محمد الوشيحي


 افرش منديلك… طال عمرك

بعد ردّ وزارة الداخلية على ما جاء في مقالتي السابقة، الذي أثبتتْ فيه صدقَ معلوماتي كلها، أعتقد الآن أن القضية «صلّعت برأسها»، ولا تحتاج إلى من ينفض عنها الغبار كي يشاهد الناس تفاصيلها.

طيب، تعالوا لنتحدث عن النواب الذين هددوا باتخاذ مواقف حازمة «إذا كان البلاغ شكلياً»، و»إذا كانت القضية شكلية»، لكن قبل ذلك، تعالوا لنعرّف معنى «البلاغ الشكلي» كي نعرف هل نحن أمام بلاغ شكلي أم حقيقي.

البلاغ الشكلي، كما هو معروف، هو الخالي من تهم حقيقية ووقائع محددة وأسماء معينة، وما شابه ذلك، فهل كان بلاغ معالي وزير الداخلية يتضمن تهماً حقيقية ووقائع محددة وأسماء معينة؟ الجواب عند النواب والشعب الذين اطلعوا على صيغة البلاغ المرسل على هيئة استفسار إلى النيابة.

وبعدين، هل ما أحاله الوزير إلى النيابة العامة يستحق تسمية «بلاغ»، أو «دعوى قضائية» أم لا يستحق؟، أيضا الجواب عند الشعب وممثليه.

ثم إن معاليه وزّع على بعض النواب صيغة «الرسالة»، ولا أقول البلاغ، التي أرسلها إلى النيابة العامة، بمعنى أنهم يعلمون فحوى الرسالة من قبل، ويعلمون جيداً أنها شكلية، فماذا فعلوا تجاه ذلك؟. وقد ذكرت أن هناك مَن أبلغني أن رد النيابة كان قد وصل إلى معالي الوزير، إن صدق العلم، قبل الاستجواب، فلماذا لم يعلق الوزير عليه؟، ولماذا لم يتحدث عنه في رده على المقالة؟ ولماذا لم يحدد تاريخه ومحتواه؟ ولماذا لم يكشف مضمونه للنواب وللناس، بل ولمجلس الوزراء؟، ثم، هل اكتفى معاليه بردّ النيابة أم لا؟.

أما قضية احتفاظ الوزارة بحقها القانوني، كما جاء في ردها على مقالتي، أي أنها سترفع دعوى قضائية عليّ، فأتمنى أن ترفع الدعوى هذه المرة بصورة حقيقية، لا شكلية، أي أن تحدد التهمة، واسم المتهم، وتذكر الوقائع كاملة، حتى لا تُحفظ القضية. وإذا كان القضاء هو الحكم فأنعم به وأكرم. لكن ما أخشاه، وهو ما أتوقعه، أن أحصل على البراءة، وبالتالي لن يستفيد معالي الوزير ولن يخسر شيئاً من جيبه، ولن أستفيد أنا. لذا، أقترح على معاليه أن يترك القضية تسلك طريقها القانوني، وفي الوقت نفسه يراهنني على مئة وخمسين ألف دينار (قيمة أرض على ثلاث شوارع دخلت مزاجي)، فإن كانت هناك قضية لها رقم في النيابة فسأدفع أنا صاغراً المئة والخمسين ألف دينار، وإذا كان ماكو قضية، كما ذكرت أنا، فليدفع معاليه كابراً، كاش، مع الشكر والنفاذ. نريد شيئاً من الجيب الخاص، يؤلم الخاسر منا، فلنفرش مناديلنا معالي الوزير ليُظهر كل منا مدى ثقته بسلامة موقفه.

على أن الأهم من ذلك كله هو ما جاء في رد الوزارة من أن «الإحالة لم تكن عن اقتناع وإنما كانت حسماً لأي جدل أو لغط»، وأنا أفهم من هذا أن الوزارة ستدافع عن المتهم أمام النيابة، في حال فُتح ملف القضية، لأن الوزارة «غير مقتنعة» بالتهمة.

