محمد الوشيحي

لكين هوه ما لاقي


ما ممكن، على رأي السودانيين، أن يضحكني أحد كما يضحكني الوزير السابق والنائب السابق ورئيس جمعية حقوق الإنسان (يا عيني) الزميل علي البغلي، عندما يتحدث عن الوطنية ووحدة الصف! أين أنت يا يوسف وهبي الله يرحمك كي تصرخ من أعماق جوفك بصوتك المهيب: «يا للهول».

علي البغلي الذي قسّم مقالاته إلى قسمين، مرة ينتقد المتدينين السنة، ومرة ينتقد نواب القبائل، ويا سلام لو كان النائب قبلياً متديناً، ولا يكثر على الله شيء، سبحانه.

وكم حاول آية الله البغلي، وكم تمنى، أن يجد شيئاً على التيارات السياسية الشيعية، أو المتدينين الشيعة، لكين هوّه ما لاقي (معلش المزاج اليوم سوداني)، شتبونه يسوّي؟ لا أحد منهم يخطئ.

وكلما استمعت إلى فيروز وهي تردد: «حامل هالقصة وداير، داير مندار»، تذكرت صاحبنا البغلي وهو «حامل قصته وداير» ليعرضها على الفضائيات والصحف والسهول والجبال، وقصته هي «لماذا لا ينتقد النائب مسلم البراك مؤسسة التأمينات الاجتماعية؟»، وهو يريد أن يقول إن البراك قبلي، والدليل أنه لا ينتقد مؤسسة التأمينات التي يرأسها أحد أبناء قبيلته.

وهنا تطل شخصانية البغلي برأسها وجسمها ورائحتها النتنة. ولا أدري، ولا أظن أن أحداً غيري يدري، ما هي مخالفات رئيس المؤسسة. وإن كان علي البغلي يعلم عن أي مخالفة في التأمينات، فلماذا يسكت وهو الوزير السابق والنائب السابق والقانوني الذي يعرف الدستور ومواده؟

البغلي يذكرني بشبيهه الدكتور ساجد العبدلي، وكلاهما من فريق واحد ذي هدف واحد، وكلاهما من النوع الأملس الذي «يزلق» من يدك إذا حاولت مسكه. ورغم يقينك أنه غارق في الطين، فإنّ ثيابه «الخارجية» نظيفة براقة. وكلاهما أيضاً يُظهر الوداعة والمسكنة والوطنية، حتى تكاد تبكي وأنت تقرأ له. لكنهما يا للصدفة «شديدا العقاب» على التيارات الدينية السنية، «غفوران رحيمان» على التيارات الدينية الشيعية. وأتذكر جيداً – عندما اتصل بي الزميل ساجد عاتباً بسبب مقالة كتبتها عنه وعن شبيهه البغلي – أنني قلت له: «أنت تعلم، وغيرك أيضاً، كم أخاصم المتدينين الساسة ويخاصمونني، سنتهم وشيعتهم، بينما أنت وصاحبك لا تخاصمان إلا المتدينين السنة، فهل المتدينون الشيعة معصومون؟»، فقال: «كلامك صحيح، لكن صدقني لم يكن هذا عن قصد»! يا سبحان الله. كذلك لم يقصد ساجد مهاجمة التكتل الشعبي دائماً لأنهم خصوم الرئيس، وفي المقابل لم يقصد غض الطرف عن رئيس البرلمان، على سبيل المثال، دائماً أيضاً! هو بَحَثَ عن خطأ ارتكبه رئيس البرلمان، لكين زي ما قولتا ليك هوّه ما لاقي، أو أنه «لاقي» لكنه سها، والسهو له سجدة، وساجد دائماً ساجد.

وكنا، مسلم البراك وأنا وجمع من الأصدقاء نتسامر قبل أيام، فجاء من يخبرنا أن «البغلي الآن على شاشة إحدى القنوات الفضائية، يتحدث عن قصته الأزلية، البراك والتأمينات»، فضحكنا، وقلت للبراك: مبروك، ألف وخمسمئة صوت إضافي، فهجوم البغلي نعمة من الله تستحق ركعتي شكر. وكما افترى عليك الزميل ساجد يا بوحمود وادعى في مقالة له أنك هاتفته، وكما افترى أيضاً عليّ أنا، سيدّعي البغلي عليك وسيفتري بـ»ملاسته» المعهودة، فالباحث عن المنصب الوزاري يفضَّل أن يكون ذا جلدٍ مغمور بالزيت و»يزلق». ولن أستغرب إذا خاض الاثنان الانتخابات المقبلة معا في الدائرة الأولى.

***

في الصفحة قبل الأخيرة من عدد اليوم، أكتب أولى استراحاتي بعنوان «وشاحيات»، وهي الحلقة الأولى من سلسلة استراحات. 

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *