محمد الوشيحي


الشعب الملبوس

تعال معي، يرحم الله خالتك، نتناقش في السياسة، نتصارع حول الاقتصاد، نتخانق على الرياضة، ونعمل أي شيء يخطر في بالك، وتعال نتبادل التهم بذممنا المالية، فأنت تسرق ميزانية الدولة، كما أظن، وأنا أكتب ما يمليه عليّ خصومك من أصحاب الملايين المتضررين من سياساتك فأقبض آلاف الدنانير، كما تظن أنت. تعال «أفقع لك عين وتفقع لي عين»، لكن لنبتعد، دخيل أمك، عن البركان الطائفي الذي سيحرقنا بحممه مع إشراقة شمس الغد، ويدفعنا إلى تكديس الأسلحة في منازلنا استعداداً لقتال الشوارع.

يا أخي أنت تعرف أننا شعب غلبان ومسكين وعلى قد حاله فكرياً، وتعرف أننا لانزال نؤمن بأن الجني يتلبّس الإنسان، ولن يخرجه إلا «شيخ دين» يضربه بالعصا ويقول له اخرج من أصبع القدم الصغيرة، فيرفض الجني الحقير ويصر على أن يخرج من العين ليفقأها، فيغضب شيخ الدين ويصرخ في وجهه: «بل ستخرج يا فاسق يا عاصي من أصبع القدم»، فيذعن الجني وينفّذ أوامر الشيخ…

أنت تعلم أننا – نحن السنّة الغلابة – لنا طريقتنا في إخراج الجني، وللشيعة الغلابة طريقتهم في إخراج الجني، ولزوجة البواب المصري كذلك طريقتها في إخراج الجني، إذ تذهب إلى «حفلة زار»، لأن الجني المصري يؤمن بالطرب، وإذا لم تعزف له وتضرب الدفوف فلن يخرج. وهؤلاء الجن الأغبياء لا يتلبّسون علماء وكالة ناسا الفضائية، ولا محافظ البنك الفدرالي الأميركي، ولا علماء الصناعة اليابانيين، هم فقط يتلبّسون البسطاء الفقراء من المسلمين! جنّ لا يعرفون مصلحتهم.

يا عمي، أنت تعرف أننا شعب مسكين، شوف النساء وهن يتكدسن في سرداب «الشيخ» ليقرأ عليهن، وأمعن النظر في مستواهن الثقافي، وستكتشف الكارثة. ستكتشف أنّ من تربّى وترعرع من الأطفال في أحضان النسوة أولئك سيسهل انقياده لخزعبلات الطائفية.

حرام عليك ورب البيت ما تفعله بنا، نحن الشعب، الذي لو علمَ كم يدخل خزانة دولته من مليارات الدولارات نتيجة بيع النفط، ثم قارنها بما يحصل عليه من خدمات، واكتشف إلى جيب مَن تتحول كل هذه الثروة، لأدرك أنه «ضايع… الضحى من النهار»، لكنك تلهيه عن حقوقه بالخزعبلات، وتدخله في متاهات الطائفية.

حرام، وأكبر حرام، أن الحكومة كلما شعرت بأنها في «زنقة» أخرجت سلاح الطائفية من الخزانة وراحت تمسح عنه الغبار و»تزيّته» وشرعت تطلق رصاصاته على الشعب المتجمهر للمطالبة بحقوقه، فإذا به يترك التجمهر ويهرول إلى هناك، كلّ في صفه، السني هنا والشيعي هناك.

تابعوا ما يحدث الآن بين مشعوذي السنة والشيعة، وتابعوا تصرفات الحكومة… وآخ لو كان هناك شيخ يعطينا من الزيت المقري عليه لعلاج «السذاجة»، أو لو أن شيخاً يُخرج «الغُلب» من الأصبع الصغيرة لهذا الشعب الملبوس. 

سامي النصف

الانقسام الحقيقي

لا نختلف بشريا او جغرافيا عن الدول الاخرى المشاركة لنا في الاقليم الا ان الملاحظ هو استفرادنا دون الآخرين بالنكبات والمصائب والازمات الامنية والسياسية والاقتصادية، فمن خطف طائرات الى تفجير مقاهٍ وسفارات وانهيارات اسواق مالية حتى انتهينا بالاحتلال الصدامي البغيض، فأين يكمن الاشكال الحقيقي؟!

يعتقد البعض اننا ننقسم في الكويت الى حكوميين ومعارضة، اسلاميين مقابل ليبراليين، اغنياء وفقراء، حضر وقبائل، سنة وشيعة، دستوريين وغير دستوريين، وطنيين وغير وطنيين.. الخ، والحقيقة انني اعتقد ان الانقسام الحقيقي والمؤثر في الكويت والذي كان السبب الرئيسي خلف نكباتنا السابقة قائم على معطى مختلف تماما عما سبق.

فضمن الانقسام المؤثر الذي نراه ونعتقده يصطف ضمن الفريق الاول حكوميون ومعارضة، اسلاميون وليبراليون، اغنياء وفقراء، حضر وقبائل، سنة وشيعة، دستوريون وغير دستوريين، وطنيون وغير وطنيين، كما يصطف ضمن الفريق الثاني حكوميون ومعارضة، اسلاميون وليبراليون، اغنياء وفقراء.. الى آخر المنظومة.

وضمن رؤية الفريق الاول الاعتقاد الجازم ان الكويت «دولة زائلة» بالضرورة، لذا يجب التعامل معها بناء عل هذا المعطى، فيتم تناسي كل الاسس الثابتة التي تقوم عليها الامم والاوطان من احترام القانون ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب وخلق مشاريع جادة دائمة.. الخ، وتعزز في المقابل مفاهيم الواحة المؤقتة في النفوس والاذهان وهو ما كان قائما قبل عام 1990 حتى انتهينا بما خططناه تماما لأنفسنا، اي الاختفاء والزوال.

