محمد الوشيحي


الليل وعنتر بن شداد

لأن الحكومة لا تريد أن تقتنع بأن «من لا يحتمل نقد الخصوم فليلجأ إلى القضاء، أو فليجلس عند الماما»، وبما أن وزير الإعلام يريد إدخال تعديلات على قانون المطبوعات، إذاً، ستخنق الحكومة الحريات إلى أن تفقد وعيها وتسقط على الأرض، وستنهال عليها ركلاً بالحذاء العسكري إلى أن تدمي أنفها. والمقصود من التعديلات، أو جزء منها، هو كسر أقلام بعض كتّاب المقالات الذين يختلفون مع أداء الحكومة، مثل: أحمد الديين ومحمد عبدالقادر الجاسم وسعود العصفور وعبد اللطيف الدعيج وسعد العجمي وزايد الزيد ود. فهد الخنة، وآخرين ليس بينهم بالطبع «كتّاب الوكيل» كالزميلين الجميلين علي البغلي ود. ساجد العبدلي (جنبلاط الصحافة الكويتية) وآخرين لا نعرفهم، الله يعرفهم، ممن تفرغوا لانتقاد خصوم رئيس الحكومة ومحمود حيدر، وها هم الآن في غرفة المخزن يقلّبون الخياش القديمة بحثاً عن أي جنحة ارتكبها خصوم الحكومة ليحولوها إلى جناية، وفي حال خلوّ الخياش، فمن الممكن، بقليل من المكر والدهاء وغمزة العين اليسرى، التصرف بما يسر الباشاوين الاثنين ويشتت أذهان معارضيهما.

ولو كنت أنا مكان الزميلين، لحرصت كل الحرص على ألّا يتم تضييق الخناق على خصوم الباشاوين، كي لا تتوقف عربتي وحصاني… ركزا معي قليلا أيها الجميلان وتخيلا، مثلا يعني، لو أن البرلمان ليس فيه معارضة، ولم ينجح السعدون ولا مسلم البراك ولا فيصل المسلم ولا الطبطبائي ولا الحربش ولا الطاحوس ولا الدقباسي ولا ولا ولا، فهل ستسلك معاملات وواسطات مبارك الخرينج وعلي الراشد وحسين القلاف ود. يوسف الزلزلة؟ بالطبع لا، لانتفاء الحاجة، إذاً، منطقياً يجب أن يحرص نواب الحكومة على نجاح نواب المعارضة كي يضمنوا استمرار اللعبة، وبدوركما يجب أن تحرصا، كما فعل أصدقاؤكما النواب، على نجاح نواب المعارضة مرة، وعلى نشر مقالات كتّاب المعارضة عشرين مرة… صدقاني، هذه نصيحة بجمل، فإن قبلتماها فالخير لكما بإذن الله، وإن رفضتماها فسيجف الضرع ويذبل الزرع، وسينقلب الربيع خريفاً شاحباً أصفر يغث الناظرين، ولن تجد العصافير ما تأكله على الأغصان…

نحن المصدر والمنبع أيها الزميلان الكريمان فاحرصا على استمرار تدفق مياهنا ليستمر اخضرار مزارعكما، وتذكرا أن نواب المعارضة الذين لم يوافقوا الحكومة على شراء المستشفيات الخاصة، هم الذين فتحوا للبعض باباً للدفاع عن «صفقة المستشفيات»، أو على الأقل، الهجوم على معارضيها.

وإذا لم تصدقا أننا المصدر فسنكتب عن أغنية فيروز: «باب البوابة ببابين، اقفولة وامفاتيح جداد، وع البوابة في عبدين، الليل وعنتر بن شداد»، وسنترككما حينئذ على الحديدة القصوى. وقد أعذر من أنذر.

***

الرجال أنواع، منهم الأسد، ومنهم الضبع، ومنهم الضب، ومنهم النعامة، ومنهم القرد الذي يقفز من غصن إلى آخر دون أن يصاب بخدوش.

