سامي النصف

وصل مع الشكر

من الشيخة أنيسة سالم الحمود الصباح وصل كتاب قيم من إعدادها يتناول سيرة والدها المرحوم الشيخ سالم الحمود ويتضمن بعض مقالاته ومقابلاته وتعقيب الكتّاب على كتاباته، ثم وفاته وألبوم صوره وبعض قصائد الثناء التي قيلت بحقه ويكفي الراحل الكبير والمرافق القدير للأمراء مقولته الشهيرة «ليس من مصلحة الوطن أن يكون لدينا مجلس من البصامين والمدعومين».. سيرة عطرة وكتاب تاريخي يستحق القراءة.

ومن المهندس الشاب عبدالرحمن مضحي الشمري وصلنا كتاب لا غنى لمن يعتزم بناء بيت عنه عنوانه «بيتك خطوة خطوة»، وهو دليل ممتاز لبناء البيوت الفاخرة والمتميزة بأقل التكاليف وجهد طيب يا «باش مهندس».

من المستشار القانوني المعروف ناهس العنزي وصلتنا موسوعة مختصرة لأهم القوانين التي يحتاجها الإنسان في حياته بدولة الإمارات العربية (أو حتى الكويت لتقارب التشريعات) حيث يتطرق المستشار القانوني لقضايا مهمة وكيفية التعامل معها مثل الأخطاء الطبية ومنع السفر وعقود الزواج والنفقة والوكالة وصحة اعتراف المتهمين والشهود وصفقات البيع..إلخ.

وصلتنا من الصديق الإعلامي فالح ماجد المطيري دراسة معمقة ومتنوعة عن البرلمانات والمجالس الاستشارية في دول مجلس التعاون لا غنى للوزراء والمسؤولين والنواب والطلاب والساسة (كلنا سياسيون بامتياز) عن قراءتها كي نعطي المجالس الموجودة لدى الجيران حقها، خاصة أنها لم تعطل قضايا التنمية قط أو تدمر المستقبل لأجل دغدغة الحاضر.

ورسالـــــة مـــــؤثـــرة من ([email protected]) يقول صاحبها إنه من أسرة قدمت من بلد مجاور عام 56 وعمل والدهم لدى الشيخ المرحوم صباح السالم حتى عام 73 حيث عمل في البلدية ثم الصحة، وجميع أبنائه من مواليد الكويت وتحول منزلهم بشهادة عشرات الشهود عام 90 إلى مأوى للعسكريين والمدنيين الكويتيين ويملكون حاليا ملفا بإدارة الجنسية، إلا أن عدم وجود «الواسطة» أوقف كل شيء وأصبحوا بعد 53 عاما من الشهامة والرجولة والمواقف الوطنية يبحثون عن كفيل.

تعقيب: نرجو من الجهات المختصة التحقيق في الأمر فإن ثبتت صحته وجب إنصافهم وتجنيسهم فليس هناك شيء أسوأ من الظلم، خاصة انه تم تجنيس بعض من أتى بعدهم بعقود بواسطات بعض النواب والمتنفذين.

آخر محطة: 1 ـ التهنئة القلبية للزميل ماضي الخميس على افتتاح صالونه الإعلامي. 2 ـ شكوى مريرة من صديق عزيز «حقاني» يدعى بوعزيز حول من يحتجز الأراضي العامة المقابلة لمحلاته ومعارضه وحتى بيته ثم يعطي لنفسه حق منع الآخرين من إيقاف سياراتهم فيها، بل التعدي عليها، ويريد الموقف القانوني وحتى الشرعي من الاحتكار. 3 ـ رسالة مكتوبة تتضمن شكوى مختصرها: شاب وحيد لديه 6 شقيقات لم يجدن ما يسئن به لزوجته المحجبة والمتدينة إلا أن يتهمنها بعمل السحر مما دمر حياتها وحياة أبنائه ويتساءل: كيف لشخص أن يبرئ نفسه من تلك التهمة الخطيرة التي ترمى ظلما وزورا على الآخرين دون دليل أو قرينة؟!

