سامي النصف

أوضاع الأسرة الحاكمة

إشكالية الأسرة الحاكمة (وليس أحفاد الشيخ مبارك فقط) حالها حال أغلب الأسر الكويتية الأخرى تتنازعها الخلافات والتخندقات غير المبررة، وإن كان الفرق هو أن الأسر الأخرى تؤثر خلافاتها على أفرادها فقط، بينما يؤثر خلاف افراد الأسرة الحاكمة على الكويت ككل، بل ويمتد لمنطقة الخليج التي ترقب ما لدينا عادة بعين القدوة الحسنة أو السيئة.

وأول ما يفترض عمله للقضاء على ذلك الخلاف داخل الأسرة الحاكمة أو حتى الأسر الكويتية الأخرى ـ هو أن يقوم كبارها وحكماؤها باستضافة دورية لجميع افرادها رجالا ونساء وأطفالا في إحدى المزارع ـ على سبيل المثال ـ للتعارف والقضاء على ما في النفوس من عتب يؤدي الى سوء الفهم، ولا ندعي بالطبع ان الاجتماع الأول سيحل كافة المشاكل إلا أن تكرار تلك اللقاءات المثمرة والضرورية سيتكفل بالقضاء على أغلبها وتوحيد الكلمة التي ستنفع الأسرة الكريمة وتنفع البلد بالتبعية.

ومما سيساهم في حل الجذور التي تنبع منها الخلافات لهذا الجيل وللأجيال المقبلة الفصل ـ المستقبلي وليس بالضرورة الآن ـ بين «تراتبية الحكم» و«تراتبية الحكومة»، فضمن تراتبية الحكم يمكن خلق نظام دائم يتم من خلاله وضع تسلسل قيادي وليكن من الواحد إلى العشرة (كحال الأسر المالكة الأوروبية) يعرف كل فرد ترتيبه في منظومة الحكم عبر آلية مدروسة للاختيار تفتح الباب للاعتراض إلا انها تمنع القفز على التراتبية المتفق عليها بشكل مسبق، منعا وإلى الأبد لتكرار ما حدث في تاريخنا القريب.

أما «تراتبية الحكومة» فيجب ان تختلف تماما عن «تراتبية الحكم» ولا شك أن ما فعله سمو ولي العهد المشهود له بحسن التصرف وبعد النظر من رفض حكيم لترؤس الحكومة، هو تعزيز للفصل الهام بين المسارين حيث يجب ان يترك لسمو الأمير حفظه الله مرونة تغيير شخوص رؤساء الوزارة حسب رؤية سموه فيمكن ـ حسب حاجة البلد في مرحلة ما ـ ان يتم اختيار شخصية اقتصادية من ابناء الأسرة لترؤس الحكومة دون ان يكون ضمن متقدمي تراتبية الحكم، وقد يتم تغييره ويأتي سموه بشخص آخر فيما لم يوفق أو تغيرت الحاجة وأصبح البلد يتعرض لمخاطر أمنية ومن ثم الحاجة لرجل مختص بالأمن وهكذا، كما يمكن ان يقع اختيار سموه استثناء لأحد أفراد الشعب لترؤس الوزارة والعودة بعد ذلك لأبناء الأسرة مما سيقضي على دعاوى شعبية الوزارة.

أمر كهذا يتماشى مع منطق الدولة الحديثة وتعقيداتها وحاجاتها المتغيرة كما يساير العصر ويعطي الأسرة الحاكمة الكويتية قصب السبق والابتكار والمرونة لحل تلك الاشكالات المزمنة التي أودت بكثير من الممالك عبر تاريخنا العربي، وأوضح ان الاختـــلاف سيتــــوقف بين افراد الأسرة الحاكمة حال تطبيق ذلك النظام المتـــقدم كونهم سيعلمون انهم اصبحوا جميعا مرشـــحين لرئاسة الحكومة وقد يقع عليهم الاختيار في اي لحظة وبذا سيتوقف البعض عن عرقلة البعض الآخر كي لا يرد له بالمثل عندما يأتي دوره.

ومن مزايا هذا النظام أنه سيصبح طريقا ووسيلة لتدريب وتأهيل عدد كبير من افراد الأسرة الحاكمة على مسؤوليات الحكم، كما سيسعد الشعب الكويتي توقف النزاع بين افراد تلك الأسرة الكريمة ويحصد شعبنا فوائد وجود المئات من الكفاءات المتوافرة لدى اكبر اسرة كويتية ممن تلقى ابناؤها العلم في ارقى المدارس والجامعات، وفي القادم من الايام اشكاليات الحكومة الكويتية المزمنة، وإشكاليات البرلمان الكويتي ثم اشكاليات الناخب الكويتي و.. عيدكم مبارك.

آخر محطة:
 
(1) تحدث الشيخ أحمد الفهد في وقت مبكر وعبر مقال نشره اوائل التسعينيات في جريدة «الأنباء» عن ضرورة الفصل بين الحكم والحكومة.

(2) احد اكبر اسباب النزاع بين افراد الاسرة الكريمة هو وجود الحاشية السيئة التي توهم كل فرد من افراد الاسرة بأن اقاربه هم ألد أعدائه وأنهم ـ ما شاء الله ـ أقرب مقربيه وأحب محبيه ويعلم الله كم بين ضلوعهم من داء دوي.

