محمد الوشيحي

أيها الخرطي…
عد ارجوك

أنا أدخن. أعشق السيجارة وتعشقني. لا أقبل فيها نميمة عاذل، ولا أستبدلها بعطية باذل. كيف أخونها وهي تحترق لأجلي راضية؟… كثيراً ما خاطبتها في قصائد المراهقة: «قاتلتي إني من قومٍ، يخشون الضحكَ علانيةً، ويظنونَ الحزنَ وقاراً، والصمتَ سنامَ التبجيل! قاتلتي أقسم باللهِ، وبالتوراة وبالإنجيل، ومش عارف إيش، من سجّيل… الخ»، وكلمة (الخ) هذه كتبتها لأن ذاكرتي الهشة أنستني بقية القصيدة.

المهم أنني أدخن، لذا لا يمكن أن أعقد ندوة أنصح الناس فيها بترك التدخين، وإلا فأنا كذابٌ أشر، ودجالٌ يشار إليّ بالأصابع العشر. كذلك الحال بالنسبة للأخ النائب السابق الذي أغرقنا بدموعه في برنامجه التلفزيوني، لا يمكن أن يتحدث عن «القيم البرلمانية» أو أن يطالب بلجنة قيَم، أو يحاضر عن ضرورة الحرص عليها.

وآه يا دنيا يا جبانة، كم أمعنتِ في إذلالنا والتنكيل بنا، لكننا لم نكن نتوقع أن تنكلي بنا إلى درجة أن يحاضر فينا هذا الإنسان عن القيم! هل اقتربت الساعة؟ هل انشق القمر؟… بادئ الأمر لم أصدق، صرختُ في محدثي الذي أبلغني الخبر: «هل أنت متأكد أنه هو، أم تشابهت الأسماء عليك؟»، فأجابني بنبرة عزاء: «نعم، هو بشحمه ولحمه، النائب السابق والمذيع الذي أغرقنا بدموعه، وأرجوك وسّع صدرك»، فشكّكت في جدّيته واعتبرت كلامه مزاحاً، أو هكذا تمنيت، لكنه أقسم لي بأسماء الله الحسنى أنه جاد وأن الخبر صحيح.

يا ألطاف الله، معقول؟… لكن لماذا أستغرب، فعلاً هذا هو الزمن الذي يتحدث فيه «صاحبنا» عن القيم البرلمانية، وإذا لم يتحدث في الزمن هذا فمتى يتحدث… يااااه، إلى أين سننحدر؟ هل ارتطمنا بالقاع أم لانزال نهوي؟ أفيدوني فأنا لا أدري، وما يدريني بعدما تساقطت أوراق الجمال من شجرة الكويت، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الكويت التي كان القمر يغار منها ويسعى إلى تشويه سمعتها، الكويت التي انتقت من حدائق بابل أجمل زهورها وتركت الأشواك للآخرين، الكويت التي كانت شابة فتية عفية، عاشقة ذكية، مبتسمة، راقصة، ضاحكة، لو عاش فيها، أيام عزها، جنكيز خان، لكان أفضل عازف بيانو، ولو ترعرع فيها هتلر لحصل على جائزة نوبل للسلام، ولو تمشى موسوليني في أسواقها لكان أشهر مصمم أزياء… هرمت هذه الكويت الشابة وخرفت حتى وصل بها الأمر إلى أن سمحت له بتقديم محاضرة عن القيم البرلمانية. آخ ليتها اعتزلت وهي في عز مجدها وفي أوج بهائها قبل أن تتحول إلى «أطلال».

هرمت الكويت، ولم نعد نستغرب ظهور العجائب على أرضها، وغداً سنقرأ عن بعير يطير، وعن سمكة تعمل مانيكير، وحمامة تصعد بالأصانصير، ما دام الذي شتم أحد الوزراء على فضائية خليجية بكلام يعف عنه لسان نجوى فؤاد وتخجل منه زيزي مصطفى وتضع فيفي عبده إصبعيها في أذنيها كي لا تستمع إلى مثله، يتحدث الآن عن القيم! أين أنت أيها «الخرطي» العزيز، كنا نسخر منك فجاءنا أخوك «الظر…» فبكينا عليك. ارجع أيها «الخرطي» ولك منا القبول والرضا بكل ما تمليه علينا. ارجع أرجوك فقد افترى علينا أخوك. 

