محمد الوشيحي

ساحت الأسماء وتداخلت

السؤال السريع: لماذا التعديل؟ الجواب الأسرع: لأنه وناسة… والسؤال المباشر: هل التعديل بمنزلة إقرار بسوء الاختيار؟ الجواب الأبشر: نعم… طيب ما هي الأخطاء التي ارتكبها الوزراء المحكومون بالإعدام؟ العلم عند الله.

الأوروبيون كثيراً ما يتهكّمون على أبناء بلد الورود والطواحين الأوروبي، ويعتبرونهم قوماً لا يعرفون كلمة «عيب». ليش؟ لأن أغلبية هؤلاء تشكّلوا من حثالة المجتمعات الأوروبية القديمة، من القوادين واللصوص والشواذ والعاهرات وأصحاب المهن الوضيعة وعصابات القمار وما شابه، أناس وجدوا أنفسهم منبوذين من الآخرين فتوجهوا إلى ذاك البلد، وفتحوا المسائل على البحري، وتركوا لكل غارب حبلَهُ، فكل شيء مسموح، وكل باب مفتوح: مخدرات؟ تفضل، وبموافقة الحكومة! شذوذ؟ يسعدنا، ويا حبذا لو تُوّجت العلاقة بزواج علني يباركه القس، ويحضره أفراد الأسرتين! قمار؟ أهلاً وسهلاً… حتى هؤلاء الناس الذين لا يعرفون العيب، لو رأوا طريقة تعديلاتنا الوزارية لعتبوا علينا ولتمتموا في صدورهم: صحيح اللي اختشوا ماتوا.

وقبل فترة، علا نحيبنا ونشيجنا تأثراً ونحن نستمع إلى نواب الحكومة وهم يتحدثون عن وجوب منح عمّتهم فرصة كي تخطط وتنفذ، واليوم نسمع عن تعديل وزاري بعد ثلاثة أشهر من التشكيل، ولا ندري ما هو رأيهم الآن في عمّتهم.

هناك تفسير واحد لحكاية التعديلات الوزارية السريعة هذه، يبدو أنها «زغالة» حكومية لتعذيب الشعب. فما إنْ نحفظ أسماء الوزراء حتى يتم نفيهم إلى جزيرة سانت هيلانة، وتوزير آخرين بدلاً منهم، فتلخبطت عندنا الأمور، وساحت الأسماء على بعضها، وتشربكت المناصب كما أسلاك التلفون، وأظن أن كل وزير يعاني مثلنا في حفظ أسماء زملائه، فإذا شاهد أحدهم زميله ضرب جبهته وتساءل: هالوجه شايفه بس وين؟. والمشكلة أن الصحف غداً ستمتلئ بتصريحات نواب يرفضون توزير هذا ويحتجّون على ذاك، وسيعلو الضجيج وسيرتفع الدخان، وستشتكي الحكومة – بكل براءة – من تدخّل النواب في سلطاتها.

بقي شيء تهمني معرفته، ما هو وقع شائعات التعديل الوزاري على الوزراء أنفسهم؟ وهل سيغامرون باتخاذ قرارات جريئة تصحيحية في وزاراتهم أم سينصبّ تفكيرهم على محاولة تثبيت كراسيهم؟ وكم من عملية أجرتها الممثلة بنت عبدالمجيد فازدادت بشاعة، وازددنا هلعاً منها ورعباً. اهب يا وجهها.

* * *

مرَّتْ يومَ أول من أمس الذكرى التاسعة عشرة لاستشهاد البطل الكويتي مبارك النوت، الذي كان واحداً من أبرز المطالبين بإعادة العمل بالدستور، قبل الغزو، وكان رئيساً لجمعية العارضية، فدخل عليه الغزاة مكتبه، فوجدوا صورة الأمير الراحل الشيخ جابر معلّقة على حائط خلفه، فأمروه بإنزالها، فرفض، فاقتادوه معصوب العينين إلى ساحة جمعية العارضية، وأعدموه أمام الناس… رحمك الله يا مبارك، وشكراً للشبان الوطنيين الذين راسلونا لتذكيرنا بهذه البطولة والتضحية.

مبارك النوت واحد من أبناء المعارضة الكويتية، الذي يعارض وفق الدستور، لكنه لا يقبل إهانة الحُكْم مهما كان الثمن.

ويا حكومة، أو بالأحرى، يا حُكْم، يميناً بالله لن تجدوا أكثر دفاعا عن النظام من حماة الدستور وأنصاره. والأيام بيننا، خصوصا أن الرياح هذه الأيام شرقية عاتية، والمثل يقول: «لا شرّقت… غرّقت».

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

سامي النصف

الخطاب النذير

اتى خطاب صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد حفظه الله في العشر الاواخر من رمضان حازما في مواقفه وافيا في معانيه، وقد ابتدأ الخطاب بالتعاطف مع فاجعة الجهراء الاليمة مثنيا على توحد مشاعر المواطنين والمقيمين مع الضحايا شاكرا قادة الدول الشقيقة والصديقة على مشاركتهم بلدنا العزاء.

وقد ذكّر الاب ابناءه المواطنين بأن بلدنا هو الملاذ الآمن الوحيد لنا والذي حافظ عليه الاجداد واصبح واجبا علينا ان نوصله آمنا للاحفاد، مبديا ألمه الشديد مما يقال ويكتب ويتسبب في تفتيت واضعاف البلد.

وقد كانت كلمات الخطاب حاسمة في ردع وعدم السماح لمن يحاول استغلال اجواء الحريات التي كفلها الدستور للمساس بنسيجنا الوطني والاجتماعي او لضرب وحدتنا الوطنية، كما دعا سموه القائمين على وسائل الاعلام المرئي والمسموع الى الالتزام بمبادئ الحرية المسؤولة وجعل مؤسساتهم الاعلامية منارات وعـــي وتثقيـــف للمواطنـــين.

