محمد الوشيحي


النابلسي… 
عيدا كمان

هذا الذي تشاهدونه أمامكم الآن في الفضائيات، والذي يخرخر تصريحات، ويهدد بأن يشكونا إلى جدته، هذا ليس نائباً، هذا عبدالسلام النابلسي. يخلق من العَتَه أربعين.

الأخ النابلسي يعمل كل شيء في وقت واحد، يصرح ويشتم ويضحك ويبكي ويقسم ويفجر ويَعِظ ويتشقلب ويقف على رأسه خلال أقل من ستين ثانية. وهو رجل أصيب بداء الخرخرة، خمسة وثمانون تصريحاً تخرخر من خزّانه في اليوم الواحد. وكل جملة ينطقها تقول لشقيقاتها أنا الأسفه أنا الأعته.

أحدث نابلسياته هو التهديد باستجواب بعض الوزراء… مَن هم هؤلاء الوزراء سقى الله نابلس؟ يجيبنا: معروفون، الفاشل والحالم والباشق والجاحظ! شكراً على التوضيح.

لطالما حذرنا وحذر غيرنا من تزاوج الدين والسياسة، فاتُّهِمنا بكل الموبقات، وها هو النابلسي مصداق لكلامنا. رجل يختبئ خلف لباسه المقدس، ولسان شتّام، وعقل ينافس عقل الديك الرومي. وكان أن سقط في أحد الانتخابات فغضب وراح يهدد بالويل والثبور والشكوى إلى جدته (إن صدَقَ ادعاء النسب)، وأنه سيأخذ حقه من الناس الذين لم يصوتوا له. متى يا نابلسي ستأخذ حقك؟ يوم القيامة! خير إن شاء الله.

وكان قد أقسم يميناً – بعد سقوطه في الانتخابات – أنه لن يخوض أي انتخابات في المستقبل، ثم عاد وخاض الانتخابات، وتلاشى القسم. وكان أيضاً في استجواب وزير المالية الأسبق محمود النوري قد طلب الحديث، فرفض رئيس البرلمان باعتباره غير مسجل في كشف طرح الثقة، فأقسم النابلسي (لاحظوا كيف يتعامل مع القسم وهو رجل الدين) أقسَمَ أنه سيسجل اسمه في «كل» كشف طرح ثقة قادم، هكذا من دون تحديد، كانتقام وردّة فعل على منعه من الحديث، وكأنه يريد أن ينتقم من اللائحة الداخلية، ثم تدور الأيام وإذا به هو الذي يدافع عن الوزراء المستجوبين. أين القسم يا نابلسي؟ يالله معلش.

وهو لطالما تحدث – وهو على شفا حفرة من البكاء – بوجوب منح الحكومة فرصة لتعمل وتنتج، وها هو الآن ينسى مطالباته ويهدد باستجواب الباشق والماشق، لكنه لا ينسى، في خضمّ ذلك، امتداح سمو رئيس الحكومة، وهي خطة سبق أن تحدثت عنها، تقوم على التالي: «أحرق روما إن أردت، لكن لا تنسَ أن تمتدح الرئيس بسطر من الحبر المغشوش»، ولا أدري مَن الذي اختار الباشق والجاحظ في التشكيلة الوزارية.

هو رجل تحيط به الفهلوة والجمبزة إحاطة العقد بعنق الغندورة، وهو على يقين من أنه وحده يَرجح ببقية النواب، لذا فهو يتعمد التأخير في تحديد مواقفه، ويعتقد أن الناس ستنتظره فاغرة أفواهها متمتمة: «اللهم سلّم سلّم، اللهم سلّم سلّم»، في حين يتمتم العقلاء: «ما عنده ما عند وضحة، ما عنده ما عند وضحة».