احمد الصراف

عندما أكون مسقوطاًَ من الحساب

في مساء يوم الجمعة 14 اكتوبر 1994 قام شاب بطعن الكاتب المصري «نجيب محفوظ»، الذي توفي قبل 3 سنوات عن 95 عاما، قام بطعنه في رقبته بسكين بهدف القضاء عليه. وتبين بعد التحقيق ان ذلك الشاب الشديد التدين لم يكن يدرك فعلته، وانه لم يقرأ حرفا واحدا للمبدع محفوظ، الحائز على جائزة نوبل للآداب، وانه جاهل وسمع بانه كافر فقرر قتله!
تذكرت تلك الحادثة وانا اطلب من صديق مساعدتي في منع نشر بعض مقالاتي في احد المواقع، بعد ان تبين لي ان غالبية المتفرغين للتعليق على ما ينشر في المدونات والمواقع الالكترونية هم عادة من متواضعي الفهم والدراية، وخاصة من مستقي التعليم بــ«السمع». ويمكن ملاحظة ذلك من كم الاخطاء الاملائية والنحوية التي ترد عادة في تعليقاتهم ومداخلاتهم، اضافة لاسلوب مخاطبتهم السوقي. كما ان غالبيتهم، لسبب لا ادركه، يفضلون استخدام اسماء وهمية، ربما لكم التكفير والزندقة والاتهام بــ«الليبرالية والعلمانية» التي تتضمنها ردودهم من دون اي احساس بالمسؤولية. كما لا يتردد الكثير منهم في اسداء النصح والتحذير من الكفر بأساليب مضحكة، بالرغم من خطورتها، ويتم كل ذلك ضمن جهل واضح بالموضوع اساسا!
لست جزعا من الموت، ولا اعتقد ان بامكاني وقف ما قد يحصل لي بسبب كتاباتي، ولكن لا اريد ان اتعرض، او يتعرض اي كاتب حر، لما تعرض له الاديب الكبير نجيب محفوظ او غيره العشرات من المبدعين في عالمنا المظلم، علما بانني لا ادعي الوصول لقامة اي منهم. اقول ذلك بعد ان تحولت بعض مواقع الصحف الورقية والالكترونية والبلوغات، وخاصة في الكويت، الى منابر بث الكراهية والاتهام بالكفر والزندقة والخروج عن الدين، من غير ادراك ان البعض منا لا يزال يعيش بعقلية العصور الوسطى، والذي قد تستهويه فكرة ملاقاة الحور العين من خلال دماء كاتب او مفكر.
لا ندعو، لا هنا ولا في اي مكان آخر، لتكميم الافواه والحجر على الرأي والرأي الآخر، ولكن بما ان للنشر ادبياته وقواعده، فاننا ندعو اصحاب المواقع الالكترونية، وسنكون احدهم قريبا، الى الالتزام بالحدود الدنيا من الرقابة على ما يردهم من تعليقات وحذف المسيء منها.
والتعليقات التالية عينة صغيرة مما ينشر في الكثير من المواقع، والتي تبين مستوى تفكير هؤلاء المعلقين، والتي نوردها كما هي: «.. فأثبت الاسلاميون ان كلامهم يعور الخفافيش والغربان الي مثلكم يا (اسم صحيفة) مسيلمة الكذاب يا منافقي الحرية والدستور الخرطي، يا جريدة ستالين (!!)..» ويقول آخر: «زين بيع الكلام البحري وين الديموقراطية يا نازيون الجدد الذي صممتو الهذرة والبربرة باذننا يا جرب القوم. لو امرأة ساقطة مثلكم وتريد ان تنشر عهرها وفسادها لتراكظتو مثل القرود في نشرها». ويقول ثالث: «ان ما تكتبه كفر وانت مسقوط من الحساب.. (!)..»، وحيث اننا «مسقوطون» من الحساب فسنتوقف هنا عن الكلام المباح.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

النسر لا ينتظر 
حبوب الارملة


الشيخ عايض القرني في فن الكلام والخطابة نسرٌ يبزّ نسور الشمال ويحرق قلوبها، يسكن الأفلاك ويتفقد حقائب الشموس والكواكب قبل ذهابها إلى مدارسها، لكنه في نظم القصيد ديك بصراوي يعيش على الحبوب التي تنثرها له الأرملة صاحبة العشة.

شيخنا الزاهد الورع بعدما تعالت الأصوات الناقدة لقصيدته التي غناها محمد عبده بعنوان «لا إله إلا الله»، راح يترنح ويهز عصا الغضب، فهاجم نقّادها، وألبسهم ثياب الجهل، على اعتبار أنه عالم. لكنه للأمانة لم يخرجهم من الملة، كان رؤوفاً معهم. ودارت الأيام وازداد عدد ناقدي القصيدة، و»عاديّتها»، فازداد ترنحه وازداد اهتزاز عصا غضبه، فأعلن فضيلته عن جائزة قدرها مليون ريال لمن ينظم قصيدة مجاراة لقصيدته الديكية، ليغيظ الحُساد ويكيد العذال.

ولو كنت أنا مكانه لجعلت الجائزة عشرة ملايين ريال للفائز الأول، وخمسة ملايين للفائز الثاني، وثلاثة ملايين للثالث، فالشعراء البطّالية المحتاجون كثر، والملايين التي جمعتها من «الدعوة» أكثر، وسأجمع أكثر، فرأس المال بشت وغترة بلا عقال، وتأليف وخيال، فلا إيجار شركات ولا رواتب عُمال، وستتراكم الأموال فوق الأموال، لن يحول دونها أزمة اقتصادية ولا خبال، ورجال الدين اليوم هم رجال الأعمال.

وقد شاهدت في لبنان مجمعات سكنية هائلة، بنتها «الكنيسة المارونية» لبسطاء الناس والمعوزين من أتباع الطائفة المارونية، تُباع لهم بالتقسيط المريح الطويل، وبقيمة التكلفة، فدخلتها وتفرجت عليها ووجدت بناءها لا يختلف عن بناء البيوت العادية في شيء، إلا أن قيمة بيوت الكنيسة أقل بنحو أربع مرات عن البيوت العادية. وهنا أتساءل: أين مشايخنا الأثرياء، سنة وشيعة من هواة جمع التبرعات والظهور على القنوات، من مثل هذه الأفكار؟ أم أن مهامهم انحصرت في مهاجمة نانسي عجرم وصويحباتها؟ ويا سبحان الله، هذه النانسي عجرم المسيحية المارونية التي طالما هاجموها وشتموها كانت من أكثر المتبرعين للمسلمين الشيعة الذين فقدوا بيوتهم بسبب حرب حسن نصرالله الأخيرة مع إسرائيل. وهي كانت ولاتزال ترفض الظهور في الفضائيات والحديث عن هذا الأمر.