الفريق الآخر غير المسموع صوته او المحترم رأيه هو من يرى العكس من ذلك، اي ان الكويت هي «بلد دائم» يجب ان يخطط لبقائه لالف عام حاله حال دول العالم الاخرى عبر تسويق مبدأ «الديمومة» عملا وقولا، ومن ثم ضرورة تغيير النهج السابق الذي انتهى بنا الى الف كارثة وكارثة وكي لا تنتهي بنا غفلتنا الى مصير امم وشعوب سادت ثم بادت واصبحت عينا بعد اثر، والحديث ذو شجون.

آخر محطة:

شاءت المصادفة التاريخية البحتة ان يرجع لنا وطننا بعد 6 اشهر من الاختفاء، وندر تاريخيا ان تسقط وتدمر البلدان الصغيرة ثم يتاح لها العيش، لذا يجب ان نستوعب حقيقة ان الضياع هذه المرة قد لا تتبعه عودة ابدا، وحفظ الله بلدنا من كل مكروه.

سعيد محمد سعيد

مشكورين… خوش شوارع!

 

الله وحده العالم، كيف ستكون الشوارع التي يجري عليها منذ ما يقارب العام ونيف، أعمال تحديث وتطوير وتوسعة! فعلاوة على ما تكبده ويتكبده المواطنون والمقيمون من بلاء مقيم يوميا بسبب الازدحامات الخانقة، إلا أن ذلك يهون حين يمني الجميع أنفسهم بشوارع واسعة وانسيابية رائعة، وحركة مرورية وادعة، وتختفي المخالفات الرادعة، وبهذا، يصبح الصبر من شيم الكرام الصابرين على ما يجري في الشوارع، فهو كله لصالح البلاد والعباد إن شاء الله.

لكن، أن تنتهي أعمال الإنشاءات والتوسعة التي استمرت أشهرا طويلة ليعاني المواطن والمقيم مع مشكلة جديدة هي مشكلة سوء ترصيف الشوارع والطرقات المتفرعة منها، فهذه والله مصيبة! والكثير منا يعايشون هذه الوضعية، فقد عانى سكان مدينة عيسى وتوبلي أمدا من الدهر أثناء أعمال مشروع تحديث الشارع، من الحفريات إلى التحويلات إلى الغبار والصداع والفوضى، ثم أعيد افتتاح الشارع بحمد الله، ولكن، ليت المقاول الذي عمل على تنفيذ المشروع، أو من ينوب عنه… وليت المسئولين بإدارة الطرق أو من ينوب عنهم… وليت الممثل البلدي أو من ينوب عنه… يقومون بجولة على ذلك الطريق ليكتشفوا عذاب سياقة المركبة عليه… قفز ثم قفز ثم نط ثم وجع رأس… ولعلي أعلم أن الأخوة كلهم، بما فيه مقاول المشروع، يدرك أن الشارع سيئ للغاية، وأن العذر الذي قد ينطلي على الكثيرين هو: «تمهلوا، هذه المرحلة الأولى فقط… المرحلة الثانية لم تبدأ»! وفي الحديث عن مرحلة ثانية، ما يعيد وجع البطن والرأس من جديد للأهالي.

حسنا، تعالوا نمشي على شارع الجنبية… فهذا الشارع الجديد المجدد اليوم، يعد واحدا من أهم الشوارع ذات الحركة الدؤوبة المستمرة، ولنقطعه ذهابا وإيابا في الجزء الذي تم الانتهاء منه، وحتى مع علمنا بأن مرحلة أخرى قادمة لتصحيح الأخطاء، هل يصح الوضع القائم، مرتفعات ومنخفضات ومطبات، بل وأخطاء هندسية يراها حتى المهندس المتدرب حين تجد جزءا من الرصيف يبدو كالنتوء يخرج قليلا عن الشارع، أي يظهر جزء منه وإن كان السائق غافلا أو ضعيف نظر… «راحت عليه».

ومع ذلك، نقول إن هذه المشاريع مهمة وتحتاج إلى عمل كبير، ونحن لا نلوم المقاولين ولا إدارة الطرق ولا المجالس البلدية بل نلفت النظر إلى أن مشكلة الحفريات وقطع الإسفلت المرتفعة حينا والمنخفضة حينا آخر بطول شارع لا يتجاوز 3 أو 4 كيلومترات أمرا متعبا للغاية، والكثير من المواطنين شكوا ولا يزالون يشكون من هذه الظاهرة، ولا يزال بعض المقاولين المكلفين ببعض مشاريع الطرق، ينهون أعمالهم ليتركوا الطريق وكأنه خضع لعملية تجميل سيئة شوهت وجهه، وليتركوا خلفهم أيضا كميات من المخلفات والأنقاض… بل حدث في بعض القرى، أن هبط جزء من الشارع ليترك حفرة تشكل خطرا على مستخدمي الطريق.

إن ظاهرة الطرق المشوهة بعد انتهاء أعمال التوسعة أو الرصف لا تزال قائمة، وكل ما هو مطلوب، أن تقوم إدارة الطرق والمجالس البلدية بجولات للاطلاع على الشارع أو الطريق الذي أنجز حديثا برفقة المقاول المكلف للتأكد ما إذا كان العمل قد تم وفق المواصفات، أم أن هناك مشكلات تجعل مستخدميه يتقافزون على المقاعد وهم يسيرون عليه، حتى يمكننا حينها أن نقول: «مشكورين… خوش شوارع»