النابلسي، منذ نحو تسعة أشهر، لا يكاد يجري لقاء، وما أكثر لقاءاته، إلا وطالبَ جهاز أمن الدولة بالقبض عليّ، وآخرها قبل يومين، وأنا أردد مع فيروز أغنيتها الشائقة «عودك رنّان»: «عيدا كمان ضلّك عيد يا علي، عالعالي، عيدا كمان»، وأعرف أنه مثلي يعشق الطرب، خصوصاً عندما يرتفع دخان «أرجيلته» ويعتدل مزاجه، صحة يا مولانا جزاك الله خيراً. 

سامي النصف

حرب 2006.. من بدأ ومن انتصر؟!

تمرّ هذه الأيام الذكرى الثالثة لحرب لبنان 2006 وقد أمضيت الفترة الماضية في بحث متواصل اطلعت خلاله على العديد من الكتب والدراسات والأبحاث اللبنانية والإسرائيلية وحتى المواقع العسكرية الأميركية والأوروبية لنقل الحقيقة المجردة وغير المجاملة للقارئ ومن ثم فما اكتسبته ليس رأيا شخصيا بل هو خلاصة تلك القراءات والمتابعات الصادرة من قبل تلك الجهات الموثوقة والرصينة.

السؤال الأول: من بدأ تلك الحرب المدمرة؟! الحقيقة وباعتراف حتى بعض الأطراف الإسرائيلية الرئيسية بأنهم ـ ليس حزب الله ـ من بدأ تلك الحرب، فاختطاف جنديين يمكن أن يحل بالمفاوضات غير المباشرة والطرق الديبلوماسية كما حدث في نهاية الأمر دون الحاجة لغزو لبنان وتدمير بناه الأساسية.

والسؤال الثاني والأهم: من انتصر في تلك الحرب؟! الإجابة عن ذلك السؤال المهم تأتي من الجانب الإسرائيلي قبل غيره، ومعروف ان الحروب بنهايتها وبحصد جوائزها وليست بعدد ضحاياها وكمّ تدميرها وإلا اعتبرنا ألمانيا النازية قد انتصرت على الاتحاد السوفييتي كون خسائرها أقل في البشر والحجر من خسائره، وان أميركا بالمثل قد انتصرت على ڤيتنام.. الخ.

لقد دخلت اسرائيل الحرب ولديها أهداف واضحة ومعلنة منها (1) تحرير الجنديين المخطوفين، (2) ضرب وتدمير الآلة العسكرية لحزب الله، (3) خلق حالة تباعد وشقاق بين الشعب اللبناني والحزب، وتظهر الاستقالات ولجان التحقيق واللقاءات الإعلامية والكتابات الصحافية الإسرائيلية الفشل الذريع في تحقيق أي من تلك الأهداف الثلاثة ولا يجوز لأحد بعد ذلك أن يصبح إسرائيليا أكثر من الإسرائيليين أنفسهم ممن اعترفوا للمرة الأولى في تاريخهم بالهزيمة المذلة وأصبحوا يفكرون ألف مرة قبل تكرار العدوان وقد قال الشاعر العربي: شمائل شهد العدو بفضلها والفضل ما شهدت به الأعداء

فقد رضخت القيادة الإسرائيلية في نهاية الأمر لمطالب حزب الله وتبادلت جثتي الجنديين الإسرائيليين بالأسرى اللبنانيين مما يعني أن اللجوء للحرب كان خطأ فادحا من البداية، كما أقرت بالفشل الذريع في ضرب البنية العسكرية لحزب الله حيث تضاعفت هذه الأيام قدراته العسكرية، كذلك لم تنجح على الإطلاق في خلق حالة تباعد بينه وبين الشعب اللبناني الذي بات يفخر في مجمله بذلك النصر الذي يحسب للبنان وللعرب والمسلمين كافة.