حقيقة، كان رد الوزارة يخرخر لكثرة الثقوب فيه، والأمور «مصلّعة» كما رأس «الفقعة الزبيدية»، والشعب يراقب نوابه بعد هذه التطورات، لكن الأمر المثير هو مواقف أصحاب المدونات من القضية، وهي مواقف أظنها بُنِيت على أساس وطني، لا سياسي ولا عرقي ولا شيء آخر، وهي تمثل آراء الشريحة الأهم في الكويت، شريحة الشباب. 

سامي النصف

نحر الكويت من الوريد إلى الوريد

 

الكويت بلد لا زرع ولا ضرع فيه لذا يعتمد في بقائه المستقبلي على موردين اثنين لا ثالث لهما، أولهما النفط الذي صدر حكم عالمي بإعدامه ولم يبق إلا التنفيذ الذي يمهد له عبر ضرائب الكربون ودعاوى محاربة التلوث والحد من الانبعاث الحراري.. الخ، وقد أشار تقرير السيد بلير الى تلك الحقيقة القائمة.

المورد الثاني الذي سيبقي الكويت قائمة حتى لو بالحد الأدنى من مستوى العيش هو استثمار العوائد المالية بشكل يخلق لنا تدفقا ماليا بديلا، وضمن ذلك النهج التأكد هذه الأيام من استقلالية كل المؤسسات الحكومية والبعد عن الاعتماد على المال العام لتسديد خسائرها في وقت يفترض ان تقوم فيه بتحويل أرباحها المجزية للخزينة العامة لمنع عجوزات قادمة ضخمة ستؤثر على سعر صرف الدينار في بلد يستورد كل شيء وستفرض رفع الدعم عن وقود السيارات والكهرباء والماء والمواد التموينية كحال بقية دول العالم.

فما نشهده هذه الأيام هو أقرب لنحر مستقبل الكويت من الوريد الى الوريد، فمن الجانب الرسمي هناك محاولة لإرضاء «الهوس الشعبي» المجنون بما يسمى مشاريع البنى الأساسية اي البناء غير المدروس للمزيد من الطرق والجسور والمستشفيات والجامعات.. الخ، متناسين ان انخفاض اسعار النفط سيقلل مستقبلا وبشكل كبير من أعداد السكان ومن ثم يصبح ما نملكه اليوم اكثر من حاجتنا الفعلية وسيتحول ما نبنيه الى أطلال دون أثر واسألوا في هذا السياق احدى دول المنطقة (القدوة لدى مفكري شعبنا الأذكياء) التي بالغت في عمليات البناء فتحولت ميزانيتها من «الفوائض» الى «العجوزات» التي لا يعلم احد متى يتم سدادها.

وعلى جانب السلطة التشريعية هناك تدمير كامل لجميع مؤسسات الدولة: اهمها مؤسسة التأمينات الاجتماعية ثم باقي المؤسسات العامة، حيث يشتري بعض الاعضاء اعادة انتخابهم عبر المطالبات الشعبوية باهظة التكاليف المدمرة لميزانيات تلك المؤسسات بحجة ان الميزانية العامة كفيلة بسد تلك الخسائر التي جاوزت عشرات المليارات من الدنانير ولم يقل لنا هؤلاء «المنجمون» كيف علموا بأسعار النفط المستقبلية وانها كفيلة بخلق فوائض تعمر ما دمروه بسبق إصرار وترصد؟ ما يحدث هذه الأيام أشبه بتكبيل أيدي وأرجل الكويت.. قبل نحرها!

آخر محطة:
 رغم كل تلك التضحيات الجسام التي تدمر غد الكويت لأجل إرضاء المواطن اليوم، الا ان الدراسات العالمية المختصة التي نشرت في الصحف قبل ايام تظهر بوضوح ان المواطن الكويتي هو اقل شعوب الأرض سعادة وقبولا بوضعه.. وعجبي!