدولة العثمانية الفاسدون.
اكتب ذلك بمناسبة الاتفاق التاريخي الذي توصلت إليه حكومتا ارمينيا وتركيا، والذي انهى خلافا دمويا بينهما امتد لما يقارب القرن، وهو الخلاف الذي بدأ مع الحرب العالمية الاولى ووقوف الاقاليم الارمينية مع جارتها الكبرى روسيا ضد غزو القوات العثمانية، التي تختلف عنها في كل شيء، وقد تسبب ذلك العداء في قيام الجيش العثماني على امتداد 1915 ــ 1916 من ذبح مئات آلاف الارمن، أغلبيتهم من المدنيين، في واحدة من اكبر مجازر الحرب بشاعة.
وعلىالرغم من انهار الدم التي جرت بين الطرفين، فان هذا لم يمنع التوصل إلى ذلك الاتفاق التاريخي، ومحاولة دفن الاحقاد السابقة والعيش بسلام، فلا احد من شعب او قادة البلدين اليوم مسؤول عما جرى قبل اكثر من 90 عاما. وقد بارك ملايين الارمن، مجبرين، الاتفاق بالصمت وعدم الانتقاد، فمن اختار خيار السلم حكومة منتخبة منهم ولها حق التحدث باسمهم.
المحزن اننا واسرائيل، اعجز من ان نتوصل إلى مثل هذا الاتفاق، الذي تحتاج اليه المنطقة بشكل هائل، فقد نالها ما يكفي من الموت والدمار وشتى انواع الويلات، ولكن تحقيق ذلك ابعد ما يكون، والسبب يعود بصورة رئيسية لغياب الديموقراطية في جانبنا، فما حققته تركيا وارمينيا لم يكن ممكنا بغير ديموقراطية حقيقية. فهل لدينا ما يشبه ديموقراطيتهم، ومن يمثل الفلسطينيين اليوم؟

أحمد الصراف