محمد الوشيحي

ساحت الأسماء وتداخلت

السؤال السريع: لماذا التعديل؟ الجواب الأسرع: لأنه وناسة… والسؤال المباشر: هل التعديل بمنزلة إقرار بسوء الاختيار؟ الجواب الأبشر: نعم… طيب ما هي الأخطاء التي ارتكبها الوزراء المحكومون بالإعدام؟ العلم عند الله.

الأوروبيون كثيراً ما يتهكّمون على أبناء بلد الورود والطواحين الأوروبي، ويعتبرونهم قوماً لا يعرفون كلمة «عيب». ليش؟ لأن أغلبية هؤلاء تشكّلوا من حثالة المجتمعات الأوروبية القديمة، من القوادين واللصوص والشواذ والعاهرات وأصحاب المهن الوضيعة وعصابات القمار وما شابه، أناس وجدوا أنفسهم منبوذين من الآخرين فتوجهوا إلى ذاك البلد، وفتحوا المسائل على البحري، وتركوا لكل غارب حبلَهُ، فكل شيء مسموح، وكل باب مفتوح: مخدرات؟ تفضل، وبموافقة الحكومة! شذوذ؟ يسعدنا، ويا حبذا لو تُوّجت العلاقة بزواج علني يباركه القس، ويحضره أفراد الأسرتين! قمار؟ أهلاً وسهلاً… حتى هؤلاء الناس الذين لا يعرفون العيب، لو رأوا طريقة تعديلاتنا الوزارية لعتبوا علينا ولتمتموا في صدورهم: صحيح اللي اختشوا ماتوا.

وقبل فترة، علا نحيبنا ونشيجنا تأثراً ونحن نستمع إلى نواب الحكومة وهم يتحدثون عن وجوب منح عمّتهم فرصة كي تخطط وتنفذ، واليوم نسمع عن تعديل وزاري بعد ثلاثة أشهر من التشكيل، ولا ندري ما هو رأيهم الآن في عمّتهم.

هناك تفسير واحد لحكاية التعديلات الوزارية السريعة هذه، يبدو أنها «زغالة» حكومية لتعذيب الشعب. فما إنْ نحفظ أسماء الوزراء حتى يتم نفيهم إلى جزيرة سانت هيلانة، وتوزير آخرين بدلاً منهم، فتلخبطت عندنا الأمور، وساحت الأسماء على بعضها، وتشربكت المناصب كما أسلاك التلفون، وأظن أن كل وزير يعاني مثلنا في حفظ أسماء زملائه، فإذا شاهد أحدهم زميله ضرب جبهته وتساءل: هالوجه شايفه بس وين؟. والمشكلة أن الصحف غداً ستمتلئ بتصريحات نواب يرفضون توزير هذا ويحتجّون على ذاك، وسيعلو الضجيج وسيرتفع الدخان، وستشتكي الحكومة – بكل براءة – من تدخّل النواب في سلطاتها.

بقي شيء تهمني معرفته، ما هو وقع شائعات التعديل الوزاري على الوزراء أنفسهم؟ وهل سيغامرون باتخاذ قرارات جريئة تصحيحية في وزاراتهم أم سينصبّ تفكيرهم على محاولة تثبيت كراسيهم؟ وكم من عملية أجرتها الممثلة بنت عبدالمجيد فازدادت بشاعة، وازددنا هلعاً منها ورعباً. اهب يا وجهها.

* * *

مرَّتْ يومَ أول من أمس الذكرى التاسعة عشرة لاستشهاد البطل الكويتي مبارك النوت، الذي كان واحداً من أبرز المطالبين بإعادة العمل بالدستور، قبل الغزو، وكان رئيساً لجمعية العارضية، فدخل عليه الغزاة مكتبه، فوجدوا صورة الأمير الراحل الشيخ جابر معلّقة على حائط خلفه، فأمروه بإنزالها، فرفض، فاقتادوه معصوب العينين إلى ساحة جمعية العارضية، وأعدموه أمام الناس… رحمك الله يا مبارك، وشكراً للشبان الوطنيين الذين راسلونا لتذكيرنا بهذه البطولة والتضحية.

مبارك النوت واحد من أبناء المعارضة الكويتية، الذي يعارض وفق الدستور، لكنه لا يقبل إهانة الحُكْم مهما كان الثمن.

ويا حكومة، أو بالأحرى، يا حُكْم، يميناً بالله لن تجدوا أكثر دفاعا عن النظام من حماة الدستور وأنصاره. والأيام بيننا، خصوصا أن الرياح هذه الأيام شرقية عاتية، والمثل يقول: «لا شرّقت… غرّقت».

