جالس على الطاولة ومن حولي مفتاح السيارة ومحفظتي وألبس نظارتي والكمبيوتر المحمول أمامي.
سرحت قليلا بمحيطي الصغير هذا، وأخذت أفكر بكل جزء منه، مفتاح السيارة أستطيع به أن أشغل السيارة لأذهب إلى العمل أو لأصل الأرحام أو لعيادة المريض أو لتأدية واجب العزاء أو التهنئة، وبالمقابل تستطيع نفس السيارة أن تقلني إلى أماكن رذيلة أو أن أدهس شخصا ما، أما محفظتي فبأموالها أستطيع شراء هدية جميلة تسعد أمي أو أن أشتري فيها زجاجة خمر تذهب عقلي، أما نظارتي فتمكنني من قراءة كتاب محترم أو رواية حالمة وبإمكاني أيضا أن أقرأ بها جريدة أسوأ وزير في تاريخ الكويت، لم يبق سوى الكمبيوتر الذي بإمكاني أن أملأه فكراً وفناً ومعرفة، وبعكس الاتجاه أستطيع أن أملأه بالأفلام الخلاعية ومواقع المقامرة ومنتديات التفرقة والشتم.
نشرت صحيفة أسوأ وزير في تاريخ الكويت خبراً يتحدث عن الأخلاق، مستخدمة فيه بعض الصور عن تصرفات منبوذة تمارس في بعض المقاهي في الكويت، فهب إثر ذلك نواب من السطحية بمكان لينحدروا لدرجة تحديد مقاس المايوه ليطالبوا بغلق المقاهي وأي مكان مفتوح بعد منتصف الليل؟
وطبعا فإن حكومة الرضوخ لبّت النداء سريعا، فباتت تطرد الشباب من المقاهي فور اتجاه عقارب الساعة نحو منتصف الليل؟ ولو كتبت صحيفة أسوأ وزير عن مفتاح سيارتي، أو محفظتي، أو نظارتي أو كمبيوتري فستصادرها، بل قد تصادرني معها، فالتوعية والإرشاد مصطلحان لا معنى لهما لدى أصحاب القرار.
أن تأتي دوريات الشرطة مصحوبة بحافلة من العسكر لإطفاء الأنوار على أصحاب المقاهي ومرتاديها لمجرد صور نشرتها صحيفة الأخلاق هو مثال صارخ على من يسير شؤون البلد، ومن لا دور له سوى السمع والطاعة، ولنفرض أن كل المقاهي دونما استثناء هي أوكار للرذيلة فهل يعقل أن يكون الحل هو إغلاقها بعد منتصف الليل، فهل ستتوقف الرذيلة بذلك.
طيب، نعلم أن بعض أئمة المساجد ومن يلقي الدورات فيها توجهوا إلى خط الإرهاب وقتل البشر فهل نغلق المساجد لهذا السبب؟
هذه السطحية تنبئ بتلاشي دولة العقل وهو كل ما تبقى لنا بصحبة عدد من براميل النفط، فإن غابت دولة العقل فبالتأكيد سنستخدم البراميل النفطية لري النبات، وحينها ننتهي.
قبل النهاية: سرقت ناقلاتنا في وضح النهار واستثماراتنا كذلك، ووحش حولي مارس جرائمه في النهار وقاتل الطفلة آمنة اقترف جريمته في النهار أيضا، فلماذا إذن نربط الفساد بمنتصف الليل وأكبر جرائمنا وأشهرها تمت في النهار؟!
خارج نطاق التغطية:
فرحت للتجاوب السريع من الداخلية والعقيد محمد الصبر على مقالي السابق لاعتقادي أن الحق سينتصر في شكوى المواطنة المظلومة، إلا أن ما حدث لها بعد مقابلتها لوزير الداخلية لا يبشّر بالخير، والتفاصيل موجودة لدي يا سعادة العقيد. فهل ستجيب؟
كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء