أعلنت شركة صينية في أغسطس الماضي البدء بإنتاج ما يمكن استخدامه من قبل البعض كغشاء بكارة يقوم بأداء عمله نفسه ويأتي بمفعوله ذاته ويحفظ السر ويبقيه ويحقق أمنية البعض المتمثلة في أن الشرف «الرفيع» لا يسلم من الأذى حتى يراق على جوانب «سريره» الدم، علما بأن ثمن «الغشاء أو البتاع» لا يتجاوز 15 دولارا فقط، فما أرخص الشرف عندما يصبح ثمنه بمثل هذا التدني!
الأمر ليس نكتة سمجة، فمثلما قبلنا قبلها أن تكون لنا دمى محجبة ليلعب بها أطفالنا ويعتادوا الوجه المحجب، ومن صنع الصين، فعلينا الآن قبول فكرة الاستعانة بغشاء بكارة صناعي بكامل المواصفات والمميزات، لنغطي به عيبا أو غلطة ما، وبعون ودعم فني صيني أيضا، ولو كان ملحدا! وقد علق أحد الكتاب في مطبوعة هولندية، بأننا قراء جيدون لهوسنا واحتياجاتنا المظهرية التي لا علاقة لها بالمضمون بسبب حالة التناقض، أو الشيزوفرينيا الحادة، التي نعيشها. فالمسابيح اليدوية التي نستعين بها في أداء صلواتنا وتبليغ أدعيتنا هي من صناعة صينية، والسجاد الذي نصلي عليه من صادرات الصين، وما هو مزود منه ببوصلة للدلالة على اتجاه الكعبة من صنع الصين أيضا، وملابس الصلاة الوقورة وأقمشة الإحرام غالبا ما تكون صناعة صينية، حتى مايوه «باربي» الشرعي والمحتشم من صنعها. والمصنع الصيني ليس غبيا ولا يلام إن فكر بصنع مثل هذه المنتجات ما دام هناك شعوب كسولة ومحدودة الفهم وكثيرة المال لا تزال تعطي أهمية طاغية لمثل هذه المواضيع البالية الخالية من المنطق. فكما قبلنا أن نشتري من الصين المايوه الشرعي لشدة اهتمامنا بالشرعي من المظاهر في حياتنا، قمنا أيضا باستيراد غشاء البكارة الصناعي من المصدر ذاته، فما أقبح تناقضاتنا. وقد دفع هذا الأمر البعض للتساؤل بخبث: هل الصين تحرض فتياتنا على الفجور بترويج مواد صناعية يمكن بها إخفاء تبعات ومظاهر «الانحراف» أم تساعدنا في الاحتفاظ بكرامتنا؟
أحمد الصراف