* * *

قدرات ربك تتجلى في كل أمر، فها هما النائبان سيد عدنان عبدالصمد وعبد السلام النابلسي يتصالحان ويتحالفان تحت عنوان «وحدة البيت الشيعي»، منهيين بذلك حرب البسوس الطويلة بينهما. آخ ومليون آخ، من كان يصدق أن يضع سيد عدنان يده بيد النابلسي لولا حادثة التأبين التي لا تريد فاتورتها أن تنتهي قبل أن تمسح كل نقطة جميلة في سيرة عدنان.

ومن بين الغبار الكئيب هذا نتساءل: وأين النائب صالح عاشور من الصلح يا سادة القوم؟

* * *

لكل من اعترض، وما أكثرهم، على إعراب الجملة التي وردت في مقالتي السابقة «الحشر ليس عيداً»، والتي جاءت هكذا «نحن الكويتيين لا نعلم كيف نشكر الله على جزيل نعمه»، ظانِّين أن الصحيح هو «نحن الكويتيون»، وأن «الكويتيين» خبر يجب أن يُرفع بالواو، أقول باختصار: «الكويتيين» ليست خبراً، فأنا لا أهدف إلى إخبار الناس أننا كويتيون، بل هي مفعول به منصوب على الاختصاص بفعل محذوف تقديره أخص أو أعني وعلامة نصبه الياء، وجملة «لا نعلم كيف نشكر الله على جزيل نعمه» هي الخبر. ولا إعراب آخر لها في الأسواق، فالمعذرة. 

احمد الصراف

نصف قرن من التوتر

تعاني الكويت، ومنذ أربعينات القرن الماضي، من مشكلة حدود ووجود مع العراق، الجار الاكبر والاكثر شراسة في التعامل.
وعلى الرغم من ان مطالبات العراق السياسية المتكررة بأن الكويت جزء منه تعود لاكثر من 70 عاما، فانه لم يجن الا الويلات منها، مع عدم مشروعية المطالبة اصلا.
وعلى الرغم من ان هذه المطالبات لم تأخذ شكلا جديا الا في بداية ستينات القرن الماضي، عندما كان عبدالكريم قاسم، زعيما اوحد للعراق، وقبل ان يأتي مجنونها الآخر في اغسطس 1990 ويترجم المطالبات الواهية والمتكررة إلى غزو واحتلال دموي كانت فيه نهاية المطالبة، ونهاية نظامه واسرته ورفاهية العراق لعقود طويلة قادمة! نقول على الرغم من ان تلك المطالبات لم تأخذ شكلا جديا، فان مجرد شعور المواطن الكويتي بأن هناك من يهدد وجوده، ولو كلاما، كاف لتوتير العلاقة بين البلدين إلى درجة التسمم. نقول ذلك مع اقتناعنا ان بوصلة مستقبل الكويت تشير الى الشمال وليس الى الجنوب، ولكن هذا لا يمكن ان يتم و100% من الشعب الكويتي، المعني الاول بالامر، ولعديد من الاسباب، غير معني لا من قريب ولا بعيد بوحدة سياسية مع الجار لا معنى لها!
لنترك التاريخ جانبا، فجروح الابدان والنفوس تحتاج الى بعض الوقت لكي تلتئم، وليس هنا مكان نكئها وتأجيج النفوس!
يطرح كاتب عراقي في رسالة له إلى صديق كويتي السؤال التالي:
ما الذي يمكن ان نقوم به للحفاظ على علاقات طيبة ومستمرة بين الكويت والعراق، من دون الانغماس في الاثارة والتأليب والاتهامات المتبادلة؟
من خطاب الصديق، الذي يود ان يظهر فيه حبه للكويت، نقرأ أن السلام بين الطرفين لا يمكن ان يتحقق من دون عدل ومساواة في التعامل. وان ترسيم الحدود الحالي بين البلدين حدث في ظروف استثنائية وغير متكافئة! وهذا يعني، من وجهة نظره، ان من المفترض اعادة النظر في الترسيم، رغم اقراره بأنه تم تحت اشراف لجان دولية!
ولكن متى كان وضع الكويت مع العراق متكافئا اصلا؟ وكيف تضمن الكويت ان فتح ملف الحدود لن يجرها إلى ويلات هي في غنى عنها.
إن من الافضل للبلدين والسلام الاقليمي والعالمي طي صفحة الحدود للأبد، فليس من مصلحة احد فتح هذا الملف الشائك. وكما ان للعراق قوة، فإن الكويت لن تعدم من يقف معها.
ويقول الصديق العراقي في رسالته بأن من الواضح، وبعد مرور 6 سنوات على خلاص العراق من صدام، ونظامه، ان الجهات الحكومية في الكويت والعراق فشلتا في ايجاد حلول للمشاكل العالقة بينهما، وهي ليست بسيطة. وان علاقات جوار طيبة وتعاون متبادل قد تعطي نتائج اكثر من مفيدة للطرفين.
ما نريد قوله هنا ان البلدين يجب ان يعترفا بان اي امر، بخلاف استقلال كل طرف وحدوده وكرامته، قابل للنقاش والتفاوض والاخذ والعطاء.
فديون الكويت على العراق مثلا، على الرغم من قانونيتها، يجب ان تكون موضوع تفاوض، ولكن ليس قبل تسوية الامور العالقة الاخرى كافة، كاستقلال الكويت الناجز والنهائي بحيث يصبح امرا محرما الحديث عنه في العراق، كما هو الامر في كثير من الدول الاوروبية التي تجعل من موضوع انكار «الهولوكوست» جريمة يعاقب عليها القانون.
ان السلام بين العراق والكويت امر بالغ الحيوية ويجب الا يترك لأهواء العامة وعواطف المتاجرين من نواب وسياسيين وكتاب صحف يقتاتون من اثارة النفوس وتأجيج العداوة بين الطرفين.
نعم، ليس بإمكاننا ان ننكر اننا مجروحون من العراق وسبق ان لدغتنا الحية مرات عدة، وتوخي الحذر امر مفروغ منه، ولكن لا يمكن ان نعيش الى الابد تحت هاجس لدغة اخرى، وربما من الافضل ابقاء عين مفتوحة واخرى مرحبة بالعراق وشعب العراق، فواهم من يعتقد ان بالامكان استمرار العداوة بين الشعبين الى الابد! فما لقيه الكوريون مثلا من اهوال نتيجة اعتداء اليابانيين المتكرر عليهم، طوال قرون، وما فعله الالمان بغيرهم من شعوب اوروبا امور لا يمكن ان تنسى، ولم تنس، ولكن كان على الجميع طي صفحة الماضي والبدء من جديد. ويمكن هنا الاقتداء بمشروع الجنرال الاميركي ماك آرثر الذي تولى حكم اليابان عسكريا بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية واستسلامها للأميركيين، عندما قام بتغيير الفكر الياباني من خلال إلغاء ألوهية الامبراطور وجعله ملكا صوريا، وتحريم الحديث عن الروح العسكرية اليابانية التي اشتهرت بها على مدى قرون، والتخلي عن كثير من التقاليد العسكرية والاستعداد للموت من اجلها ومن اجل الامبراطور، وجميع هذه الامور وغيرها الكثير جعلت من الشعب الياباني شيئا غير الذي كان عليه قبل انتهاء الحرب العالمية الثانية.
ونعتقد ان العراق بحاجة لما يماثل مشروع ماك آرثر، او ربما اكون من الحالمين!

