احمد الصراف

الرسيفر الإسلامي

انتشرت في بداية الثمانينات، مع انتشار «مبادئ» ثورة الخميني، حمى موضة «الاسلامي» بحيث أصبح كل شيء اسلامي مرغوباً ومطلوبا، وهكذا أصبح لدينا حجاب اسلامي، مع تراجع مكانة «الملفع»، كما ظهر المانتو، أو المعطف الاسلامي الطويل، والرداء الاسلامي والجوارب الاسلامية، غير الشفافة، والحذاء النسائي الاسلامي، من غير كعب!! ولم يتورع أحد المتاجرين بالدين عن نشر صورة لقطعة قماش بيضاء على شكل بنطلون قصير روج له على أنه «سروال اسلامي»!! وهكذا عرفت الأمة لأول مرة، وبعد 14 قرناً، السروال الاسلامي والبنك الاسلامي!!
نكتب ذلك بمناسبة البشرى السارة التي تضمنها اعلان جديد عن وصول رسيفر، أو مستقبل قنوات فضائية، اسلامي، وأن ميزة هذا الجهاز الفريد من نوعه أن بإمكان مقتنيه من الآباء المحافظين مراقبة ما يبث على القنوات الفضائية، وهذا أمر لا غبار عليه، ولكن الشطارة في الموضوع أن المعلن ذكر في اعلانه أن ثمن جهاز التدين والمحافظة على الفطرة يبلغ مع التركيب 60 دينارا، لأنه لا يقبل برمجة أي قناة غير تلك المبرمجة مسبقاً، اضافة الى القنوات الاسلامية الجديدة التي تضاف أولا بأول بصورة تلقائية. كما أن بإمكان الجهاز حذف أي قناة تخل بالضوابط الشرعية، أو تحتوي على معازف، وأيضاً بصورة تلقائية. كما يقوم الجهاز بإعادة برمجة أي قناة في حال تغير الترددات، وأيضاً وأيضاً بصورة تلقائية. كما يقوم فوق هذا وذلك بالتذكير بالصلوات الخمس وبكل صلاة على حدة.
ولا يقبل الجهاز ظهور العنصر النسائي: وأيضاً.. المميزات الأكثر روعة، ربما لأن منظرهن يسبب نوعاً من الهيجان النفسي لدى بعض المرضى من شديدي التعصب الديني. ومن ذلك يمكن الاستنتاج أن الجهاز سيضمن لشاريه عدم التفكير في ما تحت السرة! ويعني أيضاً، لمن لا يعرفنا، أننا أمة مشغولة بالمتاجرة بالدين وبأن تفكيرنا لا يتجاوز منطقة جغرافية محددة من الجسم البشري!!
وللعلم فقط، فإن جهاز الرسيفر هذا عادي ويمكن برمجته بأي طريقة مطلوبة وثمنه في السوق من غير صفة «اسلامي» يقل بـ33% عن ثمنه وهو اسلامي، والخيار متروك لكم!!

أحمد الصراف

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *