علي محمود خاجه

فانيلة برشلونة

«هناك أخطاء وقصور ولكن لا انهيار أو انحدار» هذا ما تصدر صفحات الزميلة «القبس» في عدد 11 سبتمبر 2009 على لسان سمو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد. سمو الرئيس: حاولت مراراً أن أكتب في الأيام السابقة أو بالأحرى في الشهور السابقة عن عشرة أمور، فقط عشرة أمور إيجابية أو على الأقل تسير وفق القانون والدستور بحذافيره في بلادي فلم أجد! سمو الرئيس: إلى أي جهة تريد أن أشير لكي تعرف معيار الانحدار الذي نعيشه، التعليم التكفيري والتحريضي على الآخر أيا كان الآخر، أم الإسكان الذي لاتزال دفعات إسكانه لم تتخط دفعات 1996/1995، أم التنمية وماهية آخر مشروع تنموي، أم الصحة وآخر مستشفى متكامل تم افتتاحه في بداية الثمانينيات من القرن المنصرم؟ هل نعد كل ذلك قصوراً فحسب، وأنها مجرد أخطاء ستُصلح؟ قد تعتبرني غير منصف ومتحامل على طرقكم في إدارة الدولة، لذلك ما عليك سوى أن تكلف مستشاريك، وما أكثرهم، بأن يأتوك بعشرة أمور إيجابية عجزت أنا عن الوصول إليها في بلدي. لقد استقبلت حضرتك في اليوم نفسه الذي أدليت به بتصريحك أعلى المقال السيد جوان لابورتا رئيس نادي برشلونة الإسباني، وقد أهداك لابورتا قميصاً لفريق كرة القدم لنادي برشلونة، وإسبانيا على خلاف الكثير من دول أوروبا ليست من الدول ذات الصناعات الكبيرة أو حتى ذات التأثير السياسي القوي على مستوى العالم، إلا أنها وبكل تأكيد من أنجح دول العالم رياضياً إن لم تكن الأنجح على الإطلاق، هذا النجاح هو ما جعل من رئيس ناد في إسبانيا يُقابل من أعلى الشخصيات في الكويت، ليس ذلك فحسب بل إن شباب الكويت على استعداد أن يدفعوا ما يقارب الألف دينار وتكبد عناء السفر لحضور ساعة ونصف فقط لإحدى مباريات الدوري الإسباني، أو التي يشارك فيها فريق إسباني كبرشلونة وريال مدريد وغيرهما. إني أسوق هذا المثال لسيادتكم لكي أبين أن تركيز إسبانيا على التطور والتقدم في مجال واحد جعلها في مصاف الدول العظمى، وجعلك أنت أيضاً ترحب وتحتفي وتحتفظ بكل تأكيد بقميص برشلونة. ختاما فإني قد أتفق مع معاليك بأنه ليس لدينا انهيار أو انحدار ولكن ذلك في حالة واحدة فقط، وهو أننا قد لامسنا القاع ولا نستطيع النزول أكثر من ذلك. خارج نطاق التغطية: سيادتكم – سعادتكم – معاليكم – حضرتكم، كلها مصطلحات ذات أصول غير عربية، فهل نملك في لغتنا العربية مصطلحات مرادفة لها لإظهار التقدير والاحترام؟ 

سامي النصف

الكبار كبار والتكتل الدستوري

لأن القدوة الحسنة قد ندرت او انعدمت فلا مانع لدينا ان نعيد بعض ما قاله الزملاء في الثناء على تصرفات بعض الكبار التي تدل على ان الخير والقدوة الحسنة مازالا موجودين في بلدنا ويسيران على ارضنا، فقد استوى في تدمير بلدنا هذه الايام من يثني كاذبا، ومن ينتقد سالبا بكلمات مدفوعة الاجر.. حرفا حرفا.

فقد كان الرئيس جاسم الخرافي كبيرا في عدم استغلاله لموضوع التحقيق في «الفحم المكلسن» للانتقام ممن ينتمون لتيارات لا تصوت عادة لرئاسة الخرافي ملتزما بالدستور ولوائحه وأعرافه التي لا تسمح بإصدار الاحكام المسبقة او القيام باستغلال القضايا العامة للانتقام الشخصي، كما يحسب للخرافي تقبله للنقد الذي احتواه مسلسل «صوتك وصل» وطلبه قبل ذلك من حرس المجلس تقديم التحية للرئيس السابق احمد السعدون.

