سامي النصف

إدارة أجنبية تساعد في إدارة البلد والنفط

لو اردت ان تبني منزلا جديدا ولم تكن تملك الخبرة اللازمة، فهل يصح عقلا ومنطقا ان تترك من لديه خبرة في بناء مئات البيوت وتلجأ لمن لم يبن بيتا واحدا قط؟! تلك البديهية التي تفوتنا يوميا هي التي جعلت السعودية تعين دكتورا سنغافوريا لعمادة جامعة الملك عبدالله رغم وجود آلاف الدكاترة السعوديين، وكوريا لبروفيسور اميركي لقيادة اهم مؤسسات الابحاث فيها، واميركا للخبرات الاجنبية، ومثل ذلك استعانة قطر والامارات والبحرين وعمان بأرقى العقول الاجنبية لمساعدتها في بناء بلادها وتقليل اعتمادها على النفط مما يساهم في انجاح مشاريعها المتنوعة دون ضجة او لجة وتعثر مشاريعنا التي تلبس دائما الدشداشة والغترة والعقال وتتصرف بعقلية هتلرية وستالينية وقيصرية.

تم الحديث قبل 3 سنوات عن تحول الكويت لمركز مالي وسياحي، ويفترض طبقا لذلك النهج ان تتضاعف بشكل تصاعدي الاستثمارات الاجنبية في بلدنا توازيا مع التبسيط والتقليل التدريجي للانظمة والتشريعات المعقدة تنفيذا لذلك التوجه الاستراتيجي، فهل هذا حقيقة ما حدث؟ واذا كانت الارقام التي لا تكذب تظهر الواقع «الفضيحة»، فهل سيتخذ اجراء ما لتصحيح المسار؟ نرجو ذلك لا لمصلحتنا بل لمصلحة الكويت ومستقبلها.

اصدرت المؤسسة العربية لضمان الاستثمار تقريرها لعام 2008 عن 17 دولة عربية توافرت معلوماتها، حيث ظهر استقطاب تلك الدول لـ 70 مليارا من الاستثمارات كما اتى في تقرير الشال الاقتصادي، ولنتذكر قبل قراءة الارقام اننا الدولة العربية الوحيدة التي اعلنت مرارا وتكرارا وعلى اعلى المستويات الرغبة في التحول الى مركز مالي، ومن ثم يفترض ان نكون الاكثر انجازا والاكثر تفاعلا مع ذلك التوجه الخيّر الذي يروم مصلحة البلد.

تظهر الدراسة ان التدفقات الاستثمارية في 17 دولة عربية قد زادت عن العام الذي سبقه بمقدار 30%، اي ان هناك فوائض لا شحا ماليا لذلك العام بسبب ارتفاع اسعار البترول لـ 150 دولارا، وقد تقسمت الاستثمارات كالتالي: السعودية استقطبت 29.6 مليار دولار، الامارات (13.2 مليارا)، الجزائر (12.5 مليارا)، مصر (9.45 مليارات)، السودان (6.3 مليارات)، المغرب (3.48 مليارات)، لبنان (3.19 مليارات)، تونس (3.1 مليارات)، ليبيا (2.76 مليار)، الاردن (1.9 مليار)، سورية (1.18 مليار)، البحرين (675 مليون دولار)، العراق (519 مليونا)، اليمن (416 مليونا)، موريتانيا (103 ملايين)، ثم تأتي الكويت بـ 56 مليون دولار، اي 15.6 مليون دينار فقط طوال العام 2008، ولا يأتي بعدنا الا جيبوتي بـ 18 مليون دولار.

وقد يرى البعض اننا لربما تقدمنا في استحقاقات اخرى لمتطلب كويت المركز المالي كالتشريعات والقوانين والبنى الاساسية اللازمة، الا ان الواقع المؤسف وارقام المنظمات الدولية ـ التي تتابعها عن قرب الشركات العالمية ـ وكما ورد في مقال الزميل احمد الديين، تظهر العكس من ذلك تماما، فتقرير البنك الدولي يظهر تأخرنا 9 مراتب عن السنة الماضية، ولا يختلف ذلك عما ورد في تقرير التنافسية العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في جنيڤ، وقبل ذلك تقارير منظمة الشفافية الدولية عن ازدياد كم الفساد لدينا، وهو الطارد والمرعب الاكبر للشركات والمستثمرين، لقد تم قرع الاجراس وبأعلى صوت من الداخل والخارج، فهل من مجيب؟

آخر محطة: 1 ـ نقترح ان تسلم قيادة مؤسسة البترول بعد تقاعد السيد سعد شويب لاميركي او اوروبي شديد الكفاءة والامانة والاختصاص. 2 ـ نقترح، ان كنا فعلا «جادين» في مشروع كويت المركز المالي، ان يسلم ملفه لمختص سنغافوري لديه خبرة واسعة في ذلك المجال. 3 ـ للمعلومة، نجاح الكويت الباهر في الستينيات وحتى منتصف السبعينيات، اي سنواتنا «الذهبية»، هو نتاج للحكمة الكويتية آنذاك التي سلمت الادارة للخبرات الاجنبية المختصة، فعملت تلك الخبرات واجتهدت وابدعت. 4 ـ ولم تفشل الكويت الا بعد ان توقفت المساءلة والمحاسبة وسماع النصح من العقلاء، واجتمع عليها اصحاب نهجي الحرمنة والحمرنة من بعض لبيسة الدشاديش الواسعة وحملة الشهادات العلمية والالقاب المشتراة ولا حول ولاقوة الا بالله.

