سامي النصف

آخر الرجال المحترمين

في السبعينيات إبان احترام رجال الاقتصاد الكويتيين الشديد لأسمائهم وسمعتهم المالية وقبل ان تجتاحنا موجة مناخ الثمانينيات ونظريات خلق طبقة اقتصادية جديدة ذات أخلاق خربة، قام احد الآسيويين بسرقة شريكه الكويتي ما جعله مكشوفا امام عملائه فقام بالانتحار حفاظا على اسمه وسمعته، وهو بالمناسبة عم لإحدى المذيعات الشهيرات بالبلد.

كما تسبب انهيار البورصة عام 76 في انكشاف رجل أعمال كويتي آخر وهو ابن عم لنائب برلماني سابق، مما جعله يقتل نفسه حفاظا على سمعة عائلته الكريمة، لذا أعتقد ان حالة الانتحار الأخيرة لرجل أعمال كويتي ـ ان صدقت الروايات، وقد لا تصدق ـ هي نهاية آخر الرجال المحترمين ممن لا يزالون يدفعون أرواحهم رخيصة حفاظا على اسمائهم وسمعتهم.

ومما سمعته شخصيا من العاملين مع ذلك الشاب الثناء الشديد على أخلاقه وسمعته وذكائه وكفاءته، وكان أغلب من تحدثت معهم لا يصدقون الدعاوى والاتهامات التي قيلت بحقه، كما يستغربون مما أشيع من انتحاره، حيث ان القضايا التي يفترض ان تقام ضده تمس مركزه كمدير ولا تمسه شخصيا.

ويخبرني احد الأبناء انه التقى «المغدور» الشهر الماضي وكان الوحيد الذي يرتدي كماما في الطائرة طوال الرحلة ولما سأله عن السبب ذكر انه زيادة في الاحتياط الصحي وحتى لا يصاب بعدوى انفلونزا الخنازير، مما يعني حرص الشاب الشديد على الحفاظ على حياته، فلماذا اشترى إذن قبل ذلك بمدة قصيرة مسدسا؟ ألا يشير ذلك الى الرغبة في الدفاع عن النفس أمام تهديد ما، لا إيذائها؟!

ومن مساوئ الصدف ان يضار تجمع اقتصادي كويتي عبر الوفاة المفاجئة لعميده، ثم يتلوه في اقل من شهر وفاة مفاجئة لعميد تكتل اقتصادي كويتي آخر، ثم يأتي الخبر الحزين الأخير ليمس تكتلا اقتصاديا ثالثا مشهودا له بالنجاح وحسن الأداء والإدارة، ونجاح الاقتصاد الكويتي مرهون في نهاية الأمر بنجاح تكتلاته الاقتصادية، وفشلها يعني فشله.

آخر محطة:
 
(1) ما يزيد الطين بلة انتشار اشاعات مغرضة عن انكشاف مالي لتجمعين اقتصاديين كبيرين، فنرجو تفعيل خطط الإنقاذ المالي قبل «وقوع الفاس في الراس».. لا بعده كما هي العادة.

(2) يقول المثل العامي «اللي اختشوا ماتوا»، ولدينا لم يعد احد يموت في الحمام الشعبي المحترق خوفا من الخروج عاريا على الناس فتمس سمعته، هذه الأيام الأمة «مصلعة» ولا يحتاج احد لحريق كي يتعرى امام الخلق.

احمد الصراف

قصة فضلات الفضاء

من المعروف، طبقا لقانون الجاذبية الذي اكتشفه اسحاق نيوتن، أعظم علماء البشرية، أن الفواكه تسقط عن الأشجار، والأثقال تسقط من غير سند إلى الأرض بفعل عامل جاذبية كامن في مركز الأرض، وأن الفكاك من جاذبية الأرض ليس بالأمر السهل، ولهذا تجد جميع الأجسام المادية صعوبة وهي تحاول الابتعاد عن الأرض طيرانا أو حتى تسلقا لدرج عمارة. ولو طبقنا القانون ذاته على رواد الفضاء لوجدنا أن انعدام الجاذبية في المحطات والسفن الفضائية يجعل من الصعب عليهم تثبيت أجسامهم في وضع معين، وتصبح العملية أكثر إحراجا، أو إلحاحا، عند الرغبة في قضاء الحاجة!! ومن اجل ذلك قام علماء وكالة الفضاء الأميركيون بتصميم مراحيض خاصة لرواد الفضاء بحيث يمكنهم القيام بما عليهم القيام به بأقل قدر من العناء والتلوث؟ فالجاذبية الأرضية التي تساعد الفضلات في الخروج من الجسم استبدلت بأدوات خاصة وطرق أكثر تطورا.
لذا قام علماء حقيقيون، لا علماؤنا، بتزويد كراسي مراحيض السفن والمحطات الفضائية بأحزمة تثبت الرائد، أو زميلته، بكرسي الحمام لكي لا يرتفع في الجو بعيدا عنه وهو في منتصف قضاء حاجته. كما قاموا بتصميم طرق مختلفة للتخلص من الفضلات السائلة والصلبة، حيث يقوم الرجال بالتخلص من السوائل في أنابيب خاصة، والنساء في أدوات تشبه القمع، وتسري السوائل من خلالها بفعل ضغط هوائي محدد الدرجة ينقلها لحاويات خاصة. ولكن التخلص من المواد الصلبة أكثر صعوبة، لأن المواد على الأرض تسقط بفعل الجاذبية، أما في سفينة أو محطة فضاء فتخرج من الجسم وقد ترتفع فوق رأس الرائد وتتطاير من حوله وقد تعاود الدخول لجسمه عن طريق الفم مثلا، وهذا أمر مقزز، ولهذا تم تجهيز مراحيض السفن الفضائية بأنظمة شفط المواد الصلبة ونقلها مباشرة لخزان، حيث تجمد، وتعالج فورا، فيقتل كل ما بها من بكتيريا فتزول رائحتها غير المرغوب فيها. وعند تجمع كمية من هذه الفضلات توضع على ظهر سفينة فضاء صغيرة من غير ملاح وتطلق في الفضاء مع خاصية احتراق سريعة!!
ويقول أحد علماء «وكالة الفضاء الأميركية» اننا عندما نرى نجما مضيئا يحترق في السماء ويتلاشى وميضه خلال ثوانٍ فإنه غالبا ما يكون النور الصادر نتيجة حرق فضلات بشرية عائدة لعدد من رواد الفضاء!!
وأتذكر عندما كنا صغارا جهلة، وربما لا نزال، كان البعض منا يعتقد بأن تلك النجوم الخاطفة التي تمر بالسماء مثل البرق وتختفي في لحظات هي سيوف تمنع الشياطين والأبالسة والجن، ولا أعرف الفرق بينها، من دخول ملكوت السماء!!

أحمد الصراف