احمد الصراف

قيادة حركة الإخوان وفكرها

من الواضح ان جمعية الإصلاح، او الحركة الدستورية، وما أبعدها عن الدستور، الذراع المحلية للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، قد اصيبت في مقتل نتيجة مجموعة من الأحداث والتطورات السياسية العميقة التأثير، وخاصة بعد وفاة عبدالله العلي المطوع احد كبار مؤسسيها، وآخر قياداتها التاريخية (!!). ومن الواضح كذلك ان شخصيات مثل الصانع والمقاطع والدلال لا يمكن ان يملأوا الفراغ الذي تركه عبدالله العلي بأي شكل، ولأسباب لا نود التطرق اليها هنا لكي يجد هذا المقال طريقه للنشر.
من المعروف ان هذه التنظيمات الدينية، التي تعارض التطور الحضاري والتقدم الإنساني بطبيعتها، وفي اي مجتمع كانت ولأي دين انتمت، لا ترتاح كثيرا لانفتاح المجتمعات وانتشار التعليم الحقيقي والمفيد بين افراده. فقد عارضت القوى الدينية، كما ذكرنا في مقال سابق، قبل 75 عاما، دخول الاجانب السعودية للتنقيب عن النفط فيها، فقط لأنهم نصارى.
كما عارضت قوى دينية اخرى في مصر ادخال المطبعة في القرن 18، بحجة ان الفساد والكفر سينتشران بوجودها! ومنذ ذلك التاريخ، وما قبل ذلك، عارضت هذه القوى كل تطور او تحديث، وتقبلته في نهاية الامر وزايدت الآخرين فيه. فقد عارضت تعليم المرأة وعارضت عملها بجانب الرجل وعارضت، ولا تزال، مساواتها معه في الأجر، وعارضت اعطاءها حقوقها السياسية، وعندما حصلت عليها بالرغم منها كان قادة الإخوان في الصفوف الأمامية لنيل رضاها والتزلف اليها، طمعا في صوتها الانتخابي.
يكمن مقتل الاخوان، وغيرهم من القوى الدينية، في عدم ايمانهم بانتماء الشخص لوطنه بل لدينه، ولكنهم يسعودن اكثر من غيرهم للصراع على مناصب الوطن واحتكارها لأنفسهم وحرمان غيرهم منها، وخاصة من غير المواطنين، والأمثلة في الكويت كثيرة. كما نجد ان اخوان مصر الذين قال زعيمهم محمد مهدي عاكف في احدى المقابلات: «طز في مصر وابو مصر واللي في مصر»!!، ولم يعتذر. لم يقبلوا، ومنذ مقتل مؤسس الجماعة حسن البنا، لم يقبلوا بتولي اي مسلم غير مصري منصب المرشد الاعلى، او قائد التنظيم العالمي، هذا بالرغم من انهم صرحوا، وفي اكثر من مناسبة، انهم يفضلون حاكما صوماليا مسلما لمصر على حاكم قبطي مصري! كما سبق ان اقسمت جماهير «حماس»، الفرع الغزاوي للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، على السمع والطاعة والثقة التامة بقادتها، مما يعني ان الجهاد سيكون في سبيل قيادة الإخوان وليس الإسلام! وان السمع والطاعة لها وليس للقانون ولا للنظام ولا للدستور، وان الجماهير، او الغوغاء، الذين اقسموا، على استعداد لارتكاب اي امر، ولو خالف كل شرع وخلق، ما دام انه صادر عن القيادة!
ويقول الدكتور كامل النجار ان جماعة الاخوان المسلمين منظمة ملأت العالم بالعنف بهدف اخضاعه لسيطرتهم وتطبيق الشريعة الاسلامية، فالجماعة منذ تأسيسها عام 1928 على يد حسن البنا، لم تخف هدفها النهائي ــ وهو السيطرة على العالم كله بالاسلام، وللوصول الى هذا الهدف يطبق الاخوان سياسة ميكافيللي التي تقول ان «الغاية تبرر الوسيلة»، وهم لا يتورعون عن استعمال اي وسيلة حتى ان كانت التعاون مع الشيطان اذا كانت ستوصلهم الى هدفهم المنشود، فقد تعاونوا مع المخابرات الاميركية لمحاربة الشيوعية، وتعاونوا مع المخابرات البريطانية لمحاربة جمال عبدالناصر، وتعاونوا مع النازية للقضاء على اليهود، وتعاون مؤسسهم حسن البنا مع الملك فاروق ضد حزب الوفد في مؤتمر الاخوان الرابع سنة 1936 لمبايعة الملك فاروق، وكتب اليه يقول «وان لنا في جلالة الملك المسلم املا»، وعندما قال زعيم الوفد مصطفى النحاس «الشعب مع الوفد»، قال البنا «الله مع الملك»، نقلا عن مقال «قميص غزة» للامام عبدالعزيز شريف (الشرق الاوسط 23/4/2009). وقد صرح جون لوفتس John Loftus المدعي العام الاميركي السابق ان جهاز المخابرات الاميركية CIA قد دمر في عام 2004 جميع اشرطة التسجيل التي تخص تعاونهم مع الاخوان المسلمين.

أحمد الصراف