إذا قدر للجهود المشتركة بين كل من وزارة الداخلية والجمعية البحرينية لحقوق الإنسان أن تنجح في مسار تحسين أوضاع السجون والنزلاء بها، فإنه سيكون لزاما على كلا الجهتين، الداخلية والجمعية، أن يتعاونا مستقبلا من أجل تحقيق المزيد من المكتسبات على صعيد ملف حقوق الإنسان، والقضاء على الممارسات التي لا تتوافق اطلاقا مع المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، ولا تتماشى مع تطلعات مؤسسات المجتمع المدني، وهي تطلعات شدد على أهميتها وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة في أكثر من مناسبة.
لو عدنا الى المؤتمر الصحافي الذي عقدته الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عصر يوم الخميس الماضي، فإننا سنجد بين طياته الكثير من الأمور الإيجابية التي جاءت متناسقة مع تحرك الجمعية من جهة، ومع رغبة وزارة الداخلية في التعاون مع الجمعيات الحقوقية للتباحث حول المشكلات القائمة بموضوعية وبروح وطنية.
لقد احتوى التقرير على العديد من الفقرات الصريحة التي تعكس إيمان الجهتين في وضع اليد عليها وحلها، ففي الجزء المتعلق بالمعاملة أثناء القبض والتوقيف، على سبيل المثال لا الحصر، ذكرت تسع نزيلات أنه تمت معاملتهن بشكل جيد، بينما وصفت ثلاث نزيلات المعاملة أثناء القبض بالسيئة، وذكرت واحدة منهن أنها أخذت بالقوة أثناء القبض، وأفادت نزيلتان بأنهن تعرضن للإهانات المتمثلة في الصراخ والكلمات البذيئة، بينما ذكرت واحدة أنه تم التحقيق معها من العاشرة صباحا إلى السابعة مساء وتعرضت للشتائم ولم يسمح لها بالذهاب إلى الحمام، كما ذكرت نزيلة واحدة أنها تعرضت للضرب بخرطوم المياه وتعاقب على ضربها حسب روايتها ستة رجال ولكنها لم تعرف هوياتهم، وذكرت واحدة أنها تعرضت للتهديد. مثل هذه المعلومات الصريحة، لا يمكن أن تقبل بها أي دولة عربية تدعي الديمقراطية بل ولا يمكن أن تسمح بها أبدا وربما أصرت على اخفائها، لكن بالتعاون بين الداخلية والجمعية، تم التوصل الى مثل هذه الممارسات التي تتنافى مع القانون، وهذه لفتة تحسب للبحرين. الخطوة المقبلة، كما أعلها الأمين العام للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عبدالله الدرازي، هي أن الجمعية عازمة على زيارة سجن (الأحداث)، ولا شك في أن هذا التوجه مهم، ويمكن القول أن وجود قنوات للتواصل بين الجمعية ووزارة الداخلية يعد عملا مهما للقضاء على التجاوزات، ولهذا ثمن الدرازي تجاوب الوزير مع تقرير حقوق الانسان الذي يعتبر التقرير التقرير الثاني للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان لرصد واقع السجون في مملكة البحرين، وهناك تطلع مشترك، حسبما وعد به الوزير، وهو أن تتحقق جميع الملاحظات التي وردت في التقرير قبل الزيارة المقبلة.
في هذه العجالة، نود الإشادة بجهود الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان على جهدها المخلص، ونتمنى أن يستمر هذا التواصل مع وزارة الداخلية لمحاسبة أي طرف تثبت عليه التجاوزات، فطاولة الحوار والتباحث، هي أفضل وسيلة للتوصل الى الحلول المشتركة والعملية، بعيدا عن الشعارات والإتهامات، ويبدو أن في الأفق الكثير الإنجاز باستمرار التعاون بين الوزارة والجمعية، وهذا ما يأمله كل مواطن بلا ريب