شبهت السفيرة المحترمة ديبورا جونز في محاضرتها الاخيرة الشعب الكويتي بطفل مدلل ولد وفي فمه ملعقة من ذهب وفي حسابه 100 ألف دولار لا يعلم كيفية التصرف بها والحقيقة ان ذلك التشبيه يحتاج الى توضيح فقد عاش الكويتيون ثلاثمائة عام، عدا العقود القليلة الماضية، في ضنك من العيش وفقر مدقع.
فالكويت بلد لا زرع ولا ضرع فيه، ولا انهار او اشجار بل صحراء قاحلة شديدة السخونة لم تخلق اصلا لعيش البشر لذا كثرت الامراض والوفيات بين اهله، كما مارس سكانه كل انواع الاعمال المشروعة (غوص، تجارة، زراعة، صناعة سفن) وغير المشروعة (تهريب، قرصنة، غزو) للعيش والبقاء.
وقد فوجئ الجميع عندما اكتشفوا في وقت متأخر انهم يعيشون فوق بحيرة من الذهب الاسود واصبح حالهم كحال شاب فقير بائس يعمل في اصغر المهن، هبطت عليه ثروة ضخمة لم يحسب لها حسابا فتحير هو واولياء امره في كيفية التصرف بها وهل يستمر في عمله الخشن ام يتركه ويصبح من اصحاب الايدي الناعمة التي لا تعمل ولا تنتج.
ومن ذلك فقد جرت في الكويت ابان حقبة الخمسينيات وما بعدها محاولة حسنة النية والمقصد تروم اسعاد الشعب الكويتي بأقصر الطرق بعد معاناة قرون وذلك عبر التسريب السريع للثروة له عن طريق تثمين المنازل بأضعاف اسعارها وتفعيل عمليات التوظيف الصوري للمواطنين تحت شعار ان عهد الفقر والبؤس قد مضى وأتى عهد الغنى والسعد ولم تعد هناك حاجة لان يعمل الشعب الكويتي او حتى يتذكر كيف كان يعمل.
واطلقت الادارة الحكومية الرصاصة الاولى على كل ما يمت للماضي بصلة، فجرى هدم سور الكويت التاريخي وازالة البيوت القديمة المثمنة رغم عدم الحاجة الملحة للاراضي المقامة عليها تلك البيوت، وتسابق السكان في تلك الحقبة لالقاء اثاثهم القديم في الطرق وخلف ما تبقى من السور في ظاهرة ندر ان ترى شبيها لها لدى الشعوب الاخرى حتى كادت الكويت ان تفقد ذاكرتها وتاريخها وصلتها بالماضي لولا رجال افاضل امثال العم سيف الشملان ود.عادل عبدالمغني وغيرهما من الخيرين ممن حافظوا على بعض ذلك التراث.
وقد كان بالإمكان رغم هبوط الثروة المفاجئ الذي ادار العقول ان نحافظ على المزايا المتوارثة للشعب الكويتي كالجدية في العمل وروح الابتكار وحب المغامرة وتسليط الضوء عليها وجعلها قدوة للاجيال اللاحقة بدلا من محاولة محو الماضي بحلوه ومره، كما كان بالامكان اصلاح ذلك المسار التدليلي الذي افسد الشعب والعودة عنه في مرحلة لاحقة لولا فهمنا الخاطئ للعملية الديموقراطية وجعلها مسابقة في دغدغة مشاعر الخلق ما بين «بابا» مجلس و«ماما» حكومة، والحديث ذو شجون.
آخر محطة:
1 – بسبب ضعف انظمة الاتصالات الثابتة والنقالة هنا في لبنان لم نستطع الرد على رسائل التهنئة التي وصلت لنا عبر نظام sms فعذرا..
2 – بدلا من «اختلاف» الزعامات السياسية اللبنانية على من يتولى حقيبة الاتصالات لماذا لا «يتفق» الجميع على تحسين خدماتها في البدء تذليلا لمعاناة المواطنين والسائحين؟!