محمد الوشيحي

يا حصان

في لندن، غضبت شابة إنكليزية من أصل إيراني على عشيقها الكويتي، ورفضت استقبال مكالماته، فاستنجد بصديقه ليعيد العلاقات ويرمم ما تهدّم، فاشترط عليه صديقه أن يشتمه على مسامعها ويوبّخه «بس عشان يلين رأسها» قبل أن يبدأ التوسط والشفاعة، فوافق العاشق، وفعلاً اتصل صديقه بالشابة الإيرانية، وشرع يشتم زميله كي يكسب ودّها، وكانت أول جملة: «يو آر بيقر ذان هيم»، ويقصد أنكِ الأكبر عقلاً فتجاوزي عن أخطائه واصفحي، فصححت معلومته: «لا، هو أكبر مني»، فامتدح تواضعها وواصل حديثه وكرر جملته، فصححت معلومته مرة أخرى ولكن بغضب: «هو مولود في فبراير 69 وأنا في نوفمبر 72، فكيف أكون أنا الأكبر؟»، فتجاهل سؤالها وقفز إلى جملة اخرى: «هي هاز نو ستوري»، أي «ما عنده سالفة»، ومعناها بالفصيح «هو مخطئ»، فلم تفهم الفتاة واستفسرت: «وات؟»، فأعاد على مسامعها الجملة، فأعادت الاستفسار بنبرة غاضبة، فسألها: «ألا تفهمين الإنكليزية؟»، فصرخت في وجهه: «اذهب إلى الجحيم أيّها الغبي»، فانفعل صاحبنا ورد على الشتيمة بأحسن منها: «أنتِ كلبة»، فاستفسرت منه: «هل تقصد أنني أمتلك كلبة؟»، فأوضح لها: «لا، أقصد أنك أنت الكلبة ذاتها»، فاستغربت هذا التشبيه ولم تفهم، واستفسرت وهي تطلق زفرات الغضب على اعتبار أن لغته ركيكة: «هل تتحدث الآن معي عن الكلاب، ما بها؟ ما الذي يمكن أن أفعله من أجلها؟»… كل هذا يتم وعشيقها – الذي يتحدث الإنكليزية بطلاقة – يستمع من خلال السبيكر إلى الحوار ويتلوى على الأرض من شدة الضحك.

حتى في ما بيننا نحن أهل الخليج، تختلف مفرداتنا ومعانيها اختلافاً طفيفاً، لا يستدعي تدخل الأطباء. ففي أبوظبي، وأثناء دورة تدريبية جمعت ضباطاً خليجيين، دار حديث بيني وبين ضابط إماراتي عن «الملابس الداخلية للرجال». ويجب التوضيح – لغير الخليجيين – أن أهل الكويت والسعودية والبحرين وقطر يرتدون «السروال» تحت الثوب، وهو في طول البنطلون، في حين يرتدي أهل الإمارات وعمان «الوزار» تحت ثيابهم، وهو مفتوح على الحديقة العامة ويطل على الشاطئ مباشرة. وانتقد صاحبنا الإماراتي سراويلنا، موضحاً أن النساء وحدهن اللاتي يرتدين السراويل، فانتقدت بدوري الوزار، وكيف أن الرجل إذا سقط على ظهره فستحل الكارثة، ودار النقاش على وقع ضحكات الزملاء، وعندما هَمّ الإماراتي بالمغادرة، قال لي بودّ: «في خاطرك شيء؟»، ومعناها باللهجة الكويتية: «هل تحمل ضغينة عليّ؟»، في حين أن معناها بالإماراتية: «هل تأمرني بشيء؟»، ويقولها المرء عادة قبل مغادرة المجلس. فأجبته: «لسنا أطفالاً كي نحمل في خواطرنا شيئاً على بعضنا بسبب نقاش ضاحك»، فلم يفهم، وكرر السؤال، فقلت له بغضب: «يا أخي ليس في خاطري شيء، لماذا تهوّل الأمور؟» فغضب بدوره: «وما الذي يغضبك الآن؟!» وكبرت القصة والسبب سوء الترجمة.

وفي الكويت ذاتها، تختلف اللهجات والثقافات، فالبدوي إذا أراد أن يمتدحك وصفك بأنك ذئب أو حصان، في حين أن هذين الوصفين عند الحضري يتطلبان تدخل (112) خدمة الطوارئ الهاتفية.

