علي محمود خاجه

بلدٌ مسلم

وعلى ما يبدو أن الكويت أو أغلبية المجتمع الكويتي معجبة جدا بالمتنبي ليس في شعره بل في شخصه ففي «الطالعة والنازلة» يكرر أبناء هذا المجتمع أنهم أبناء مجتمع مسلم محافظ تربّى على العادات الإسلامية، فاللاعب حين يسأل عن أمر ما، والمطرب والرسام والطبيب والشاعر والنائب والوزير، لا بد لهم أن يذكروا عبارة نحن مجتمع مسلم محافظ.

كمسلم بالتأكيد يعجبني هذا القول إن كان واقعا وحقيقة، فأنا أتمنى أن يكون مجتمعي مسلما محافظا على حقيقة الإسلام التي أقولها وبكل تحد إننا لا نملك ولو عُشر الحقيقة الإسلامية، فعن أي إسلام نتحدث ونحن نقتل النفس التي حرّم الله ونظلم ونكذب وننافق؟

إليكم آخر وأسوأ الأمثلة التي تثبت صدق ما أقول، أصدرت وزارة الشؤون قرارا بإلغاء نظام الكفيل للعمالة الوافدة القادمة لطلب الرزق في البلد المسلم المحافظ، وهو قرار، وإن جاء متأخرا جدا جدا، وبعد سنوات من العبودية الصارخة وعلى أيدي أبناء المجتمع المسلم المحافظ، إلا أنه قرارٌ طيب، ولكن أن يشترط هذا القرار أن يحصل المقيم على براءة ذمة من كفيله السابق، أي إعادة الأمور إلى المربع الأول وإلى براثن الكفيل مجددا.

هذا العامل، الذي لا يتقاضى سوى 20 دينارا فقط من أبشع البشر «تجّار الإقامات» بمعدل 666 فلسا يوميا، عليه أن يسد جوعه بها، ويدفع للمستشفى إن مرض ويوفر لأهله جزءا منها باستثناء ما يستقطعه منها ليدفعه لمن أقرضه أموال القدوم إلى الكويت من الأساس، تفرض عليه براءة الذمة من تاجر الإقامات وبالتأكيد فإنها ستكلفه ضعف ما كلفه القدوم للكويت، لكي يتمكن من التنفس بحرية جزئية!؟

نعم، هذه هي الحال في المجتمع الذي يدعي الإسلام والمحافظة، هذا المجتمع التي توزع فيه المنشورات لتكفير هذا وذاك، وهو نفس المجتمع الذي يصمت كل نوابه سواء من تيارات إسلام سياسي شيعي وسني ومن قبليين وليبراليين ومستقلين وغيرهم عن هذه المجزرة الإنسانية، لمجرد أن هذه العمالة لا تملك صوتا واحدا في الانتخابات، وهو ما يجعل الأمر سهلا لناصر المحمد ووزرائه ممن لا يضايقهم أي شيء حتى إن فرضوا ألف إتاوة على هؤلاء المساكين الفقراء.

تكريم الإنسان هو أساس الإسلام أيها المجتمع المحافظ المسلم، فأين أنتم من الإنسان وأين أنتم من الإسلام؟

خارج نطاق التغطية:

مبارك عليكم الشهر.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

سامي النصف

«كاش» وحكاية عبدالله

البداية مشاهدتي للقاء شائق على القناة الثانية لتلفزيون الكويت مع السيدة مارغريت الساير زوجة وزير الصحة د.هلال الساير تحدثت خلاله وباستفاضة عن أحد أكثر المشاريع إنسانية ورحمة بالكويت وتعني مشروع «كاش» الذي أنشئ قبل عشرين عاما لرعاية الأطفال المصابين بأمراض خطيرة وجعلهم يستمتعون بأيامهم الأخيرة.

