علي محمود خاجه

الشيوخ فوق القانون

المسألة كلها وباختصار، هي أن يتولى شخص ما قيادة مجلس الإدارة، فإما أن يتولاها وفق القانون الذي وضعه الشعب الكويتي من خلال مجلسه ويتمتع في مجلس الإدارة بأغلبية مريحة جداً جداً (الثلثين)، وإما أن يتولاها بشكل مخالف للقانون ويحوز أغلبية مطلقة.

لو طُرِح على أي شخص عاقل هذين الخيارين… بالتأكيد سيختار البديل الأول، بما أن النتيجة واحدة، وهي تولي مجلس الإدارة بأغلبية الثلثين، لأنه بذلك لن يعارض القانون ولن يعرقل سير الأمور، بل سيتمكن إن كان مديراً ناجحاً، من تحقيق الأغلبية المطلقة بحسن إدارته.

لكن أن تتحول هذه المسألة البسيطة إلى قضية شائكة عسيرة أرهقت الكويت كلها لمدة عامين ونصف العام، فهو أمر يدل على مقدار التقهقر والتخبط اللذين تعيشهما الكويت، والسبب طبعاً هو وَهَن الحكومة برئاسة الشيخ ناصر المحمد الذي لم يحِد وبعد فشل حكوماته الخمس أو الست السابقة، لا أذكر العدد، عن منهج التهاون مع كل متجاوز، وهو أمر بلا شك سيؤدي إلى وقف حال البلاد مجدداً، حتى إن كانت أغلبية المجلس تقف معه.

أُقرت قوانين في فبراير 2007 كان من بينها قانون ينص على أن تتكون عضوية الاتحادات الرياضية من 14 عضواً، بمعنى أن يكون لكل نادٍ رياضي مقعد في مجلس إدارة الاتحاد، وهو ما يحقق العدالة في توزيع المقاعد الإدارية، على أن يتم انتخاب أعضاء مجلس الإدارة الـ14 رئيساً ونائب الرئيس وبقية المناصب في ما بينهم. الوضع الحالي للرياضة يتمثل في وجود 10 أندية متكتلة يرأسها نادي القادسية، وهي تشكل أكثر من ثلثي الأندية، وأربعة أندية متكتلة في جانب آخر، وهي تشكل أقل من الثلث، وكما هو واضح، فإنه في حال تطبيق القانون الذي أُقر في فبراير 2007، فإن الأندية العشرة التي يرأسها نادي القادسية ستحصل على كل المناصب القيادية في مجلس الإدارة، وهو أمر لا بأس به، وإن كنت أكرهه طالما تحقق بالديمقراطية.

رغم هذا النصر المحقق والقيادة الأكيدة للأندية العشرة برئاسة نادي القادسية، فإنها منذ 2007 حتى اليوم تعصي القوانين الكويتية وتعارضها علناً بدعم مطلق من ابن عم رئيس الوزراء وابن أخ سمو الأمير الشيخ طلال الفهد.

لن أدخل في نواياه ولن أقول إن الشيخ طلال الفهد يعارض ومَن معه من أجل كسر القانون أو فرض هيبته فوق القانون، بل سأقول وبحسن نية إنه يعتقد أن القوانين الكويتية غير سليمة ويعارضها، كما أعارض أنا قانون فصل التعليم المشترك مثلاً.

لكنه بدلاً من أن يمارس حقه كمواطن في معارضة القانون والسعي إلى تغييره من خلال مجلس الأمة، كما أفعل أنا مثلاً في معارضة قانون فصل الاختلاط، فهو يسعى إلى كسر القانون الموقع من عمّه سمو الأمير بكل ما أوتي من قوة، بينما حكومة الشيخ ناصر المحمد خاضعة منذ عامين ونصف العام إلى اليوم وستستمر في خضوعها كما هو واضح.

إن ما يفعله طلال الفهد ومَن معه لا يمكن أن يفسر إلا بأمر واحد، وهو اعتقاد قد يترسخ لدى كثير من أبناء الأسرة بسبب تصرف رئيس نادي القادسية وخضوع رئيس الحكومة، فمتى ما يتصادم القانون ونفوذ الأسرة، فإن الأسرة ستكون لها الغلبة بكل تأكيد، وأن ما يطبَّق على المواطن من قوانين، حتى إن عارضها، لن يطبق على المتنفذين إن عارضوها، بل إنهم سيكونون بلا شك فوق القانون.