ومما اتى في الخطاب الهام الحث مرة اخرى على التمسك بالوحدة الوطنية والتذكير بأنها ما جمع الكويتيين في اسوأ الظروف والمحن خاصة في ظل الظروف الاقليمية والدولية الحرجة المحيطة بنا وضمن معطيات السباق المحموم القائم بين الدول للعمل والانجاز في وقت ساد فيه الجدل والخلاف بين صفوفنـــا.

وكان جميلا ان يستذكر سموه في هذه الايام المباركة الامير الراحل جابر الاحمد والامير الوالد سعد العبدالله طيب الله ثراهما وان يتمنى الشفاء العاجل لسمو الشيخ سالم العلي وعودته معافى لارض الوطن، لقد رسم الخطاب النذير معالم الطريق واضحة لما يفتـــرض ان يكون عليه النهج القادم، والــواجب ان تتلو ذلك الخطاب اعمال ملموسة مـــن قبل الحكومة والبرلمان تشعرنا كمواطنين بتغيير المســـار السابــق.

يتبقى دور المواطن الراعي والمسؤول عن رعيتــه ـ كما اتى في الخطاب ـ في الحقبة المقبلة واعتقد ان اول ترجمة لتلك المسؤوليـــات هي عبـــر نبذ الخلاف وعمليات التشدد والتخندق الطائفي والقبلي، والتوقـــف عن دعـــم المطالب المدغدغة، ومساعدة المسؤولـــين في كشف اوجــــه القصـــور ـ وما اكثرها ـ في اعمــــال الــوزارات والمؤسسات الحكومية، منتظريـــن بعـــد ذلك وضمـــن نهـــج ما بعد الخطاب ان يتجاوب المسؤولون مع ما يكتب وان يبتعدوا عن اسلوب «عمك اصمــــخ» المعتــــاد فقـــد اصبحنــــا واصبــــح البلد على شفا السقـــوط في حفرة سحيقة وما عادت مفردات الكلمات توفي خطورة اوضاعنا الداخليـــة والخارجيـــة حقهــا.

آخر محطة:

فاجعة الجهراء، كارثة مجاري مشرف ذات الـ 56 مليون دينار المستباحة من المال العام، فضيحة اللوحات الاعلانية، مشروع تخصيص «الكويتية» المتعثر وغيرها كثير هي ملفات ساخنة قائمة والناس تنتظر وترقب كيفية التصرف والمحاسبة فيها فإن شهدت الحزم والحسم اطمأنت على مسارها الجديد ومستقبلها، وان بقينا على طمام المرحوم فسيشعر كثيرون بأننا تعدينا مرحلة الاصلاح ولم يبق الا انتظار ان ننتهي الى ما انتهت اليه دول اكبر منا واعظم سادت ثم ابادها الفساد والتسيب وكثرة الجدل وقلة العمــل.

احمد الصراف

المثليون في الصدر والكويت

«عندما تفقد الأمم قدرتها على التقدم وتزول القدرات العقلية اللازمة للتحضر، فإنها تبدأ بالبحث في كل ما هو تافه ومزعج للعقل الإنساني..».
(أحمد البغدادي «السياسة» 1/7/2009)
* * *
اتهمت منظمة هيومان رايتس ووتش، المعنية بحقوق الانسان، بعض الميليشيات العراقية بشن حملة تعذيب وقتل ضد الرجال المشتبه في انهم من المثليين، وورد في تقرير المنظمة ان السلطات لم تحرك ساكنا امام هذه الحملة، ووثق التقرير حالات خطف وتعذيب وقتل وحشي، وان الاعتداءات بدأت مع بداية 2009 من منطقة الصدر في بغداد، وانتقلت منها الى شتى مدن العراق، وافاد التقرير بان ناطقين باسم «جيش المهدي»، الذي له امتدادات ايرانية، غذوا المخاوف من «الجنس الثالث» ومن «تخنث رجال العرق»، وأوحوا ان تحرك الميليشيات ضد هؤلاء هو الحل للقضاء على هذه المشكلة (يا لهم من جهلة مدّعين!)، وقال مدير برنامج المثليين في منظمة هيومن رايتس ان من الصعب معرفة عدد ضحايا هذا النوع من العنف، ولكن ثمة مؤشرات تضع اعداد القتلى بالمئات.
ونقل عن مراقبين وناجين من عمليات القتل والتعذيب ان جثث الضحايا تعلق في الاماكن العامة، وعليها ملصقات تبين سبب قتلهم والتمثيل بهم، كما قتل البعض وألقيت جثثهم في حاويات القمامة، بعد قطع اعضائهم التناسلية وانتزاع اجزاء من حلوقهم، كما وجد البعض الآخر مقتولا ومشوها بوضع صمغ على فتحاتهم الخلفية، كنوع من العقاب!‍‍ وذكرت تقارير طبية ان المستشفيات استقبلت العشرات من الاجساد المشوهة من احياء وقتلى!
لست في معرض الدفاع عن المثليين في العراق، ولو ان هذا من حقي كإنسان، ولم اكن لأكتب عن الموضوع لولا وجود ما يشبه هؤلاء السفّاحين -في تفكيرهم على الأقل- لدينا في الكويت، وهؤلاء هم المرضى العقليون والنفسيون الذين يجب الاهتمام بهم، فقتل الف أو عشرة آلاف أو حتى مليون من المثليين لن يقضي على وجودهم تماما، والى الأبد. فالأسر لا تأتي مواليدها ممن نود تسميتهم بالاسوياء فقط، وقد لا يكونون كذلك، بل وتوجد بينهم نسبة كبيرة من المشوهين وفاقدي الاطراف وغير محددي الجنس، ومن ذوي الاحتياجات الخاصة، وما اكثرهم! هكذا كانت حال البشرية منذ آلاف السنين، وهكذا ستبقى عليه الحال في كل قرية أو مدينة مباركة أو غير ذلك، فهذه سُنة الحياة ولا تبديل لها، ولا استثناء!
ولو علمنا ان عمر المثليين في العراق، أو في اي منطقة في العالم هو من عمر العراق، فكيف انتبه «فحولها» وأسودها وكاملو ذكورها لظاهرة المثليين الآن فقط؟ هل للامر علاقة بالصحوة المباركة التي تعتقد ان اي قضية من هذا النوع يمكن حلها بالقتل؟
لقد ذكرت في مقالات سابقة، وأعيد القول مرة اخرى انني لا اعرف شخصا واحدا من المثليين، ذكرا كان او انثى، ولا يسيئني ان أتعرف على اي منهم. فهم -حسب فهمي- لا يقلون انسانية عن غيرهم، إن لم يزيدوا عنهم لطفا ووداعة ورقيا في الكثير من الحرف والصناعات، ولدي قناعة تامة، اكثر من بديهية، ان القتل ليس حلا، ولم يكن كذلك، ولن يكون ابدا، ويبدو ان الدرب -الذي يجب السير فيه بحيث تكون نهايته تقبلنا للآخر، بكل رحابة صدر- طويل على الكثيرين منا.
* * *
ملاحظة‍: أثار مقال «سقوط الحضارة العربية الاسلامية» للاكاديمي محمد الصندوق، الكثير من الردود، كما طلب الاكثر نص الرسالة.
يمكن عن طريق الموقع التالي الحصول على النص الدراسة، باللغة الانكليزية، لكونها عملا اكاديمي الطابع:
http://philsci
/01/archive.pitt.edu/archive/00004766 ـ
Growth of science 2009.doc
كما يمكن للمهتمين قراءة آخر مقال كتبه الاستاذ الصندوق على الموقع التالي:
http://www.minbaralhurriyya.org/content/view/872/3/5

