اليوم: 12 يوليو، 2009
جذور الحرب الأهلية الكويتية (1)
نحن في الكويت مسلمون دينا وعرب قومية، وسكان للجزيرة العربية والشرق الأوسط موقعا، والملاحظ ان الحروب الأهلية تنخر بأراضي العرب حيث اشتعلت الحروب في الاردن ولبنان والجزائر سابقا ولحقتها العراق وفلسطين وبقيت حروب السودان واليمن والصومال على حالها مثلها مثل الشعوب الإسلامية المبتلاة دولها بحروب الشيشان وافغانستان والبوسنة وكوسوفو والهند وجنوب الفلبين وغرب الصين.. الخ، وكانت جزيرة العرب هي الأوفر حظا بالحروب الأهلية عبر غزو القبائل بعضها بعضا، وغزوها للآخرين حتى اوقفها المصلح العظيم الملك عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه، وقد زادت الحروب الأهلية في منطقة الشرق الأوسط عددا عن حروب دول البلقان.
والملاحظ ان مثقفي ومفكري تلك الدول المبتلاة وآخرها العراق كانوا ينكرون دوما وجود النيران الخافية تحت الرماد ويكابرون بالقول ان تلك الحروب الاهلية تحدث فقط لدى الآخرين ولا يمكن لها ان تحدث لدينا مستشهدين عادة بالتاريخ متناسين حقيقة ان عدم حدوث احداث في الماضي لا يعني عدم حدوثها مستقبلا، ومن ثم يمنعون بجهلهم التعامل الوقائي مع مستصغر الشرر قبل استفحاله ولا يعلم خطأ ذلك النهج الا بعد خراب البصرة وكم بصرة دمرتها غفلتنا.
ومازلت اذكر تقريرا لمراسل الـ «نيويورك تايمز» ارسله من رواندا قبل الحرب التي قامت بها والتي ذهب ضحيتها الملايين، حذر وتنبأ فيه بقيام تلك الحرب المروعة بسبب لهجة الخطاب الحادة بين قبيلتي الهوتو والتوتسي اللتـين كانت احداهما تسيطر على الإذاعة والأخرى على التلفزيون ولم يتحرك احد تبعا لتحذير التقرير حتى حركت الانهار الجثث الطافية الملقاة بين الأشجار.
ولا تقوم الحروب الاهلية الا على معطى «ايديولوجيا التخاصم والكراهية» بين الاثنيات والاعراق والطوائف والديانات التي تتشكل منها المجتمعات فمن دون تلك الايديولوجيا الدافعة لكراهية الآخر لا تقوم الحروب بل تصبح تلك التباينات اضافة جميلة للمجتمعات ومن ذلك دعوتنا المتكررة لإصدار تشريع يجرم بقوة وبقسوة دعاوى الكراهية في المجتمع الكويتي.
ويسبق الحروب الأهلية عادة اضعاف للروح الوطنية التي تجمع الجميع ويتم حجب الوطنية عن الآخر، فهؤلاء غرباء، قادمون جدد.. الخ. أو بالمقابل ان الآخرين مستكبرون مستغلون للموارد الاقتصادية.. الخ، ولا تصبح الفوارق الاقتصادية بين افراد المجتمع أداة للحرب الأهلية ما لم يتم تحويلها إلى ايديولوجيا التخاصم والكراهية سالفة الذكر والغريب ان تلك التباينات الاقتصادية المرفوضة مع الآخر تقبل وبكل رحابة صدر ضمن التجمع التعبوي الواحد.
والملاحظ ان الحروب الأهلية في جميع تلك البلدان المبتلاة قد سبقتها قطيعة مع الآخر والتركيز على نقاط الاختلاف لا الالتقاء وتعميم التهم والكراهية فجميع «هؤلاء» سيئون وبالطبع كلمة هؤلاء تعني الآخرين من شركاء الأوطان وتتحول الاحقاد الى اشكالات سياسية «ظاهرة» تخفي تحتها النيران الخافية في الصدور وترفع ضمن راياتها دائما وأبدا قضايا الظلم الاجتماعي وتبني الاصلاح ومحاربة الفساد ويسمح في احدى مراحل تلك الحروب بتدخل القوى الخارجية، والى الغد وكيفية اطفاء الحرائق والاحقاد وابعادها عن مجتمــعنا الكويتي الآمن.
آخر محطة:
يجب ألا يسر المسؤولين ان ترتبط اسماؤهم بأسماء مكروهة جدا في المجتمع لكون تلك الأسماء تحث عبر القول والمقال على كراهية شرائح كبيرة في المجتمع، حيث ان تلك الكراهية ستنتقل منها الى من تدعي انها تمثله والأمر بالفعل خطير.
أحب قريتي… قطعا أحب وطني!
على مستوى دول الخليج العربي، لا نبالغ حينما نقول إن قرى البحرين، هي الأعرق تاريخيا، والدلالات على ذلك كثيرة، ويكفي أن نعتمد على ما أشارت إليه المصادر التاريخية من أن الموقع الجغرافي للبحرين، وخصوصا منذ العام 2300 ق.م، جعل موقع الجغرافي منها مركزا للتجارة بين حضارة ما بين النهرين (العراق)، وبين وادي الهندوس (وهي المنطقة القريبة من الهند في الوقت الراهن)، زد على ذلك، أن حضارة دلمون، ارتبطت بالحضارة السومرية في الألفية الثالثة قبل الميلاد.
كل ذلك التاريخ المجيد، نجده في مواقع كثيرة من بلادنا، وعلى رأسها القرى، وعلى رأس الرأس، قرى المحافظة الشمالية التي تضم ما يقارب من 80 في المئة من المواقع الأثرية والتاريخية، والمتتبع لصفحة القرية الأسبوعية في صحيفة «الوسط»، يمكنه أن يعرف الكثير عن تاريخها… إذا، حين تحب قريتك، فإنك تحب وطنك… أليس كذلك؟.
هناك توجه ملحوظ للاهتمام بالقرى من الناحية الجمالية، وهذا أمر محبب قطعا على ألا تنصب كل الجهود في هذا الاتجاه، من دون التركيز على المشاريع الخدماتية التي تفتقر إليها الكثير من القرى من جهة، وتعثر إكمال مشاريع أخرى من جهة أخرى، وكأنني أرى أهالي القرى فرحون بما تشهده بعض القرى من حملات جمالية كحملة ارتقاء، وحملة «أحب قريتي…أحب وطني» التي أعلنت عنها وزارة الثقافة والإعلام لتجميل قريتي حلة عبدالصالح وبني جمرة، لكن لا يمكن أن تكتمل الفرحة من دون تركيز الاهتمام على مشاريع الخدماتية، واعتبار القرى جزءا لا يتجزأ من الوطن الحبيب، بلا تمييز ولا فصل ولا إقصاء.
ولعل المسئولين في مختلف المواقع، يدركون جيدا أن قرى البحرين هي التي لا تزال تحتفظ بالهوية والتاريخ والتراث البحريني، في وقت، مع الأسف الشديد، فقدت فيه العاصمة المنامة الكثير من ملامح هذه الهوية، وعلى أية حال، فإن مبادرات تطوير القرى من الناحية الجمالية، هي جهد مقدر مشكور، وكذلك الأمر بالنسبة لجهود المجالس البلدية والوزارات الخدمية لتنفيذ المشروعات المهمة للأهالي، والمحوران مهمان ومرتبطان مع بعضهما البعض: التطوير والتجميل، والأهم من ذلك كله، إزالة الأفكار السيئة التي ترسخت في عقول الكثيرين عن القرى وأهالي القرى، وكأنهم من كوكب آخر مخيف، كيف يمكن ذلك؟ للحديث صلة
طائرة الخليج الفارسي المقاتلة (2)
تطرقت في مقال سابق (26/5) الى موضوع «طائرة الخليج الفارسي المقاتلة»، التي ورد ذكرها في تحقيق نشرته «القبس» قبلها بايام عن بعض الوثائق والمستندات التي كانت في حوزة المرحوم سليمان اللهيب، والتي قدمها ابنه السيد محمد اللهيب لـ«القبس»، ومنها ايصال تبرع لمشروع او صندوق «طائرة الخليج الفارسي المقاتلة» ويحمل تاريخ عام 1941.
