محمد الوشيحي

كي لا يشتكينا القلاف إلى جدته


حقيقة، لم أكن أتوقع أن مسألة «التلبّس»، أو حكاية الجني النذل الذي يتسلل إلى جسم الإنسي ويتلبّسه، تحظى عند البعض بقدسية، ويدافعون عنها أكثر من دفاعهم عن مصالحهم ووظائفهم ومستشفياتهم وشوارعهم ومدارسهم، إلا بعدما «تلبستني» ردود أفعال عنيفة على مقالتيّ السابقتين! وأتمنى أن تكون المقالة هذه هي الأخيرة في هذا الموضوع، كي «أسعى في مناكبها» بحثاً عن مواضيع أخرى.

رسائل كثيرة غاضبة، واتصالات أكثر غضباً وعدداً، تلقيتها، ليس فيها رسالة واحدة مقنعة و»تقول أنا بنت أبوي»، باستثناء رسالة واحدة أفحمتني عندما ختمها مرسلها بـ»عتب محب»: «للأسف يا الوشيحي، تقول هذا وأنت ابن حمولة»!، ولم أفهم ما علاقة عدم اقتناعي بالتلبس في كوني ابن حمولة، ولا الفرق بين أن أكون ابن حمولة أو ابن شارع أو ابن مزارع تنتج القطن. ثم إذا كان صاحبنا متديناً، كما هو واضح من رسالته، فما رأيه في الحديث الشريف المروي في مسند الإمام أحمد: «لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى»، أم أنه يتعامل مع الدين كما يتعامل مع «الكاتالوج»، فيأخذ منه صفحة 14 وصفحة 82 ويترك الباقي.

وأجزم أن الخزعبلات هي التي دمّرت هذه الديرة، وجابت عاليها واطيها، وعودوا بالذاكرة إلى سقوط النائب سيد حسين القلاف عندما هدد ناخبيه بأن يشتكيهم إلى جدته يوم القيامة، فخاف البعض وانتخبه بعد ذلك ونجح، وصار يشرّع لنا ويراقب، ويقرر مصائرنا. وكان الأجدر أن يُحاكم بتهمة «الإرهاب الديني». وبما أن كل دائرة تخرج عشرة نواب، فلنتخيل لو تنافس أحد عشر سيداً في دائرة واحدة، كلهم يدّعون أنهم من سلالة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وكل منهم يهدد بأنه إذا سقط فسيشتكي إلى جدته. تعال فكك، ما راح تدري من طقاقك في سويعات الأصيل. ثم لا ننسى أن أي مرشح -من غير السادة- ينافس سيد القلاف سيناله من الهم جانب، لأنه قد يتسبب في سقوطه، وستكون ليلته سودة بإذن الله.

على أن أجمل الرسائل التي تلقيتها كانت من الدكتور محمد العجمي، وهو طبيب حديث التخرج، يهتم بالمسائل الشرعية المرتبطة بالطب، وقد شغلته حكاية «التلبس» فركّز جهوده عليها واكتشف أنها خرافة، وساق الأدلة، وقال إنه بحث في معنى كلمة «المس» التي ورد ذكرها في القرآن الكريم، فتبين له أن «المس»، في اللغة، هو أقل درجات «اللمس»، وبالتأكيد لا يصل إلى مرحلة «التلبس» الكامل. وقال إنه لم يروَ عن الرسول صلى الله عليه وسلم أي شيء في هذا الخصوص.

ثم شرح الدكتور طبياً حكاية «الصرع»، وكيف أنه عبارة عن خلل كهربائي في المخ، ولا علاقة له بالجن، وذكر أن للصرع علاجاً ليس بالضرب ولا الكي ولا ما شابه، بل بالأدوية والعلاج النفسي السلوكي. ثم أحالني والمهتمين إلى رئيس قسم الطب النفسي في كلية الطب-جامعة الكويت، الدكتور عادل الزيد، الذي «يحرج أي شنب وأي لحية عند النقاش في هذا الموضوع».

وهنا أتمنى على الزملاء في هذه الجريدة استضافة الدكتور عادل الزيد ليناظر كل من يمتلك دليلاً على «التلبس»، من مشايخ السنة والشيعة، كي نخرج بفائدة، وكي يعرف الناس أن سبب تدهور بلدهم هو هذه الخزعبلات والخزعبليون. وأزعم أنه لو تم فضح هذه الخزعبلة لانفرط عقد بقية الخزعبلات، ولتناثرت كما حبات المسبحة على البلاط الحاكم، ولسقط حسين القلاف في الانتخابات. 

سامي النصف

الأعداء الحقيقيون للأمة العربية

مع صدور حكم المحكمة الدولية في لاهاي بخصوص انتماء اقليم «أبيي» النفطي في السودان، أصبح واضحا ان ألاعيب نظام الخرطوم وحروبه خلال الاعوام الماضية قد تسببت بالفعل في انقسام السودان العزيز الى عدة دول سنراها قائمة قريبا ومن ثم يمكن ضم ذلك النظام لقائمة «اعدى اعداء الامة العربية» في العصر الحديث.

ومن اعدى اعداء الامة العربية المفتي امين الحسيني الذي رفض قيام دولة فلسطينية مستقلة عام 1937 على 90% من الارض الممتدة من النهر الى البحر، وعاد رافضا لقرار التقسيم عام 1948، وهو العالم والموقن بضعف الفلسطينيين، والعرب معهم، عسكريا وعدم قدرتهم على الانتصار على الاسرائيليين الاكثر عددا وعدة.

وضمن اعدى اعداء الامة العربية الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الذي فرط في السودان عام 1954 عبر تسليم ملفها للمخبول الصاغ صلاح سالم مما مهد لتقسيمها الحالي، وهو امر ما كان له ان يتم لو بقيت جزءا من مصر، كما قام النظام نفسه بالتفريط في سيناء وغزة والمضايق عام 1956 وفي الوحدة مع سورية 1961 وبتوريط الجيش المصري في حرب اليمن عام 1962 ثم قام بالتفريط ـ من تاني ـ في سيناء وغزة والمضايق عام 1967.. عفارم..!

ومن اعدى اعداء الامة النظام الحاكم في سورية عام 1967 (زعيّن، جديد، ماخوس)، والذي ادى بثوريته الطفولية ومزايداته العبثية لاشعال حرب الايام الستة التي سلمت الاراضي العربية وخلال سويعات قليلة للمحتل ولم نر بعد ذلك تحول عاصمتهم الى «هانوي العرب» كما كانوا يصرخون ويدغدغون.

وعلى رأس اعدى اعداء الامة العربية الكبار المقبور صدام حسين الذي سلم نصف شط العرب عام 1975 ثم اشعل الحروب المتتالية ضد الاكراد في الشمال وأهل الجنوب حتى شجعهم على المطالبة بالانفصال عن الدولة المركزية لضمان امنهم كما تسببت حروبه الجائرة على ايران والكويت في التفريط في أموال وموارد واراضي ومياه وثروات الامة العربية وحتى الاسلامية.

ومن اعداء الامة العربية الكبار الرئيس ياسر عرفات الذي اضعف الشعب الفلسطيني وقضيته عبر ادخاله في اشكالات وحروب خاسرة مع الاشقاء في الاردن ولبنان والكويت وغيرها، وأشعل الحرب الأهلية في لبنان التي انتهت باحتلال أرضه، ثم قام عبر سلسلة مفاوضات ادارها بشكل سيئ جدا بالتفريط فيما تبقى من ارض فلسطينية ومازلت اشعر بالغثيان كلما رأيت احدا ـ في فلسطين او خارجها ـ يرفع صورته او صورة حليفه صدام.

آخر محطة:
 
1ـ الملاحظ ان اعدى اعداء الامتين العربية والاسلامية هم من الثوريين العرب والاسلاميين وليسوا من الانظمة الحكيمة والعاقلة.

2 ـ اعلن المرتزق فاروق قدومي (ابواللطش) ان الرئيس المحترم ابومازن قد قام بتسميم عرفات عبر اتفاق له مع شارون، وكان مصدر قدومي موقع انترنت اسرائيليا (هذي المصادر المؤكدة ولا بلاش)، سؤال سطحي وساذج وتافه جدا: لماذا لا يتم عرض جثمان عرفات على مجموعة من الاطباء الشرعيين العرب والاجانب لتقرير اسباب وفاته علما ان السم لا يختفي من الاظافر والعظام حتى بعد الف عام؟! شخصيا اعتقد انني اعرف الاجابة.

سعيد محمد سعيد

حوار مع مجنسين

 

وجدت أنه من (الخلق البحريني الأصيل) أن ألبي دعوة مجموعة من المجنسين للتباحث في أمر ما! وحتى من دون أن أعلم ما هو (الأمر الـ «ما»)، فإن تفكيري لم يخرج بعيدا عن حقيقة الموضوع، وهو المواقف الناشئة ضد المجنسين في المجتمع. كان الداعي، وهو رجل من أصول شامية، طيب الخلق، لبق الحديث، هادئ الطباع، ولعل هذه السجايا هي ما شجعتني على قبول الدعوة.