– ضمن نطاق التغطية:

كي لا تتكرر الحجة، فإن المنظمات الرياضية الدولية كلها تجدد تأكيدها أنه لا بأس لها في أي تعديلات محلية على الأنظمة ما لم تكُن هناك معارضة داخلية، وهو ما لا يتحقق بسبب عصيان الأندية العشرة.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

سامي النصف

«عسكر وحرامية»

نشرت احدى الصحف العربية صورة لرجل كويتي يلبس نظارة شمسية (خطير) له اسم لم اسمع به قط في بلدنا وقد احتلت اعلاناته 3 صفحات كاملة، الاولى احدى موظفاته ذكّرت ضمن مقالها بأريحيته وكرمه واعمال الخير التي يقوم بها حتى انه لا يرد قط محتاجا او سائلا.. يا سلام!

الصفحة الاعلانية الثانية امتلأت باسماء مشاريع له تم الادعاء انها قائمة في الاماكن الشهيرة والغالية في ذلك البلد ولا يعلم احد حقيقة او حجم او نسبة مشاركته في تلك المشاريع المدعاة، والصفحة الثالثة امتلأت بأرقام هواتف ودعوات لاصحاب الثروات لايداع اموالهم لديه كي يستثمرها لهم بعوائد مرتفعة، ودعوات اخرى لاصحاب العقارات او الاراضي الفضاء لتقديمها له كي يطورها ويرفع من قيمتها.

احدى الالعاب الشهيرة التي يلعبها الصغار في كل مكان لعبة «عسكر وحرامية» حيث يمثل البعض دور«الحرامية» فيقومون بالاختباء عن اعين الشرطة وتنتهي عادة تلك اللعبة باصطياد من يمثلون رجال الامن لـ«الحرامية» ومحاسبتهم محاسبة شديدة تتمثل احيانا بالصفع والركل، ومع مرور السنين تحول الصغار الى كبار وتغيرت معهم قواعد اللعبة واختلطت اوراقها فلم يعد احد يميز بين العسكر وبين «الحرامية»، ولم نعرف من الذي يختبئ من الآخر، او من الذي ينهب ويسرق ومن الذي يحاسب ويعاقب.

ففي كل صباح يقرأ الناس عن عمليات السرقة والتجاوزات، فالوزارات تنهب عبر العقود غير المراقبة ويعلم من يقوم بتلك الامور ان احدا لن يسأله قط عن الاموال التي سلبت والدنانير التي سرقت بل ستتحول القضية الى ازمة سياسية اخرى تنتهي كالعادة الى لا شيء، او الى ما هو اشبه بالدخان المتصاعد في الهواء، ويستمر قطار السرقة والتجاوز مسرعا في طريقه وسط عشرات الاجهزة الرقابية مظهرا لسانه الاحمر الطويل لهم وللناس المتابعين لتلك القضايا.

وقد وصلت الرسالة سريعا الى شعبنا الفاهم والواعي فبدأت عمليات التسابق على النهب والنصب من قبل الجميع، و«اخذ ما يمكن أخذه قبل نفاد الكمية وانتهاء عصر النفط»، وتم رفع المتجاوزين على الاكتاف بدلا من دوسهم، والا فكيف نفسر اعادة انتخاب مجالس ادارات الجمعيات التعاونية التي تحول الملايين من ارباح الجمعيات الى حساباتها الخاصة؟! ولولا القرارات الحكومية بالاقالة والاحالة للنيابة وتعيين البدلاء لسرقوا كل ما يمكن تحريكه ونقله فوق الارض ولما ابقوا حتى على الكحل في العيون!

آخر محطة:

نخشى ان نكون قد تحولنا من مدينة الحقد والحسد الى عاصمة النصب والاحتيال، ولا حول ولا قوة الا بالله.

