سامي النصف

أزمة البرلمانات الكويتية المتعاقبة

يمكن التعامل مع تكرار حل البرلمانات الكويتية دستوريا وغير دستوري بطريقتين: الأولى ان نلقي بكامل المسؤولية على السلطة ونردد دون فهم مقولة ان حلول مشاكل الديموقراطية هي بالمزيد منها دون اعطاء اي تفاصيل ومن ثم تبقى الازمات وما يتبعها من حلول للبرلمان، الطريقة الثانية هي عبر دراسة لصيقة لما يحدث ووضع الحلول «الواقعية» والناجعة ـ لا النظرية ـ لتلك الاشكالات حتى يبقى البرلمان وتتحرك عجلة التنمية، ومن ذلك:

حقيقة ان احد اهم اسباب المشاكل بين السلطتين بقاء ثقافة سالبة تسود الطرح إبان موسم الانتخابات حيث لا يتحدث المرشحون في العادة عن برامج ومشاريع ومقترحات ايجابية بناءة للوطن سيقومون بها عند النجاح، بل يعتبر كثيرون ان الهجوم المتواصل على السلطة وعلى الحكومة التي لم تشكل بعد (!) هو ما يجلب الناخبين للخيام وللصناديق الانتخابية ومن ثم يصبح النائب اسير وعوده ومواقفه المسبقة ولا يستطيع تبعا لذلك الا اختلاق المعارك والازمات السياسية المتواصلة ضد السلطة التنفيذية مما يجعلها تضيق ذرعا وتعلن عدم التعاون، كما يضطرها لمحاولة شراء ذمم بعض المرشحين والناخبين لدعم مشاريعها وهو كذلك احد اهم اسباب الافساد المصاحب للعمل السياسي الكويتي.

ويصل الناخب في العادة للكرسي الاخضر دون عمليات تأهيل او تدريب على اصول العمل السياسي وهي قضية نأمل ايجاد حل لوائحي سريع لها، كما يزيد الطين بلة عدم اشتراط الاهلية للفريق العامل مع النائب، فندر وجود مختصين بالتشريع والسياسية والاقتصاد والاعلام ضمن فريقه الذي يستخدم عادة لتنفيع الاقارب والمفاتيح الانتخابية، ولا يخفى ان عدم وجود رقابة مالية او حدود لما يمكن ان يصرف على الحملات الانتخابية وعدم تفعيل للجان القيم او ايجاد قانون «من اين لك هذا؟» جعل من المؤسسة التشريعية التي يفترض ان تكون محاربة للفساد جزءا فاعلا منه، وفي هذا يقول السيد المسيح عليه السلام «إذا فسد الملح فبماذا نملح؟».

كما ساهم النقل الصحافي والتلفزيوني الفريد وغير المعمول به في اغلب الديموقراطيات الأخرى لوقائع وجلسات مجلس الأمة في تسابق الأعضاء على تسخين الأجواء «إسعادا» للناخبين، كما اتاح عدم وجود ضوابط للاستجوابات الإكثار منها وصبغها بنكهات مسرحية استعراضية غير مسبوقة تبدأ من تقديم صحيفة الاستجواب امام فلاشات الكاميرات وتنتهي بتصفيق الجالسين على مدرجات المجلس التي تحشد عادة بالهتيفة والمشجعين والمناصرين ولو وصلت مستقبلا رئاسة متساهلة للمجلس لرأينا مكبرات الصوت والطبول والأعلام حاضرة فوق تلك المدرجات.

الخلاصة ان منع الحل الدستوري وغير الدستوري للبرلمانات في الحاضر والمستقبل يكمن في الاخذ بهذه المقترحات وغيرها ودون ذلك سنبقى في حلقة مفرغة من الأزمات السياسية المتواصلة التي تنتهي بالحل الدستوري ـ ولربما غير الدستوري ـ للمجالس وتعطل عمليات التنمية وقد تنتهي ذات يوم بضياع او غرق مركب الوطن الذي يأوينا جميعا، والله المستعان.