احمد الصراف

عندما أخطأ عبدالله

كتبت هذا المقال يوم 24/9، ولكن لسبب ما لم يصل إلى الجريدة في موعده فتأخر نشره، وأثناء ذلك دافع الزميل أحمد البغدادي عن موقفه بكل وضوح في مقال نشر في «السياسة» قبل أيام، ورد عليه الزميل عبدالله خلف بعدها، بغير وضوح، في «الوطن»! ومن واقع الرد تبين لي أن من الأفضل إبقاء نص المقال كما هو من دون تغيير، فقد أكد الردان مضمونه!

•••
لسنوات طويلة بقيت «رابطة الأدباء» في الكويت ناديا مغلقا قليل النشاط نادر البروز، ومن تولى إدارته من الإخوة والأخوات في الثلاثين سنة الماضية فضل بقاءه كذلك، ربما لانسجام الوضع مع طبيعته وشخصيته، أو من أجل الابتعاد عن القيل والقال، ولكن بما أن دوام الحال من المحال، فقد ذهب من أطلق عليهم «الحرس القديم»، أو ربما نصف القديم، وجاء من يحمل أفكارا وتطلعات وروحا جديدة للرابطة، حيث اختارت جمعيتها العمومية في مارس الماضي مجلسا جديدا من خالد رمضان، رئيسا، وعقيل العيدان امينا للصندوق، وليلى العثمان أمينة سر، وعضوية ميس العثمان وحميدي المطيري واستبرق احمد وصلاح الماجد، ورغبة من المجلس الجديد في اضفاء نوع من التجديد والحيوية على أنشطة الرابطة وجعلها جزءاً أساسيا ومتفاعلا مع أنشطة المجتمع ككل، فقد تم الاتفاق على تشكيل لجنة للحريات، بحيث يكون عقيل العيدان أمينا عاما لها وعضوية أعضاء من داخل الرابطة وشخصيات مرموقة من خارجها.
ولكن يبدو ان تأييد اللجنة لقضايا الحرية وموقفها من التعسف في المعاملة والحجر على حرية القول والاضطهاد الذي تعرض له مفكر اردني وآخر مصري، وهذا من صميم عملها والدور الذي أنشئت أصلا من أجله، لم يعجب بعض أعضاء الرابطة فتدخلوا مباشرة، وبغير ذلك، معترضين على بيانات اللجنة ومواقفها ومطالبين بحلها، الأمر الذي دفع خالد رمضان، رئيس مجلس الرابطة، وعضوي مجلس إدارتها عقيل العيدان وميس العثمان، للاستقالة من المجلس احتجاجا على تدخلات بقية أعضاء الجمعية في صلاحيات المجلس واللجنة، ومحاربة قضايا الحرية. هذا الصراع بين الأعضاء القدماء، والأكبر سنا، وبين المجلس الجديد، الأكثر حيوية، كان من الممكن ان يبقى ضمن «جدران» الرابطة، لولا ذلك التصريح الصحفي غير الموفق الذي صدر عن الأخ عبدالله خلف، وهو رئيس سابق للرابطة، والذي افتقد لكثير من الكياسة، باتهامه الاستاذ أحمد البغدادي، أحد أعضاء لجنة الحريات، بأنه المسيّر الأساسي لأعمالها! هذا الاتهام ما كان يجب أن يصدر من مثل عبدالله خلف، وكان حريا به الترفع عنه، ولكن يبدو أن حدة الخلاف أعمت كثيرا من الأبصار والبصائر، بحيث تغلب الحقد على العقل، ولم يكن من المفترض اتهام رئيس وأعضاء المجلس بمثل هذا الضعف، أو إقحام الأستاذ البغدادي في ما لا علاقة له به.
شخصيا، لا أعتقد أن جهة تقف بصفها ميس العثمان وعقيل العيدان وخالد رمضان يمكن أن تكون على مثل هذا الخطأ الذي يحاول الآخرون تصويره، فرسالة اللجنة، والرابطة بمجلسها الجديد، التي تدعو إلى تأييد مبدأ حرية القول والنشر والانفتاح على مؤسسات المجتمع الأخرى والتفاعل مع الأحداث، هي التي يجب أن تسود وليس سياسة السكوت والسير في الظل، وكأن ما يجري في المجتمع أمر لا يهم الرابطة ولا نخبة مفكري الوطن، الذين يتجاوز دورهم الاهتمام بمصالح أعضاء الرابطة والاكتفاء بقبول انتساب هذا ورفض طلب ذلك، وإقامة معرض هنا وندوة هناك.

أحمد الصراف