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

سامي النصف

الخطاب النذير

اتى خطاب صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد حفظه الله في العشر الاواخر من رمضان حازما في مواقفه وافيا في معانيه، وقد ابتدأ الخطاب بالتعاطف مع فاجعة الجهراء الاليمة مثنيا على توحد مشاعر المواطنين والمقيمين مع الضحايا شاكرا قادة الدول الشقيقة والصديقة على مشاركتهم بلدنا العزاء.

وقد ذكّر الاب ابناءه المواطنين بأن بلدنا هو الملاذ الآمن الوحيد لنا والذي حافظ عليه الاجداد واصبح واجبا علينا ان نوصله آمنا للاحفاد، مبديا ألمه الشديد مما يقال ويكتب ويتسبب في تفتيت واضعاف البلد.

وقد كانت كلمات الخطاب حاسمة في ردع وعدم السماح لمن يحاول استغلال اجواء الحريات التي كفلها الدستور للمساس بنسيجنا الوطني والاجتماعي او لضرب وحدتنا الوطنية، كما دعا سموه القائمين على وسائل الاعلام المرئي والمسموع الى الالتزام بمبادئ الحرية المسؤولة وجعل مؤسساتهم الاعلامية منارات وعـــي وتثقيـــف للمواطنـــين.

ومما اتى في الخطاب الهام الحث مرة اخرى على التمسك بالوحدة الوطنية والتذكير بأنها ما جمع الكويتيين في اسوأ الظروف والمحن خاصة في ظل الظروف الاقليمية والدولية الحرجة المحيطة بنا وضمن معطيات السباق المحموم القائم بين الدول للعمل والانجاز في وقت ساد فيه الجدل والخلاف بين صفوفنـــا.

وكان جميلا ان يستذكر سموه في هذه الايام المباركة الامير الراحل جابر الاحمد والامير الوالد سعد العبدالله طيب الله ثراهما وان يتمنى الشفاء العاجل لسمو الشيخ سالم العلي وعودته معافى لارض الوطن، لقد رسم الخطاب النذير معالم الطريق واضحة لما يفتـــرض ان يكون عليه النهج القادم، والــواجب ان تتلو ذلك الخطاب اعمال ملموسة مـــن قبل الحكومة والبرلمان تشعرنا كمواطنين بتغيير المســـار السابــق.

يتبقى دور المواطن الراعي والمسؤول عن رعيتــه ـ كما اتى في الخطاب ـ في الحقبة المقبلة واعتقد ان اول ترجمة لتلك المسؤوليـــات هي عبـــر نبذ الخلاف وعمليات التشدد والتخندق الطائفي والقبلي، والتوقـــف عن دعـــم المطالب المدغدغة، ومساعدة المسؤولـــين في كشف اوجــــه القصـــور ـ وما اكثرها ـ في اعمــــال الــوزارات والمؤسسات الحكومية، منتظريـــن بعـــد ذلك وضمـــن نهـــج ما بعد الخطاب ان يتجاوب المسؤولون مع ما يكتب وان يبتعدوا عن اسلوب «عمك اصمــــخ» المعتــــاد فقـــد اصبحنــــا واصبــــح البلد على شفا السقـــوط في حفرة سحيقة وما عادت مفردات الكلمات توفي خطورة اوضاعنا الداخليـــة والخارجيـــة حقهــا.

آخر محطة:

فاجعة الجهراء، كارثة مجاري مشرف ذات الـ 56 مليون دينار المستباحة من المال العام، فضيحة اللوحات الاعلانية، مشروع تخصيص «الكويتية» المتعثر وغيرها كثير هي ملفات ساخنة قائمة والناس تنتظر وترقب كيفية التصرف والمحاسبة فيها فإن شهدت الحزم والحسم اطمأنت على مسارها الجديد ومستقبلها، وان بقينا على طمام المرحوم فسيشعر كثيرون بأننا تعدينا مرحلة الاصلاح ولم يبق الا انتظار ان ننتهي الى ما انتهت اليه دول اكبر منا واعظم سادت ثم ابادها الفساد والتسيب وكثرة الجدل وقلة العمــل.