ويحسب للرئيس السابق الكبير احمد السعدون التزامه بالديموقراطية وايمانه بحرية الرأي ورفضه رفع القضايا على بعض المسيئين له مما جعله يكبر في اعين الناخبين الواعين فيرفعونه الى المراكز الاولى ويصغر بعض ناقديه الاغبياء في اعين القراء الاذكياء فيعكسون لهم مدى انعدام مصداقيتهم امام الخلق، خاصة من يدعون انهم يدخلون عليهم ويخرجون منهم.

كما يحسب لنائب رئيس مجلس الامة السابق الكبير صالح الفضالة نظافة يده وطهارة ذمته المعروفة وصراحته المعهودة ورفضه لمنصب نائب رئيس مجلس الوزراء الذي يسيل له اللعاب ما لم يلم بالسياسات العامة للدولة ويعرف مسبقا اسماء من سيشاركه المسؤولية.

وسنبقى قبل وبعد هذا المقال نتباين مع الاعضاء الاعزاء في التكتل الشعبي بقضايا نروم منها مصلحة الوطن ومستقبل ابنائه وأولاها مسمى التكتل الذي نعتقد ضرورة تغييره الى «التكتل الدستوري»، حيث ان جميع زملائهم منتخبون من الشعب، لذا فجميعهم «شعبيون»، كذلك ليس من واجب النائب ان يتبنى كل ما يطلبه الناس، فالجماهير كما قال كبار المختصين بسيكولوجيات الشعوب وعلى رأسهم غوستاف لوبان قد تطالب في كثير من الاحيان بما يضرها حاضرا ومستقبلا.

ومن الامور التي نتباين معهم فيها، تقصدهم في بعض الاحيان لشخصيات عامة كفؤة وامينة عبر البحث عن قضايا جانبية تافهة، وكذلك مغالاتهم في الحفاظ على الاراضي العامة القاحلة بدلا من القبول بمبدأ «تأجيرها» عبر نظام عملي شفاف وسلس على الشركات المساهمة ورجال الاعمال لتعميرها كوسيلة لخدمة الناس ودفع عمليات التنمية للامام.

آخر محطة:

للزميل الفاضل سعد العجمي ان يدافع عن التكتل الشعبي وله كذلك ان يتهم ـ وهو محق ـ «بعض» من يتهجم على التكتل بالارتزاق وقبض الثمن، ما لا يملكه الصديق بومحمد هو تعميم ذلك المبدأ كما اتى في اكثر من مقال وجعل «جميع» من يختلف مع التكتل مرتزقة ومغرضين وخداما للمصالح الخاصة حيث ان ذلك التعميم ـ غير المحق ـ يعني عدم تشبعنا بروح الدستور والفهم الصحيح للديموقراطية والايمان بالرأي والرأي الآخر.

احمد الصراف

أنا أحب وآسف

سمعت الفتاة طرقا على الباب، فلما فتحته رأت ثلاثة رجال كبار في السن بلحى كثيفة يطلبون مقابلة صاحب البيت، فسألتهم عن طلبهم فقالوا انهم لن يفصحوا عنه الا بوجوده، وهنا وصلت والدتها وعندما اطمأنت إليهم طلبت منهم الدخول وانتظار الاب في الداخل وتناول شيء ما، ولكنهم فضلوا البقاء في الخارج بانتظار الاب الذي لم تطل غيبته كثيرا، وما ان وصل سألهم عن طلبهم ودعاهم للدخول فاعتذروا وقالوا ان واحدا منهم فقط سيدخل البيت ويبقى وعليه ان يختار بينهم، وقال اولهم انا اسمي «ثروة» وهذا اسمه «حب» وصاحبنا الثالث اسمه «صحة» فعليك اختيار احدنا ليدخل البيت ويبقى عندكم.
سارع الرجل وطلب من «ثروة» الدخول، فقفزت الام العليلة وطلبت من «صحة» الدخول فحدثت مشادة بينهما بين من يختارا، الامر الذي استدعى تدخل ابنتهما التي طلبت من «الحب» الدخول، وهكذا كان، ما ان دلف الحب للبيت وجلس على احد مقاعده حتى تبعه «ثروة وصحة» فحيثما يوجد حب يوجد ثراء كبير وتوجد الصحة!