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

قصّة بريئة

مرت السنوات وتبدلت الوجوه وظهر الأحفاد وازدادت الأعداد بشكل لم يعد فيه كافيا أن تدار تلك المجموعة، وأن يمثلها شخص واحد، فتنوعت مطالبات هذا المجتمع، فهناك من يطالب بأن ينضوي المجتمع الجديد تحت لواء مجتمع أكبر من المجتمعات المجاورة، وآخر يطالب بانتخاب دوري لقائد جديد في كل حين، وآخرون يطالبون بمجلس منتخب يسيِّر شؤون البلاد ويتشارك فيه القائد مع الرعية باتخاذ القرار، فالرأي الجماعي غالبا ما يغطي زوايا قد تخفى عن الرأي الفردي.

وجيلا بعد جيل تتنوع المطالب وتختلف باختلاف شخصية القائد، فقائد لا يتفرد بالقرار فيهادنه المجتمع، وآخر يكون أكثر حدة فتزداد المطالب والاحتياجات، إلى أن جاء بعد حين قائد أراد أن يوثّق ويرسخ الاتفاق بين الجميع بأن السلطة والقرار في هذا المجتمع مشتركة، فهو يؤمن بأن أسرته لم تكن لتتمكن من جعل الأرض المهجورة مكانا صالحا للعيش لولا مَنْ تقاطر من مختلف البقاع المجاورة ليشيدوا هذه الأرض، وكل من ساهم، ولو في قطرة عرق لبناء هذا المجتمع وقيامه، يستحق بلا شك أن يكون صانعا لقراره، وتحقيق مبتغاه ومبتغى الأغلبية العظمى من أبناء المجتمع.

بالطبع فإن الرضا التام عن ذلك الميثاق لم يتحقق، فالبعض لم يعجبه أن تتحول قناعته بأنهم الأسياد والبقية مجرد «خدّام» لديهم، وتتغير الحال بين ليلة وضحاها فيكونون سواسية يحاسبون إن أخطؤوا من أقرانهم من أبناء هذا المجتمع.

وبدأت محاولات طمس هذا الميثاق بشتى الطرق بدءاً بالرفض والمقاطعة مرورا بتزوير إرادة الناس، بل تمادوا لأكثر من ذلك، فقاموا بأخذ «Break» من الميثاق، فلم تغدُ الحال في ذلك الـ«Break» إلا لتعاسة كبيرة مازلنا ندفع أثمانها.

ولأن الأجيال تتغير وأنواع المؤامرات تتنوع بمرور الأزمان فإن آخر حيلهم كانت أن الناس لا تستحق الميثاق، وليست مهيأة للمشاركة في القرار إلى الآن، فالناس غوغائيون مزعجون معطلون للتنمية، ولن تنصلح الحال إلا بسحب البساط من تحت أقدامهم.

