علي محمود خاجه

جريدة الأخلاق

جالس على الطاولة ومن حولي مفتاح السيارة ومحفظتي وألبس نظارتي والكمبيوتر المحمول أمامي.

سرحت قليلا بمحيطي الصغير هذا، وأخذت أفكر بكل جزء منه، مفتاح السيارة أستطيع به أن أشغل السيارة لأذهب إلى العمل أو لأصل الأرحام أو لعيادة المريض أو لتأدية واجب العزاء أو التهنئة، وبالمقابل تستطيع نفس السيارة أن تقلني إلى أماكن رذيلة أو أن أدهس شخصا ما، أما محفظتي فبأموالها أستطيع شراء هدية جميلة تسعد أمي أو أن أشتري فيها زجاجة خمر تذهب عقلي، أما نظارتي فتمكنني من قراءة كتاب محترم أو رواية حالمة وبإمكاني أيضا أن أقرأ بها جريدة أسوأ وزير في تاريخ الكويت، لم يبق سوى الكمبيوتر الذي بإمكاني أن أملأه فكراً وفناً ومعرفة، وبعكس الاتجاه أستطيع أن أملأه بالأفلام الخلاعية ومواقع المقامرة ومنتديات التفرقة والشتم.

نشرت صحيفة أسوأ وزير في تاريخ الكويت خبراً يتحدث عن الأخلاق، مستخدمة فيه بعض الصور عن تصرفات منبوذة تمارس في بعض المقاهي في الكويت، فهب إثر ذلك نواب من السطحية بمكان لينحدروا لدرجة تحديد مقاس المايوه ليطالبوا بغلق المقاهي وأي مكان مفتوح بعد منتصف الليل؟

وطبعا فإن حكومة الرضوخ لبّت النداء سريعا، فباتت تطرد الشباب من المقاهي فور اتجاه عقارب الساعة نحو منتصف الليل؟ ولو كتبت صحيفة أسوأ وزير عن مفتاح سيارتي، أو محفظتي، أو نظارتي أو كمبيوتري فستصادرها، بل قد تصادرني معها، فالتوعية والإرشاد مصطلحان لا معنى لهما لدى أصحاب القرار.

أن تأتي دوريات الشرطة مصحوبة بحافلة من العسكر لإطفاء الأنوار على أصحاب المقاهي ومرتاديها لمجرد صور نشرتها صحيفة الأخلاق هو مثال صارخ على من يسير شؤون البلد، ومن لا دور له سوى السمع والطاعة، ولنفرض أن كل المقاهي دونما استثناء هي أوكار للرذيلة فهل يعقل أن يكون الحل هو إغلاقها بعد منتصف الليل، فهل ستتوقف الرذيلة بذلك.

طيب، نعلم أن بعض أئمة المساجد ومن يلقي الدورات فيها توجهوا إلى خط الإرهاب وقتل البشر فهل نغلق المساجد لهذا السبب؟

هذه السطحية تنبئ بتلاشي دولة العقل وهو كل ما تبقى لنا بصحبة عدد من براميل النفط، فإن غابت دولة العقل فبالتأكيد سنستخدم البراميل النفطية لري النبات، وحينها ننتهي.

قبل النهاية: سرقت ناقلاتنا في وضح النهار واستثماراتنا كذلك، ووحش حولي مارس جرائمه في النهار وقاتل الطفلة آمنة اقترف جريمته في النهار أيضا، فلماذا إذن نربط الفساد بمنتصف الليل وأكبر جرائمنا وأشهرها تمت في النهار؟!

خارج نطاق التغطية:

فرحت للتجاوب السريع من الداخلية والعقيد محمد الصبر على مقالي السابق لاعتقادي أن الحق سينتصر في شكوى المواطنة المظلومة، إلا أن ما حدث لها بعد مقابلتها لوزير الداخلية لا يبشّر بالخير، والتفاصيل موجودة لدي يا سعادة العقيد. فهل ستجيب؟

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

سامي النصف

البابطين.. وعشرون عاماً من العطاء

الفارق بين عبدالعزيز البابطين وبعض الآخرين انهم وضعوا اموالهم فوق رؤوسهم فقصرت قاماتهم حتى كدنا لا نراهم، بينما وضع ابوسعود ماله وحلاله تحت قدميه فطال عوده حتى ناطح السحاب وذاع صيته حتى سمع به من به صمم.

