محمد الوشيحي


لا تتلفت 
يا سعودي

نحن الكويتيين، من المحيط إلى الخليج، نترقب موقف السعودية كما يترقب التلاميذ نتائج امتحاناتهم، فالسعودية الشقيقة هي قبلة المسلمين، وسيحتشد في بقعة صغيرة منها بعد نحو شهرين – في العشر الأواخر من رمضان – نحو مليون مسلم، لأداء العمرة، وبعد رمضان بشهرين سيحتشد نحو ثلاثة ملايين مسلم في البقعة المباركة ذاتها لتأدية فريضة الحج، والخنازير الموبوءة الآن تفرك يديها وتدلك أنوفها وتمسح بطونها في انتظار هذه الوجبة الإسلامية المعتبرة. والثلاثة ملايين حاج هؤلاء بعضهم عبقري لا يكتب ولا يقرأ ولا يأكل، منهم من يعيش في أحراش إفريقيا، ومنهم من سيأتي من مجاهل شبه القارة الهندية، وآخرون شرواهم، كلهم أو جلهم استمعوا إلى فتاوى وتفاسير «علمائهم» الذين أكدوا لهم أن الخنازير ما هي إلا يهود سخط عليهم الله، وهؤلاء اليهود عيال الكلب، الذين هم الآن خنازير، يريدون أن يضربوا الإسلام ويهدّوا أحد أركانه ليسقط على رؤوس المسلمين، فلا تهنوا ولا تحزنوا أيها المسلمون، حجوا ورددوا: الموت للخنازير، الموت لإسرائيل. وطبعا سيتحدى هؤلاء المسلمون الخنازيرَ وسيحجون، وسيعودون إلى أهليهم محملين بالهدايا والوباء، أو محمولين على النعوش بعد أن قتلتهم إنفلونزا اليهود، التي هي إنفلونزا الخنازير، وستكون السعودية وقتئذٍ – لا قدر الله – مركزاً للمرض على ظهر هذه المعمورة.

والسعودية الآن تمسك بمقود السيارة، ونحن جيرانها الغلابة، الطوفة على الطوفة، أهل الخليج واليمن والأردن ومصر، نجلس في المقعد الخلفي، والسيارة على قمة جبل شاهق وأمامنا منحدرات وعرة، وكلنا نطل من خلال نوافذ السيارة ونشاهد الصخور المدببة في سفح الجبل، فيتملكنا الرعب، ونضع أيدينا على أفواهنا خوفاً وهلعاً، فإن غفلت السعودية عن الطريق، أو تلفتت، فستهوي بنا السيارة. لذا لا نملك إلا أن نواصل الصراخ كي نصد هجمات النعاس والغفلة عن قائد السيارة.

شقيقي السعودي قائد السيارة، أرجوك، اجلس مع منظمة الصحة العالمية، واستفتها في الأمر، وتأكد من توافر اللقاح المضاد في مستودعاتك بما يكفي الملايين الوافدة لمكة المكرمة، فإن نصحَتك المنظمة بمنع الحج والعمرة هذا العام، أو إن لم يتوافر اللقاح بالكميات المطلوبة، فاطلب من مشايخ الدين الانتشار في وسائل الإعلام لتحذير الناس وإبلاغهم عدمَ إمكان الحج والعمرة هذا العام، خوفاً على الإسلام والمسلمين، فالناس لن تصدق وزير الحج أو وزير الإعلام كما تصدق المشايخ، مع التقدير لشخوص الوزراء.

وأرى أن يجتمع علماء المذاهب كلهم في مكة – إذا نصحت منظمة الصحة بمنع الحج لعدم توافر الدواء أو لأي سبب آخر – ليصدر كل منهم بياناً إلى أتباع مذهبه يشرح لهم فيه خطورة الموقف.

الخشية من إغضاب الناس، والمغامرة بفتح بوابات مكة للحج دون احتراز، ستهلكنا أيها السعودي الشقيق، وستتحمل أنت وحدك السبب، فاحذر المنحدرات الوعرة يا رعاك الله. 