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

فانيلة برشلونة

«هناك أخطاء وقصور ولكن لا انهيار أو انحدار» هذا ما تصدر صفحات الزميلة «القبس» في عدد 11 سبتمبر 2009 على لسان سمو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد. سمو الرئيس: حاولت مراراً أن أكتب في الأيام السابقة أو بالأحرى في الشهور السابقة عن عشرة أمور، فقط عشرة أمور إيجابية أو على الأقل تسير وفق القانون والدستور بحذافيره في بلادي فلم أجد! سمو الرئيس: إلى أي جهة تريد أن أشير لكي تعرف معيار الانحدار الذي نعيشه، التعليم التكفيري والتحريضي على الآخر أيا كان الآخر، أم الإسكان الذي لاتزال دفعات إسكانه لم تتخط دفعات 1996/1995، أم التنمية وماهية آخر مشروع تنموي، أم الصحة وآخر مستشفى متكامل تم افتتاحه في بداية الثمانينيات من القرن المنصرم؟ هل نعد كل ذلك قصوراً فحسب، وأنها مجرد أخطاء ستُصلح؟ قد تعتبرني غير منصف ومتحامل على طرقكم في إدارة الدولة، لذلك ما عليك سوى أن تكلف مستشاريك، وما أكثرهم، بأن يأتوك بعشرة أمور إيجابية عجزت أنا عن الوصول إليها في بلدي. لقد استقبلت حضرتك في اليوم نفسه الذي أدليت به بتصريحك أعلى المقال السيد جوان لابورتا رئيس نادي برشلونة الإسباني، وقد أهداك لابورتا قميصاً لفريق كرة القدم لنادي برشلونة، وإسبانيا على خلاف الكثير من دول أوروبا ليست من الدول ذات الصناعات الكبيرة أو حتى ذات التأثير السياسي القوي على مستوى العالم، إلا أنها وبكل تأكيد من أنجح دول العالم رياضياً إن لم تكن الأنجح على الإطلاق، هذا النجاح هو ما جعل من رئيس ناد في إسبانيا يُقابل من أعلى الشخصيات في الكويت، ليس ذلك فحسب بل إن شباب الكويت على استعداد أن يدفعوا ما يقارب الألف دينار وتكبد عناء السفر لحضور ساعة ونصف فقط لإحدى مباريات الدوري الإسباني، أو التي يشارك فيها فريق إسباني كبرشلونة وريال مدريد وغيرهما. إني أسوق هذا المثال لسيادتكم لكي أبين أن تركيز إسبانيا على التطور والتقدم في مجال واحد جعلها في مصاف الدول العظمى، وجعلك أنت أيضاً ترحب وتحتفي وتحتفظ بكل تأكيد بقميص برشلونة. ختاما فإني قد أتفق مع معاليك بأنه ليس لدينا انهيار أو انحدار ولكن ذلك في حالة واحدة فقط، وهو أننا قد لامسنا القاع ولا نستطيع النزول أكثر من ذلك. خارج نطاق التغطية: سيادتكم – سعادتكم – معاليكم – حضرتكم، كلها مصطلحات ذات أصول غير عربية، فهل نملك في لغتنا العربية مصطلحات مرادفة لها لإظهار التقدير والاحترام؟ 

سامي النصف

الكبار كبار والتكتل الدستوري

لأن القدوة الحسنة قد ندرت او انعدمت فلا مانع لدينا ان نعيد بعض ما قاله الزملاء في الثناء على تصرفات بعض الكبار التي تدل على ان الخير والقدوة الحسنة مازالا موجودين في بلدنا ويسيران على ارضنا، فقد استوى في تدمير بلدنا هذه الايام من يثني كاذبا، ومن ينتقد سالبا بكلمات مدفوعة الاجر.. حرفا حرفا.