آخر محطة: 

(1) يعتقد المراقبون والمختصون أن التهديد الأخير الذي أطلقه أمين عام حزب الله بجعل ضرب بيروت أو أي قرية لبنانية يقابله ضرب تل أبيب أو أي قرية إسرائيلية هو أخطر تهديد جدي تتعرض له إسرائيل منذ نشأتها كونه ـ كما علموا ـ قولا يترجمه فعل.

(2) أذكر تلك الحقائق المجردة كونها شهادة تاريخية يأثم من يكتمها بعد معرفته بها.

احمد الصراف

التكلفة الحقيقية والكاذبة

أجرت «القبس» في الاول من مايو الماضي، مقابلة حزينة مع السيدتين ليلى الغانم ولبيبة تميم، كشفتا فيها كثيرا من الزيف والدجل الذي تعيشه مجتمعاتنا، على الرغم من كل ما يقال عكس ذلك، وكنا نود التعليق على الموضوع في حينه، ولكن بدء موسم الاجازات والرغبة في الاستفادة من كرم الناس في رمضان دعانا إلى تأجيل الكتابة حتى اليوم.
تقول نائبة رئيس لجنة حياة لمرضى السرطان، ومبرة رقية القطامي للاعمال الخيرية، السيدة ليلى الغانم، انها ومجموعة من محبات فعل الخير قمن بتأسيس هذه اللجنة- المبرة لتقديم العلاج والدعم لمرضى السرطان من غير الكويتيين الذين لا يتوافر علاج لهم في المستشفيات الحكومية، وعلى الرغم من ان اللجنة مشهرة، فانها تواجه كثيرا من العقبات ابرزها قلة الدعم المادي، فما يصلها من تبرعات ضئيلة لا يتناسب مع التكلفة العالية لعلاج مرض السرطان الذي يتطلب مبالغ باهظة، وتقول الغانم ان اللجنة قدمت العلاج لاكثر من 88 مريضا منذ اشهارها، ولهؤلاء جميعا ملفات في مستشفى حسين مكي.
وورد على لسان الدكتورة لبيبة تميم المدير التنفيذي للجنة المبرة ان بعض انواع السرطان يستغرق علاجها 5 سنوات، ويتكلف مريض سرطان الدم مثلا 1700 دينار للجرعة الكيماوية الواحدة، التي تقدم كل 28 يوما، وان تكلفة علاج مرض سرطان الثدي تتراوح بين 25 و30 الف دينار، وناشدت السيدتان اهل الخير للتبرع للجنة بسبب ظروفها المالية الحرجة ورسالتها الانسانية الكبيرة.
وعلى الرغم من ان «القبس» قامت بنشر ارقام حسابات اللجنة المشهرة لدى بنوك الكويت كافة، فانني على ثقة بأن أيا من الجمعيات المسيسة والمسماة ب‍ـ«الخيرية»، لم تلتفت إلى نداء اللجنة ورسالتها، ولاسباب اكثر من معروفة.
وقد لفت نظري قول الدكتورة تميم ان مريض السرطان لديهم يكلف بين 20 الى 30 الف دينار، وهذا اقرب للتصديق من الرقم الذي ذكره د. محمد الشرهان الرئيس الدائم لجمعية إعانة المرضى، («القبس» 22-6) من أن 300 دينار تكفي لدى جمعيتهم في تقديم العلاج للمصاب بالسرطان أو الوباء الكبدي، أو غير ذلك من الأمراض المستعصية (!).
وتضامناً منا مع اللجنة، فقد قمنا اليوم بإيداع مبلغ يعادل عشرة آلاف دولار بحساب مبرة رقية عبدالوهاب القطامي للأعمال الخيرية، ومرضى السرطان، في البنك الوطني حساب رقم 0800491250101 ونتمنى على القراء الكرام التبرع لها في أي فرع تابع للبنك الوطني أو الخليج من خلال حساب رقم 05074772 أو أي من فروع بيت التمويل من خلال الحساب رقم 011010607529 وكل عام وأنتم بخير.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

بين «الداخلية» و«البحرينية لحقوق الإنسان»