على أية حال، لم يمض طويل من الوقت، حتى بدأت الجماعة (وكانوا في حدود 11 شخصا) بالتحدث واحدا تلو الآخر بشأن ما يعانونه من مواقف سيئة وتمييز، وأنهم لم يأتوا إلى البحرين (غصبا) عن أحد من أهلها، وأن الأمر يزداد صعوبة عليهم وعلى أسرهم بسبب الحملات الإعلامية التي تشنها بعض الصحف وبعض الجمعيات وبعض السياسيين، حتى باتوا لا يشعرون بالأمان.

هل يحتاج الأمر إلى تفصيل أكثر؟… أبدا، فالقضية واضحة، لكن دوري في الكلام بدأ بالإشارة إلى أنه لا الجمعيات السياسية والدينية، ولا المواطن البحريني يرفضون التجنيس القانوني الذي نظمته (الدولة) من خلال قانون الجنسية، إن اللغط الدائر على التجنيس والمجنسين في البلد، هو بسبب تجاوز القوانين، ومنح الجنسية البحرينية (ذات الثمن الغالي جدا) بعشوائية، ثم يا جماعة، إن مجموعة من الحوادث العنيفة، كحوادث مدينة حمد وعسكر والمحرق والرفاع، هي التي شحنت الكثير من المواطنين ضد كل مجنس، سواء كان طيبا أم خبيثا، وهذا أمر ليس من السهل إزالته من نفوس الناس.

الطامة الكبرى وقعت حينما جاء إلى المجلس (المعقود في إحدى مقاهي مدينة حمد) أحد (المجنسين) متأخرا، ليلتقط طرف حديث أحد أبناء جلدته من دون أن يعلم بوجود (صحافي) بينهم على رغم نظرات العيون والغمز واللمز التي توجهت إليه من أصحابه إذ قال: «لولانا ما ينام البحرينيون ليلهم بسبب أفعال الرافضة وتخريبهم وتحريقهم… احنا جايين ندافع عن هالبلد وولاءنا لقيادتها… مين غيرنا يتعرض للخطر في هالقرى… مين… البحرينيين ما يقدروا».

طيب يا جماعة، إذا أضفنا كلام هذا الأخ، إلى قائمة من المشاكل الاجتماعية التي تسبب فيها المجنسون، التي لا يمكن مواراتها بالكثير من الصمت والسكوت، على اعتبار أن هؤلاء جزء من المجتمع لا محالة، وهو أمر يخضع لوجهات نظر غير متفقة في جميعها.. وأضفنا عليها أيضا بعض المصطلحات الدخيلة على المجتمع البحريني، سنقف في نهاية المطاف عند نتيجة واحدة… «لا للتجنيس العشوائي»!

مصادفة، أبلغني أحد الزملاء بأن هناك موضوعا مثار جدل في أحد المنتديات الشهيرة، تحت عنوان: «أين أخلاقكم يا أهل البحرين؟»… والموضوع، بدأ صريحا بشكوى أحد المجنسين من المعاملة السيئة التي يلقاها في عمله بإحدى شركات الطيران، وبعد قليل من التفاعل الإيجابي تارة، والسلبي تارة مع الموضوع، انطلق الأخ (فارس الظلام) يصول ويجول في إهانة البحرينيين بكلام وعبارات غاية في «الخسة»… ولأنه شخصية مجهولة، واسمه مستعار، فلا يمكن التعويل على ما يكتب… فلربما كان هناك شخص آخر تقمص تلك الشخصية، لكن أن تتكرر بعض الكلمات في ردوده من قبيل: «احتلال الرافضة… احنا حماة البحرين… البحرينيين ما يقدروا…»، وقائمة من الشتائم والسباب والكلام البذيء الذي جعل حتى من تضامن معه ينقلب ضده… كل ذلك يعطي إشارة إلى أن ما يحدث من صدامات في المجتمع بسبب التجنيس… بسيطة تارة، وعنيفة تارات أخرى، ستدخل منعطفات أخطر إن لم تبادر الدولة ومؤسسات المجتمع المدني إلى وضع القضية على طاولة البحث الحقيقي المتجرد من افتراض سوء النوايا…

طبعا، ليس هذا الملف (ملف التجنيس العشوائي) هو وحده الملف المهم… هناك الكثير من الملفات، إلا أن كل ملفاتنا المهمة في جانب، وكلمة (الحوار) في جانب آخر بعيد، لا أدري شخصيا إلى أين ولت وضاعت!

لكن ليس من الصحيح أن يرفع الغالبية شعار مصلحة الوطن، والامتثال لتوجيهات القيادة، وتغليب الوحدة الوطنية، في آن واحد… ثم يهدأ الجميع… وينام الجميع… ويغفل الجميع… في آن واحد!