سعيد محمد سعيد

مقاومة «الفئة الضالة»

 

مساء الخميس الماضي، سنحت الفرصة لحضور جلسة حوارية في أحد المجالس الأهلية بمدينة الدمام بشأن الدور المجتمعي للتصدي لأفكار الفئة الضالة من الإرهابيين، وأكثر ما ميز تلك الجلسة، هي الأفكار الشبابية المعتدلة و(المفاجئة) بالنسبة لي ولكثيرين غيري…

لقد كانت النسبة الأكبر من الحضور هي من الشباب، وكانت المداخلات تأتي من الشباب الذين يتصفون «بالوسطية» والاعتدال في التعامل مع قضايا الدين والدنيا، لكن أكثرهم كانوا مقتنعين تماما، بأن التصدي لمظاهر الضلال والإرهاب، يتطلب دورا أكبر للباحثين المعتدلين من الجنسين، بالإضافة الى دور علماء الدين ذوي الاتجاهات الدينية المعتدلة بعيدا عن المتطرفين الذين هم حتى اليوم، يغذون فئة الشباب بالأفكار والمعتقدات الخاطئة التي تستهدف أمن بلادهم وأهلهم، وخصوصا أن هناك اجماعا على رفض هذه الممارسات من قبل أبناء الشعب السعودي.

ووجدت أنه من الأهمية بمكان عدم إغفال الجهود التي يبذلها الباحثون السعوديون، وكذلك عدم تجاهل ما يطرحه الكتاب والمثقفون في الصحف المحلية، وقد سقت مثالا مهما، وهو عبارة عن دراسة قيمة تحت عنوان: «دور المجتمع ومؤسساته في تحقيق الأمن الفكري» أجرتها الوكيل المساعد للشئون التعليمية بالمملكة الجوهرة بنت فهد آل سعود، وهي دراسة يتوجب نشرها على كل الأصعدة ليستفاد من محتواها.

الباحثة الجوهرة ركزت على تنامي ظاهرة التطرف والإرهاب، بل هي تعرفه بأنه: «كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به أيا كانت بواعثه أو أغراضه، يقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس، أو ترويعهم بإيذائهم، أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة، أو احتلالها أو الاستيلاء عليها، أو تعريض أمن الوطن للخطر».

وفي الحقيقة، كانت الباحثة جريئة عندما تطرقت في دراستها إلى الأضرار النفسية والاقتصادية والأمنية، مما يتطلب مقاومة الفئة الضالة، ويؤكد على الدور المهم للتربية بصفة عامة، والتربية الأمنية بصفة خاصة، لأن الباحثة تؤمن بأن التربية الأمنية تسهم في توضيح القيم الروحية والأخلاقية والدينية للمجتمع، وكذلك توضيح المفاهيم المغلوطة حول قضايا الغلو والتطرف التي شاعت بين بعض أفراد المجتمع.

وفي هذا السياق يأتي التأكيد على أهمية التربية الأمنية ودورها؛ فإذا كان على الجهات الأمنية ملاحقة الإرهابيين والضالعين في أحداث العنف والتطرف، فإن على التربويين مسئولية تعزيز الأمن الفكري والاجتماعي، لكونهم الأقرب إلى فئة الشباب والطلاب، والأعلم بخصائصهم العقلية والنفسية والانفعالية.

إن الميدان الأول لمكافحة التطرف والإرهاب هو ميدان الفكر، ولكون التربية ومؤسساتها المختلفة معنية بصناعة الفكر، وغرس القيم والاتجاهات، فإن ذلك يحتم الاهتمام بتطوير المؤسسات التربوية، لتتحول إلى مصانع للفكر المعتدل والناضج الذي يقود الوطن إلى شرفة التميز والإبداع، ويحتم التأكيد على أهمية قيم التماسك والتوحد في مواجهة تيارات العنف والتطرف.

هذه النظرة لا تحتاجها المملكة العربية السعودية الشقيقة التي نتمنى لها وللشعب السعودي الكريم التوفيق والسداد والأمن والتقدم في ظل قيادتها الرشيدة… بل تحتاجها كل دول الخليج والدول العربية التي تواجه خطر «الفئة الضالة» التي تعمل ضد الدين الإسلامي

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *