سامي النصف

استغلال المآسي للتثبت على الكراسي

المتهم الأول والرئيسي في فاجعة الجهراء الأخيرة ليست الزوجة التي لو لم تحرق الخيمة المخالفة لأنظمة السلامة لاحترقت ـ ربما ـ بسبب تماس كهربائي او شرارة من البوفيه، المتهم الحقيقي هو من يشجع الناس طوال الوقت على مخالفة القوانين المرعية ويهدد المسؤولين بوضعهم على المنصة فيما لو طبقوا القانون على المتجاوزين.

إن عقد جلسة طارئة لمحاسبة المسؤولين عن المأساة يجب ان يسبقه عرض لتصريحات بعض النواب تجاه إزالة التجاوزات على أراضي الدولة ومنها بالطبع خيام الأفراح والدواوين وغيرها، فإن ثبت ان النائب المعني كانت له مواقف حازمة ضد التجاوزات جاز له الكلام وإلقاء المسؤولية على من يريد، اما اذا ثبت العكس فحينها يجب ان يتم إسكاته ومنعه من استغلال المآسي للتثبت على الكراسي الخضراء.

ومما تعلمناه ضمن علوم السلامة في جامعة جنوب كاليفورنيا انك لو شاهدت سلكا كهربائيا مكشوفا يهدد بحرق المكان فالحل لذلك الإشكال لا يكمن في الاكتفاء بتغطيته، حيث ان ذلك الحل «الفردي» سيقضي على الخطر القادم من ذلك السلك إلا انه سيفتح الباب مستقبلا لظهور أسلاك مكشوفة ثانية قد تحرق المكان، الحل «المؤسسي» كما تعلمنا هو خلق أو إحضار لجنة سلامة تزور المكان بشكل دوري ومن ثم تتم تغطية ذلك السلك وأي أسلاك مكشوفة اخرى مستقبلا.

وقد تحدثت قبل الأمس مع اللواء جاسم المنصوري مدير الادارة العامة للإطفاء القادم حديثا من دورة تعامل مع الطوارئ عقدت في جامعة هارفرد الشهيرة، واوضح انه شديد التأهل فيما يخص التعامل مع الكوارث ومما طرحه الدعوة للاقتداء بموسم الحج بالسعودية حيث يسمح فقط بنصب الخيام المقاومة للحريق او التي يتم رشها بمواد تمنع الاحتراق السريع مع فرض وجود عدة مخارج لها، كما طالب اللواء المنصوري بمنع وضع الحديد على نوافذ خيام وصالات الأعراس حتى يمكن استخدامها كمخارج للطوارئ عند الضرورة.

ومما طالب به كذلك منع استخدام السراديب لأفراح النساء، حيث يصعب على كبيرات السن صعود الدرج سريعا للنجاة، وان يكون هناك اشخاص محددون مسؤولون عن قضايا السلامة في صالات الأفراح، مبديا استعداد ادارة الإطفاء لتدريبهم، كما طالب بمنع وضع مدرجات النساء مقابل مخارج الطوارئ في الافراح وان يفرض استئجار خدمات الشركات المرخصة بالإطفاء كأحد مستلزمات قيام الفرح حتى لا يتحول لمأتم، مع ضرورة وجود نساء مؤهلات على اعمال الطوارئ ضمن افراح الحريم.

ومما طرحه اللواء المنصوري فكرة إنشاء مركز وطني لإدارة الأزمات والكوارث وضرورة ضم الإسعاف والإطفاء تحت إدارة واحدة وان نحتاط بشكل مسبق لعملية سقوط طائرة في الكويت أو غرق سفينة نفط في مياهنا الإقليمية، ما قد يهدد محطات تقطير المياه وتوليد الكهرباء بالتوقف اذا لم نكن مستعدين بشكل مسبق لمثل تلك الطوارئ، وأشار الى الحاجة لعمليات تدريب متكررة على الطوارئ في الوزارات والإدارات والمؤسسات والشركات العامة والخاصة.

آخر محطة:

بعد ان دفعنا الثمن غاليا، نرجو ألا تسود على تشكيل المركز الوطني لإدارة الكوارث والأزمات منهاجية المحاباة والمجاملة والمحاصصة المعتادة، فأمر كهذا سيقتل ذلك المركز قبل ان يبدأ أعماله.