وقد حصد الفارس والشاعر والاديب عبدالعزيز البابطين العديد من الاوسمة والجوائز والنياشين وشهادات الدكتوراه تقديرا لاعماله الخيرة من العديد من الدول العربية والاسلامية والعالمية، رافعا اسم الكويت للعلياء ولو كان في بلد آخر لأطلقت الدولة اسمه على اكبر الجامعات والساحات واوسع الشوارع كنوع من رد الجميل على خدمته للوطن وللعروبة والاسلام وللانسانية جمعاء.

لذا، فمن الامور المخجلة وغير المنصفة او العازلة ان يثار لغط حول مكتبة ووقف البابطين، فالاراضي العامة للدولة توزع لألف غرض وغرض دون ان يتكلم احد، حيث تمنح تلك الاراضي العامة لاغراض تجارية واستثمارية وصناعية وزراعية وترفيهية تدر الملايين على مستخدمها، بينما استخدم رجل الخير والكرم عبدالعزيز البابطين تلك الارض لانشاء مكتبة لا تدر فلسا احمر، موفرا على المال العام كلفة انشائها وكلفة شراء النفائس والذخائر وبطون الكتب التي تمتلئ بها من كتبه وكتب شقيقه عبدالكريم البابطين، والتي لا تقدر بثمن، فما الخطأ في ذلك؟! ولماذا غلت الارض التي أقام عليها البابطين مشروعه الثقافي ولم تغلُ الاراضي الاخرى التي تستخدم لاغراض تجارية؟!

ان الاراضي العامة للدولة تبلغ كلفتها الحقيقية ما يقارب الصفر (لا ما يقارب 50 مليون دينار كما يدعي البعض)، وتلك الاراضي تستخدم لاغراض عدة منها التجاري والاقتصادي ولانشاء دور العبادة والمدارس والحدائق العامة ومباني الوزارات دون ان يحدد احد قيمة مالية لاراضي تلك المشاريع، وضمن ذلك المفهوم المعمول به تم تخصيص ارض المكتبة والوقف اللازم للصرف على ذلك الصرح الشامخ الذي لم ازره الا ووجدت ضيوفا كراما للدولة على اعلى المستويات يقومون بزيارته، حيث اصبح معلما بارزا من معالم الكويت.

آخر محطة:
 
1 ـ ليقم احد ناقدي البابطين بواحد من مليون مما يبذله بوسعود من جهد وتعب وصرف من تجارته وحر ماله لرفع اسم الكويت والعروبة والاسلام عاليا وليأخذ بدلا من ارض المكتبة الف ارض، فمعيب الا نعمل ولا نعطي ونوجه السهام لمن يعمل ويعطي.

2 ـ وليضع هؤلاء النقاد انفسهم محل البابطين وليروا هل من العدل والانصاف ان يعامل بعد كل هذا العطاء بهذه الطريقة؟!

3 ـ ولو أنصفوا لترجموا حبهم للكويت بمقترح يمنح البابطين الارض التي اقيمت عليها المكتبة بدلا مما هو قائم من تأجيرها عليه وكأنها مشروع تجاري.

احمد الصراف

وباء النقاب.. والملك عبدالله!