آخر محطة:

وقفنا مع النائب القلاف ابان رفضه تدخل النواب في أعمال السلطة التنفيذية عبر طلب بعضهم إقالة وكيل وزارة الصحة الدكتور الفاضل عيسى خليفة، فكيف يستقيم ذلك الموقف مع طلب «نفس النائب» هذه الايام من وزيرة التربية إقالة وكيلة وزارة التربية الفاضلة تماضر السديراوي؟! أي كيف يحل له عمل ما حرمه على الآخرين؟! أمور تحدث فقط في برلماننا ومن بعض نوابنا.

سعيد محمد سعيد

العيد في معناه «الإنساني»

 

فيما مضى من السنين، كان لنا جار «ألماني»، يعيش في منزل فخم في قريتنا، فهو مسئول كبير في إحدى الشركات الكبرى، ولم تكن تربطه بجيرانه أية علاقة، فكنا نراه وهو يخرج سيارته من مرآبها أو يدخلها فقط، لكن في ليلة أحد الأعياد، كان يمارس رياضة المشي عندما التقيته وسلمت عليه وقلت له مازحا: «عيدك مبارك»… فكررها تلقائيا :»إيدوكم موباراك»، لكنه انتهز الفرصة ليقول: «هل احتفالكم هذا يشبه ليلة الكريسماس؟».. فقلت له: «قد تكون هناك صفة مشتركة، فالفرح حق لكل البشر، لكن أعيادنا الإسلامية لها معانيها ودلالاتها المتصلة بتعاليم الدين الإسلامي، وهو دين يجمع كل الإنسانية بلا تقسيم لنوع أو عرق أو لون».

لكنني دعوته لأن أرافقه لبعض مجالس العيد ليتعرف على الناس ويعيش معهم الفرحة بالعيد وكان مسرورا بالدعوة التي لباها بالفعل وزرت معه عددا من المجالس وكان يشعر بالسرور كلما تناول فنجانا من القهوة العربية، وبلغ سروره أوجه عندما وجد كل من يدخل هذا المجلس أو ذاك يسلم عليه بحفاوة ويهنئه وكأنه واحد منهم وفيهم، وهذا ما جعله يعبر عن امتنانه لكرم وطيبة وأخلاق أهل البحرين، وقد وجد في تلك المناسبة فرصة للتعرف على المزيد من الجيران.

العيد في معناه الإنساني، لا يختلف عن معانيه الدينية والاجتماعية، ولكن مما يؤسف له أن الكثير من الناس لا يقدرون العيد حق قدره، ولا يمتثلون لمعانيه ودلالاته والتي على رأسها إشاعة المحبة والمودة والتكافل بين الناس، والحمد لله أن أهل البلد يجتمعون في صلاة العيد، ثم ينتقلون الى مجالسهم ليستقبلوا بعضهم بعضا لتبادل التهاني بهذه المناسبة الإسلامية العظيمة، وتتجدد العلاقات وتقوى الأواصر، ولعل أعظم تعاليم الدين الإسلامي في العيد هي التسامح والصفح، ولعلنا اليوم في حاجة ماسة لأن يكون هذا التسامح والصفح هو المدخل للأضداد، سواء على مستوى المواطن العادي، أو على مستوى الرموز والشخصيات والمسئولين والنواب الذين أصبح بعضهم مثالا لإثارة المشاكل في المجتمع.

حتى على مستوى الأسرة الواحدة، فهناك أخوة من لحم ودم وقعت بينهم القطيعة، وعلى مستوى العمل هناك زملاء يعملون تحت سقف واحد لكن قلب كل واحد منهم يغلي على الآخر، وليست هذه دعوى وعظية بقدر ما هي فرصة للفرح… نعم، لم لا نفرح والفرصة مواتية ولا يوجد ما يمنع من أن نفتح قلوبنا لبعضنا البعض ونتجاوز كل خلاف؟ وإذا كانت الأمور السياسية والخلافات العقائدية والفكرية ماثلة في عقول ونفوس البعض، فإنهم فقط من يفرض على نفسه قيود الجفاء والتعب والشقاء.

الفرح في العيد نعمة من الله سبحانه وتعالى، وكلما فرحنا بنعم ربنا، كلما زاد جمال الحياة في عيوننا… فهيا لنفرح ولنشارك الأطفال فرحتهم وعياديهم، ولننسى كل الهموم في أيام سعيدة مباركة.

كل عام والجميع بخير