بعد تلك المشاهدة قرأنا للنائب الفاضل مبارك الوعلان اتهاما خطيرا لمتطوعي ذلك المشروع بأنهم يقومون بالتبشير وتحويل هؤلاء الأطفال إلى المسيحية (ما فائدة تحويل طفل ساذج في نهاية عمره لدين آخر؟ لا إجابة) لذا قررنا كمجموعة من كتاب الصحف المختلفة زيارة ذلك المركز الذي تتواجد فروع له في كل محافظات ومستشفيات الكويت كي نرى عن قرب مدى صحة ذلك الاتهام من عدمه.

استقبلتنا السيدة ام قتيبة الربعي وشرحت لنا اهداف المشروع التي ستذكر في الفقرات اللاحقة كما وردت في كتاب التعريف، ثم تركت لنا المجال لسؤال الأطفال وأولياء الأمور والمتطوعات والمربيات والمدربات ما نشاء من أسئلة، وكان أول ما لحظناه أن المسؤولة عن الأطفال هي من النساء المسلمات المحجبات فهل يصح الاتهام بأن تلك السيدة المسلمة هي من تقوم بالتبشير؟! كما أن من الظلم ومن غير الانصاف ان ترمى التهم جزافا و«دون دليل» وان يحاول البعض استغلال ذلك المشروع الإنساني الذي يدر الدمع من المآقي لدى زائريه في حروبه السياسية مع الآخرين، والظلم ظلمات يوم القيامة.

ومما أتى في مطبوعات المركز ان بيت عبدالله هو «تكية أطفال» ويهدف لإنشاء مركز للعمل «التطوعي» لتقديم الدعم للأطفال الذين يتوقع وفاة البعض منهم في سن الطفولة، كما يقدم الدعم المعنوي والنفسي أيضا لعائلاتهم ويرفقه بخدمات تشتمل على المساعدة على تخفيف الألم عن الأطفال في أيامهم الأخيرة وأن يصبح المركز أو «بيت عبدالله» بيتا بديلا للعائلات والأطفال الممتحنين بالأمراض المســـتعصــية الخطيرة.

ويعود السبب في فكرة تأسيس بيت عبدالله في الكويت إلى الهام طفل يافع اسمه عبدالله عاد للكويت بعد فترة علاج طويلة قضاها في مستشفيات لندن، ففي عام 1989 أرجعت والدة عبدالله الطفل للكويت بعد ان يئس الأطباء هناك من علاجه، ثم قررت ومن خلال نموذج فريد ورائع التعاون مع جمع من المتطوعين والمختصين للتخفيف من آلامه وأعراض مرضه حتى توفاه الله وهو بين ايديها قبل عيد ميلاده الخامس.

آخر محطة:
 
(1) نذكر بأن المركز مازال يستقبل التطوع بالعمل أو التبرع بالمال لإنشاء الأجنحة في المبنى الجديد فلا تجعلوا الفرصة تفوتكم يا أصحاب القلوب الرحيمة ونحن في بداية الشهر الفضيل.

(2) نرجو من النائب الفاضل مبارك الوعلان أن يزور المركز ويلتقي متطوعيه واطفاله وعائلاتهم فإن صحت دعواه بالتبشير وقفنا معه وان شعر بخطئه وجب عليه الاعتذار «العلني» ومن ثم دعم المشروع.

(3) شهدنا أثناء الزيارة طفلا صغيرا يخرج من جرعة علاج كيماوي استمرت ساعات ويرفض الذهاب للمنزل مع والده مفضلا الاستمتاع بوسائل ترفيه المركز حيث لم يعد المستشفى والعلاج «بعبعا» له.

(4) أخيرا زرت يوم الجمعة صالات 5 و6 و7 في أرض المعارض وكانت تغص بآلاف الزائرين ووجدت ان 90% من الأبواب مغلقة ولو شب حريق كما حدث هناك قبل أشهر لتعدى عدد الضحايا المئات أو الآلاف، إذا كانت الحجة هي الحرّ والرطوبة فالحل يكمن في وضع المراوح بالصالات لا إغلاق ابواب الخروج، وحادثة الجهراء لم تمر إلا أيام قليلة عليها.