وصفت منظمة الصحة الدولية مرض انفلونزا الخنازير بأنه اول وباء قاتل يجتاح العالم منذ ما يقارب النصف قرن، لذا شعر نواب وممثلو 7 مليارات نسمة الشركاء لنا على الكرة الارضية بخطورة الموقف وسلموا الامر للمختصين في قضايا الصحة والتعليم كي يقوموا بما يرونه صائبا دون تدخل في اعمالهم التخصصية لما في هذا التدخل من تبعات ضخمة على من يقوم به من النواب غير المختصين.
في قطعة الارض الصغيرة التي نعيش عليها والتي لا تكاد ترى على خارطة العالم وان كان صريخها ومشاكلها قد أصمت آذان الساكنين على كوكبنا ووصلت حتى الى الكواكب السيارة الاخرى، قرر الجهابذة من كبار العلماء والمختصين من النواب ان يعقدوا جلسة خاصة لانفلونزا الخنازير كي يثروا الموضوع بعلمهم وفكرهم كمراجع دولية معترف بها في قضايا الصحة والتعليم، كما قرروا تحميل وزيري الصحة والتربية مسؤولية موت اي طفل الشهر المقبل فيما لو بدأ العام الدراسي في موعده المقرر وهو منطق لم نسمع بمثله في اي دولة اخرى على مر التاريخ.
ومعروف ان المدارس اضافة الى انها اماكن تحصيل علم، هي مناطق تجمع محددة جغرافيا وعدديا، لذا يمكن التحكم بسهولة فيما يجري بها، اي فحص حرارة الطلبة وعزل المصابين منهم، كما ان المصاب لن يعدي اكثر من طلاب صفه وهو المنطق الذي رأته وعملت به الدول المتقدمة الاخرى الا بلدنا بناء على تهديدات وتوصيات بعض النواب، لذا وعلى نفس مقياس لوم وزيري الصحة والتربية واستجوابهما وابعادهما عن كرسي الوزارة حال وقوع حالة وفاة لأحد الطلبة المنتظمــــين بالمدارس الشهر المقبل نطـــرح الأمــــر التالي:
معروف ان تعطيل المدارس المتحكم بها والتي لا يزيد عدد طلابها عن المئات لن يبقي الطلبة سجناء في البيوت بل سينطلقون الى الاسواق والجمعيات والمجمعات ودور السينما.. الخ، التي لا يتحكم فيها احد ومن ثم يمكن لشخص او طالب واحد ان يعدي العشرات او المئات أو الآلاف وبالتبعية احتمال موت العشرات الشهر المقبل بسبب تلك الاوضاع الفريدة التي خلقها غير المختصين من النواب وعليه سيكونون هم المسؤولين عن كل حالة اصابة او وفاة الشهر المقبل ابان التعطيل القسري للمدارس ومن ثم يجب عليهم قياسا ان يتركوا كراسيهم الخضراء مع اول اصابة او وفاة الشهر المقبل بعد ان تم الاخذ بنصائحهم، فحياة الناس ليست لعبة يستخدمونها في معاركهم السياسية التي لا تنتهي.
آخر محطة:
1 – رغم ان قضية وباء الطاعون التي حدثت ابان بدء الدولة الاسلامية معروفة وما أتى على اثرها من توصيات شرعية حكيمة بعدم السفر من وإلى الدول الموبوءة وهو ما اعتمد عليه لإصدار فتوى حديثة مماثلة بعدم السفر للمكسيك والولايات المتحدة عند بدء انتشار وباء انفلونزا الخنازير هناك الا اننا نلحظ عدم الالتزام بتلك الفتوى والتوصية الدينية الصحيحة مع تفشي الاصابة لدى الجارة السعودية حيث اصبح موسم العمرة مجالا لدخول المرض للأماكن المقدسة ثم اعادة تصديره للدول المجاورة والبعيدة، السؤال: لماذا لا يتم الالتزام بتلك الفتوى وتكرارها حتى يمكن القضاء التام على ذلك المرض وكي لا يتحول الى مرض مستوطن دائم كحال الانفلونزا التي قل ان اعتمر او حج احد دون الاصابة بها؟!
2 – كنا كمسلمين نعيب على أتباع الديانة الهندوسية تفشي مرض الكوليرا ابان حجهم لنهرهم المقدس ومن ثم انتقاله منهم للآخرين وكنا ننصحهم بالتعامل مع ذلك الداء بطريقة علمية، وهو ما قاموا به فتوقف الداء، فلماذا لا نطبق نصائحنا للآخرين على انفسنا؟! لست أدري!