احمد الصراف

أرض بربعية زيت ورغيفين

كان الموسم السياحي في لبنان هذا العام، ولايزال، الأفضل منذ خمسة وثلاثين عاما بالتمام. فمنذ اندلاع الحرب الأهلية في منتصف السبعينات، وأوضاع لبنان تتدهور من سيئ إلى أسوأ على الرغم مما بدا، ويبدو، على السطح من سلام واستقرار بين الفترة والأخرى. فنجاح لبنان طبيا وسياحيا وتعليميا، شئنا أم أبينا، يعود بدرجة كبيرة إلى وجهه المسيحي، والمسيحيون خسروا الإدارة تدريجيا مع بدء الحرب الأهلية، وحتى اتفاق الطائف وما تم تكريسه في الدوحة. وعلى الرغم من تعدد الجهات التي يمكن توجيه اللوم إليها في الكارثة المستمرة التي أحاقت بلبنان خلال العقود الثلاثة والنصف الأخيرة، إلا أن اللوم والمسؤولية يقعان أساسا على عاتق الساسة اللبنانيين والشعب اللبناني بالتالي! فالفردية التي كانت وراء إبداع وتفوق اللبناني وتميزه في كثير من الميادين، كانت نفسها الثغرة التي تمكن أعداء لبنان من التسلل من خلالها لضرب استقراره ووحدته، وهذه الحال أو الوضعية مستدامة ليس لها علاج سريع أو معروف في أي صيدلية محلية أو حتى دولية، فكل طبيب دولي دخل لبنان ليقوم بمعالجته، خرج مثخنا بالجراح، وغالبا خالي الوفاض والجيب، بعد أن تم تشليحه من هذا الفريق أو من غيره أو من الجميع، مع استثناء واحد معروف.
يقول كمال ديب في كتابه المميز «هذا الجسر العتيق، سقوط لبنان المسيحي 1920ـ 2020» والذي سنتطرق مستقبلا بالتعليق على بعض فصوله، إن نسبة مسيحيي لبنان كانت بحدود 80% في عام 1920، عندما ولد لبنان الكبير، وأن نسبتهم ستصل، أو وصلت، إلى 30%. وأن لبنان المسيحي سقط بأشكاله العسكرية والسياسية في عام 1976، وتلك قصة طويلة أخرى.
أرسل لي صديق نص عقد بيع قطعة أرض في لبنان، حيث ذكر في أعلاه «بسم الله الرحمن الرحيم»، وهذه تسمية إسلامية، إلا أن برغماتية اللبناني لم تمنعه من استخدامها قبل 435 عاما، عندما كان بنو عثمان في سدة الحكم: بتاريخه أدناه قد بعنا شقفة الأرض تخصنا محلها الزعرورة إلى راهبات طاميش طولها مائتين ماسورة بماسورة أبو طنوس. يحدها شرقا التنور اللي كانت تخبز عليه أم شلهوب وغربا وكر الحية السودا اللي عقصت بوشاهين عام الأول وشمالا الطيونة المعششة فيها الدعيوقة وجنوبا مطرح اللي كان يقبل عنزاتو بو الياس. تمت الجهات الأربع وقبضنا الثمن ربعية زيت ورغيفين كار، والبيع تم برضانا ورضى الرب والخاين يخونو الله والشقفة صارت تخصه بتصرف فيها بحريته صرماية بيقلعها وبيلبسها على خاطره سنة الف وستمائة وأربعة وسبعين 1674.
الشاهد بو طنوس
كاتبه المير موسى
ولو قارنا بعض وثائق بيع الأراضي في الكويت قبل مائة عام مثلا، والمسماة بالعدسانيات، لما وجدنا فرقا كبيرا بينها وبين وثيقة المير موسى، سواء من ناحية الثمن أو مصطلحات تحديد الأرض محل العقد.

* * *

ملاحظة: وردتني رسالة قصيرة من خالد المذكور، هاتف 97600074 نصها: زكاتك بس 5.2% رابحة عند الله 700%! ولا أدري كيف تم حساب النسبة. بالاتصال به تبين ان الرقم خاص بلجنة التعريف بالإسلام. بالسؤال عن علاقة خالد المذكور باللجنة كان الجواب صمتاً مطبقاً وإغلاق الخط. فما الذي يحدث يا حكومة في هذه اللجان والجمعيات الخيرية؟

أحمد الصراف