محمد الوشيحي

الذيبة خلفك


عندما قلت إن لدينا فائضاً من الفساد جاهزاً للتصدير، وإن الكويت بعد نضوب النفط ستصدّر الفساد، لم يصدقني إلا القلة، ودارت الأيام على حل شعرها، وإذا بصحف أميركا الشقيقة تتحدث عن فساد شركة كويتية تلاعبت بمبنى إحدى السفارات الأميركية، وعلى رأس هذه الصحف واشنطن بوست.

وفي الصحف تلك قرأنا أن مجلس النواب عقد جلسة استماع واستدعى بعض المعنيين بالأمر، فتحدث موظف أميركي، كان يعمل في الشركة ثم استقال، عن سوء المعاملة التي تتلقاها العمالة الفقيرة في هذه الشركة الكويتية، والظروف المعيشية السيئة التي أجبرتهم عليها الشركة، ثم قال بالحرف الواحد: «لم أرَ مثل هذا التلاعب (قال كلمة بذيئة جداً فاستبدلتها أنا بكلمة تلاعب) في حياتي من قبل، فقد تم تحطيم كل قوانين العمل الأميركية».

وإذا كان الأميركان «زلم وما ينخاف عليهم»، وسيستردون حقهم، وستركع لهم الرؤوس وتقبّل أيديهم الشفاه، فمن يخلصنا نحن الذين لسنا «زلم» ولا تربطنا بالزلامة زمالة، إذا عرفنا أن الشركة هذه بقضها وقضيضها ونصبها ونصيبها ستتولى أعمالاً كبرى في إحدى المدن الإسكانية الجديدة؟… يا حبيبي هؤلاء استغفلوا الأميركان، ما تبيهم يستغفلون حكومتك الرخوة؟ هذه الحكومة التي حتى الديك الرومي، وهو أغبى الحيوانات من المحيط إلى الخليج، يعمل فيها النون وما يعلمون.

وكي تعرف كيف سنسترد حقوقنا من الشركات، خذ سيارتك الله لا يهينك، واسلك الدائري السادس كي تشاهد «ستاد جابر» كيف وُلِدَ مشوّهاً، بعد تعسّر شديد في الولادة، وبعدما تقافزت تكلفته، قبل أن نتسلمه مريضاً بالفشل الكلوي، أو فلتتوقف عند مشروع الصبية الذي يشبه فتاة أجبروها على الزواج من شيخ سبعيني مريض، أو فلتتحدث عن مشروع «طوارئ 2007» والملايين التي طارت في الهواء وتساقطت لنا على شكل معدات كهربائية خربة ومتهالكة، ثم ارفع أصبعك الكريمة وأشر بها إلى أي مسؤول يستطيع أن يقتصّ لنا من هذه الشركة أو تلك، وسأرفع لك أنا أصبعي أيضاً، بل وسأعطيك إياها… خذ.

هذه الشركات الجميلة، وغيرها، ناحت ولطمت ونثرت التراب على رأسها تباكياً على التنمية التي أوقفها البرلمان والصحافة الحرة، كما تزعم، وهددت بأنها في حال إقرار قانون «بي أو تي» كما يشتهي التكتل الشعبي، ستنقل أموالها خارج الكويت وتتركنا بلا طعام ولا زاد، وسترفسنا برجلها إن تشعبطنا بأسفل ثوبها. كانت تريد أن تستفرد بنا. لكن نوابنا أقروا القانون، وحددوا أطر الملعب، وسدوا ثغرات الجدار بقوانين من الحديد الصلب، فضاقت مساحة التلاعب على بتوع البيضة والحجر، فراحوا يشوهون سمعة النواب ويرفعون القضايا على الكتّاب، بتهمة السبّ المريع والقذف السريع.

وقبل أن تقع الفأس بالرأس، أقول الآن للشيخ أحمد الفهد (مسمّاك الرسمي يا شيخ أطول من ليل الشتاء): هذه الشركة الذيبة تتعامل مع إحدى وزاراتك، وها هي تقعي هناك على رأس جبل في انتظار غفوتك كي تفترس الأغنام، والبندقية في يدك، فانتبه واحرص على أغنامنا. 

سامي النصف

هل هي مشاريع مدفوعة الأثمان من الخارج؟!