قامت شركة الكوكاكولا في منتصف ثمانينات القرن الماضي بإعلان تغيير طعم مشروبها الشهير، ولأول مرة منذ 99 عاما. وقد رفض محبو الكوكا الطعم الجديد، مما اضطر الشركة الى توفير النوعين معا، ولكن مع استمرار الاعتراض اضطرت في نهاية الأمر الى سحب الجديد من السوق بشكل كامل. وقد انتهزت «البيبسي كولا»، منافستها الرئيسية في أميركا وبقية العالم، الفرصة وقامت بنشر إعلان في جريدة النيويورك تايمز الشهيرة، وعلى صفحة كاملة بيضاء تماما وكتبت في منتصفها الجملة التالية بخط صغير: After 99 years of eye to eye, the eye blinked. Pepsi Cola أو بعد 99 عاماً من العين في العين (المخازز) رفّت العين الأخرى. التوقيع: بيبسي كولا!
وهذا يعني ان بعد 99 سنة من التنافس بين الشركتين رفّت عين الشركة المنافسة فغيرت طعم مشروبها. وقد فاز الإعلان في حينه بجوائز عدة.
ولو عدنا الى منطقتنا، لوجدنا ان الكويت والسعودية كانتا دائمتي التنافس في الكثير من الميادين والمجالات الرياضية والطبية ورعاية المواطنين وبناء الطرق والمساكن، وكانت الدولتان دائمتي التأثير بعضهما في بعض، بالرغم من الفوارق بينهما، وكانت الكويت رائدة في الكثير من المجالات، ولكن بدأت أحوالها بالتقهقر، وبعد تنافس استمر عقودا طويلة بين الدولتين رفت عين الكويت تعبا وفازت عليها السعودية بالضربات الأربع التالية: أولا، افتتاح جامعة الملك عبدالله الجديدة. ثانيا، السماح بالاختلاط بين الطلاب والطالبات فيها. ثالثا، تعيين مدير «سنغافوري» للجامعة ذات التقنية العالية. رابعا، اعفاء رجل الدين الشثري من مناصبه الدينية المرموقة لانتقاده قرار الملك المتعلق ببعض أنظمة الجامعة.
ومن جانب آخر، قام شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي بتلخيص موقفه الشخصي والرسمي من النقاب، وذلك بالطلب من طالبة في أحد المعاهد الأزهرية خلع نقابها، لانه «عادة وليس عبادة». كما اصدر قرارا منع بموجبه ارتداء النقاب في الأزهر، وأصبح هو الموضة التي لم تعرفها مصر منذ عهد الفراعنة حتى ما قبل سنوات قليلة!
لا نحاول هنا التستر على سعادتنا بقرارات الملك عبدالله الكبير ولا بموقف شيخ الأزهر، فالحقيقة تقول ان الاصرار على ارتداء النقاب غير مبرر، خاصة بعد ان تحول من عادة لأمر شخصي الى عبادة. كما أصبح يمثل رأيا دينيا سياسيا يراد من خلاله ايصال رسالة لمن يهمه الأمر بأن من سيقود الشارع هم من يقفون وراء هذا النقاب، وهؤلاء لا شك يريدون الشر بالمرأة، بعلمها وبغير ذلك، ويهدفون الى «نتف» كل مكتسباتها وإعادتها الى «حظيرة» القرون الوسطى، ففي هذا العصر البالغ التعقيد الذي نعيشه، وأمام كل هذه المخاطر التي تحيق بنا، من تكنولوجيا، عقائدية أو صحية، لا يمكن الاعتداد بمبدأ «الحرية الشخصية» عندما يتعلق الأمر بتصرف يخص الجماعات المتأسلمة، ورفض الحرية الشخصية نفسها متى تعلق الأمر بتصرف ليبرالي أو علماني حر! فظهور وباء ما يتطلب تطعيم الجميع ولا يمكن هنا رفض أخذ الطعم بحجة الحرية الشخصية، فهذا هو السخف بذاته، فعدم أخذه ضار بسلامة المجتمع، ولا خيار لأحد، ايا كان، في الرفض. وما اصبحت مجتمعاتنا معرضة له من مخاطر سياسية وعقائدية دينية لا يختلف عن تعرضها لاوبئة مرض الطيور أو الخنازير أو القرود، حيث يتطلب الأمر الحذر والانتباه لكل مجهول، والتطعيم ضد كل وباء. وارتداء النقاب «الطالباني» الشديد التخلف والسماح لمرتدياته بالتجول في الاسواق ودخول الاماكن العامة واداء الوظائف الحساسة والخطيرة أمر بالغ الخطورة، فالنقاب لا مبرر له في مجمل حياتنا، كما لم يكن مبررا طوال قرون في العالم اجمع، فالبشرية استمرت من غيره لمئات آلاف السنين، فكيف أصبح فجأة واجبا محتما يتطلب الموت في سبيل تنفيذه؟ وكيف تسمح السلطات الأمنية في الكويت للمنقبات بالاشراف على مجموعة من الوظائف الخطيرة، كالتدقيق على جوازات الخروج من المطار عبر المنافذ، خاصة ان أياً من كبار ضباط الأمن في المطار، لا يجرأون على الطلب من الموظفة المنقبة الكشف عن وجهها للتأكد من هويتها، ومع هذا نشكو دائما من هروب مطلوبين ماديا وأمنيا من الموانئ الرسمية!
ان الأمر يتطلب من الحكومة اتخاذ كل ما يلزم لإعادة الأمور الى نصابها. فلم يعرف تاريخ الكويت الحديث ومنذ بدأت المرأة بالعمل في الحكومة وجود سيدات عاملات منقبات حتى عندما كن يقمن بمهمة التدريس في خمسينات القرن الماضي، فكيف بعد نصف قرن تعود عقارب الساعة وتصبح المنقبة الكاملة هي الممثلة للصفاء والنقاء، وغيرها عكس ذلك.

أحمد الصراف