فقد كان الرئيس جاسم الخرافي كبيرا في عدم استغلاله لموضوع التحقيق في «الفحم المكلسن» للانتقام ممن ينتمون لتيارات لا تصوت عادة لرئاسة الخرافي ملتزما بالدستور ولوائحه وأعرافه التي لا تسمح بإصدار الاحكام المسبقة او القيام باستغلال القضايا العامة للانتقام الشخصي، كما يحسب للخرافي تقبله للنقد الذي احتواه مسلسل «صوتك وصل» وطلبه قبل ذلك من حرس المجلس تقديم التحية للرئيس السابق احمد السعدون.

ويحسب للرئيس السابق الكبير احمد السعدون التزامه بالديموقراطية وايمانه بحرية الرأي ورفضه رفع القضايا على بعض المسيئين له مما جعله يكبر في اعين الناخبين الواعين فيرفعونه الى المراكز الاولى ويصغر بعض ناقديه الاغبياء في اعين القراء الاذكياء فيعكسون لهم مدى انعدام مصداقيتهم امام الخلق، خاصة من يدعون انهم يدخلون عليهم ويخرجون منهم.

كما يحسب لنائب رئيس مجلس الامة السابق الكبير صالح الفضالة نظافة يده وطهارة ذمته المعروفة وصراحته المعهودة ورفضه لمنصب نائب رئيس مجلس الوزراء الذي يسيل له اللعاب ما لم يلم بالسياسات العامة للدولة ويعرف مسبقا اسماء من سيشاركه المسؤولية.

وسنبقى قبل وبعد هذا المقال نتباين مع الاعضاء الاعزاء في التكتل الشعبي بقضايا نروم منها مصلحة الوطن ومستقبل ابنائه وأولاها مسمى التكتل الذي نعتقد ضرورة تغييره الى «التكتل الدستوري»، حيث ان جميع زملائهم منتخبون من الشعب، لذا فجميعهم «شعبيون»، كذلك ليس من واجب النائب ان يتبنى كل ما يطلبه الناس، فالجماهير كما قال كبار المختصين بسيكولوجيات الشعوب وعلى رأسهم غوستاف لوبان قد تطالب في كثير من الاحيان بما يضرها حاضرا ومستقبلا.

ومن الامور التي نتباين معهم فيها، تقصدهم في بعض الاحيان لشخصيات عامة كفؤة وامينة عبر البحث عن قضايا جانبية تافهة، وكذلك مغالاتهم في الحفاظ على الاراضي العامة القاحلة بدلا من القبول بمبدأ «تأجيرها» عبر نظام عملي شفاف وسلس على الشركات المساهمة ورجال الاعمال لتعميرها كوسيلة لخدمة الناس ودفع عمليات التنمية للامام.

آخر محطة:

للزميل الفاضل سعد العجمي ان يدافع عن التكتل الشعبي وله كذلك ان يتهم ـ وهو محق ـ «بعض» من يتهجم على التكتل بالارتزاق وقبض الثمن، ما لا يملكه الصديق بومحمد هو تعميم ذلك المبدأ كما اتى في اكثر من مقال وجعل «جميع» من يختلف مع التكتل مرتزقة ومغرضين وخداما للمصالح الخاصة حيث ان ذلك التعميم ـ غير المحق ـ يعني عدم تشبعنا بروح الدستور والفهم الصحيح للديموقراطية والايمان بالرأي والرأي الآخر.

احمد الصراف

أنا أحب وآسف

سمعت الفتاة طرقا على الباب، فلما فتحته رأت ثلاثة رجال كبار في السن بلحى كثيفة يطلبون مقابلة صاحب البيت، فسألتهم عن طلبهم فقالوا انهم لن يفصحوا عنه الا بوجوده، وهنا وصلت والدتها وعندما اطمأنت إليهم طلبت منهم الدخول وانتظار الاب في الداخل وتناول شيء ما، ولكنهم فضلوا البقاء في الخارج بانتظار الاب الذي لم تطل غيبته كثيرا، وما ان وصل سألهم عن طلبهم ودعاهم للدخول فاعتذروا وقالوا ان واحدا منهم فقط سيدخل البيت ويبقى وعليه ان يختار بينهم، وقال اولهم انا اسمي «ثروة» وهذا اسمه «حب» وصاحبنا الثالث اسمه «صحة» فعليك اختيار احدنا ليدخل البيت ويبقى عندكم.
سارع الرجل وطلب من «ثروة» الدخول، فقفزت الام العليلة وطلبت من «صحة» الدخول فحدثت مشادة بينهما بين من يختارا، الامر الذي استدعى تدخل ابنتهما التي طلبت من «الحب» الدخول، وهكذا كان، ما ان دلف الحب للبيت وجلس على احد مقاعده حتى تبعه «ثروة وصحة» فحيثما يوجد حب يوجد ثراء كبير وتوجد الصحة!

