لأعضاء المجالس البلدية كل الحق في انتقاد الوزراء، وخصوصا من يمسكون حقائب الوزارات الخدمية، في حال تعثر أو تأخر أو إهمال أي مشروع من المشروعات التي يتنظرها المواطن، والحال ذاته بالنسبة إلى النواب، فملف «احتياجات المناطق والأحياء من الخدمات» هو واحد من الملفات التي لا يسلم النائب أو العضو البلدي من هجوم المواطنين عليه بسببها، إلا أنه من الأفضل ألا يتخصص النواب في حمل الملفات الخدمية بشكل رئيس في عملهم، وأن يتركوها إلى الأعضاء البلديين فهي من مهامهم الأصيلة، وليتفرغ النواب للنظر في قضايا وملفات تشريعية ورقابية، فمن غير اللائق استمرار إطلاق تسمية «نواب الخدمات» على أعضاء السلطة التشريعية في ظل وجود مجالس بلدية يفترض أن تكون أدرى بعملها.
إن ملفات الخدمات البلدية، في الكثير من القرى والأحياء، ثقيلة إلى درجة أنه من الصعب تصنيفها في قائمة واحدة ليلتزم وزير شئون البلديات والزراعة جمعة الكعبي، ومعه المجالس البلدية والأجهزة الحكومية ذات العلاقة، بتنفيذها دفعة واحدة وفي فترة زمنية «قياسية»، وإلا سيكون لكل عضو برلماني وبلدي الحق في إصدار البيانات أو التصريحات الصحافية الهجومية، وتضمينها الكثير من المفردات ذات صيغة الاتهام من قبيل «المعطل الرئيس لمشاريع التنمية»، أو غير ذلك من صياغات كتهرب المسئولين، وخصوصا الذين يبذلون جهدا ميدانيا ملحوظا كالوزير الكعبي، وهو «تلميز» ليس في محله، وكذلك من قبيل: «دعوة الوزير إلى القيام بتنفيذ واجباته الدستورية على أكمل وجه، والابتعاد عن المصالح الحزبية الضيقة التي لا تخدم التوجهات المستقبلية للمملكة ولا تدعم المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى»، فمثل هذه المواقف تثير حالة من التباعد وعدم الثقة بين النواب والوزراء، التي يريد لها (الناخب) أن تكون متمحورة حول تحقيق إنجازات على أرض الواقع من خلال التعاون والنقد البناء وتلبية احتياجات الناس، وليس عبر الاتهامات النارية… وهذا ما بدا واضحا من خلال تصريح صحافي للنائب عادل العسومي بشأن مشاريع التنمية في منطقتي الحورة والقضيبية.
ولاشك في أن النائب العسومي يدرك جيدا أن وضعية الخدمات في دائرته، وخصوصا على صعيد الحورة والقضيبية واحتياجاتهما، تستلزم عملا مضنيا، ولعله لم يكن مصيبا حين اتهم الوزير الكعبي بأنه المعطل الرئيس لمشروعات التنمية الحضرية في المنطقتين المذكورتين، لكن من حقه قطعا – كما أورد في التصريح- منع حدوث أي ضرر على الأهالي جراء الإهمال الحاصل من وزارة البلديات والزراعة، بيد أنه من الصعب قبول «أمر» لمنح الوزير الضوء الأخضر لبدء مشاريع التنمية الحضرية التي يخطط إليها للمنطقة، ولو فعل خمسة أو عشرة أقل أو أكثر من النواب العمل ذاته، وأصدروا التصريحات ذاتها، لبدا للناس وكأن وزارة شئون البلديات والزراعة، هي «الطامة الكبرى» والمسبب الرئيس في تعطيل الخدمات في البلد كله، والحال أن الأمر يستوجب سعة صدر، وخصوصا أن الوزير الكعبي – كما يشهد له الكثير من المواطنين، بل وتشهد له الحكومة – لم يقصر في القيام بواجبه منذ تولى الوزارة، لكن المسئولية كبيرة والمطالب أكبر، ولا تتحمل مواقف التحدي والنزاع.
حتى فيما يتعلق بالتصريحات التي يصدرها بعض النواب، التي تعكس حالة من الخلاف بينهم وبين عضو أو أكثر من أعضاء المجالس البلدية، ويطالبون فيها بعدم التدخل في شئون السلطتين التشريعية والتنفيذية، يقابلها رد آخر بأن على النواب ألا يتدخلوا في اختصاص المجالس البلدية!
إن ما ينتظره أهالي الحورة والقضيبية من مشروعات… لا يختلف عليها اثنان، وإن سعي النائب العسومي في هذا الصدد ملحوظ ومقدر، لكننا لسنا في حاجة إلى صوغ الاتهامات التي لا تغني ولا تسمن من جوع… ولو نظرنا إلى الزيارات الميدانية التي قام بها الوزير التي شملت في الفترة الأخيرة قرى قلالي، القدم، أم الحصم، وادي البحير، المالكية، سوق جدحفص، المحافظة الجنوبية… وغير ذلك من زيارات، سيظهر جليا أن المطلوب هو التنسيق والتعاون بين المجالس البلدية والنواب مع الوزير ودعمه للقيام بمسئولياته، وليس الانتقاص منها أو تغليفها بغلاف الخلاف والتصادم