وطلبت في المقال مساعدة القراء في البحث عن حقيقة هذا المشروع. وقد وردتني رسالة من الاخ محمد يعلمني فيها ان تبرع والده ربما كان لمشروع بناء طائرة للحلفاء في الحرب العالمية الثانية. اما عائشة حفيدة المرحوم اللهيب، فقد لفتت نظري لكتاب على النت يتعلق بمشروع بريطاني مهم جرى خلال الحرب العالمية الثانية، وتعلق بتطوير طائرة حربية من نوع Spitfire يهدف الى القضاء على التفوق الجوي الالماني في بداية الحرب، وان المشروع نجح بشكل كبير وحقق لبريطانيا هدفها. وورد في الكتاب ان 6 من تلك الطائرات سميت باسماء دول المنطقة! ولكن المؤلف لم يتطرق لأي اسماء.
اما الباحث ظافر العجمي، فقد رد علينا بطريقة غير مباشرة من خلال مقال نشر على «الآن» الالكترونية، وارسل مسؤولها نسخة منه لنا، وورد فيه على لسان السيد العجمي ان اقرب ما يعرفه عن «طائرة الخليج الفارسي المقاتلة»، وسبق ان ورد ذكره في اطروحته لنيل الدكتوراه في موضوع «امن الخليج العربي»، يعود الى حقيقة ان الايطاليين كانوا اول من ادخل الطائرات في الحرب، وبالرغم من نجاحهم في الوصول لمياه الخليج،فان البريطانيين قللوا من خطرهم، وقد اخطأوا في ذلك، ففي صيف 1940 اراد الايطاليون اثبات دعواهم في السيادة الجوية، فقاموا باختيار هدف مهم وبعيد لكسب سمعة عالية، وهكذا قامت 4 طائرات في 8/12/1940 بقطع 4000 ميل لتنقض على مصفاة البحرين وتدكها، وقد ضيعت احداها طريقها واغارت على منشآت النفط الاميركية في الظهران. وادى الحادث الى دخول الولايات المتحدة عسكريا، ولاول مرة، في السعودية (!!) وقد اعتقد البعض في حينه ان الهجوم كان المانيا. وعليه، وحسب رواية ظافر العجمي جاءت حملة التبرعات في المنطقة لمشروع الطائرة الحربية.
اما القارئ الشاب والنشط احمد عاطف السالم، فقد ارسل لنا نص كتاب «الممر الفارسي» او Persian Corridor لمؤلفه T.H.Val Motter الصادر عام 1951، والذي سرد فيه مؤلفه قصة قيام الولايات المتحدة، عن طريق بريطانيا ومستعمراتها في الخليج الفارسي، في حينه، بتقديم المساعدة لروسيا في حربها مع جيوش «هتلر» بموجب نظام «الاعارة والتأجير» الشهير، وكيف تمكن البلدان من شحن آلاف الطائرات لروسيا، والتي تم تجميع بعض منها في منطقة او مطار الشعيبة الحربي قرب البصرة. ويقول احمد السالم ان روايته اقرب للصحة من رواية الباحث العجمي. وورد في الكتاب ان من اصل 14834 طائرة خصصت للتسليم لروسيا، وبعضها سلم لطياريها عن طريق آلاسكا، والبعض الآخر منها شحن بحرا لميناءي «ارش اينجل»، والجزء الثالث تم ايصاله اليها عن طريق الممر الفارسي، لكن اميركا وبريطانيا لم تتمكنا من تسليم الا 4874 طائرة فقط، وحتى هذه لم تستطع روسيا الاستفادة منها بطريقة فعالة بسبب ما واجهته من مشاكل فنية تتعلق بتجميع قطعها وقيادتها واختبارها.
ووردت في الكتاب تفاصيل كثيرة لا مجال لسردها.. ويبقى اللغز!
أحمد الصراف
habibi [email protected]