سامي النصف

المشهد اللبناني

هناك أمور عدة تجعلنا نهتم هنا بالمشهد اللبناني ومنها التوأمة التاريخية بين البلدين ثم انحدار لعبتنا السياسية سريعا لما هو قريب مما هو قائم في لبنان الشقيق من تناحر سياسي لا ينتهي، مما شجع الآخرين على جعل الارض اللبنانية ساحة لقتال الفرقاء الاقليميين والدوليين.

يقال «ان النصيحة بجمل»، وقد نصحنا في مقال سابق الشيخ سعد الحريري بألا يتورط في مصيدة تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة وان يبقى بعيدا كمرجعية لا تمس لقوى 14 آذار، وقد بدأت واضحة عملية عرقلة التشكيل مما جعله «يحرد» ويذهب لقضاء اجازته في الجنوب الفرنسي، وما نراه هو ان عمليات العرقلة وشحذ السكاكين ستزداد بعد بدء الحكومة لاعمالها بقصد حرقه والاساءة لسمعته وتنفير الحلفاء من حوله.

وللمشهد السياسي اللبناني طرائف عدة تتسبب بضحك هو اشبه بالبكاء، فقد احتُلت العاصمة بيروت من بعض القوى مما عرقل وعطل اعمال الاستثمار والسياحة التي هي نفط لبنان الوحيد، تحت دعاوى المطالبة بالثلث المعطل وبعد تلك الكارثة عادت القوى نفسها للقول انها لا تريد الثلث المعطل، ولم تسأل لماذا اذن كانت الازمة الخانقة السابقة التي كلفت لبنان مليارات الدولارات؟!

وتنازل الجنرال عون عن الثلث المعطل الا انه قام هذه المرة بتعطيل عملية تشكيل الحكومة بحجة ضرورة «النسبية» في التشكيل والتي تعني لمن لا يعرف الا يعترف المرشح الجمهوري المنهزم ماكين بحق الرئيس المنتصر اوباما في تشكيل حكومته الا بعد حصول ماكين على 48% من الوزراء واوباما على 52%، اي «بنسبة» الاصوات التي حصل عليها كل منهما (!) وبعد عملية التعطيل اعلن الجنرال عن تنازله المبارك عن النسبية، و.. عفارم جنراك هيك لعب سياسي على حساب لبنان ولا بلاش!

قوة رئيسية ثالثة تحتج هذه الايام وبقوة على عدم اعلان التشكيل الحكومي وتلوم الرئيس الحريري على تأخره في تشكيل الحكومة، ايام قليلة وتتبين «خطورة» بقاء البلد دون حكومة وتنسى تلك القوة انها كانت احدى القوى الفاعلة في تعطيل اعمال الحكومة السابقة لسنوات عدة عبر المقاطعة والاعتصام، بل وصلت لاغلاق باب البرلمان بالضبة والمفتاح في سابقة لا مثيل لها في الانظمة الديموقراطية وتحصل فقط في لبنان الامس ولربما كويت الغد اذا ما استمرت اوضاعنا في التدهور.

ومواقف الزعامات السياسية اللبنانية المتغيرة تغني عن الكهرباء المفقودة ويمكن لها ان تشغل كل مراوح لبنان بسبب سرعة تغيير اتجاه وقوة رياحها، ومن ذلك موقف زعيم الحزب الاشتراكي الاخير الذي سيجعل الاكثرية اقلية في مجلس الوزراء عند الحاجة لاتخاذ القرارات المصيرية والتي سيلتزم خلالها وزراء الرئاسة بالحياد وستنتهي معادلة وزراء 15 ـ 10 ـ 5 الى معادلة 13 معارضة ـ 12 موالاة و5 على الحياد، وما اذكى منظري ومفكري قوى المعارضة اللبنانية!

آخر محطة:
 
ارجو ان تبني الحكومة اللبنانية القادمة سجنا كبيرا 5 نجوم يخصص للسياح الخليجيين ممن يسمحون لاطفالهم بإشعال المفرقعات والالعاب النارية في المصايف آناء الليل واطراف النهار، وبودي من هؤلاء الخليجيين ان يجربوا تلك الافعال في الدول المتقدمة كسويسرا وغيرها ليروا كيف يتم التعامل معهم، وعيب استغلال كرم الضيافة اللبنانية.