 

إذا قدر للجهود المشتركة بين كل من وزارة الداخلية والجمعية البحرينية لحقوق الإنسان أن تنجح في مسار تحسين أوضاع السجون والنزلاء بها، فإنه سيكون لزاما على كلا الجهتين، الداخلية والجمعية، أن يتعاونا مستقبلا من أجل تحقيق المزيد من المكتسبات على صعيد ملف حقوق الإنسان، والقضاء على الممارسات التي لا تتوافق اطلاقا مع المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، ولا تتماشى مع تطلعات مؤسسات المجتمع المدني، وهي تطلعات شدد على أهميتها وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة في أكثر من مناسبة.

لو عدنا الى المؤتمر الصحافي الذي عقدته الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عصر يوم الخميس الماضي، فإننا سنجد بين طياته الكثير من الأمور الإيجابية التي جاءت متناسقة مع تحرك الجمعية من جهة، ومع رغبة وزارة الداخلية في التعاون مع الجمعيات الحقوقية للتباحث حول المشكلات القائمة بموضوعية وبروح وطنية.

لقد احتوى التقرير على العديد من الفقرات الصريحة التي تعكس إيمان الجهتين في وضع اليد عليها وحلها، ففي الجزء المتعلق بالمعاملة أثناء القبض والتوقيف، على سبيل المثال لا الحصر، ذكرت تسع نزيلات أنه تمت معاملتهن بشكل جيد، بينما وصفت ثلاث نزيلات المعاملة أثناء القبض بالسيئة، وذكرت واحدة منهن أنها أخذت بالقوة أثناء القبض، وأفادت نزيلتان بأنهن تعرضن للإهانات المتمثلة في الصراخ والكلمات البذيئة، بينما ذكرت واحدة أنه تم التحقيق معها من العاشرة صباحا إلى السابعة مساء وتعرضت للشتائم ولم يسمح لها بالذهاب إلى الحمام، كما ذكرت نزيلة واحدة أنها تعرضت للضرب بخرطوم المياه وتعاقب على ضربها حسب روايتها ستة رجال ولكنها لم تعرف هوياتهم، وذكرت واحدة أنها تعرضت للتهديد. مثل هذه المعلومات الصريحة، لا يمكن أن تقبل بها أي دولة عربية تدعي الديمقراطية بل ولا يمكن أن تسمح بها أبدا وربما أصرت على اخفائها، لكن بالتعاون بين الداخلية والجمعية، تم التوصل الى مثل هذه الممارسات التي تتنافى مع القانون، وهذه لفتة تحسب للبحرين. الخطوة المقبلة، كما أعلها الأمين العام للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عبدالله الدرازي، هي أن الجمعية عازمة على زيارة سجن (الأحداث)، ولا شك في أن هذا التوجه مهم، ويمكن القول أن وجود قنوات للتواصل بين الجمعية ووزارة الداخلية يعد عملا مهما للقضاء على التجاوزات، ولهذا ثمن الدرازي تجاوب الوزير مع تقرير حقوق الانسان الذي يعتبر التقرير التقرير الثاني للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان لرصد واقع السجون في مملكة البحرين، وهناك تطلع مشترك، حسبما وعد به الوزير، وهو أن تتحقق جميع الملاحظات التي وردت في التقرير قبل الزيارة المقبلة.

في هذه العجالة، نود الإشادة بجهود الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان على جهدها المخلص، ونتمنى أن يستمر هذا التواصل مع وزارة الداخلية لمحاسبة أي طرف تثبت عليه التجاوزات، فطاولة الحوار والتباحث، هي أفضل وسيلة للتوصل الى الحلول المشتركة والعملية، بعيدا عن الشعارات والإتهامات، ويبدو أن في الأفق الكثير الإنجاز باستمرار التعاون بين الوزارة والجمعية، وهذا ما يأمله كل مواطن بلا ريب