سامي النصف

بلد التوتر وعاصمة التعقل

لأسباب غير مفهومة تعتبر الكويت اكثر بلدان العالم توترا و«نرفزة» وهو امر يشهده الزائر لبلدنا منذ الوهلة الأولى، حيث قل ان تجد هذا الكم من الغضب والضيق وشد الأعصاب لدى شعوب الدول الأخرى وهو ما جعل شعبنا ـ الله يحفظه ـ الأعلى عالميا في الإصابة بالأمراض التي تصاحب عادة مثل تلك التوترات كالسكري والقلب والضغط والقولون.. «والذي منه».

لذا كان جميلا تسمية الزميل يوسف خالد المرزوق لرئيس مجلس الأمة السيد جاسم الخرافي بـ «عاصمة التعقل»، فالدول لا تقاد ولا تعمر ولا تصلح ولا تنمو بالغضب المتواصل ورفع الصوت و«فش الخلق» بل تترعرع تحت مظلة الهدوء والحكمة والتعقل، كما لا تبنى العلاقات السليمة مع الدول الأخرى عبر استخدام الحدة والشدة وطلب الإذعان منها كونه سيولد أحقادا في النفوس ستنفجر يوما ما ونندم عندما لا ينفع الندم.

ومما ذكره الرئيس بوعبدالمحسن الحاجة لزيادة عدد النواب اللازمين لاستحقاق تفعيل أداة الاستجواب وهو أمر منطقي جدا، الا انه يحتاج الى تعديل دستوري عاجل جدا ودون حساسية وإلا فسنبقى في نفس الحلقة المفرغة، حيث يمكن لنائب واحد ان يتقدم بأي عدد يريده من الاستجوابات التي توقف حال البلد دون ان يكترث لرأي 49 نائبا آخرين يمثلون 98% من الأمة، وإن لم تحدث تلك التعديلات الجوهرية في عهد بوعبدالمحسن فإنها لن تحدث في عهد غيره.

ومن الأمور التي نود ان تسجل تاريخيا لعهد الرئيس جاسم الخرافي والتي سيشكره عليها كثيرا الشعب الكويتي القيام بحزمة إصلاحات طال انتظارها في السلطة الثانية كإنشاء لجنة للقيم تحاسب النواب المخطئين وعقد دورات إرشادية ملزمة للنواب الجدد لا يمارسون العمل دونها، حيث ان هناك «امية دستورية» لدى كثير من النواب ينتج عنها اشكالات وأزمات سياسية كثيرة، و«جهل بروتوكولي» تنتج عنه إحراجات متكررة عند زيارة الدول الاخرى، كما نود ان يفرض على النائب كوسيلة لتحسين ادائه الاستعانة بأصحاب التخصص بدلا من ترك تلك المناصب لقضايا الانتداب للتنفيع.

وفي هذا السياق، نرجو ألا تؤخذ بخفّية عملية التحول لنظام الدائرة الواحدة كما تعاملنا بخفّية وحكّمنا الكيدية والعاطفة في قضية التحول للدوائر الخمس، وان يتم الاستماع في لجنة الداخلية والدفاع للرأي و«الرأي الآخر» ولي عتب خاص على الزميل إبراهيم السعيدي كونه عقد ندوة في جريدة «القبس» للحديث عن خيار الدائرة الواحدة كان جميع ضيوفها من المؤيدين المعروفين لذلك الخيار.

آخر محطة: تقوم بعض المطاعم بعمل اكبر فطيرة في العالم بقصد الدخول لموسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، والقائد «الضرورة» صدام قرر أن يدخل تلك الموسوعة من أوسع أبوابها عبر تسجيل أكبر كمية من الكذب يمكن ان تقال في لقاء واحد، ومن ذلك قوله كما نشر بالأمس للمحققين «ان الكويت عراقية إلا ان بريطانيا سرقتها لأن بها نفطا..» فمعروف ان المعاهدة البريطانية ـ الكويتية عقدت في عام 1899 بينما اكتشف اول حقل نفط في الكويت عام 1937 وصدّرت اول شحنة نفط عام 1946م، وضمن اصرار صدام المدهش على دخول الموسوعة قوله انه لا يعلم بقيام ثورة عليه في الجنوب عام 1991! بأقوال كهذه سيدخل الموسوعة بجدارة وبمسافة كبيرة عن المنافسين الثاني والثالث.. غوبلز ومحمد سعيد الصحاف!

سعيد محمد سعيد

لست «غريبا»… فيا «قريب» كن أديبا!