لم تنتهِ القصة ولا أعرف إلى أين ستأخذنا خيوطها المقبلة، ولكن ما أنا متأكد منه بأن تحديد مسار القصة يعتمد علينا نحن كما حدث مع عبدالله ودخوله إلى الملعب في رمضان.

خارج نطاق التغطية:

افتتاح مدينة جامعية ذات تعليم مشترك في جدة يسمح للمرأة بقيادة السيارة داخلها ويمنع من دخولها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وافتتاح مترو في دبي يعد الأطول في العالم، وتعطل محطة صرف صحي تم افتتاحها في 2004 في الكويت.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

سامي النصف

الشيخ والبحار والبحر

التقيت ابان عطلة العيد في لبنان بالقبطان البحري فيصل ثنيان الغانم وقد وجدت في مشوار حياته قصة تستحق ان تروى للشباب الكويتي بعد ان تاهت بوصلتهم وغاب عن افق اجيالنا المقبلة القدوات الحسنة التي يمكن ان تكون منارا واشعاعا يوصلهم لشواطئ الحياة المستقرة الآمنة لهم ولوطنهم.

والسيد فيصل الغانم هو اول كابتن او نوخذة اعالي بحار كويتي «مؤهل» من قبل جهات الاختصاص البريطانية والعالمية وقد امضى سنوات طوالا يعمل على السفن الانجليزية متدرجا في الرتب ثم انتقل بعد تأهله للكويت حيث تدرج كذلك في العمل بشركة K.D.C المملوكة آنذاك مناصفة بين الكويت والانجليز والاميركان حتى وصل بجده وجهده لمنصب نائب الرئيس لشؤون العمليات.

ومما يرويه ابوثنيان انه كان متدربا صغيرا على احدى السفن الانجليزية عندما رست في الخمسينيات بميناء بومباي وذهب في وقت فراغه للقنصلية الكويتية بحثا عن جرائد ومطبوعات كويتية وعربية حيث التقاه مصادفة قنصل الكويت هناك فيصل العيسى وتعرف عليه وسأله عن سبب تواجده في المدينة.

عاد البحار المبتدئ لسفينته ليفاجأ بعد ذلك بسيارة كاديلاك سوداء ترفع العلم الكويتي تقف في الميناء ويسأل سائقها عنه ليقله لمبنى القنصلية حيث دعاه حاكم الكويت الشيخ الجليل عبدالله السالم ليجلس بجانبه مبديا اعجابه بما يقوم به ومظهرا متابعته لرحلاته عبر الاخبار التي كان ينقلها والده المرحوم ثنيان الغانم وكان احد جلساء الامير آنذاك.

وقد رست باخرة ابوثنيان ذات مرة في حوض الامازون وكان هو المسؤول عن المركب عندما اختل توازن الطباخ الذي كان قد جرح يده وسال الدم منه وسقط في النهر ليشاهد فقاعات تخرج سريعا من الماء وقبل ان يلق‍ي له بطوق النجاة كانت جمجمة الضحية قد طفت على السطح فالمنطقة كانت تعج بأسماك «البيرانا» شديدة التوحش والتي تثير الدماء جنونها، تجربة حياة ثرية يجب ان تدون على صفحات كتاب كما اقترحت على صاحبها الكابتن فيصل.

آخر محطة:
 
1 – احدى القصص الحقيقية في تاريخ الكويت هي حكاية البدوي الذي اودع ماله عند تاجر كويتي وعاد بعد عام ليطالبه بها امام الحاضرين فاعطاه اياها على الفور وما ان مشى البدوي قليلا حتى تعرف على تاجر آخر وتأكد انه من اودع لديه المال وبعد ان تسلم وديعته عاد ليرجع مال الاول بكل امانة ويسأله لماذا اعطاه ما لا حق له فيه، فأجابه التاجر الاول كي احافظ على سمعتي ولا يقال انني تجاوزت على اموال الآخرين.

2 – هذا كان وضع الكويت عندما كان لدينا شح في المال ووفرة في الاخلاق الحميدة، هذه القصة لو حدثت هذه الايام ـ عندما توافرت الاموال وغابت الذمم والاخلاق الحميدة ـ لاستدعى التاجر الاول الشرطة للبدوي دون ان يكترث لسمعته، ولما ارجع التاجر الثاني الوديعة لو لم يكن لدى صاحبها اوراق موثقة وشهود معها، ولفر البدوي بالمال الذي تسلمــه مرتين لاحدى العواصم السياحية وانفقه هناك، نحن بحاجة ماسة للقدوات الحسنة في المجتمــع لذا.. عد لبدايــة المقال!