***

في اتصال أجراه معي معالي وزير الشؤون، الدكتور محمد العفاسي، قال إنه خلال الشهر هذا سينتهي من ربط جميع معاملات كبار السن كمبيوتريا، بحيث لا يحتاج متلقي مساعدات وزارة الشؤون إلى الحضور إلى الوزارة واللف على بقية الإدارات الحكومية… شكراً دكتور. 

احمد الصراف

منظمة كاش التبشيرية

قام سمو امير البلاد قبل ايام بافتتاح مركز ثقافي اسلامي في مدينة نيويورك. وستكون الانشطة الدينية وممارسة العبادة من صلب اعمال هذا المركز، والامر ذاته ينطبق على عشرات المراكز الاسلامية الاخرى المنتشرة في كبريات العواصم الاوروبية والاميركية. وجدير بالملاحظة ان سمو الامير قام بافتتاح المركز قبل بدء زيارته الرسمية للولايات المتحدة ومقابلة الرئيس اوباما، مما اعطى دلالة على عمق العلاقات بين البلدين، ومدى تسامح المجتمعات الغربية مع مثل هذه الانشطة. فهذه الدول واثقة من نفسها ومن عقائدها ولا تمانع من اقامة مثل هذه المراكز التي قد تستغل في التبشير بمعتقدات قد لا تتفق والسائد لديها. كما انها لا تتردد في توفير فرص العمل، حتى في اكبر مراكز القرار كالبيت الابيض والبنتاغون، للمهاجر المسلم، ولو كانت سيدة محجبة حديثة التجنيس. ولو نظر اي طرف محايد الى هذه المواقف «الغربية» الرائعة في مضامينها وقام بمقارنتها بما كتبه ويكتبه البعض من «مهووسينا الدينيين» في حق الدول الغربية والتخويف «كذبا» من انها تقوم بتنصير ابنائنا الدارسين في جامعاتها، لشعر بالخجل من وقاحة هؤلاء، وربما اصيب بالغثيان من سوء نوايانا تجاه الآخر.
وفي محاولة بعض النواب التكسب بدغدغة الهابط من مشاعر البعض، قام النائب مبارك الوعلان بتوجيه بضعة اسئلة لوزير الصحة عن انشطة جمعية رعاية الطفل في المستشفى «كاش»، والتي اطلق عليها صفة «منظمة»، ووصف اعمالها بالتبشيرية. وقال ان التقارير اظهرت ذلك، وانه لن يسكت عن هذه الاعمال «المخالفة والخطيرة»!!
لا شك ان النائب الوعلان واع تماما لحقيقة عمل هذه الجمعية غير الربحية، التي نجحت خلال عمرها القصير في العناية، ماديا ومعنويا، بآلاف الاطفال في مختلف مستشفيات الدولة، ومد يد الرحمة والحنان اليهم، وهي اليد التي يحاول النائب الوعلان الآن، باسئلته الاستفزازية والسيئة الغاية والمقصد، قطعها، لا لشيء الا لان سيدة كويتية من اصل اوروبي هي التي تقوم بالاشراف عليها من منطلق محبتها لفعل الخير لابناء وطنها، وهذا هو عمل الخير الحقيقي، وليس ذلك الخير الذي يعرفه الوعلان وجماعته. ولو افترضنا ان هذه الجمعية، التي مر عليها اكثر من 15 عاما وهي تبدع، تقوم بتبشير اطفال السنوات الخمس، بالدين المسيحي، حسب ادعاء النائب، فان البينة على من ادعى وعلى النائب بالتالي تقديم دليل مادي واحد على ان الجمعية، او المنظمة، كما يسميها، نجحت في اقناع طفل واحد، لا يتجاوز عمره خمس سنوات بتغيير دينه، او ان هناك شابا في العشرين من العمر مثلا سبق ان تلقى شحنة تبشيرية على يد هذه الجمعية، واصبح الآن مسيحيا خالصا، وان هذا ادى لان يصبح عدد مسلمي العالم مليارا و299 الفا و119 مسلما بعد ان كان مليارا و299 الفا و120 مسلما، ساعة كتابة هذا المقال!!
مؤسف ان البعض منا لا يكتفي بالتقاعس عن عمل اي خير، بل يسعى جاهدا لتخريب كل جميل في هذا الوطن ان لم يكن هذا الشيء خاضعا لفكره او غير منسجم مع نظرته الدينية الضيقة.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

ضربات حديدية على رؤوس الفساد

 

استدعاه ليصفعه بصرخة مدوية هزت أركانه: «ألا تستحي على وجهك يا أسود الوجه؟ تريد أن تفضحني على رؤوس الأشهاد وتتهمني بالفساد وعدم نظافة اليد؟».