 

يألف الكثير منا بعض الطرقات والشوارع حتى تصبح جزءا من ذاكرته لأنها ربما كان يستخدمها من صغره ولا يزال، ولهذا، كان مدخل قرية الزنج، القادم شرقا من الشارع الشهير المعروف باسم «شارع ابو عشيرة» واحدا من أهم الشوارع التي ارتبطت بمراحل الطفولة والصبا والشباب بالنسبة لي وبالنسبة لغيري الكثير من أهالي قرى بلاد القديم والزنج والخميس والقرى المجاورة.

على أية حال، أتذكر أن هذا الجزء من الشارع، وتحديدا في منعطفه (إلى اليمين) للقادمين من الشرق إلى الشمال، يشهد بين الفينة والأخرى شجارات بين بعض الطلاب حين ينزلون من حافلة المدرسة القادمة من مدرسة الشيخ عبدالعزيز بن محمد آل خليفة الثانوية… مزاح يتحول إلى شجار! فيما كانت شجارات أخرى تحدث بين بعض الشباب والصبية من مناطق السلمانية والزنج ومنطقة الإصرار (التي كانت تعرف باسم الدفنة وهي اليوم تتبع منطقة الماحوز) بعد انتهاء مباراة في كرة القدم على ملعب لم يعد موجودا منه اليوم إلا مساحة صغيرة.

مرت السنين وتطورت المنطقة وتغيرت الكثير من ملامحها بطبيعة الحال، وخصوصا في الجزء الذي يضم اليوم مقهى ومطعم وبعض المكاتب التجارية والعلاجية، فبدأ الخلاف على إنشاء مشروع خاص على أرض كان الأهالي يقولون إنها مخصصة لحديقة، فيما كان البعض الآخر يقول إن الأرض (ملك خاص) ومن حق مالكها أن يستثمرها كيف يشاء، وتبع القضية كتابة عريضة وقعها الأهالي يطالبون فيها بأرض حديقتهم، ونشرت المشكلة في الصحافة، لكن المشروع الاستثماري مضى في خطواته الطبيعية واكتمل.

مدخل قرية الزنج، كان يشهد صورتين تتكرران بين الحين والآخر… الصورة الأولى هي وقوع الحوادث المرورية في تقاطع الإشارة الضوئية، أما الصورة الثانية، فكانت بعض الشجارات التي تبدأ بخلاف على موقف سيارة، أو بسبب الزحام، خصوصا في ليالي الإجازات والمناسبات التي تكتظ فيها المنطقة بالسيارات، وما من شك، في أن بعض المعاكسات والملاحقات كانت هي الأخرى سببا في وقوع الشجار، وقليلا ما يكون ذلك الشجار بين المواطنين، فيما غالبيته يحدث بين بعض الخليجيين وشباب من المنطقة، وليس الشجار الذي وقع بين بعض الشباب وبعض الخليجيين حديثا هو الشجار الأول والأخير، فحتى سكان المنازل القريبة كانوا يتشاجرون مع بعض من يوقفون سياراتهم أمام بيوتهم ويسدون المرآب أو يتسببون في صعوبة الدخول والخروج من المنزل.

لكن ليس من العدل اتهام بعض الأهالي بأنهم «متوحشون» يعادون ضيوف البلد، فبصراحة، لا يمكن قبول تصرفات بعض الخليجيين الذين لا هم لهم سوى معاكسات بنات الناس، بل والقيام بحركات تخدش الحياء، وعقد اللقاءات الغرامية حتى في مواقف السيارات ثم يعاب على الأهالي تصديهم لمثل هذه الحركات «البايخة»، حتى أن حكايات وقصص وسلوكيات بعض الخليجيين وعدم احترامهم للمجتمع البحريني المحافظ لم تعد مقبولة لدى الكثير من المواطنين.

ماذا تريدون من مواطن خرج من منزله ليجد لقاء غراميا بين شاب خليجي وفتاة في السيارة؟ كيف يجب أن يتصرف من تعرضت زوجته أو شقيقته أو إحدى قريباته أو جارته لمعاكسة وقحة خارجة عن حدود الأدب؟ هل (يصرف نظره) ويتظاهر بأنه لا يرى شيئا من باب الحفاظ على العلاقات الأخوية بين الأشقاء؟ أو من قبيل إكرام الضيف؟

يا جماعة، قد يتغاضى المواطن البحريني عن الكثير من الأمور المزعجة التي يقوم بها بعض الخليجيين من استعراضات بهلوانية في الشوارع، وتفريغ ولع البعض بالسرعة القاتلة، لكن أن تصل المسألة الى انتهاك حرمات الناس وأعراضهم، فهذه ستكون حلقة من شجارات أخرى كثيرة، ويا (قريب) كن أديبا، وحياك بين أهلك، وإلا فلا يلوم لائم مواطن دافع عن شرفه.