احمد الصراف

الرسيفر الإسلامي

انتشرت في بداية الثمانينات، مع انتشار «مبادئ» ثورة الخميني، حمى موضة «الاسلامي» بحيث أصبح كل شيء اسلامي مرغوباً ومطلوبا، وهكذا أصبح لدينا حجاب اسلامي، مع تراجع مكانة «الملفع»، كما ظهر المانتو، أو المعطف الاسلامي الطويل، والرداء الاسلامي والجوارب الاسلامية، غير الشفافة، والحذاء النسائي الاسلامي، من غير كعب!! ولم يتورع أحد المتاجرين بالدين عن نشر صورة لقطعة قماش بيضاء على شكل بنطلون قصير روج له على أنه «سروال اسلامي»!! وهكذا عرفت الأمة لأول مرة، وبعد 14 قرناً، السروال الاسلامي والبنك الاسلامي!!
نكتب ذلك بمناسبة البشرى السارة التي تضمنها اعلان جديد عن وصول رسيفر، أو مستقبل قنوات فضائية، اسلامي، وأن ميزة هذا الجهاز الفريد من نوعه أن بإمكان مقتنيه من الآباء المحافظين مراقبة ما يبث على القنوات الفضائية، وهذا أمر لا غبار عليه، ولكن الشطارة في الموضوع أن المعلن ذكر في اعلانه أن ثمن جهاز التدين والمحافظة على الفطرة يبلغ مع التركيب 60 دينارا، لأنه لا يقبل برمجة أي قناة غير تلك المبرمجة مسبقاً، اضافة الى القنوات الاسلامية الجديدة التي تضاف أولا بأول بصورة تلقائية. كما أن بإمكان الجهاز حذف أي قناة تخل بالضوابط الشرعية، أو تحتوي على معازف، وأيضاً بصورة تلقائية. كما يقوم الجهاز بإعادة برمجة أي قناة في حال تغير الترددات، وأيضاً وأيضاً بصورة تلقائية. كما يقوم فوق هذا وذلك بالتذكير بالصلوات الخمس وبكل صلاة على حدة.
ولا يقبل الجهاز ظهور العنصر النسائي: وأيضاً.. المميزات الأكثر روعة، ربما لأن منظرهن يسبب نوعاً من الهيجان النفسي لدى بعض المرضى من شديدي التعصب الديني. ومن ذلك يمكن الاستنتاج أن الجهاز سيضمن لشاريه عدم التفكير في ما تحت السرة! ويعني أيضاً، لمن لا يعرفنا، أننا أمة مشغولة بالمتاجرة بالدين وبأن تفكيرنا لا يتجاوز منطقة جغرافية محددة من الجسم البشري!!
وللعلم فقط، فإن جهاز الرسيفر هذا عادي ويمكن برمجته بأي طريقة مطلوبة وثمنه في السوق من غير صفة «اسلامي» يقل بـ33% عن ثمنه وهو اسلامي، والخيار متروك لكم!!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

ملفات القرى والأحياء في عهدة الكعبي

 

لأعضاء المجالس البلدية كل الحق في انتقاد الوزراء، وخصوصا من يمسكون حقائب الوزارات الخدمية، في حال تعثر أو تأخر أو إهمال أي مشروع من المشروعات التي يتنظرها المواطن، والحال ذاته بالنسبة إلى النواب، فملف «احتياجات المناطق والأحياء من الخدمات» هو واحد من الملفات التي لا يسلم النائب أو العضو البلدي من هجوم المواطنين عليه بسببها، إلا أنه من الأفضل ألا يتخصص النواب في حمل الملفات الخدمية بشكل رئيس في عملهم، وأن يتركوها إلى الأعضاء البلديين فهي من مهامهم الأصيلة، وليتفرغ النواب للنظر في قضايا وملفات تشريعية ورقابية، فمن غير اللائق استمرار إطلاق تسمية «نواب الخدمات» على أعضاء السلطة التشريعية في ظل وجود مجالس بلدية يفترض أن تكون أدرى بعملها.