* * *
ارسل لي القارئ عقيل رسالة الكترونية تعليقا على المقال الذي كتبته عن التبرع لمبرة «رقية القطامي لامراض السرطان» قال فيها انه سبق وتبرع لجهات خيرية عدة بالمال. ولكن ايا منهما، دينية أو غير ذلك، لم تكلف نفسها الاتصال به وشكره، سواء عن طريق مكالمة او رسالة هاتفية أو حتى بطاقة بريدية تشكره على تبرعه! وقال انه عندما تبرع لم يكن يقصد سماع الشكر بقدر اهتمامه بالتبرع لمشروع خيري صحيح، ولكن للشكر اثره وللتقدير مفعوله السحري في النفس، وانه من واقع تجربته الشخصية لدى مجتمعات اخرى، وليس بالضرورة في الدول الغربية، لمس اهتمام تلك الجهات بمثل هذه الامور، التي قد نعتبرها شكلية، فالمدح أو الشكر، والعلني منه بالذات، يسر المتبرع من جهة، ويحثه ويشجعه على التبرع اكثر مستقبلا، كما يشجع الآخرين على البذل والعطاء. وبهذه المناسبة اتذكر ان المرحوم عبدالرحمن عبدالمغني (ابو مغني) كنا تحدثنا واياه مرة في جلسة خاصة عن قصة تبرعه لبناء مستشفى في منطقة محددة بالبحرين، حيث سبق ان توفي ابنه في حادث سير مروع، وما ان سمع احد الحضور بموضوع تبرعه حتى عرض الآخر مساهمة في تجهيز المستشفى بكل متطلباته من المعدات والمواد الطبية، وهذا ما حصل، حسبما اتذكر، فقد مرت فترة طويلة على الحادثة! ما قصدته هنا ان الكرم امر معد، كما هو الحال مع اي شيء جميل، فالفرح معد والضحكة معدية. وقال عقيل ان جمعية الهلال الاحمر ربما تكون احدى الجهات التي لا تعطي اهمية كبيرة لموضوع شكر المتبرعين! وهنا اتمنى من المشرفين على الجمعية وجميعهم من الافاضل والمتطوعين الى العمل دون مقابل في الجمعية الالتفات لشكوى القارئ عقيل، ولو ان تجربتي الشخصية مع الجمعية تقول عكس ذلك، وانه مطلوب منها اعلام المتبرعين بوصول تبرعاتهم، واتمنىان يكون في الامر خطأ اداري بسيط.
وتصديقا لرواية القارىء عقيل، بشكل عام، فإنني اتذكر جيدا أنني تبرعت لاول وآخر مرة بمبلغ كبير لاحد مرشحي تجمع سياسي معروف، وما ازال، ومنذ 15 عاما بانتظار ورود كلمة شفهية او رسالة شكر منه، او من حزبه السياسي، في حياته وبعد وفاته.
وربما من الخطأ لوم شخص أو جهة ما على عدم الشكر، فالمسألة تتعلق بثقافة مجتمع ككل، فنحن في جانب نجد صعوبة كبيرة في الاقرار بالخطأ في الوقت المناسب، وفي جانب آخر نستصعب او ننسى تقديم الشكر عندما يتطلب الامر ذلك، وتبدو الغلظة في تصرفاتنا عندما نطلب مثلا من شخص التوقف لنسأله عن امر فلا اعتذار ولا اسف بل نطلب طلبنا ونمضي في حال سبيلنا حتى دون شكر، وقد حدث هذا الامر معي كثيرا، وكنت اقف دائما مشدوها من مثل هذه التصرفات الجافة!
ومن الامور الصعبة علينا كذلك، عودة لقصتنا في بداية المقال، ان نقول «انا احبك» عندما يكون الموقف يتطلب قول ذلك، اما تقدير مواقف الآخرين تجاهنا بطريقة فعالة فحدث ولا حرج، فقلة مثلا ترسل رسالة شكر على معروف أو باقة زهور على صنيع جميل، خصوصا بعد ان اصدر احد مشايخ السعودية فتوى تحرم اهداء الزهور.

أحمد الصراف