* * *
ارسل لي القارئ عقيل رسالة الكترونية تعليقا على المقال الذي كتبته عن التبرع لمبرة «رقية القطامي لامراض السرطان» قال فيها انه سبق وتبرع لجهات خيرية عدة بالمال. ولكن ايا منهما، دينية أو غير ذلك، لم تكلف نفسها الاتصال به وشكره، سواء عن طريق مكالمة او رسالة هاتفية أو حتى بطاقة بريدية تشكره على تبرعه! وقال انه عندما تبرع لم يكن يقصد سماع الشكر بقدر اهتمامه بالتبرع لمشروع خيري صحيح، ولكن للشكر اثره وللتقدير مفعوله السحري في النفس، وانه من واقع تجربته الشخصية لدى مجتمعات اخرى، وليس بالضرورة في الدول الغربية، لمس اهتمام تلك الجهات بمثل هذه الامور، التي قد نعتبرها شكلية، فالمدح أو الشكر، والعلني منه بالذات، يسر المتبرع من جهة، ويحثه ويشجعه على التبرع اكثر مستقبلا، كما يشجع الآخرين على البذل والعطاء. وبهذه المناسبة اتذكر ان المرحوم عبدالرحمن عبدالمغني (ابو مغني) كنا تحدثنا واياه مرة في جلسة خاصة عن قصة تبرعه لبناء مستشفى في منطقة محددة بالبحرين، حيث سبق ان توفي ابنه في حادث سير مروع، وما ان سمع احد الحضور بموضوع تبرعه حتى عرض الآخر مساهمة في تجهيز المستشفى بكل متطلباته من المعدات والمواد الطبية، وهذا ما حصل، حسبما اتذكر، فقد مرت فترة طويلة على الحادثة! ما قصدته هنا ان الكرم امر معد، كما هو الحال مع اي شيء جميل، فالفرح معد والضحكة معدية. وقال عقيل ان جمعية الهلال الاحمر ربما تكون احدى الجهات التي لا تعطي اهمية كبيرة لموضوع شكر المتبرعين! وهنا اتمنى من المشرفين على الجمعية وجميعهم من الافاضل والمتطوعين الى العمل دون مقابل في الجمعية الالتفات لشكوى القارئ عقيل، ولو ان تجربتي الشخصية مع الجمعية تقول عكس ذلك، وانه مطلوب منها اعلام المتبرعين بوصول تبرعاتهم، واتمنىان يكون في الامر خطأ اداري بسيط.
وتصديقا لرواية القارىء عقيل، بشكل عام، فإنني اتذكر جيدا أنني تبرعت لاول وآخر مرة بمبلغ كبير لاحد مرشحي تجمع سياسي معروف، وما ازال، ومنذ 15 عاما بانتظار ورود كلمة شفهية او رسالة شكر منه، او من حزبه السياسي، في حياته وبعد وفاته.
وربما من الخطأ لوم شخص أو جهة ما على عدم الشكر، فالمسألة تتعلق بثقافة مجتمع ككل، فنحن في جانب نجد صعوبة كبيرة في الاقرار بالخطأ في الوقت المناسب، وفي جانب آخر نستصعب او ننسى تقديم الشكر عندما يتطلب الامر ذلك، وتبدو الغلظة في تصرفاتنا عندما نطلب مثلا من شخص التوقف لنسأله عن امر فلا اعتذار ولا اسف بل نطلب طلبنا ونمضي في حال سبيلنا حتى دون شكر، وقد حدث هذا الامر معي كثيرا، وكنت اقف دائما مشدوها من مثل هذه التصرفات الجافة!
ومن الامور الصعبة علينا كذلك، عودة لقصتنا في بداية المقال، ان نقول «انا احبك» عندما يكون الموقف يتطلب قول ذلك، اما تقدير مواقف الآخرين تجاهنا بطريقة فعالة فحدث ولا حرج، فقلة مثلا ترسل رسالة شكر على معروف أو باقة زهور على صنيع جميل، خصوصا بعد ان اصدر احد مشايخ السعودية فتوى تحرم اهداء الزهور.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

نحن: لا نأكل الغبقة


قال الخواجة اللبناني معلقاً على كلامي وقد ارتفع حاجباه حتى كادا يطيران من مكانيهما ويتركان جبهته جرداء لا زرع فيها ولا ماء: «معقولة! كويتي وليس لديه ما يكفيه إلى آخر الشهر؟». قلت وأنا أفرج عن دخان سيجارتي دفعة واحدة: «ليس ذلك فحسب يا مولانا غابرييل، هل تعلم أن عدداً كبيراً من الكويتيين ممنوعون من السفر لعدم قدرتهم على سداد مبالغ أقل من ثلاثة آلاف دولار؟ وأن عدداً أكبر يتزاحم أمام اللجان الخيرية بسبب العلاج في المستشفيات الخاصة، هرباً من الموت الزؤام، ووو»، وقبل أن يرتد إليه فكّه الأسفل عاجلته بضربة أخرى: «لا ألومك، خصوصاً أن قدمك لم تطأ أرض الكويت، فهذه هي الفكرة السائدة عند العالمين، طيب ما رأيك أن شيخ الساخرين محمود السعدني – شفاه الله – عاش في الكويت سنين عدداً، ثم نجده يقول في أحد كتبه إنه تذوّق المنسف في الأردن والمسقوف في العراق و(الغبقة) في الكويت! علماً أن الغبقة ليست وجبة محددة، بل هي (موعد الوجبة)، وهي لا تكون إلا في رمضان، وترجمتها بالعربي الفصيح – أو بالعربي المَحْط، على رأي الساخر الراحل محمد مستجاب – هي (العشاء الرمضاني). لكن السعدني الذي اعتاد الغوص في قيعان المجتمعات، لم يغص في قاع المجتمع الكويتي، فالتبسَ الأمر عليه، وهو مثلك ومثل كل العرب يظنّ أن كل كويتي سيموت كما مات هارون الرشيد، في الخامسة والأربعين من عمره بسبب التخمة والزحار».

