تعتبر المقالات التي أكتبها والتي تتعلق بالمرأة وسترها وحجابها واكلها وشربها، وخاصة من الناحية الدينية الأكثر قراءة وتعليقا، ويعود هذا الاهتمام غير العادي ربما لجو الكبت والحرمان الذي تعيشه مجتمعاتنا التي تعتبر، بالرغم من هوسها بالجنس، وبموجب دراسات ميدانية اسرية، الاكثر جهلا بمواضيعه وبكيفية التعامل مع الجنس الآخر، ذكرا كان او انثى، واسباب هذا الجهل، او التجهيل المتعمد، لا تخفى على الكثيرين، واهمها خلو المناهج من اي ذكر لمثل هذه المواضيع الجوهرية، وتردد الاسرة في الحديث عن الجنس او جعله موضوعا قابلا للنقاش بين الام والابنة والاب والابن، إما بسبب الخجل او لجهل الام والاب الاساسي الذي يبقى عادة معهما طوال حياتهما. وبالتالي ليس مستغربا انتهاء 60% من حالات الزواج بالطلاق!
مقال النقاب الذي كتبته يوم الخميس الماضي كان الأكثر قراءة على الانترنت بين كل المواد الاخرى لجريدة رصينة كـ«القبس»، وهذا مؤشر سيئ لذوق وفهم البعض الذي يبحث عما يثيره دينيا، وخاصة عندما يكون له جانب جنسي، وفي هذا السياق تقول المفكرة والطبيبة والكاتبة المصرية الكبيرة نوال السعداوي، في مقابلة مع قناة العربية ان لا علاقة للاخلاق بالحجاب، فاخلاق المرأة تظهر في عيوبها.. في كلامها، في مشيتها، في صوتها ونظراتها، فارتداء الحجاب ولبس الكعب العالي والمشي بطريقة فيها تراقص هو المثير، وليس تغطية الشعر او الوجه او عكس ذلك..». ولو فهمنا معنى هذا الكلام وذهبنا الى احد المجمعات التجارية في اي بلد عربي، وبالذات خليجي، لرأينا كم هو دقيق وصف الدكتورة السعداوي، حيث نجد غالبية المحجبات، وخاصة من الفئة العمرية من 15 سنة، احيانا اقل بكثير، وحتى سن الثلاثين، هن الاكثر تبرجا. كما نجد حتى بعض المنقبات بملابس ضيقة وعيون «ممكيجة» ولافتة بجرأتها في البحلقة! كما ان ما يمكن لمسه وشمه من روائح عطرية قوية لا بد ان يؤثر في حواس الجنس الآخر واثارته بطريقة او بأخرى، واطنان الماكياج التي تملأ الوجوه البريئة، والرؤوس الفارغة غالبا ما تدفع الكثيرين للتساؤل عن معنى الحجاب في ظل غياب كامل للذوق والحشمة والخلق، فمن الواضح ان الغالبية لا تدرك معنى العلاقة بين الحجاب او النقاب والتصرف القويم مع الآخرين وفي الطريق! فكما ان قانون منع المنقبة من قيادة المركبة لا يعني لها شيئا، فان ايقاف السيارة في المكان الخطأ والقيادة بطريقة سيئة ورمي القمامة في الشارع، والتأخر عن العمل ايضا لا تعني للكثيرات منهن شيئا، فكأن هناك جدارا سميكا عند هؤلاء يفصل التدين عن التعامل الراقي مع الغير الذي يحتاج لاكثر من حجاب ونقاب، والذي لا يمكن الحصول عليه بمجرد وضع قطعة قماش، مهما كانت ثمينة، على الرأس، فتقدمنا بين الامم -ان اردنا تقدما- لا يقاس بمثل هذه الامور، والاخلاق لا تقاس بمثل هذه الادوات، والتحضر لا يختصر بقلم حمرة او عطر باريسي فاخر. وعندما يقول شاعر: انما الامم الاخلاق ما بقيت، فهو لا شك لم يكن يتكلم عن قطعة قماش او لحية طويلة او حتى حليقة او بنطلون جينز او بدلة اوروبية، بل عن امور اكثر اهمية وعمقا!
***
• ملاحظة: كرة اخرى تدخل مرمانا من الفريق السعودي الذي سمحت قيادته باختلاط الاطفال، نكرر الاطفال، الذكور والاناث في المدارس الابتدائية، بعد اكتشاف ان اختلاطهم لا يشكل خطرا جنسيا بعضهم على بعض!
أحمد الصراف