إن ملفات الخدمات البلدية، في الكثير من القرى والأحياء، ثقيلة إلى درجة أنه من الصعب تصنيفها في قائمة واحدة ليلتزم وزير شئون البلديات والزراعة جمعة الكعبي، ومعه المجالس البلدية والأجهزة الحكومية ذات العلاقة، بتنفيذها دفعة واحدة وفي فترة زمنية «قياسية»، وإلا سيكون لكل عضو برلماني وبلدي الحق في إصدار البيانات أو التصريحات الصحافية الهجومية، وتضمينها الكثير من المفردات ذات صيغة الاتهام من قبيل «المعطل الرئيس لمشاريع التنمية»، أو غير ذلك من صياغات كتهرب المسئولين، وخصوصا الذين يبذلون جهدا ميدانيا ملحوظا كالوزير الكعبي، وهو «تلميز» ليس في محله، وكذلك من قبيل: «دعوة الوزير إلى القيام بتنفيذ واجباته الدستورية على أكمل وجه، والابتعاد عن المصالح الحزبية الضيقة التي لا تخدم التوجهات المستقبلية للمملكة ولا تدعم المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى»، فمثل هذه المواقف تثير حالة من التباعد وعدم الثقة بين النواب والوزراء، التي يريد لها (الناخب) أن تكون متمحورة حول تحقيق إنجازات على أرض الواقع من خلال التعاون والنقد البناء وتلبية احتياجات الناس، وليس عبر الاتهامات النارية… وهذا ما بدا واضحا من خلال تصريح صحافي للنائب عادل العسومي بشأن مشاريع التنمية في منطقتي الحورة والقضيبية.

ولاشك في أن النائب العسومي يدرك جيدا أن وضعية الخدمات في دائرته، وخصوصا على صعيد الحورة والقضيبية واحتياجاتهما، تستلزم عملا مضنيا، ولعله لم يكن مصيبا حين اتهم الوزير الكعبي بأنه المعطل الرئيس لمشروعات التنمية الحضرية في المنطقتين المذكورتين، لكن من حقه قطعا – كما أورد في التصريح- منع حدوث أي ضرر على الأهالي جراء الإهمال الحاصل من وزارة البلديات والزراعة، بيد أنه من الصعب قبول «أمر» لمنح الوزير الضوء الأخضر لبدء مشاريع التنمية الحضرية التي يخطط إليها للمنطقة، ولو فعل خمسة أو عشرة أقل أو أكثر من النواب العمل ذاته، وأصدروا التصريحات ذاتها، لبدا للناس وكأن وزارة شئون البلديات والزراعة، هي «الطامة الكبرى» والمسبب الرئيس في تعطيل الخدمات في البلد كله، والحال أن الأمر يستوجب سعة صدر، وخصوصا أن الوزير الكعبي – كما يشهد له الكثير من المواطنين، بل وتشهد له الحكومة – لم يقصر في القيام بواجبه منذ تولى الوزارة، لكن المسئولية كبيرة والمطالب أكبر، ولا تتحمل مواقف التحدي والنزاع.

حتى فيما يتعلق بالتصريحات التي يصدرها بعض النواب، التي تعكس حالة من الخلاف بينهم وبين عضو أو أكثر من أعضاء المجالس البلدية، ويطالبون فيها بعدم التدخل في شئون السلطتين التشريعية والتنفيذية، يقابلها رد آخر بأن على النواب ألا يتدخلوا في اختصاص المجالس البلدية!

إن ما ينتظره أهالي الحورة والقضيبية من مشروعات… لا يختلف عليها اثنان، وإن سعي النائب العسومي في هذا الصدد ملحوظ ومقدر، لكننا لسنا في حاجة إلى صوغ الاتهامات التي لا تغني ولا تسمن من جوع… ولو نظرنا إلى الزيارات الميدانية التي قام بها الوزير التي شملت في الفترة الأخيرة قرى قلالي، القدم، أم الحصم، وادي البحير، المالكية، سوق جدحفص، المحافظة الجنوبية… وغير ذلك من زيارات، سيظهر جليا أن المطلوب هو التنسيق والتعاون بين المجالس البلدية والنواب مع الوزير ودعمه للقيام بمسئولياته، وليس الانتقاص منها أو تغليفها بغلاف الخلاف والتصادم