سعيد محمد سعيد

لست «غريبا»… فيا «قريب» كن أديبا!

 

يألف الكثير منا بعض الطرقات والشوارع حتى تصبح جزءا من ذاكرته لأنها ربما كان يستخدمها من صغره ولا يزال، ولهذا، كان مدخل قرية الزنج، القادم شرقا من الشارع الشهير المعروف باسم «شارع ابو عشيرة» واحدا من أهم الشوارع التي ارتبطت بمراحل الطفولة والصبا والشباب بالنسبة لي وبالنسبة لغيري الكثير من أهالي قرى بلاد القديم والزنج والخميس والقرى المجاورة.

على أية حال، أتذكر أن هذا الجزء من الشارع، وتحديدا في منعطفه (إلى اليمين) للقادمين من الشرق إلى الشمال، يشهد بين الفينة والأخرى شجارات بين بعض الطلاب حين ينزلون من حافلة المدرسة القادمة من مدرسة الشيخ عبدالعزيز بن محمد آل خليفة الثانوية… مزاح يتحول إلى شجار! فيما كانت شجارات أخرى تحدث بين بعض الشباب والصبية من مناطق السلمانية والزنج ومنطقة الإصرار (التي كانت تعرف باسم الدفنة وهي اليوم تتبع منطقة الماحوز) بعد انتهاء مباراة في كرة القدم على ملعب لم يعد موجودا منه اليوم إلا مساحة صغيرة.

مرت السنين وتطورت المنطقة وتغيرت الكثير من ملامحها بطبيعة الحال، وخصوصا في الجزء الذي يضم اليوم مقهى ومطعم وبعض المكاتب التجارية والعلاجية، فبدأ الخلاف على إنشاء مشروع خاص على أرض كان الأهالي يقولون إنها مخصصة لحديقة، فيما كان البعض الآخر يقول إن الأرض (ملك خاص) ومن حق مالكها أن يستثمرها كيف يشاء، وتبع القضية كتابة عريضة وقعها الأهالي يطالبون فيها بأرض حديقتهم، ونشرت المشكلة في الصحافة، لكن المشروع الاستثماري مضى في خطواته الطبيعية واكتمل.

مدخل قرية الزنج، كان يشهد صورتين تتكرران بين الحين والآخر… الصورة الأولى هي وقوع الحوادث المرورية في تقاطع الإشارة الضوئية، أما الصورة الثانية، فكانت بعض الشجارات التي تبدأ بخلاف على موقف سيارة، أو بسبب الزحام، خصوصا في ليالي الإجازات والمناسبات التي تكتظ فيها المنطقة بالسيارات، وما من شك، في أن بعض المعاكسات والملاحقات كانت هي الأخرى سببا في وقوع الشجار، وقليلا ما يكون ذلك الشجار بين المواطنين، فيما غالبيته يحدث بين بعض الخليجيين وشباب من المنطقة، وليس الشجار الذي وقع بين بعض الشباب وبعض الخليجيين حديثا هو الشجار الأول والأخير، فحتى سكان المنازل القريبة كانوا يتشاجرون مع بعض من يوقفون سياراتهم أمام بيوتهم ويسدون المرآب أو يتسببون في صعوبة الدخول والخروج من المنزل.

لكن ليس من العدل اتهام بعض الأهالي بأنهم «متوحشون» يعادون ضيوف البلد، فبصراحة، لا يمكن قبول تصرفات بعض الخليجيين الذين لا هم لهم سوى معاكسات بنات الناس، بل والقيام بحركات تخدش الحياء، وعقد اللقاءات الغرامية حتى في مواقف السيارات ثم يعاب على الأهالي تصديهم لمثل هذه الحركات «البايخة»، حتى أن حكايات وقصص وسلوكيات بعض الخليجيين وعدم احترامهم للمجتمع البحريني المحافظ لم تعد مقبولة لدى الكثير من المواطنين.

ماذا تريدون من مواطن خرج من منزله ليجد لقاء غراميا بين شاب خليجي وفتاة في السيارة؟ كيف يجب أن يتصرف من تعرضت زوجته أو شقيقته أو إحدى قريباته أو جارته لمعاكسة وقحة خارجة عن حدود الأدب؟ هل (يصرف نظره) ويتظاهر بأنه لا يرى شيئا من باب الحفاظ على العلاقات الأخوية بين الأشقاء؟ أو من قبيل إكرام الضيف؟

يا جماعة، قد يتغاضى المواطن البحريني عن الكثير من الأمور المزعجة التي يقوم بها بعض الخليجيين من استعراضات بهلوانية في الشوارع، وتفريغ ولع البعض بالسرعة القاتلة، لكن أن تصل المسألة الى انتهاك حرمات الناس وأعراضهم، فهذه ستكون حلقة من شجارات أخرى كثيرة، ويا (قريب) كن أديبا، وحياك بين أهلك، وإلا فلا يلوم لائم مواطن دافع عن شرفه.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *