محمد الوشيحي

زيت وزير الداخلية


خلاص، تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وسقطت الجرة وتناثرت محتوياتها أمام المارة، بعدما أجاب يوم أمس نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون القانونية وزير العدل عن سؤال النائب مسلم البراك، بخصوص شبهة التلاعب في المال العام وقضية اللوحات الإعلانية التي كلفت الدولة خمسة ملايين دينار من دون وجه حق.

وزير العدل في إجابته كشف أن رد النائب العام على «رسالة» وزارة الداخلية كان في تاريخ 7 يونيو 2009 أي قبل استجواب وزير الداخلية بستة عشر يوماً! وكان وزير الداخلية أثناء الاستجواب يلوّح بأوراق في يده زاعماً أنها أوراق إحالة القضية إلى النيابة. فبلغتني – أنا يا محاكيك – معلومات تؤكد عدم وجود قضية ولا هم يحزنون في النيابة، فنشرتُ ذلك، وقلت إن معالي وزير الداخلية صبّ على رؤوسنا ورؤوس نوابنا زيتا حاراً، وها هو يضع يده على بطنه ويتلوى لشدة الضحك.

حينئذٍ، ثارت ثائرة بعض النواب الذين كانوا قد أيدوه أو امتنعوا عن طرح الثقة به، وهددوا بأن يتخذوا موقفاً حاسماً ضد الوزير إذا ثبت أنه لم يحل القضية إلى النيابة، فهددني الوزير بأن يشتكيني إلى القضاء، فاستجديته أن يفعل كي أتمكن من مسح الزيت المسكوب على رأسي، لكنه لم يفعل. واحسفا.

وإضافة إلى أن معاليه لم يقل الحقيقة أثناء الاستجواب، ها هو يرفض الإجابة عن سؤال النائب البراك لنفس السبب والحجة «لا يمكن أن أجيبك عن قضية مرفوعة أمام القضاء». وبعد إجابته بأيام، أتى رد وزير العدل على نفس السؤال الذي رفض وزير الداخلية الإجابة عنه، فتبين للناس الصدق من ابن عمه اللزم، وتبين أيضاً كم يحترم وزير الداخلية الشعب ونوابه.

عموما، عن نفسي، عملت كل ما في استطاعتي، كتبت وكشفت وراهنت وأخليت مسؤوليتي. والآن تعالوا نسمّي المسؤولين ومسؤولياتهم، وعلى رأسهم أعضاء الحكومة الخمسة عشر، تُرى هل سيقبلون الجلوس والاجتماع مع وزير الداخلية بعد أن لعلعت الفضيحة بلسانها أم سيحتجون على بقائه بينهم ليحافظوا على سمعة فريقهم؟ والمسؤول الآخر هو نوابنا الذين عارضوا طرح الثقة بالوزير أو امتنعوا ثم هددوا بأن يتخذوا إجراءً حاسماً ضد الوزير إذا لم تكن هناك قضية في النيابة، وها هو الصدق يلوّح لهم بيديه الكريمتين، فماذا سيفعلون؟

أما المسؤولية الكبرى فتقع على كاهل النائب مسلم البراك. فإن لم تتم إقالة الوزير فعلى النائب البراك أن يتقدم باستجواب آخر، يكون كاسحاً ماسحاً هذه المرة، ليس لكشف الوزير، فقد انكشفت الأمور كلها، بل كي يعرف الجميع أن الكذب حرام وعيب وككّا، وكي ينام المال العام هانئاً مستمتعاً بالنسيم الذي يتسلل إليه من النافذة المفتوحة، وكي يتسنى للنواب المخدوعين، كالزوج الطيب، أن ينفضوا رؤوسهم ورؤوس ناخبيهم من الزيت الذي يتقاطر على جباههم، أو فليعرف الناس أن لنوابهم من الكيكة جانبا. 

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *