كان الموسم السياحي في لبنان هذا العام، ولايزال، الأفضل منذ خمسة وثلاثين عاما بالتمام. فمنذ اندلاع الحرب الأهلية في منتصف السبعينات، وأوضاع لبنان تتدهور من سيئ إلى أسوأ على الرغم مما بدا، ويبدو، على السطح من سلام واستقرار بين الفترة والأخرى. فنجاح لبنان طبيا وسياحيا وتعليميا، شئنا أم أبينا، يعود بدرجة كبيرة إلى وجهه المسيحي، والمسيحيون خسروا الإدارة تدريجيا مع بدء الحرب الأهلية، وحتى اتفاق الطائف وما تم تكريسه في الدوحة. وعلى الرغم من تعدد الجهات التي يمكن توجيه اللوم إليها في الكارثة المستمرة التي أحاقت بلبنان خلال العقود الثلاثة والنصف الأخيرة، إلا أن اللوم والمسؤولية يقعان أساسا على عاتق الساسة اللبنانيين والشعب اللبناني بالتالي! فالفردية التي كانت وراء إبداع وتفوق اللبناني وتميزه في كثير من الميادين، كانت نفسها الثغرة التي تمكن أعداء لبنان من التسلل من خلالها لضرب استقراره ووحدته، وهذه الحال أو الوضعية مستدامة ليس لها علاج سريع أو معروف في أي صيدلية محلية أو حتى دولية، فكل طبيب دولي دخل لبنان ليقوم بمعالجته، خرج مثخنا بالجراح، وغالبا خالي الوفاض والجيب، بعد أن تم تشليحه من هذا الفريق أو من غيره أو من الجميع، مع استثناء واحد معروف.
يقول كمال ديب في كتابه المميز «هذا الجسر العتيق، سقوط لبنان المسيحي 1920ـ 2020» والذي سنتطرق مستقبلا بالتعليق على بعض فصوله، إن نسبة مسيحيي لبنان كانت بحدود 80% في عام 1920، عندما ولد لبنان الكبير، وأن نسبتهم ستصل، أو وصلت، إلى 30%. وأن لبنان المسيحي سقط بأشكاله العسكرية والسياسية في عام 1976، وتلك قصة طويلة أخرى.
أرسل لي صديق نص عقد بيع قطعة أرض في لبنان، حيث ذكر في أعلاه «بسم الله الرحمن الرحيم»، وهذه تسمية إسلامية، إلا أن برغماتية اللبناني لم تمنعه من استخدامها قبل 435 عاما، عندما كان بنو عثمان في سدة الحكم: بتاريخه أدناه قد بعنا شقفة الأرض تخصنا محلها الزعرورة إلى راهبات طاميش طولها مائتين ماسورة بماسورة أبو طنوس. يحدها شرقا التنور اللي كانت تخبز عليه أم شلهوب وغربا وكر الحية السودا اللي عقصت بوشاهين عام الأول وشمالا الطيونة المعششة فيها الدعيوقة وجنوبا مطرح اللي كان يقبل عنزاتو بو الياس. تمت الجهات الأربع وقبضنا الثمن ربعية زيت ورغيفين كار، والبيع تم برضانا ورضى الرب والخاين يخونو الله والشقفة صارت تخصه بتصرف فيها بحريته صرماية بيقلعها وبيلبسها على خاطره سنة الف وستمائة وأربعة وسبعين 1674.
الشاهد بو طنوس
كاتبه المير موسى
ولو قارنا بعض وثائق بيع الأراضي في الكويت قبل مائة عام مثلا، والمسماة بالعدسانيات، لما وجدنا فرقا كبيرا بينها وبين وثيقة المير موسى، سواء من ناحية الثمن أو مصطلحات تحديد الأرض محل العقد.
* * *
ملاحظة: وردتني رسالة قصيرة من خالد المذكور، هاتف 97600074 نصها: زكاتك بس 5.2% رابحة عند الله 700%! ولا أدري كيف تم حساب النسبة. بالاتصال به تبين ان الرقم خاص بلجنة التعريف بالإسلام. بالسؤال عن علاقة خالد المذكور باللجنة كان الجواب صمتاً مطبقاً وإغلاق الخط. فما الذي يحدث يا حكومة في هذه اللجان والجمعيات الخيرية؟
أحمد الصراف