ليس من الانصاف ان تكون الخيارات المتاحة امام الشعب الكويتي هي اما ايقاف مشاريع التنمية بالمطلق التي تستهدف تلبية حاجيات الناس وخلق موارد بديلة لمرحلة ما بعد حقبة النفط القادمة سريعا، او ان ننشئ مشاريع ينخر بها الفساد وتتضاعف اسعارها عشرات المرات لنكتشف بعد ذلك انها الاسوأ في التنفيذ حيث تنتهي بالحاجة للصرف المالي الدائم عليها بدلا من ان تأتينا تلك المشاريع بالاموال.
كما انه ليس من الانصاف ان تعرض المشاريع الحيوية بطريقة توحي بوجود شبهة تنفيع وعمولات واثراء غير مشروع فيها حتى ينتهي الامر مرة اخرى بخيارين شديدي المرارة لا يستأهلهما قطعا بلدنا وشعبنا الصابر، وهما اما القبول بتلك المشاريع متضخمة الكلفة بسبب الفساد، او بالمقابل الغاؤها كليا بدلا من المحاسبة وتنظيف وتعديل شروط التعاقد، ومن ثم حرمان الكويت من فوائدها الاستراتيجية، ومن ذلك فقد ارتفع سهم شركة «الداو» على سبيل المثال من 5 دولارات ابان مشروع الشراكة معهم قبل اشهر الى 25 دولارا هذه الايام.
وقد تحدث نواب افاضل قبل ايام في ندوة عامة عن الخوف من وقوع كارثة جوية تودي بحياة المئات بسبب قدم طائرات «الكويتية» ووفرة تحذير المختصين منها ومن ثم نعود لما هو شبيه بأحداث محطة مشرف التي نبّه وحذر المختصون من خطورتها واسموها «تشرنوبل مشرف» ولم يستمع احد لهم آنذاك ولم يحاسب احد هذه الايام على الاخطاء الفادحة التي حدثت في تصميم وتسليم ذلك المشروع.
والحقيقة ان موضوع «الكويتية» يحتاج الى محاسبة شديدة (لن تحدث) واحالة فورية لمحكمة الوزراء بحق من قام بإلغاء مشروع تحديث اسطول المؤسسة عام 2007 ثم قرر لاسباب مجهولة (معروفة) انشاء لجنة يقوم هو شخصيا من خلالها بالتفاوض على شراء الطائرات، وعندما لم يتحقق هدفه ذكر أنه يترك تحديث الاسطول للمشتري الجديد القادم مع انتهاء مشروع خصخصة «الكويتية» الذي وعد بالانتهاء منه في فترة لا تزيد على 10 اشهر على الاكثر (الوعد اعطي للعلم عام 2007).
وقد رفض الشرفاء والعقلاء من اعضاء مجلس ادارة «الكويتية» آنذاك تلك الاكاذيب والالاعيب المدمرة للمؤسسة التي يعمل بها آلاف الكويتيين وقدموا استقالتهم التي كان من المفترض ان يستمع لما جاء فيها وان يحاسب الجانب المخطئ حسابا شديدا وان يتم وبشجاعة الاعتذار لهم هذه الايام بعد ان ثبتت صحة موقفهم والخطأ الشنيع لموقف الآخرين وعلى رأسهم ذلك المسؤول.
لقد ذكّرنا ومازلنا بأن «الكويتية» لن يتم تخصيصها ولن يتقدم عاقل لشراء اصولها خاصة ان نظام التحفيز المقترح سيخليها من العناصر البشرية المؤهلة اللازمة لتشغيلها، ومن ثم لن يجد المشتري المفترض الا طائرات قديمة اكل عليها الدهر وشرب دون خطة او تمويل لتحديث الاسطول، ومؤسسة خالية من الطاقات البشرية المنتجة، ومباني مقفرة لا تملكها اساسا المؤسسة وغير مدرة للاموال، وعمليات تشغيل ينتج عنها خسائر سنوية تقدر بمئات الملايين ومن ثم نظام خصخصة كويتي فريد سينتهي كالعادة بـ «كارثة».
آخر محطة:
1) اعلنت «القطرية» قبل ايام رغبتها في تخصيص جزء من ملكيتها بعد تحقيقها «ارباحا» لثلاث سنوات متتالية وعزمها ايقاف كل طائرة يزيد عمرها على «خمس» سنوات وتحويلها لشركة تأجير تملكها.
2) ذكرنا عبر عدة مقالات ان شروط تخصيص «الكويتية» هي «تحديث» الاسطول وتحقيق «الربحية» ولكن.. على من تقرأ مزاميرك يا داود؟!