النيابة ومثلها الوزارة ليست عملا تخصصيا، اي لا يطلب من النائب ان يكون خريج محاسبة او حقوق ليمارس عمله في الرقابة والتشريع، والحال كذلك مع الوزراء فلا يطلب بالضرورة ان يكون وزير الاشغال مهندسا أو الصحة طبيبا، الحقيقة ان عمل الوزارة والنيابة سياسي بالدرجة الاولى.
لذا يختار النواب من يشاءون ليقدم الاستجواب فلا يفرض على النائب الطبيب ان يختص باستجواب وزير الصحة أو المهندس وزير الاشغال.. الخ، بل يقرر النواب الاصلح منهم لتقديم الاستجوابات، لذا نرى اسماء مكررة للمستجوبين وخلو اسماء اخرى من اي استجواب، وعليه يجب ان يعطى الحق ذاته للفريق الآخر المشارك في اللعبة السياسية المقامة تحت قبة البرلمان وامام مدرجات الجمهور ونعني الفريق الحكومي ليختار من يشاء من لاعبيه للتصدي للاستجوابات حيث ان المسؤولية تضامنية والقرارات تناقش جماعيا في مجلس الوزراء وليس من العدل ان تختار اللاعب الذي يشوت «البنلتي» من فريقك وتفرض في الوقت ذاته حارس المرمى الذي تريد على الفريق الاخر، نرجو الا تمتد قدسية الدستور للائحة الداخلية فيكفر من يريد تعديلها.
في النظام الاميركي والغربي يعتبر الحزب هو المهيمن على اللعبة السياسية لذا يفرض اجندته على من يمثله من نواب ووزراء كونهم انتخبوا من الاساس لترويجهم برنامجه الانتخابي وعبر دعمه المادي والبشري لهم فالحزب هو بمنزلة جذع وأصل الشجرة والباقون فروع له سواء في المجالس النيابية او الادارات الحكومية.
البعض يحاول وبشكل خاطئ تماما ان يطبق نفس المبدأ على اللعبة السياسية في الكويت وينسى ان الامر معكوس تماما حيث ان قمة الانجاز السياسي لأي تكتل ضمن اللعبة الكويتية هي ايصال الوزراء والنواب وعليه يجب ان يقود هؤلاء القرار والخيار ضمن التكتل لما يضمن بقاءهم كوزراء واعادة انتخابهم كنواب.
فعلى سبيل المثال يوصل النواب لتكتلهم السياسي ان ما ينفعنا ويدعم مركزنا كنواب ويعطي فرصة اكبر لاعادة انتخابنا حسب ما نراه ونعيشه هو اتخاذ موقف معارض، أو مؤيد، لاستجواب ما ويتلو ذلك اصدار التكتل المعني بيانا داعما لهذا التوجه ويوعز لكتابه وقواعده بالترويج لذلك الموقف المعلن لنوابه والحال كذلك مع وزرائه فهم من يقررون الموقف الافضل للتكتل المعني سواء بالبقاء في الوزارة او الاستقالة منها وعلى التكتل ان يدعم الوزير الذي يمثله فإن قرر البقاء أصدر بيانا داعما لذلك البقاء وان قرر الاستقالة اصدر بيانا داعما لتلك الاستقالة.
في بلد الاتجاه المعاكس الكويت يحدث في كثير من الاحيان العكس تماما من ذلك التصور الصحيح لكيفية ممارسة اللعبة السياسية، فيحاول هذا التكتل او ذاك فرض قراراته على ممثليه في المجلس فينفرون منه ويعلنون انهم لم يعودوا يمثلونه والامر كذلك مع الوزراء عندما تتم محاولة اجبارهم على الاستقالة فيعلنون كذلك انهم لم يعودوا مرتبطين به وتنتهي اللعبة الخاطئة بخسارة الطرفين معا، فلا يبقى للتكتل المعني من يمثله في اللعبة السياسية فيبقى خارجها كما يفقد من كانوا على صلة طويلة به دعمه لهم فيضعفون امام زملائهم.
آخر محطة:
ضمن مسلسل الف كذبة وكذبة لصدام ذكر ضمن ما نشر بالامس في جريدة «الشرق الاوسط» ان احتلال الكويت كان يفترض ان يتم بسرعة اكبر نظرا لدعم الشعب الكويتي للاحتلال! كما أنكر قيام قواته بإشعال النيران في آبار النفط! أو علمه بالجرائم التي ارتكبها جيشه في بلدنا من قتل وتعذيب وسرقة! كما انكر انهم اخذوا اي اسير كويتي معهم!، اجمل تعليق على ما يقوله صدام أتى من عراقي من السويد بأن صدام لو أنكر احتلال الكويت لصدقه عشاقه ومحبوه!