«يا عمي عندكون حقول بترول أكبر من المحيطين الهادي والأطلسي، وين عم تصرفوا فلوسكون؟»، قال غابرييل وقد ساوره الشك في صدق معلوماتي. قلت وأنا أعبث بشنبي: «تنتشر أموال نفطنا في الاتجاهات الخمسة، باستثناء اتجاه مصالح الناس والبنية التحتية، جزء من ثرواتنا يتجه إلى قرغيزستان وطاجيكستان وكل ذي ستان، وجزء منها تبخر في المناقصات والمزايدات الأحياء منها والأموات، وجزء هرولَ إلى قنوات فضائية وصحف وكتّاب كلهم ارتدوا ثياب الراقصات المشخلعة العارية، ووضعوا أيديهم على خصورهم وهات يا ردح ضد خصوم الحكومة، والمصيبة أن الملامة بعد كل هذا تقع على الناس البسطاء».

وأكملتُ: «هل تتذكر يا صاحبي حاكم أوغندا الأسبق عيدي أمين، الذي لا يمر يوم دون أن تكتب الصحافة العالمية عن آخر (إبداعاته)، والذي أعلن اسلامه، وعندما بلغه أن الإسلام يحرّم الزواج من أكثر من أربع نساء ويأمر بالختان، تراجع وارتد، ثم أخذها من قصيرها وأعلن ألوهيته، فاستراح وأراح. نحن لدينا حكومة الخالق الناطق عيدي أمين، إلا أنها مسلمة ولا تأكل لحوم خصومها بالمعنى الحرفي للأكل، وكان أن أبرق عيدي أمين إلى ملكة بريطانيا (جلالة الملكة استعدي، سأزور بريطانيا، وخاطبي حكومتكم لتوفّر لي كشفاً بأسماء محلات الأحذية، فتجار بلدي، عليهم لعنات السماء ولعناتي، لا يبيعون الأحذية)، متناسياً أن أوغندا في عهده تخلو من الأسواق، وحكومتنا الكويتية تسافر إلى شرق آسيا فتبهرها البنية التحتية هناك، فتعتب علينا نحن الشعب، وتحمّلنا الملامة».

وحكومتنا، يا غابرييل، مثلك ومثل السعدني ومثل بقية العرب، تعتقد أننا نأكل الغبقة، ولا تعرف أن الغبقة ليست وجبة تؤكل… صدقني يا صاحبي، لو كان في الأرض عدل لتمّ الحجر على حكومتنا، ولأودعت أموالنا في هيئة شؤون القصر إلى أن نبلغ سن الرشد. 

سامي النصف

الكارثة القادمة الشهر المقبل

مع قدوم شهر أكتوبر كل عام تنخفض الحرارة وتنشط الڤيروسات وتبدأ الإنفلونزا في الانتشار السريع ومن ثم لا يخلو بيت في الكويت من المصابين بها، وقد جرت العادة ان يلزم المصاب الفراش ويستعين بالأدوية المتوافرة بالصيدلية العامة او المنزلية اضافة الى شرب السوائل والاكثار من عصير الليمون والبرتقال وأدوية الكحة.. الخ، لتخفيف اعراض المرض.

هذا العام الوضع مختلف، فمع بداية الاصابة التي ستحدث الشهر المقبل ـ سواء فتحت المدارس أو أغلقت ـ سيضطر مئات آلاف المصابين للتوجه للمستوصفات والمستشفيات لمعرفة نوع الانفلونزا، وما اذا كانت الانفلونزا المعتادة او انفلونزا الخنازير، وهنا سيبدأ الاشكال الكبير حيث لا نملك المراكز الصحية الكافية لاستقبال جميع تلك الحالات.

فلماذا لا تحضر منذ الآن شبرات كيربي مؤقتة توضع بالقرب من المراكز الصحية وفي الأماكن العامة المختلفة تختص فقط بفحص المصابين بالانفلونزا ومعرفة نوع الاصابة واعطائهم العلاج اللازم دون عرقلة العمل اليومي المعتاد للمراكز الصحية الدائمة، هذه المراكز المؤقتة ان أقيمت فستمنع الازدحام والفوضى والخوف والهلع الذي سيصاحب انتشار الانفلونزا المتوقع الشهر المقبل، فهل نفعل؟!

ومن الأمور الموجودة في البواخر السياحية التي يضر بها انتشار الأمراض فيها وجود مطهرات يد يفرض على كل راكب ان يغسل يده بها فور دخوله الباخرة وقبل دخوله لمطاعمها وأماكن الترفيه فيها، ويمكن عمل الشيء ذاته في بلدنا عبر وضع مطهرات مجانية قبل دخول المساجد والمدارس والجمعيات والمطاعم ودور السينما.. الخ، ويمكن كذلك تشجيع الأهالي على عمل الشيء نفسه عند مداخل الڤلل والشقق اي وجود مطهرات يد لا يدخل احد المنازل دون استخدامها ولن تزيد كلفتها خلال موسم العدوى عن دنانير قليلة لا تقارن بثمن الأرواح التي يمكن ان تدفع بسبب الإهمال في حماية انفسنا.

ومن الأمور الهامة ان نأخذ بتلك الاجراءات التطهيرية والوقائية لمدة طويلة حتى لا يصل الشهر المقبل اي شهر الاصابة وقد مل الناس من تلك الاجراءات بحجة ان شيئا سيئا لم يحدث (!) فتصاب الجموع بمقتل، الأمر الآخر ضرورة ان نكثر من استخدام حبوب ڤيتامين «س» وشرب المياه وعصائر الليمون والبرتقال وأكل البصل والثوم واستخدام مطهرات اللوز «قبل» الاصابة لا «بعدها» اي كوسيلة للوقاية لا العلاج مع دخول شهر أكتوبر.