الثقافات تختلف، وهذا ما دعا النائب محمد هايف إلى مطالبة الحكومة بطرد السفيرة الأميركية بعد أن تحدثت عن الكلاب والقطط في برلماننا، ولو كان الأمر في يد نائبنا الفاضل لأمر بجلدها وحلق شعرها، وهي لن تحرص على شعرها بقدر حرصها على معرفة الجريمة التي ارتكبتها. يالله معلش «هي هاز نو ستوري». 

احمد الصراف

العضو أبوشامة!

في غمرة الصراع الذي دار قبل فترة بين معارضي ومؤيدي السماح لطائفة البهرة ببناء مسجد لهم في احدى المناطق السكنية، كان صوت احد اعضاء المجلس البلدي وقتها الاكثر ارتفاعا وقسوة وتهجما على ابناء الطائفة، حيث وصفهم بالكفرة وطعن في صحيح عقيدتهم! واعتقد الكثيرون ان موقف هذا العضو ينسجم مع تدينه وغيرته على صحيح العقيدة، وشك آخرون في وجود ثأر أو عداوة سابقة بينه وبين البهرة، بحيث وقف ذلك الموقف غير المتسامح من المشروع، وتبين لاحقا ان ليس في الامر هذا ولا ذلك، حيث لم تمر فترة طويلة حتى «اشتهت جهة ما» كشف احد الرؤوس الكبيرة التي تقف وراء جرائم المتاجرة بالبشر، والتي كثيرا ما شوهت سمعة الكويت لدى كل الدول والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان، واذ بنا نكتشف ان السيد العضو السابق وأحد اشقائه، متورطان في المتاجرة بقوت آلاف العمال الفقراء وجلبهم بصورة غير مشروعة للكويت وتحقيق ملايين الدنانير من وراء فعلتهما، معرضين الأمن والسلام الداخليين للبلاد للخطر، وسمعتها في المحافل الدولية للتشويه!
ما نريد التركيز عليه هنا ليس فضح هذا العضو السابق الذي حقق الملايين وشقيقه نتيجة فساد الجهاز الاداري الحكومي، حيث يستحيل على فرد جلب آلاف العمال من دون تواطؤ من داخل احد اجهزة الدولة، بل نود التركيز على ان ثقافة المجتمع الكويتي لا تزال قاصرة عن اعتبار عمل هذا العضو نوعا من الجريمة الامنية البشعة التي تستحق اقصى درجات العقوبة، علما بأننا لم نسمع منذ نصف قرن ان متنفذا عوقب على مثل هذه الجريمة! فبإمكان هذا العضو السابق السير مرفوع الرأس، حتى بعد ادانته، هذا ان أدين أصلا، بين أهله، والعيش بكل فخر ومن دون خجل بينهم وفي مجتمعه الأوسع، فهو أيضا -بعرف مجتمعاتنا وفي ظل أصالة وعراقة عاداتنا وتقاليدنا- لم يرتكب ما تعارف على اعتباره امرا او فعلا مخلا بالشرف والامانة، فهو لم يسرق من بيت فقير ولم ينهب مال يتيم ولم يعتد. على سائل ولا محروم، بل اخذ مالا ممن ارادوا القدوم للكويت والعمل فيها بملء ارادتهم من دون ابتزاز ولا ضغط، اما سمعة الدولة وكرامتها وأمنها الداخلي، فهي امور خلافية وهلامية وغير واضحة المعالم لدى كل من لم يؤمن اصلا ان للوطن حقا عليه، مثل ما له من حقوق عليها، ان لم تكن حقوق الوطن اكثر، فثقافة الماء والكلأ هي السائدة شئنا أم أبينا، وهي نتيجة لفشل سياسة التربية والتعليم في ترسيخ مفهوم الوطن، فلا نزال نكتفي بالضحك والسخرية، او ربما بهز رؤوسنا أسفا، عند رؤية انشغال بعض أعضاء مجلس الامة بهواتفهم النقالة، اثناء وقوف الجميع احتراما للسلام الوطني!

***
ملاحظة: نشكر رئيس الهلال الأحمر، الاخ برجس الحمود، على تعقيبه على ما سبق، وان كتبنا عن تقاعس بعض الجمعيات، ومنها الهلال الاحمر، عن شكر المتبرعين لها، ولكننا وبعد نشر المقال، وردتنا مكالمتا هاتف، على حسابنا، حيث انني خارج الكويت، اضافة لرسالة إنترنت من متبرعين معروفين يؤيدون ما ذكر في المقال عن تقصير الجمعية، ويبدو يا أبا خالد ان الهلال الاحمر مقصر في هذه الناحية، ولست في حل من ذكر اسماء الشاكين، بناء على طلبهم، علما بأنهم أكدوا أن تبرعاتهم للجمعية ستستمر، لثقتهم الكبيرة في شخصكم وبقية الاخوة والاخوات العاملين فيها، أما عن عدم تسلم البعض ايصالات تبرع، فهذا ما لم نتطرق له في المقال.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

يا بلادي العزيزة… القانون ولا شيء غيره!