سامي النصف

الخيار شمشون لرولا وأسيل!

في البدء هناك قرار من مجلس الوزراء بألا تصدر فتوى تختص بالشأن العام دون مرورها عليهم وذلك بعد قضية سؤال احدى الجمعيات التعاونية لقسم الافتاء في «الاوقاف» عن شرعية فتح احد البنوك «الربوية» فرعا لديها، فكيف لم يتم الالتزام بذلك القرار المهم خاصة ان الفتوى لا تختص بأمر شخصي بل تمس امرا عاما مرتبطا بأساس تكوين الدولة.

خيارات شمشون لرولا وأسيل هي كالآتي: 1 – ان يتقدما بسؤال مماثل للافتاء عن شرعية من يصل للمجلس عن طريق الانتخابات الفرعية التي تقوم على عصبية الدم المحرمة شرعا والممنوعة قانونا! 2 – سؤال المحكمة الدستورية عن صحة انتخابات مجلس الامة الحالي حيث ان اسيل ورولا قد ادليا بصوتيهما في الانتخابات الاخيرة وهما غير محجبتين او ملتزمتين بالضوابط الشرعية حسب تعريف البعض لتلك الضوابط. 3 – سؤال الافتاء عن صحة انتخاب وعضوية الرجال ممن لا يطيلون لحاهم ولا يقصرون دشاديشهم لما فوق الركب، وسؤال المحكمة الدستورية عن جواز التفريق بين الرجال والنساء في الضوابط الشرعية في ظل وجود المادة 29 التي تمنع التفرقة بين المواطنين بسبب الجنس! 4 – سؤال المحكمة الدستورية ودار الافتاء عن صحة قيام النساء بالتحجب ابان الترشح والتصويت في الانتخابات ثم خلعهن الحجاب بعد ذلك وهل يجوز الطعن في صحة تلك الانتخابات في وقت لاحق على ذلك المعطى؟ ثم هل التقيد بالضوابط الشرعية محدد فقط بوقت معين هو ابان العملية الانتخابية من انتخاب وترشح ام انه متطلب مفتوح؟ واذا ما كان الامر مختصا بعملية الترشح والانتخاب فقط فكيف يجوز الطعن او اسقاط عضوية النائبتين في هذا الوقت المتأخر؟ 5 – سؤال المحكمة الدستورية عن هل يجوز الطعن في العضوية بعد الوقت المحدد اصلا للطعن ؟! 6 – سؤال الافتاء هل يجوز الموافقة على الميزانية العامة للدولة واغلب اموالها مودعة في بنوك ربوية؟! 7 – سؤال الافتاء عن شرعية وصحة عقد الحكومة للمعاهدات والمواثيق الدولية كمواثيق الامم المتحدة التي تمنع تصنيف الدول لدار سلم ودار حرب، واتفاقيات حقوق الانسان التي تساوي بين اصحاب الاديان المختلفة وتمنع الرق وفرض الجزية على اهل الذمة! 8 – سؤال الافتاء عن شرعية الاستعانة بالقوات الحليفة غير المسلمة ضد جيش الجارة المسلمة العراق وصحة وجود قواعد لها على ارضنا التي هي جزء من الجزيرة العربية!

ويمكن اضافة عشرات الاسئلة الاخرى التي تثبت بشكل قاطع ان ما يفتى به غير مطبق في الدولة ومن ثم فلماذا يتم الاصرار على تطبيق الضوابط الشرعية التي تختص بالنائبتين الفاضلتين اسيل ورولا وترك القضايا الاهم الاخرى التي تختص بالدولة ككل؟!