سبق أن اشتكينا من قلة الاحتراف وخفية التعامل مع قضايا البلد المصيرية من قبل بعض النواب بسبب عدم وجود دورات تأهيلية مسبقة للعمل التشريعي، ما يزيد الطين بلة ندرة الاطلاع والثقافة السياسية لدى ذلك البعض، ومن ذلك ما شهدناه من حملة هتلرية ـ ستالينية للتحول للدوائر الخمس «قمعت» وبشكل غير ديموقراطي كل الآراء الأخرى، وقد عاد نفس الأطباء لوصف روشتة خاطئة أخرى أكثر ضررا من سابقتها هي مشروع «الدائرة الواحدة» التي ستحيل كما يقول علماء السياسة النزاعات والمنافسات الظاهرية الصغيرة التي تدور ضمن محاور المناطق المختلفة إلى نزاعات مسلحة حقيقية على مستوى الوطن وقد يكون هذا وبحق المطلوب تحقيقه رغم فظاعته.

إن خيار الدوائر الخمس لم يعط الوقت الكافي لتجربته وإذا كانت هناك حاجة للتعديل والتغيير فيجب أن يتناغم مع ما هو قائم في العالم أجمع من «زيادة» عدد الدوائر لا تقليلها خاصة بعد الأمور السالبة الكبرى التي تمت مع عملية «التقليل والتكبير» وما رأيناه من نزول الجيش وقوى الأمن للشارع إبان العملية الانتخابية ووصول البلد للمرة الأولى في تاريخها لحافة الهاوية، ان خيار الدائرة الواحدة غير معمول به في «جميع» الديموقراطيات الأخرى عدا إسرائيل.

وإسرائيل للعلم بلد شديد التقدم اقتصاديا والتطور علميا والقوة أمنيا، إلا أنها شديدة الضعف والتشرذم سياسيا كأحد مخرجات نظام الدائرة الواحدة، حيث تمتلأ لعبتها السياسية بالفساد وعدم الاستقرار ـ رغم وجود الأحزاب ـ واختطاف التوجهات المتطرفة للقرار المصيري في الدولة، والعجب ممن لم يجعل من الإنجاز الإسرائيلي في الاقتصاد والبحث العلمي والتعليم والقوة العسكرية قدوته واكتفى بتقليد أسوأ ما فيها.

ومعروف أن كلفة الحملة الانتخابية قد ارتفعت ضمن الدوائر الخمس إلى ما يقارب 200 ـ 250 ألف دينار وبعملية جمع حسابية بسيطة نعلم أن التحول للدائرة الواحدة يعني أن كلفة الحملة الانتخابية لتغطية الكويت من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها ومدنها القديمة والجديدة ستصل إلى مليون دينار مما سيفتح الباب واسعا لأموال السفارات والمخابرات والقوى الاقتصادية الكبرى وسيمتنع بالتبعية الاكفاء والامناء عن الترشح ناهيك عن الفوز.

لقد ساهم تقليص الدوائر في اختفاء منطقة كبيرة ضخمة كالجهراء من التمثيل في مجلس الأمة ولا شك في أن التحول لخيار الدائرة الواحدة سيساهم في اختفاء مناطق وشرائح وطوائف وقبائل وتوجهات سياسية بأكملها ضمن لعبة سياسية يعتقد من يملك 51% أن من حقه الغاء حق من يملك 49%، لقد ضمنا قبل أيام لقاء على قناة «الصباح» وكان الضيف الآخر هو أحد مقدمي مشروع الدائرة الواحدة وقد أقر بأنه لا يملك أي دراسات أو أرقام عما سيحدث فيها لو طبق اقتراحه.. وهذا هو اللعب غير المسؤول بمستقبل البلاد والعباد ولّا بلاش.

آخر محطة:
 
1 ـ بدأنا وبحق نشك في وجود مخطط خارجي مدفوع الثمن يهدف لتدمير الكويت سياسيا بعد أن دمرت اقتصاديا تحت رايات ظاهرها رحمة وباطنها عذاب من قبل نفس القوى ونفس النواب القابضين فلا يمكن أن يصل الجهل بهم إلى هذا الحد.

2 ـ يتعلل البعض بوجود فوارق في أعداد الناخبين بين الدوائر كعذر للتحول للدائرة الواحدة ونقول إن تلك الفوارق أقل كثيرا مما هو قائم في «جميع» الديموقراطيات الأخرى التي تؤمن بأن الديموقراطية تتحقق بالتمثيل الشرائحي الذي يضمن تواجد جميع ألوان الطيف السياسي والاجتماعي والاقتصادي تحت قبة البرلمانات حتى لو تباينت الأعداد بين الدوائر.

احمد الصراف

براك والمناهج

قبضت السعودية على 44 مواطنا بتهمة القيام بأعمال إرهابية والتخطيط لها والتحريض عليها. وتبين أن 30 منهم يحملون تخصصات علمية عالية تصل الى الدكتوراه! لم يحرك الخبر شعرة في أي من واضعي المناهج والمشرفين عليها في مدارسنا وجامعاتنا، وكأن هؤلاء «المتهمين» اكتسبوا فكرهم التكفيري من مدارس بلجيكا وتكيات صحارى فنلندا ومدارس حفظ القرآن في آيسلندا! وفي هذا الصدد يقول كاتب سعودي مستنير، قريب عائليا من مراكز اتخاذ القرار الديني في السعودية: إن عملية الاستحواذ على عقل ووجدان الإنسان المتطرف تبدأ من الصغر وتكرس من خلال التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي، ليصبح التعليم الجامعي مجرد تخصص يمر به المتطرف ليكون مؤهلا عمليا لخدمة أيديولوجيا التطرف وليس لخدمة تخصصه الدراسي والتفوق فيه، وأن تأثير هذه المرحلة عليه لا يكاد يذكر. ويتساءل الكاتب: «.. ولا أدري إلى متى سيظل مشايخنا وفقهاؤنا يمسكون العصا من الوسط، يشجبون النتائج وينددون بالإرهاب ويتهربون من إدانة المحاضن الثقافية التي تتولى تنشئة هؤلاء الإرهابيين منذ نعومة أظفارهم…»!.
ومن هنا نرى أن الحل الوحيد لمحاربة الإرهاب بصورة علمية لا يمكن أن يتم خارج الفصول الدراسية، مما يعني أن العبء يقع على المنهج والمدرس، وهما في تخلف تام، ولكن الأمر لا يخلو من وجود عناصر وطنية طيبة. ويجب بالتالي ملاحقة الوضع قبل أن ينهار تماما، كما حدث في أفغانستان في مرحلة نشوء حركة طالبان التي خرجت من رحم 150 ألف مدرسة باكستانية لتحفيظ القرآن، ولا تزال أفغانستان وباكستان تدفعان ثمن مخرجاتها غاليا منذ منتصف تسعينات القرن الماضي.
ولو نظرنا الى مناهج مدارس الكويت، وقمنا بمقارنتها بما كانت عليه قبل 30 عاما لهالنا ما أصابها من خراب شامل، والذي تم تحت سمع وبصر السلطة الممثلة بالحكومة، ولا يمكن إعادة الأمور الى ما كانت عليه بغير دعمها، وهذا رد على كل من يعتقد بأن المشكلة هي في مجلس الأمة وليست في الحكومة، فقبل 30 عاما لم يكن عندنا بورمية ولا هايف ولا غيرهما من المتطرفين الذين أنتجتهم مصانع المدارس الحكومية.
ولو نظرنا الى عينة من الكتب المدرسية التي سبق ان تطرقنا للبعض منها في مقالات سابقة، والتي قمنا بنقلها من مدونة الشاب المبدع براك، لوجدنا الكوارث التالية:
في باب التغيرات العصرية التي تتعارض مع الإسلام، من كتاب الدين الإسلامي للسنة 11 ورد أن محاكاة المسلمين لغيرهم واختلاط الرجال بالنساء ورقص الفتيان مع الفتيات وتناول الطعام باليد اليسرى وإطالة بعض الأظافر كلها أمور محرمة! وهذا يعني أن منهج وزارة التربية الكويتية يعلّم طلبتنا أن ما يحدث من اختلاط في مئات أماكن العمل في الحكومة وغيرها، وحتى في مجلس الأمة، هو أمر محرم ويتعارض مع الإسلام، فكيف يستقيم ذلك؟ وكيف ترضى وزيرة التربية بوجود مثل هذه النصوص التي تحرّ.م حتى وجودها هي بين الرجال؟ وما الذي سترد به لو سألها أحد الطلبة، أثناء جولة مدرسية، أن وجودها بين الرجال محرم، من واقع مناهج وزارتها؟ فهل يختلف اثنان على أن هذه النصوص المستهجنة هي بداية الحث على الإرهاب؟
وفي الجزئية المتعلقة بالتغيرات الدخيلة على المجتمع الكويتي، من الكتاب نفسه، نجد أن نزول المرأة للعمل محرم لأنه يؤدي الى فقدان الأبناء الرعاية. كما أن خروج الكويتيين للسياحة في الخارج محرم! ومحرم ما نشاهده من زوال سلطة الوالدين على أبنائهما وطغيان آراء الأبناء. ومن الأمور التي تستهجنها كتب الدين المدرسية تعدد المدارس الخاصة ذات المنهج الأجنبي التي تسببت، حسب المنهج، في تعدد ثقافات المجتمع الكويتي.
وفي باب الوطنية أو المواطنة في الإسلام ترد النصوص التالية في كتاب الدين الإسلامي للصف 12 صفحة 92 الدرس الرابع عشر: الإسلام لا يرفض الوطنية بل يؤيدها! ولكن ما إن تكمل القراءة حتى تجد أن المواطنة التي يقصدها الكتاب هي أن يكون حب الوطن على اعتبار انه جزء من بلاد المسلمين، وهذا يعني أن لا مواطنة لغير المسلمين! فليس من حق هؤلاء الإحساس بالوطنية، وليذهب مسيحيو الكويت وأقباط مصر ويهود البحرين للجحيم! وهذا ببساطة لا يتعارض ونصوص الدستور الكويتي في حرية الاعتقاد فقط، وبل وحقوق الإنسان، الذي يذكر المدون البراك أن منهج الدين يدرَّس بالموازاة مع منهج «الدستور وحقوق الإنسان»، وهنا المفارقة المحزنة والمبكية.
المأساة عميقة والفكر متخلف والوضع سيئ.. ولكن لا تزال هناك بارقة أمل في الهارموني هاوس في السالمية.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

إنجازات التيار الوسطي

 

هناك دلالة كبيرة مهمة في الحفل الذي أقيم مساء يوم أمس الأول الجمعة برعاية جلالة الملك، وهو حفل جائزة الشباب العالمية لخدمة العمل الإسلامي الذي ناب فيه رئيس المؤسسة العامة للشباب والرياضة الشيخ فواز بن محمد آل خليفة جلالة الملك للإحتفاء بالمكرمين.
الدلالة هي أن مثيري الفتنة وأصوات النشاز الذي يشعلون العداوة بين المسلمين بخطاباتهم الطائفية والتحريضية المجرمة، ليس لهم مكان من (الإحتفاء)! بل الدلالة الأوضح والأهم أنهم (مرفوضون) حتى وأن حشدوا لهم من الأتباع من يصفق لهم في المنتديات الإلكترونية، أو يجمل صورهم في الصحافة، أو يكتب فيهم القصائد والأناشيد.
الفائزون هذا العام استحقوا الفوز بجدارة، حتى وإن اختلفنا معهم في بعض الجزئيات، أو (اصطدنا) عليهم كبوة هنا أو هناك، لكن الغالبية العظمى من متابعيهم يدركون أنهم يقومون بعمل كريم لا تتصدر رأسه «الفتنة والعداوة والأحقاد الطائفية»، وهم: الداعية الشيخ أحمد القطان، و الشيخ ابو زيد الإدريسي، والشيخ نظام يعقوبي، والمفكر الإسلامي عصام البشير، والإعلامي أحمد الشقيري ثم المنشد سمير البشيري.
وكانت كلمة نائب رئيس مجلس إدارة جمعية الإصلاح عبدالعزيز جلال المير، التي تتعاون مع منظمة «فور شباب العالمية» و»رابطة الفن الإسلامي العالمية» في الإحتفاء بالمكرمين.. كانت كلمة واقعية أشادت بالإنجازات الحضارية لتيار «الوسطية» واثبات بطلان الدعايات بالتطرف ومعاداة الإنسانية التي تنسب الى الدين الإسلامي، والتركيز على جهود الدعاة الذين يحافظون على قيم المجتمع الأصيلة، في الوقت الذين يعانون فيه من الإهمال والتهميش وحملات التشكيك.
هذه اللفتة، تؤكد أن الكثير من العلماء والباحثين والمثقفين الإسلاميين المعتدلين، مهما تعرضوا للتهميش والتشكيك، فلن يكون، في مقابلهم، مجموعة من (الطائفيين والهمجيين) الذين يريدون لأبناء الأمة أن يعيشوا في خلافات كتب التاريخ والنبش فيها، ويظهرون للناس بوجوه عابسة… مكفهرة… متعطشة للدماء والعداوات والتناحر.
لا مراء من الإعتراف، بأن الكثير من أصحاب الوجوه المكفهرة الذين يشوهون كل يوم صورة الدين الإسلامي خلف ستار الدفاع عنه وعن تراث الأمة، ويفرحون بإثارة الفتن الطائفية، لا مراء من أن الكثير منهم يحصلون على دعم دول وجماعات وأصحاب نفوذ، وتصرف بين أيديهم ومن خلفهم الأموال الطائلة… لكن، لا يمكن لأبناء الأمة أن يحتفوا بهم أبداً… وهل يمكن الإحتفاء بالمتعطشين للدماء دائماً؟
نتمنى أن تشهد نسخة الجائزة في العام المقبل، نماذج نسائية، ومنهن كثيرات فاضلات أفضل من (أبو القتال الوحشي)، أو (أبو المنتصر الدموي)، أو (أمير دولة الخلافة الإرهابية).