 

مقلقة هي حادثة اعتداء «عقيد» عسكري على عضو بلدي… ربما لا تكفي كلمة «مقلقة» لكي تشعرنا بأن المجتمع البحريني الآمن والمسالم والمتنعم بنعمة الأمن، في أمس الحاجة اليوم للدفاع عن هذه النعمة، بدءا بالدولة التي يتوجب عليها تشديد القوانين وعدم التهاون في تنفيذها، كائن من يكون الطرف المخالف، إنتهاء عندي وعندك وعند كل مواطن ومقيم حيث يتوجب أن يكون الجميع حماة للمجتمع طالما يعيش الكل في كنفه.

بالنسبة لي شخصيا، أيقنت تمام اليقين بأن المجتمع البحريني مهدد بالفعل في أمنه بسبب ممارسات متعددة من قبل فئة تهوى الإضرار بالمجتمع من المواطنين أنفسهم تحت شعار المطالبة بالحقوق، وهذه كما قلت في مقالات سابقة، ظاهرة انحسرت ولله الحمد وفي طريقها الى الزوال مع وجود القناعات بضرورة المطالبة بالطرق السلمية المشروعة التي لا تخالف القانون… لكن، ماذا عسانا نفعل مع خليط مخيف من غير البحرينيين؟

دعونا نستعرض ثلاث قضايا فقط نظرتها المحاكم في أسبوع واحد، أولها تورط فيها بحريني وبحرينية، ونظرتها المحكمة الجنائية الكبرى التي قضت ببراءتهما من تهمة بيع المواد المخدرة وأمرت بحبسهم لمدة سنة وتغريمهم مبلغ 500 دينار عن تهمة التعاطي، فهذه عينة من البحرينيين الذين يتجاوزون قوانين وأنظمة البلد دون خوف ولا رادع.

أما القضية الأخرى التي حجزتها محكمة الإستئناف العليا، فهي قضية متهم روماني بالاعتداء على عرض شقيقة زوجته بعد أن تم القبض على المتهم الذي كان فارا من يد العدالة وذلك بعد حضوره لجلسة الاستئناف، وقضت بحبس المتهم لمدة 5 سنوات وإبعاده عن البلاد بعد تنفيذ الحكم الصادر بحقه في قضية اغتصاب شقيقة زوجته.

أما القضية الثالثة التي أرجأتها محكمة الاستئناف العليا الجنائية لندب محام للمتهمة، فهي قضية قضية إثيوبية شرعت بقتل ابن مخدومها، بعد أن قضت بحبس المتهمة لمدة 3 سنوات وإبعادها عن البلاد نهائيا.

وتفاصيل القضية تشير الى أن الخادمة شرعت في قتل ابن مخدومها بأنْ باغتته من الخلف حال وجوده في المطبخ، وانهالت على رأسه ضربا بمطرقة حديد، قاصدة من ذلك قتله، غير أنّها لم تتمكن من ذلك، ولله الحمد والمنة.

السؤال المحير، سواء كان الجناة بحرينيون من أبناء هذا المجتمع الطيب المسالم المحافظ، أم من الوافدين القادمين من مجتمعات اعتادت على الإجرام أو مسالمة لا فرق… أليس هناك ما يقلق بشأن استخفاف أولئك المجرمون بقوانين البلد؟ ولماذا يستخفون بها ويتجاوزونها؟ ولماذا تتكرر جرائمهم وتتضاعف عاما بعد عام.

ليس لدي شخصيا إلا إجابة واحدة، ألا وهي عدم احترام قوانين وأنظمة البلد، والاستخفاف بها الى حد ارتكاب جرائم مروعة، ولكن، هل الدولة مسئولة؟ نعم مسئولة عن تشديد القوانين، وليست وحدها المسئولة، فكل مواطن وكل صاحب عمل وكل مستثمر يستقدم العمالة الوافدة، عليه مسئولية تحذير من يستقدم من عمالة من أن للبلد قوانين صارمة، يتوجب عليهم جميعا احترامها والالتزام بها، فليس صحيحا أيها السادة استقدام الوحوش وتركهم يسرحون ويمرحون في مجتمعنا دون رقابة.