لأتباع الديانات السماوية دور كبير في إراقة دماء الغير وبعضهم بعضا، ولكن ما شاهده العالم في السنوات الأخيرة من القرن الماضي، ومطلع القرن الحالي، من أحداث دموية التي كان للمسلمين نصيب فيها، أمر لا يمكن تصديقه، ويدل على ان الخلل العقلي الذي أصاب كثيرين منا، مسلمين وغير ذلك، يحتاج إلى التصدي له بعلاج طويل الأمد.
نكتب ذلك من واقعة تعرض سيدة مصرية مهاجرة للطعن بسكين حتى الموت في قاعة محكمة في إحدى المدن الألمانية على يد متعصب ألماني ذكر أنه سبق ان اعتدى عليها في حديقة عامة، مما دفعها إلى رفع شكوى بحقه، الأمر الذي اثاره فطعنها وزوجها في قاعة المحكمة، وكانت وقتها أما وحاملاً في شهرها الثالث! وهنا نرى أنها كانت ضحية تعصب أعمى، وهو أمر لا يمكن قبوله تحت أي ذريعة، ولكن هذا التعصب الأعمى يغض النظر عنه، ويمارس على نطاق واسع في كامل عالمنا الإسلامي، مع استثناءات قليلة هنا وهناك. فما شهدته كثير من المدن الأندونيسية من قتل وتشريد لسكان الجزر والمدن من غير المسلمين لايزال محفورا في الذاكرة. كما ان تداعيات تفجيرات بالي وفنادق جاكرتا التي أودت بحياة المئات من الأندونيسيين، مواطنين وأجانب، لاتزال حية في الأذهان. كما جرى ما يماثلها على يد مجموعة أبو سياف في أدغال الفلبين وقراها.
ولا ينسى العالم ما تعرضت له، ولاتزال تتعرض، دور عبادة ومساجد الشيعة والسنة في باكستان على أيدي بعضهم بعضا من قتل وتفجير شبه أسبوعي، والذي رسخ التفرقة بين الطرفين ربما إلى الأبد، كما جرت أحداث مماثلة وربما اكثر دموية بين طائفتي العراق الرئيسيتين ومن اتباع الطائفتين ضد مواطنيهم الآخرين من صابئة وكرد، وبالذات المسيحيين الذين لم يسلموا من شر الطرفين، قتلا وطردا وتشريدا وتهديدا وابتزازا.
أما في اليمن، فحدث ولا حرج، فحرب الحكومة والحوثيين ستنافس حرب داحس والغبراء شهرة وطولا، وجذور القاعدة التي نبتت هناك في البدء ستأخذ وقتا لكي تقطع، وتحرق!
كما نرى الفجور في الكراهية وسفك الدماء في حروب فريقي النزاع الفلسطيني – الفلسطيني، وما سقط في حروبهم من ضحايا يكاد يتجاوز عدد من مات على أيديهم من عدوهم، أو من قتل عدوهم منهم طوال 60 عاما!
ولا ننسى تفجيرات طابا وشرم الشيخ في مصر، وما يتعرض له الأقباط فيها من قتل ومضايقة وحرمان. أما أحداث أفغانستان وحكم طالبان الهمجي، الذي لايزال من بيننا من يحن ويتوق ويشتاق إلى حكمهم، فقد كانوا قمة في الوحشية والتعصب ضد الآخر، بشرا وحجرا وحضارة.
ويبدو ان الصومال سائر على خطى ابناء عمومته من الأفغان، ولا ننسى في هذه العجالة السودان وبطش مسلميه العرب بمسلميه من أهالي دارفور وضواحيها.
كما من العيب نسيان الجرائم الدينية التي اقترفت في الكويت والسعودية وقطر وبقية دول المجموعة العربية والإسلامية، والتي يبدو ان لا نهاية لها، لأننا لم نصل إلى مرحلة الإحساس بما تشكله كل هذه الاعتداءات من خطر علينا جميعا، ومع كل هذا كان لدى كثيرين منا الوقت والمال لصرفه على ندوة «علمية» أقيمت في اسطنبول لمناقشة رؤية الإسلام لقضايا البيئة، وتقديم خطة «إسلامية» لحل مشاكلها، وشارك في وضع الحلول 150 متخصصا، وعلى رأسهم عالم البيئة الشهير الإخونجي يوسف القرضاوي!
ولا تسلم لي لا على الباذنجان ولا على البامية.
أحمد الصراف