احمد الصراف

خدعة تسويقية جديدة

اتبعت بعض الجهات اساليب تسويق جديدة لترويج مبيعاتها عن طريق الانترنت او الهاتف، وهي جميعها غير قانونية وغير سليمة. وتتمثل الطريقة المخادعة الجديدة في ارسال ملايين الرسائل الالكترونية، التي تم تجميع عناوينها وفرزها وتبويبها على مدى اشهر، او سنوات، وتحديد اصدقاء ومعارف واقرباء كل طرف، ضمن برنامج كمبيوتر محدد، وارسال الرسائل عن طريق الانترنت لمجموعة كبيرة من الاشخاص تظهر وكأنها مرسلة من جهات او اشخاص لهم علاقة ما بمن ارسلت اليهم. فعلى سبيل المثال وردتني شخصيا عدة رسائل من هذا النوع تبين وكأنها مرسلة من اصدقاء واقارب محددين انا على اتصال مستمر بهم عن طريق الانترنت، ونص تلك الرسائل واحد يعلمني فيها الصديق او القريب بتجربته في التسوق عبر موقع الكتروني محدد، وان تجربته كانت سعيدة والاسعار زهيدة، والمعاملة فريدة، وغير ذلك من «البول شت»! كما يطلبون مني في تلك الرسائل زيارة موقع الشركة المروجة او الاتصال بها عن طريق الانترنت او رقم هاتف محدد يظهر رقم الاتصال الدولي (86)! ويخبرونني ان لديهم تشكيلة واسعة من التلفزيونات والقوارب والدراجات النارية وغير ذلك الكثير.
وعليه نحذر من الانسياق وراء مثل هذه الرسائل المخادعة او التورط، او التورق، بالشراء منها، او محاولة الاتصال بأرقام الهاتف التي ترد بها، فلا شك ان شركات نصب كبيرة تقف وراءها! وقد تبدو العملية للبعض ترويجا عاديا لبضائع محددة، ولكن الخدعة تكمن في انتحال شخصية المرسل واظهار الرسالة وكأنها من صديق او قريب!
•••
• ملاحظة: من مزايا الانترنت احتواؤه على مواقع عالية الفائدة مثل الموقع التالي:
http://www.onlinenewspapers.com
الذي يمكن عن طريقه قراءة 15 ألف صحيفة يومية واسبوعية تصدر في العالم اجمع بمختلف اللغات، نصيب الكويت منها 25 فقط، وكان من المفترض ان يكون 90 مطبوعة تقريبا، وهذا احد اهم مؤشرات التخلف العلمي والثقافي.. والأدبي!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

الحشر ليس عيداً

نحن الكتّاب الكويتيين، وأعوذ بالله من كلمة نحن، وزملاءنا اللبنانيين والمصريين، وأعوذ بالله من كلمة اللبنانيين والمصريين، لا نعلم كيف نشكر الله على جزيل نعمه وواسع فضله لما حبانا به من هذا الكم الهائل من المشاكل في بلداننا، التي تتيح لنا كتابة معلقات هجائية يومية. لكن المخ له مفتاح، والمزاج له كلمة سر، وقد يضيع المفتاح منك وقد تنسى كلمة السر، فتتعومس، وتكتب وتشطب وتمزق، وتعيد الكرّة، فتكتب وتشطب وتمزق، وكأن هذه هي مهمتك. والمواضيع أكثر من الهرنات في شوارع مصر، وأثقل من ماكياج بعض المنقبات في المجمعات، لكن خلقي اليوم أضيق من عباءاتهن.

ما العمل؟ ما الحل؟ مدد يا رب الأرباب، يا عاطي يا وهاب، فالفكرة التي في ذهني تستحق ليَّ الرقاب وتشمير الثياب وإظهار الأنياب، لكن المزاج هذه اللحظة مثل بعض الأصحاب، نذل يا أولي الألباب، هرب وقت الحاجة، كما تهرب من القط الدجاجة.

ولكثر ما كتبت ومزّقت، وجدَت الكآبة لها ثغرة في صدري فتسللت من حيث لا أدري، واختبأت خلف الحنايا، فنحّيت الورقة والقلم جانباً، وناديت ولدَيّ، تحويشة عمري، أو نصف التحويشة، «بو عنتر» و»بو عزّوز»، سلمان ذا السنوات السبع العجاف، وسعود ذا العشرين شهراً، الذي قزّرها حليب وحفاظات، ورحت أبث في عروقهما سمومي، وما أكثرها:

أتدريان من هو الرخمة؟ الرخمة هو من يسمع كلام أبيه وينفذه دون أن يكون له رأيه الخاص. الرخمة هو الذي يمشي على العجين ما يلخبطوش، الذي يتبع الخطوط الأرضية المرسومة له، يقول الناس ولا الضالين فيقول آمين، خروف بين قطيع تسوقه عصا بعض التقاليد الغبية، بقرة تنتظر مع صويحباتها يد الحلّاب، يمين يمين، يسار يسار. والعرب رخوم، وأمثالهم تدل على رخامتهم، وانظروا لمن زرع فينا: «من شابه أباه فما ظلم». أبو لحيته، أقول اقطع واخس.

وها أنذا أقولها لكما بالخط العريض كما قلتها للناس قبلكما، تمردا، على كل ما لا يرضيكما تمردا، عليّ أنا قبل كل أحد تمردا، على المجتمع، وعلى نفسيكما، فالتاريخ لا يسجل إلا أسماء المتمردين، صدقاني التاريخ لا يسجل أسماء الأغنام والأبقار، فكمية الحبر محدودة. تمردا فلا حياة بلا تمرد، تمردا وستعشقكما الحياة والنساء، تمردا فالشجعان وحدهم من يخرجون عن الطابور الخاطئ، والمجتمعات لا يغيّرها إلا المتمردون. والتمرد ليس إتيان المخازي وارتكاب الدناءات، أبداً، بل رفض ما لا يُقنع من الواقع والموروث، مهما كان الثمن، والثمن باهظ، أعرف ذلك، جرّبته بنفسي، وأجزم أن تكلفته قد تفوق القدرة على الاحتمال، لكن هذا لا يهم، الذي يهم هو طرق الحديد ومحاولة ليّه.