احمد الصراف

المثليون في الصدر والكويت

«عندما تفقد الأمم قدرتها على التقدم وتزول القدرات العقلية اللازمة للتحضر، فإنها تبدأ بالبحث في كل ما هو تافه ومزعج للعقل الإنساني..».
(أحمد البغدادي «السياسة» 1/7/2009)
* * *
اتهمت منظمة هيومان رايتس ووتش، المعنية بحقوق الانسان، بعض الميليشيات العراقية بشن حملة تعذيب وقتل ضد الرجال المشتبه في انهم من المثليين، وورد في تقرير المنظمة ان السلطات لم تحرك ساكنا امام هذه الحملة، ووثق التقرير حالات خطف وتعذيب وقتل وحشي، وان الاعتداءات بدأت مع بداية 2009 من منطقة الصدر في بغداد، وانتقلت منها الى شتى مدن العراق، وافاد التقرير بان ناطقين باسم «جيش المهدي»، الذي له امتدادات ايرانية، غذوا المخاوف من «الجنس الثالث» ومن «تخنث رجال العرق»، وأوحوا ان تحرك الميليشيات ضد هؤلاء هو الحل للقضاء على هذه المشكلة (يا لهم من جهلة مدّعين!)، وقال مدير برنامج المثليين في منظمة هيومن رايتس ان من الصعب معرفة عدد ضحايا هذا النوع من العنف، ولكن ثمة مؤشرات تضع اعداد القتلى بالمئات.
ونقل عن مراقبين وناجين من عمليات القتل والتعذيب ان جثث الضحايا تعلق في الاماكن العامة، وعليها ملصقات تبين سبب قتلهم والتمثيل بهم، كما قتل البعض وألقيت جثثهم في حاويات القمامة، بعد قطع اعضائهم التناسلية وانتزاع اجزاء من حلوقهم، كما وجد البعض الآخر مقتولا ومشوها بوضع صمغ على فتحاتهم الخلفية، كنوع من العقاب!‍‍ وذكرت تقارير طبية ان المستشفيات استقبلت العشرات من الاجساد المشوهة من احياء وقتلى!
لست في معرض الدفاع عن المثليين في العراق، ولو ان هذا من حقي كإنسان، ولم اكن لأكتب عن الموضوع لولا وجود ما يشبه هؤلاء السفّاحين -في تفكيرهم على الأقل- لدينا في الكويت، وهؤلاء هم المرضى العقليون والنفسيون الذين يجب الاهتمام بهم، فقتل الف أو عشرة آلاف أو حتى مليون من المثليين لن يقضي على وجودهم تماما، والى الأبد. فالأسر لا تأتي مواليدها ممن نود تسميتهم بالاسوياء فقط، وقد لا يكونون كذلك، بل وتوجد بينهم نسبة كبيرة من المشوهين وفاقدي الاطراف وغير محددي الجنس، ومن ذوي الاحتياجات الخاصة، وما اكثرهم! هكذا كانت حال البشرية منذ آلاف السنين، وهكذا ستبقى عليه الحال في كل قرية أو مدينة مباركة أو غير ذلك، فهذه سُنة الحياة ولا تبديل لها، ولا استثناء!
ولو علمنا ان عمر المثليين في العراق، أو في اي منطقة في العالم هو من عمر العراق، فكيف انتبه «فحولها» وأسودها وكاملو ذكورها لظاهرة المثليين الآن فقط؟ هل للامر علاقة بالصحوة المباركة التي تعتقد ان اي قضية من هذا النوع يمكن حلها بالقتل؟
لقد ذكرت في مقالات سابقة، وأعيد القول مرة اخرى انني لا اعرف شخصا واحدا من المثليين، ذكرا كان او انثى، ولا يسيئني ان أتعرف على اي منهم. فهم -حسب فهمي- لا يقلون انسانية عن غيرهم، إن لم يزيدوا عنهم لطفا ووداعة ورقيا في الكثير من الحرف والصناعات، ولدي قناعة تامة، اكثر من بديهية، ان القتل ليس حلا، ولم يكن كذلك، ولن يكون ابدا، ويبدو ان الدرب -الذي يجب السير فيه بحيث تكون نهايته تقبلنا للآخر، بكل رحابة صدر- طويل على الكثيرين منا.
* * *
ملاحظة‍: أثار مقال «سقوط الحضارة العربية الاسلامية» للاكاديمي محمد الصندوق، الكثير من الردود، كما طلب الاكثر نص الرسالة.
يمكن عن طريق الموقع التالي الحصول على النص الدراسة، باللغة الانكليزية، لكونها عملا اكاديمي الطابع:
http://philsci
/01/archive.pitt.edu/archive/00004766 ـ
Growth of science 2009.doc
كما يمكن للمهتمين قراءة آخر مقال كتبه الاستاذ الصندوق على الموقع التالي:
http://www.minbaralhurriyya.org/content/view/872/3/5

أحمد الصراف