ونرجو ان يرتفع البعض الجاهل والمأجور والمدغدغ لمستوى الكارثة المتوقعة القادمة فيتوقفوا عن نقد المسؤولين المختصين ويتركوهم وكوادرهم ليكافحوا «سرايات» الموت المقبلة، فمواقفهم المشينة وتأثيرهم على القرارات الرسمية أصبحت أشبه بالغزو الثاني حيث قد تتسبب في وقوع عدد ضحايا يقارب ضحايا الغزو الأول التي لم تكن تزيد عن المئات في بدايته، والله يستر واكرمونا بسكوتكم او تحملوا مسؤولية اقوالكم ومواقفكم ان بقي من ضمائركم المستأجرة شيء!

آخر محطة:

وصلتنا رسالة من المهندس الفاضل محمد البغيلي يخبرنا عبرها بإشهار و«تأسيس الجمعية الكويتية للسلامة والوقاية من الحريق»، نرجو ان يكتمل تأسيس تلك الجمعية الهامة ويتم دعمها وان تقوم بدور فاعل في تثقيف المجتمع بأخطار الحرائق والحد منها.. وبالتوفيق.

سعيد محمد سعيد

اهملوا مجتمعكم… وتفرغوا للفتنة!

 

ردود فعل كثيرة، وإتصالات عديدة وردت من الأخوة والأخوات القراء تعقيبا على عمود يوم الخميس الماضي المعنون بـ»مجتمع العصابات والأمن المفقود»، الذي تناولت فيه التحذير من النتائج السلبية المترتبة على تصوير المجتمع البحريني الذي ينعم وسيبقى كذلك متنعما بالأمن والمنعة، بأنه مجتمع محاط بالقلق والخوف وانعدام الأمن…

مع الاعتراف بأن هناك نمطا من الممارسات العدائية التي بدأت تنتشر في المجتمع البحريني، إلا أن ذلك لا يعني أن يعلق الناس كل الخطأ على الدولة وأجهزتها، إذا ما أدرك كل مواطن دوره في الحفاظ على أمن واستقرار وسلامة هذا المجتمع الذي نعيش فيه مهما كانت الظروف، ومع الإعتبار أيضا لوجهات النظر السليمة التي تشدد على أن التهاون وعدم تطبيق القانون على الجميع، هو من دواعي الأمن من العقوبة، وبالتالي إساءة الأدب.

الأمثلة في ذلك كثيرة… فكما يقول أحد المواطنين مستغربا: «لا أدري كيف استطاع اللصوص سرقة منزلي وأنا مسافر مع عائلتي؟ جيراني الأعزاء موجودين، وهم يعلمون بسفري والغريب أن منزلي سرق كما أفاد أحد الشهود في وضح النهار عندما أوقف اللصوص شاحنتهم الصغيرة بكل ثقة، وراحوا ينقلون محتويات منزلي دون أن يتوقف أحد ولو لأخذ رقم الشاحنة والتعرف على الأشخاص، وهم أجانب، لتسهيل عملية البحث والتقصي»، فيما يقول مواطن آخر: «تعرضت زوجتي للسحب من السيارة والضرب بقسوة وقلة حياء وأدب من قبل أحد الشباب، فيما كان الإستغراب يملؤها وهي ترى (رجاجيل مشوربة) واقفة للتفرج فقط ولم تأخذهم الحمية للتدخل لإبعاد ذلك المعتدي عنها أو الإدلاء بشهادتهم لدى الشرطة على الأقل»، فيما تقول مواطنة: «اعترض سيارتي أحدهم وقام بحركات مخدشة للحياء أمام الناس، وراح يصرخ ويشتم فقط لأنني لم أتمكن من منحه فرصة العبور أمامي في وضع مزدحم… وخرج من باصه الصغير ليلقي المزيد من الكلمات القذرة هو ومن معه في الباص وكنت أدير النظر يمنة ويسرى لعلني أرى (رجلا واحدا) يدافع عني أو يلجم ذلك الوقح».

ربما نصدق تلك القصص، وربما نكذبها ونقول أنها من نسج الخيال، لكن أليس غيرها الكثير مما نقرأه في الصحف، ومما يراه الكثيرون منا أمامهم رأي العين ويكتفي الكثيرون منا بالفرجة؟ بل لا يقتصر الأمر على الشارع، حتى في أماكن العمل، أصبحت النزاعات والخلافات والشجار بين بعض الموظفين والموظفات وكأنها جزء من التقاليد الوظيفية، فهذه موظفة تعرضت كثيرا للتحرش من جانب مرؤوسها ولم يرتدع رغم تهديدها له مرة وأكثر، حتى تدخل الزوج الغاضب، وهذا حقه، ليطالب الجهة المعنية بمساءلة هذا المسئول قانونيا وهذا ما فعل، وأخذ القانون حقها.