خارت قوى ذلك الموظف المسكين، وكاد يبكي من شدة خوفه وخنوعه فقال: «مو أنا… صدقني مو أنا»، وأراد أن يحلف بصلاته لكنه لم يتمكن لأنه لا يصلي فوجد سبيلا: «في صلاة أمي وأبوي مو أنا»، وأراد أن يضيف أدلة على خفوت صوته فقال: «صوتي لا يسمعه أحد إطلاقا… عمري ما رفعت صوتي… عمري… ولا مرة رفعت صوتي حتى وأنا أشجع المنتخب».

كل تلك المحاولات باءت بالفشل… فالكلام كثير، والجيوب التي تمتليء بالمال و…(الظنون) والشكوك تصبح هي الأخرى، من مصائب الحياة الدنيا… لكن، هل يمكن أن تشتعل نار الفضيحة على يد هذا الموظف البسيط، الذي لا تتعدى مهام وظيفته تسجيل الصادر والوارد من البريد!!.

تقول: «في صلاة أمك وأبيك أنك لست من تحدث عن (…) في إدارتي!!» هكذا رمقه بنظرة (خاطفة) وجد فيها المسكين لين جانب ففرح قائلا: «لا يمكن أن أبوح بالأسرار!! أنت تآمر أمر وأنا وكل من في هذه الإدارة تحت أمرك»… وما هي إلا أسابيع حتى ترقى ذلك الموظف «الكتوم» لينال جزاءه بالترقيات والعطاءات والكرامات نظير إخلاصه في العمل!.

هذه القصة «العسيرة» ليست سوى أفكار متخيلة، لكننا إن فتحنا العيون والعقول والقلوب، سنضع اليد على ممارسات ليست مقبولة إطلاقا من قبيل التغطية على ما يخالف شرع الله أولا ويتنافى مع القوانين، ثم تقوم القيامة بعد ذلك على ما يرد في تقارير الرقابة المالية والإدارية وتتشكل اللجان، وتصدر البيانات التوضيحية وتتحرك الإدارات وتراقب وتحلل و… و…

ولا تنقشع الغبرة إلا عن المزيد من الحقائق والأدلة التي تضبطها النيابة العامة وتقدمها للقضاء، لكن هذه المهمة تبقى مهمة سلطة القضاء، وفي هذا الشأن، كان بيان النيابة العامة بخصوص التعامل التحقيقات التي لم تنته بعد منطقيا، فـ»ليس من حق أحد أيا كان موقعه وأيا كان قدره أن ينتزع من القضاء سلطته أو يجلس في مقعده أو يفتت على كلمته أو يصدر حكما بالإدانة أو البراءة وفق ما شاء له الهوى، فساحة القضاء ليست ميدانا حرا ومفتوحا لتزاحم الآراء وتسابقها وإنما للقضاء نظمه الخاصة التي تساندها تقاليد تاريخية عريقة وقيم مستقرة راسخة.

لكن الذي يهم المواطنين الذين ينظرون إلى المصلحة العليا، وهم ونحن على ثقة في القضاء الذي لا نرضى أن يكون (إلا نزيها)، هو تقديم كل مسئول تثبت عليه تهم الفساد للمساءلة القانونية، وإيقاع العقوبات المقررة في القانون عليه، وألا يكون لأي طرف تدخل للحماية أو إلقاء طوق النجاة على المفسد… فالفساد هو سبب الكثير من المآسي في البلد، وآن له أن يحظى بضربات حديدية متتالية.