أعرف رجلاً لديه أربعة وعشرون ولداً وعددٌ من البنات، كلهم جاؤوا إلى الدنيا بمجهوده، بيّض الله وجهه، يفاخر بأن أحداً منهم لم يخرج عن شوره. ولو كنت أنا مكانه لبطحتهم في اتجاه القبلة وباسم الله والله أكبر.

تمردا وحلّقا في الفضاء الذي يناسبكما، وخذاها مني، كل من يردد المثل: «حشرٍ مع الناس عيد» هو رخمة متنكر في ثياب حكيم. صح؟… إياكما أن تقولا صح. 

سامي النصف

وهل غزانا الـ 25 مليون عراقي؟!

يروى في قصص التراث التي يقصد ان نتعلم منها مبادئ التعقل والحكمة، حكاية الذئب والحمل حيث كان الذئب يتبلى ويتحرش بالحمل كي يجد الذريعة للتعدي عليه والتهامه، في واقعنا الكويتي الذي خرجت منه الحكمة ولم تعد منذ أمد بعيد نلحظ العكس مما جرى في تلك القصة التراثية، حيث يركن الذئب للهدوء والانشغال بمشاكله، ويقوم الحمل بالتحرش المتكرر بالذئب والذي سينتهي على الأرجح بـ… اللي يحب النبي يجري..!

ففي زمن صدام سمحنا للذئب ممثلا بديبلوماسييه ورجال مخابراته بأن يستولوا على البلد ويحولوا مبنى سفارتهم الى معتقل، وكان عدد منضوي تلك السفارة (الحكومة) يتعدى الآلاف، لذا لم يكن مستغربا وقد أعلن الحمل استسلامه المسبق أن يتجرأ الذئب على التعدي عليه واستباحة مراعيه.

ومنذ ربيع 2003 ونحن ندعو لخلق علاقة صحيحة وصحية مع العراق تقوم على مبدأ «الربح – الربح» للطرفين وان ننفتح على جميع شرائح المجتمع العراقي من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه بصورة إيجابية، وكان جميلا في هذا السياق ما قام به مؤخرا رجل الأعمال جواد بوخمسين من استئجار طائرة خاصة للتعزية بصديق الكويت الراحل عبدالعزيز الحكيم.

وكان ضمن ما دعونا له واستجيب له ثم تم النكوص عنه تسمية احتلال عام 90 بالغزو «الصدامي» لا «العراقي» حيث لم يكن قرارا شعبيا أو أمرا تم الاستفتاء عليه بل كان الطاغية صدام هو المسؤول الأول والأخير عن تلك الجريمة الشنعاء ولم يكن أحد يملك في العراق معارضة ذلك القرار وإلا تم قتله وتصفية أهله، ولنا مصلحة تاريخية بلوم صدام كفرد لا العراق كشعب على ذلك الغزو المدمر حتى لا يتم تكراره مستقبلا بحجة انه مطلب شعبي وقومي عراقي.

وقد رفض البعض تلك التسمية بحجة وجود عراقيين ضمن الجيش الرسمي والشعبي الذي قام باحتلالنا وان صدام لم يغزنا وحده، وإذا لم نأخذ بحجة ان أغلبهم كان مأمورا كما نعلم، كما ان كثيرا منهم كانوا يبدون اعتذارهم وأسفهم آنذاك للكويتيين كلما التقوهم، فعلينا ان نلقي باللائمة على المائة ألف جندي عراقي أو حتى الذين تواجدوا في بلدنا (نسبة تقل عن 0.001% من الشعب العراقي) وألا نلوم 25 مليون عراقي آخر على تلك الجريمة ثم نعلن بعد ذلك اننا لن ننسى أو نغفر وإلا أصبح حالنا كحال الحمل الذي يتحرش بالذئب بغفلة ودون مبرر.

إن بقاءنا كدولة صغيرة بين كتل ضخمة وضمن إقليم جغرافي ملتهب وخاصة في ظل التصعيد الدولي القائم ضد إيران يتطلب منا الكثير من الحكمة والتعقل ومعه الكثير من المغفرة والنسيان، ويمتد ذلك الأمر للعلاقة مع إيران وحزب الله وخطف «الجابرية» والراحل عماد مغنية، ودون ذلك سنبقى ضمن حلقة مفرغة من التوتر واحتمال تكرار التعدي علينا من هذا الطرف أو ذاك فرغم كل الكلام الكبير مازلنا دولة متناهية الصغر.

آخر محطة:

بالمختصر.. السيناريوهات القادمة للمنطقة جميعها سيئة جدا لنا في الكويت فهل نبدأ في الاستماع لحكمائنا بدلا من سفهائنا؟!.. لا أعتقد!