آخر محطة:

مرة اخرى نرجو الا يستخدم الافتاء كسلاح في المعارك السياسية

احمد الصراف

إسلام جدي وهطول المطر

عاش جدي طويلاً وتأثرت به كثيراً، وكان قارئاً وملتزماً دينياً، وحج أكثر من مرة، وبالرغم من أنه كان يقدم مساعدات مادية لدور العبادة والحسينيات فإنه كان يكره رجال الدين المتسولين الذين كانوا يأتون لزيارته من العراق وإيران للمطالبة بحصتهم من خمس «جدهم»!
ومع تدينه وتأثيره الطاغي فإنني لم أسمع منه، أو من أساتذتي في المدرسة، من فلسطينيين ومصريين وكويتيين، ومنهم الجسار ومهنا وشهاب ومحمد علي والأيوب والتركي وكثيرون غيرهم، أن الجهل يكمن في عدم معرفة موضع إبريق التشطيف في الحمام، أو أن المسواك أفضل من فرشاة الأسنان، وأن الزبيبة على الجبين لازم تشوفها العين لعلاقتها بالسراط المستقيم، وان الأظافر يجب أن تقلم، ليس من باب النظافة، بل لكي لا ترتاح الشياطين تحتها. كما لم أسمع منه أو منهم أن جلوس «المرأة» على الكرسي حرام والأرائك والمراجيح حرام لكونها من المفاسد، وأن «الفرشخة» تمكن الجن من الدخول فينا. ولم يحرم رجال الدين في زمانه على المرأة قيادة السيارة، وهو منع لا أصل له لديهم ولا معنى بحكم أن المرأة ممنوعة من الخروج من بيت أبيها إلا الى بيت زوجها أو لتلقي العلاج أو الى المقبرة يوم تموت. وأمام هذا المنع يصبح تحريم الكعب العالي على المرأة ووضع الزينة والعطور والخلاخيل ولبس الذهب من الأمور المضحكة حقاً. ولكن مع هذا يستلزم جلد لابسة البنطلون 40 جلدة أمام الملأ لعدم التزامها الحشمة، وأصبحت الموسيقى محل خلاف كبير بين أصحاب العمائم ومرتدي الغتر الحمراء. ومع زيادة الجرعة الدينية، وتعارضها مع متطلبات الحياة العصرية، زاد استهلاك المهدئات والمسكنات وأدوية علاج الاكتئاب، وهذا أدى الى زيادة الأمراض والأوجاع الأخرى والمصاحبة لها مع كل فتوى، فهذا يحرم حقنة الوريد في رمضان وآخر يحللها، وثالث يسمح بالتحاميل الشرجية ورابع يعارضها. كما عشنا سنوات طوالا نحتفل مع غيرنا بالأعراس ولم نسمع قط ان فتاة في العاشرة تزوجت رجلاً في الخمسين مثلاً، أو العكس! وفجأة أصبح هذا الفعل، وبفتاوى ونصوص شيعية وسنية أمراً مباحاً حتى لو تعلق بوطء طفلة طالما «تحملته». وعاش جدي ومات ولم يمنعني من لعب كرة القدم، التي أصبح لعبها محرماً، إلا بشروط سخيفة، ليأتي آخر ليجيز إفطار لاعبها إن كان عليه تمثيل بلده في مباراة ما. أما الزهور فشراؤها وإهداؤها حرام لشبهة التشبه باليهود والنصارى، أما قيادة السيارة بالنسبة لهم والسفر الى تايلند وشرب الماء المثلج والتمتع بمكيف الهواء فلا تتضمن أي شبهة بالغرب الكافر! ثم يأتي سفيه ليكتب مقالاً يلفت نظرنا فيه لتأخر نزول المطر علينا في هذه الأيام، وأن سبب ذلك يعود الى زيادة ذنوبنا ومعاصينا وظلمنا، والظلم حسب قوله، «يحبس الأمطار في السماء»! ويزيد على كل ذلك بأن تؤخر المطر هو بسبب المعاصي التي يجاهر بها الناس! ولا أعرف ما هي هذه المعاصي والمطاعم والمقاهي بعد أن نجح وفريقه في إققال المطاعم والمقاهي مع منتصف الليل!
نعود ونقول ان الشرهة، أو الحق ليس على هؤلاء الكتاب، ولكن على الإدارة الحكومية البائسة بكل المقاييس التي سمحت وسهلت لمثل هذه الأشكال وأصحاب هذه الأفكار ان يتحكموا في رقابنا ومصائرنا، بعد ان سلمتهم الصحافة والإذاعة والتلفزيون ليفرغوا على رؤوس الجميع كل ما بداخلهم من سموم تخلف وحقد وبغض.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

لقاء الوزير الكعبي والنائب العسومي

 