في الوقت الذي يشهد فيه المجتمع ذلك الإنحراف المقلق، ينبري بعض (المواطنين الصالحين ذوي الولاء المنقطع النظير للوطن والقيادة) مدعومين ببعض الكتاب في الصحافة وفي المنتديات الإلكترونية الفتنوية، لإثارة المزيد من نيران الفتنة الطائفية، والتشكيك في ولاء الناس لبلادهم، ومطالبة الدولة بتوقيع أقسى العقوبات على فئة من الشعب البحريني، ومن ناحية أخرى يلمعون في الدفاع عن أوجه الفساد والتبرير لها، واعتبار كل الممارسات الخاطئة من قبل بعض المسئولين بأنها (واجب وطني)، ولم نسمع أو نقرأ لهم تصريحا أو بيانات أو نشاطا يحذر مما يحيط بالمجتمع من ظواهر تعرض الإستقرار والسلم الإجتماعي للخطر، ويتسترون على بعض الأفعال السيئة فقط بدوافع مذهبية…

الشراكة المجتمعية التي يرفضها البعض، ليست في حقيقتها (عيون مباحث ومخابرات وقمع لمن يطالب بحقه بطريقة سلمية مشروعة)، وليست فكرة منطلقة من ضرب المجتمع ببعضه البعض، الفكرة يا سادتي الكرام نحتاجها في مجتمع لابد أن يستمر في أمنه واستقراره، ليكون كل مواطن (شرطيا) لحفظ نفسه وأهله وأهل مجتمعه من اللصوص ومن المجرمين ومن مثيري العداوات في البلد… وهي مسئولية دينية شرعية ووطنية، قبل أن تكون (خطة حكومية) يفهمها البعض وفقا لهواه… واعيدوا النظر فيما يحدث في مجتمعنا يا سادة

سامي النصف

من المسؤول عن موت الأطفال الشهر المقبل؟!

وصفت منظمة الصحة الدولية مرض انفلونزا الخنازير بأنه اول وباء قاتل يجتاح العالم منذ ما يقارب النصف قرن، لذا شعر نواب وممثلو 7 مليارات نسمة الشركاء لنا على الكرة الارضية بخطورة الموقف وسلموا الامر للمختصين في قضايا الصحة والتعليم كي يقوموا بما يرونه صائبا دون تدخل في اعمالهم التخصصية لما في هذا التدخل من تبعات ضخمة على من يقوم به من النواب غير المختصين.

في قطعة الارض الصغيرة التي نعيش عليها والتي لا تكاد ترى على خارطة العالم وان كان صريخها ومشاكلها قد أصمت آذان الساكنين على كوكبنا ووصلت حتى الى الكواكب السيارة الاخرى، قرر الجهابذة من كبار العلماء والمختصين من النواب ان يعقدوا جلسة خاصة لانفلونزا الخنازير كي يثروا الموضوع بعلمهم وفكرهم كمراجع دولية معترف بها في قضايا الصحة والتعليم، كما قرروا تحميل وزيري الصحة والتربية مسؤولية موت اي طفل الشهر المقبل فيما لو بدأ العام الدراسي في موعده المقرر وهو منطق لم نسمع بمثله في اي دولة اخرى على مر التاريخ.

ومعروف ان المدارس اضافة الى انها اماكن تحصيل علم، هي مناطق تجمع محددة جغرافيا وعدديا، لذا يمكن التحكم بسهولة فيما يجري بها، اي فحص حرارة الطلبة وعزل المصابين منهم، كما ان المصاب لن يعدي اكثر من طلاب صفه وهو المنطق الذي رأته وعملت به الدول المتقدمة الاخرى الا بلدنا بناء على تهديدات وتوصيات بعض النواب، لذا وعلى نفس مقياس لوم وزيري الصحة والتربية واستجوابهما وابعادهما عن كرسي الوزارة حال وقوع حالة وفاة لأحد الطلبة المنتظمــــين بالمدارس الشهر المقبل نطـــرح الأمــــر التالي:

معروف ان تعطيل المدارس المتحكم بها والتي لا يزيد عدد طلابها عن المئات لن يبقي الطلبة سجناء في البيوت بل سينطلقون الى الاسواق والجمعيات والمجمعات ودور السينما.. الخ، التي لا يتحكم فيها احد ومن ثم يمكن لشخص او طالب واحد ان يعدي العشرات او المئات أو الآلاف وبالتبعية احتمال موت العشرات الشهر المقبل بسبب تلك الاوضاع الفريدة التي خلقها غير المختصين من النواب وعليه سيكونون هم المسؤولين عن كل حالة اصابة او وفاة الشهر المقبل ابان التعطيل القسري للمدارس ومن ثم يجب عليهم قياسا ان يتركوا كراسيهم الخضراء مع اول اصابة او وفاة الشهر المقبل بعد ان تم الاخذ بنصائحهم، فحياة الناس ليست لعبة يستخدمونها في معاركهم السياسية التي لا تنتهي.

آخر محطة:
 
1 – رغم ان قضية وباء الطاعون التي حدثت ابان بدء الدولة الاسلامية معروفة وما أتى على اثرها من توصيات شرعية حكيمة بعدم السفر من وإلى الدول الموبوءة وهو ما اعتمد عليه لإصدار فتوى حديثة مماثلة بعدم السفر للمكسيك والولايات المتحدة عند بدء انتشار وباء انفلونزا الخنازير هناك الا اننا نلحظ عدم الالتزام بتلك الفتوى والتوصية الدينية الصحيحة مع تفشي الاصابة لدى الجارة السعودية حيث اصبح موسم العمرة مجالا لدخول المرض للأماكن المقدسة ثم اعادة تصديره للدول المجاورة والبعيدة، السؤال: لماذا لا يتم الالتزام بتلك الفتوى وتكرارها حتى يمكن القضاء التام على ذلك المرض وكي لا يتحول الى مرض مستوطن دائم كحال الانفلونزا التي قل ان اعتمر او حج احد دون الاصابة بها؟!

2 – كنا كمسلمين نعيب على أتباع الديانة الهندوسية تفشي مرض الكوليرا ابان حجهم لنهرهم المقدس ومن ثم انتقاله منهم للآخرين وكنا ننصحهم بالتعامل مع ذلك الداء بطريقة علمية، وهو ما قاموا به فتوقف الداء، فلماذا لا نطبق نصائحنا للآخرين على انفسنا؟! لست أدري!