احمد الصراف

غوص الوكيل ومساعده

لو قام رئيس مجلس الوزراء بالطلب من وزرائه حض وكلائهم على تقليل تصريحاتهم الصحفية، وخصوصا الفارغ منها وغير الدقيق، لما وجد كتّاب الأعمدة الكثير ليكتبوا عنه.
ففي تصريح لوكيل وزارة الأوقاف المساعد، الذي أعتقد أنه يتقاضى بدلا نقديا عن تصريحاته للصحف يساوي بدلات مشاركته في العديد من اللجان، ورد أن برنامج عمل «علماء المستقبل» يعتبر حضانة للعلوم الشرعية ويعمل وفق مقاييس الجودة العالمية (!!)، وحسب علمي فان هناك مقاييس جودة عالمية في الهندسة والبناء والادارة والدواء والغذاء وغيرها القليل، أما العلوم الشرعية فلا توجد جهة تضع مقاييسها، دع عنك العمل بموجبها! ومن الواضح أن وكيل الأوقاف المساعد إما أنه لا يعرف ما يتحدث عنه، أو أنه مدرك، ولكنه ربما يعتقد أنه يتحدث مع مجموعة من الخراف! فعلماء المستقبل هؤلاء لا يزيد متوسط أعمارهم على 16 عاما ودراستهم «الخربوطة» لا تتجاوز مدتها 3 سنوات، ولا يمكن لأي كان أن يقبل على نفسه تولي مراهق في التاسعة عشرة من عمره شؤون الافتاء، فقط لأن برنامج وكيل وزارة الأوقاف أراد له ولنا ذلك. وسبق أن كتب الزميل أحمد البغدادي (السياسة 22/7) في موضوع هؤلاء «العلماء» وسخر من المشروع، وقال ان هؤلاء الفقهاء الصغار لا يدرون بأي السبيلين يبدأون لو ذهبوا لقضاء الحاجة، فضلا عن كونهم فاقدي الأهلية ليكونوا فقهاء، فالدورة لا معنى لها لا من الناحية الشرعية ولا العقلية!
كما سبق تصريح الوكيل المساعد تصريح آخر لوكيل الوزارة نفسها، السيد عادل الفلاح (السياسة 27/5)، ذكر فيه أن وزراء أوقاف في الدول الاسلامية «أشادوا» بالتجربة الكويتية في مجال اللجنة العليا للوسطية والمركز العالمي للوسطية، وأن أهم مرتكزات الوسطية يكمن في علاج التطرف ومقارعة الفكر بالفكر ورد شبهات الارهابيين والبحث العلمي المنهجي والدراسة الميدانية و«الغوص» في جذور المشكلة(!)، ولا أدري كيف صرح الوكيل بذلك وهو على علم بأن اللجنة والمركز العالمي مؤسستان غير فعالتين أصلا ولا يعمل بهما أحد بعد أن «جفت ميزانياتهما» منذ أشهر بسبب استمرار الشفط الداخلي والخارجي لها، وأن الدول الاسلامية التي أشادت (ان صح خبر الاشادة) بالمركز واللجنة الوسطية لم تزد على 3 دول من أصل 50 دولة، وبالتحديد مصر وبروناي… وأفغانستان(!!!!)
كما يعلم الوكيل وجميع مسؤولي وزارة الأوقاف أن لا شيء، نكرر لا شيء، مما صرح به الوكيل عن انجازات المركز العالمي للوسطية، بعد ما يقارب السنوات الأربع، وصرف عشرات ملايين الدولارات، قد تحقق، غير الغوص في صناديق الوزارة للنهل من مواردها النقدية الكبيرة!
ويبدو أن السيد الوكيل نسي أو تناسى ما سبق أن أدلى به للسياسة قبل 45 يوما، عندما صرح للقبس (14/7) بأن سبب تأخير صرف رواتب موظفي مركز الوسطية لمدة ستة أشهر (نكرر ستة أشهر) هو حل مجلس الأمة وعدم اجتماع مجلس الخدمة المدنية، وأن الوزارة لن تألو جهدا في الاسراع بدفعها!
فكيف يستطيع موظفو المركز واللجنة الغوص في جذور المشكلة ومقارعة الفكر بالفكر وجيوبهم خاوية من أي راتب منذ نصف عام أو أكثر؟
نتمنى أن يفحمنا وكيل وزارة الأوقاف ومساعده، كعادتهما، بردّ يبرد قلوبنا في هذا القيظ اللبناني غير المعهود!

أحمد الصراف