لم أكن أنوي الذهاب بعيدا عن حدود وزارة شئون البلديات والزراعة في عمود اليوم، فقد كان من المفترض أن استعرض قضية حراس الأمن بالسوق المركزي، التي طال أمد طرحها ومكاتباتها ولقاءاتها بين الحراس المطالبين بتعديل وضعهم الوظيفي، وبين المسئولين في الوزارة، لكن لا بأس لو أرجأنا الموضوع قليلا خصوصا مع وعود نؤمن بأنها صادقة من جانب الوزير جمعة الكعبي ومدير عام بلدية المنامة يوسف الغتم، ومع وجود متابعة من قبل الإتحاد العام لعمال البحرين وبعض النواب، لكن سبب الإرجاء يعود الى أن هناك مستجد مهم يتعلق بالوزارة، وبأهالي الحورة والقضيبية، لابد من التعريج عليه.

ولنرجع قليلا الى الوراء، وتحديدا يوم 9 أغسطس/ آب الماضي، حيث طرحت في هذه الزاوية موضوعا عنوانه: «ملفات القرى والأحياء في عهدة الكعبي»، وانتقدت فيه النائب عادل العسومي، لا لأنه طالب في تصريحات متعددة بضرورة الإلتفات الى المشروعات الحضرية التطويرية في كل من الحورة والقضيبية، بل انتقدت أسلوب الشحن عبر التصريحات الصحفية، والتي بدلا منها، يتوجب الجلوس بين النائب والوزير، أي نائب وأي وزير، في شأن أي قضية من القضايا المرتبطة بالحياة اليومية للمواطنين.

النائب العسومي كانت وقتها خارج البلاد، لكنه لم يتأخر في الإتصال ليطرح وجهة نظره تجاه ما طالب به من خدمات وبرامج تطوير لمنطقتين لم تحظيا بالإهتمام المطلوب، وكذلك كانت اتصالات وتعقيبات عددا لا بأس به من أهالي الحورة والقضيبية تصب في ذات الإتجاه، وأشرت حينها الى أن النائب العسومي يدرك جيدا أن وضعية الخدمات في دائرته، خصوصا على صعيد الحورة والقضيبية واحتياجاتهما، تستلزم عملا مضنيا، وكم كنت أتمنى أن تطرح كل الهموم على بساط البحث بين الوزير الكعبي والنائب العسومي فمن حق أهالي الحورة والقضيبية أن يجنوا ثمرا لكل تحرك من أجلهم، ولا تذهب الجهود سدى.

والآن، وبعد الكر والفر، شهدنا حدثان مهمان، الأول هي الزيارة التي قام بها الوزير الكعبي لأهالي الحورة والقضيبية والتباحث حول خطة شاملة لتحقيق مطالب واحتياجات الأهالي.

أما الثاني، فهو بالنسبة لي ولأهالي الحورة والقضيبية أيضا، لا يقل أهمية عن الأول، تمثل في اللقاء الذي عقد بين الوزير والنائب أخيرا، ولا نريد أن نقول أنه لقاء «إزالة الجليد»، ولكنه تواصل منجز يسهم بشكل أفضل مما تم سابقا في سبيل وضع احتياجات أهالي المنطقتين على طاولة البحث والحوار البناء.

كثيرة هي المصادمات الصحفية التي تحدث بين نواب وبلديين ووزراء ونقرأ تداعياتها في الصحافة، لكنها من وجهة نظر ليست حالة صحية إطلاقا، ولا يمكن إدراجها تحت عنوان حق أي طرف في تعريف الرأي العام بما يجري، فإذا سلمنا الى أنها تصبح حالة صحية اذا كان الطرف الأول (مواطنا عاديا) والطرف الآخر (مسئول في الدولة)، فلا بأس من طرحها عبر الصحافة، لكن أن يكون الجدال على صفحات الصحف بين نائب أو بلدي أو وزير أو أي مسئول في الدولة، فهذا يعني أن قنوات التواصل والتحاور بين كبار المسئولين وبين المنتخبين من أعضاء بلديين ونواب يمثلون الناس، مقطوعة! وهذا أمر سيء لا نتمنى استمراره.

نيابة عن أهالي الحورة والقضيبية، نقول شكرا للكعبي وشكرا للعسومي، وفي انتظار الخطوات القادمة