احمد الصراف

40 عاما من اليد الطولى

أجرت «الدار» في 8/9 لقاء مع ناصر العمار، مدير الجمعيات الخيرية في «الشؤون»، وردت فيه أمور كثيرة بعيدة عن الحقيقة، وردا على سؤال عما يشاع عن اتهام الجمعيات الخيرية بتمويل الإرهاب، قال إن لها «اليد الطولى»، على مدى 40 عاما، في توصيل الأموال التي جمعتها لمستحقيها في دول العالم! ولا أعلم كيف عرف العمار ذلك وهو الذي لم يشغل منصبه الحالي إلا منذ سنوات أربع تقريبا؟! كما يعرف جيدا أنه ووزارته وحكومته كانوا -ولا يزالون- أعجز عن معرفة حقيقة موارد هذه الجمعيات والكيفية التي تتصرف بأموالها، بعد فشل كل محاولات تدقيق سجلاتها ومراقبة حساباتها، واكتفت أخيراً فقط بمراقبة عملية التحصيل! وخير دليل على عدم وجود أي رقابة على هذه الجمعيات تلك السرقة التي استمرت على مدى ثلاث سنوات في جمعية «إعانة المرضى»، التي لم تنتبه لها أي جهة إلا بعد أن فر الجاني بـ 14 مليون دولار، فكيف يمكن أن يحدث ذلك والوزارة تدعي معرفة حسابات الجمعيات؟!
نحن لم نتهم مباشرة الجمعيات بدعم الإرهاب، ولكن ما يؤكد مخاوفنا أن هذه الجمعيات رفضت، بكل صلافة قيام أي جهة بتدقيق حساباتها ولم تترك بالتالي مجالا لغير الشك في نواياها وأهدافها «السياسية»، بل أيضا في ذمة المشرفين عليها! أما ادعاء السيد العمار أنه وقف وقفة جادة في وجه اتهاماتنا للجمعيات بسوء التصرف فقول غير صحيح أيضا. فقد جف حبر كمبيوترنا ونحن نكتب ونوجه الاتهام تلو الآخر، ومع هذا لم يكلف نفسه يوما الاتصال بنا وشرح الأمر، فنحن لسنا إلا كتّاب، وهو الذي يمتلك السلطة وأدوات البحث والرقابة، وكان حريا به أن يظهر ما يثبت نقاء صفحة الجمعيات وتقديم الدليل الدامغ بأن سجلاتها خالية من أي مخالفات، بدلا من «تحدينا» ومطالبتنا بإبراز الدليل على دعم تلك الجمعيات لأي أنشطة مشبوهة، فهل رأى أحد، وعلى مدى 40 عاما، ميزانية لجمعية خيرية منشورة في أي مطبوعة أو توزع في مقراتها، ليطلع عليها المعنيون بالأمر؟ الجواب: لا «كبيرة» طبعا. فالإصلاح، يا جماعة الإصلاح، والشفافية لا تعجب المتاجرين بالدين، علما بان في مجالس إدارات هذه الجمعيات نواباً لم يكلوا يوما عن مطالبة الحكومة بالبعد عن الفساد واتباع الشفافية في أعمالها، ولكنهم ينسون أنفسهم!
إن ما تم كشفه في رمضان الماضي، وما سبقه، من مخالفات بالجملة لعدة جهات تدعي الخير والتدين ولا تتردد في كسر القوانين وتحدي تعليمات الوزارة وكبار مسؤوليها، إلى الدليل رقم ألف هو دليل يؤكد كل شكوكنا. فما الذي يدفع مثل هذه الجهات لارتكاب كل هذا الكم من المخالفات من دون خوف؟ وكيف تتهمنا الوزارة بصورة غير مباشرة بالتجني عليها ثم تأتي الآن وتستغرب «..استهتارها بالقوانين وانحرافها عن مسيرة التعاون؟!»، «القبس» 22/9. وما الذي يدفع مسؤوليها، وصور الكثيرين منهم تسود صفحات مطبوعاتنا، لارتكاب كل هذه المخالفات الجسيمة؟ لا شك أن الأمر لا يتعلق فقط بشك هؤلاء في قدرة الوزارة على فعل شيء، بل بأمور أكثر خطورة تتعلق بالاستماتة على جمع التمويل اللازم «لعمليات ما» بعد أن جفت ضروع كثيرة! وكان جميلا إقرار الوزارة أن هذه الجمعيات قد انحرفت عن الطريق الصحيح، وكان سخيفا منها القول انها ستطالبها برد ما جمعته بطريقة غير قانونية، فهذه نكتة! كما كان جميلا أيضا إقرارها، أخيرا، أن هذه الجهات المخالفة تحاول إخفاء أمور لا ترغب في أن تعرف الوزارة شيئا عنها (المصدر نفسه)، وهذا ما كنا نكتب عنه ونقوله منذ سنوات عشر!
وهكذا نجد أن الكثير من الجهات التي وصفها العمار قبل أسبوعين أن لها اليد الطولى في عمل الخير ليسوا إلا مجموعة من المستهترين بالقوانين، حسب وصف الوزارة، والمتحايلين على النظم، الذين لم ولن يردعهم شيء عن جمع الأموال السهلة من السذج الطامعين في الجنة!
***
< ملاحظة: قال لي انه التقى في ديوانية بضاحية عبدالله السالم (وها هو اسمها الصحيح، وليس الضاحية)، أحد وكلاء التربية، ودار نقاش عن دوام المدارس وانفلونزا الخنازير وخطر ارسال الاطفال، من عدمه، للدراسة في اماكن مكتظة. وقال ان اكثر المدافعين عن تعطيل الدراسة كان اثنان، ولأجل الصدف التقاهما، وأبناءهما في الليلة التالية في المسجد الكبير يؤدون صلاة العيد ضمن 25 ألف مصل آخرين!

أحمد الصراف