محمد الوشيحي


هبّوا إلى البلكونة

مبروك، انتهت وجبة طرح الثقة، فتعالوا نحمد الله على جزيل نعمه ونغسل الصواني والسكاكين والملاعق. ومن تضرر فستعوّضه شركة التأمين.

واليوم تناولنا وجبة مسلم البراك والشيخ جابر الخالد، وغداً سنتناول وجبة ضيف الله بورمية والشيخ جابر المبارك، وبعد غد سنتناول وجبة مرزوق الغانم والدكتور محمد العفاسي، وقبله أو بعده سنتناول وجبة كتلة التنمية والإصلاح وسمو الرئيس الشيخ ناصر المحمد… وطبعا صوّت علي الراشد ضد البراك وسيصوّت ضد ضيف الله بورمية ومع مرزوق الغانم، وسيحارُ مع كتلة التنمية والإصلاح (الدكاترة، فيصل المسلم وجمعان الحربش ووليد الطبطبائي)، فهو يعتمد على البطاقة المدنية للنائب المستجوب في التصويت، وهذه الكتلة تضم اثنين من القبائل وواحداً من الحضر، وهذه هي البلشة التي ما بعدها بلشة، ولا أراكم الله مكروهاً في عزيز.

وأقسم لكم بالطلاق الغليظ أن القيامة لن تقوم بسبب إحدى هذه الوجبات أو المباريات… على أن البعض كانت عيونهم مركزة على تصويت أبناء القبائل في مباراة البراك والخالد، وتصويت أبناء العوائل، وتصويت الشيعة، وتبيّن أن خمسة وأربعين في المئة من أبناء القبائل ضد الاستجواب، في حين صوّت من الحضر «نص الرُّبع»، أي الثمن، أو بمقاييس أهل السهر والخمر «بيك»، مع الاستجواب، وفي هذا نقرأ سطوراً في غاية الكآبة، أما الشيعة فلم يصوّت منهم أحد مع الاستجواب، وإن كان الدكتور حسن جوهر يستحق التصفيق هو والدكتورة أسيل العوضي على موقفهما المتزن.

هذه هي القراءة العامة لنتيجة طرح الثقة، وهي لا تهم ولا تغم. ما كان يهم هو كيف سيتصرف الشيخ أحمد الفهد وبأي خطة سيلعب؟ هل سيدفع بفريقه كله إلى الهجوم، أم سيلعب كما اعتاد منتخبنا «الأزيرق» بالطريقة الدفاعية؟

وكان سعدون قد ارتدى منذ أيام الفانيلة رقم عشرة، فانيلة قلب الهجوم، في حين التزم بقية اللاعبين الصمت، بأمر من المدرب… وفي المباراة، تبيّن أن الفهد قسّم رجاله ما بين مهاجم ومدافع، ليضيع الدم بين القبائل!

إذاً… عوداً على بدء، انتهت الوجبة، فاحمدوا الله واغسلوا صوانيكم وأوانيكم ولا تشبّهوا باليهود، ثم تعالوا نزرع البلكونة بعدما نطهّر البيت من الداخل بالديتول.

سامي النصف

من تاريخ المشرق.. مأساة آل المرشد

امتلأت المكتبات العربية بكتب تتناول مأساة عائلة الجنرال اوفقير حيث قامت زوجته وأبناؤه وأصدقاؤهم بتأليف العديد من المطبوعات بالعربية والفرنسية والانجليزية للتحدث عن فجيعتهم التي تقوم على الاعتراض على مبدأ ان تؤخذ عائلة من يخطئ بجريرته فهل كانت تلك الحادثة الاولى ام ان في مشرقنا العربي قصة مماثلة انتهت فصولها قبل عام من بداية مأساة الأسرة الاخرى؟!

ولد سلمان المرشد عام 1907 من اسرة فقيرة في قرية «جوبة برغال» الواقعة ضمن سلسلة جبال اللاذقية، وقد نسجت الصحف المصرية القريبة آنذاك من خصمه الزعيم الوطني سعدالله الجابري حوله اساطير عدة وصلت الى حد اتهامه بأنه اعلن ربوبيته ودعا قومه لعبادته كما انه تآمر مع الفرنسيين وعمل جاهدا على تقسيم سورية مما ادى الى اعدامه في 16/12/1946، وتأليه أتباعه – كما قيل – لابنه مجيب الذي اغتيل في 27/11/1952 على يد العسكري عبدالحق شحادة بأمر من الرئيس السوري أديب الشيشكلي وصدر امر بعد ذلك بسجن من ينتمي الى الجماعة المرشدية من 6 اشهر الى سنتين، ونفيت عائلة سلمان المكونة من أطفال صغار دون اب او ام الى دير الزور في اقصى الشرق السوري منذ عام 46 حتى عام 70.

صدرت عدة كتب في السنوات الاخيرة عن المرشدية ومؤسسها سلمان المرشد منها كتاب «لمحات حول المرشدية» الذي كتبه ابنه نور المضيء المرشد و«شعاع قبل الفجر» مذكرات احمد السياف وتحقيق المؤرخ والأديب محمد جمال باروت و«المرشدية وسلمان المرشد» لمنذر الموصلي وتكاد تجمع تلك الكتب على انكار قضايا الألوهية والتعاون مع الفرنسيين والتآمر على تشطير سورية.

وحسب تلك الكتب كان سلمان المرشد ثائرا على الإقطاع خارجا عن طوع مشايخ وزعامات الطائفة العلوية، حيث أبطل الاعتقاد بـ «الترائي» و«التقية» و«وراثية المشيخة» وألغى اللباس الديني وأنكر قدسية عبدالرحمن بن ملجم وحارب الفرنسيين حتى نفوه الى مدينة الرقة كما نزل الانتخابات معاديا ومنافسا لقائمة كنج ـ بدوي الجبل الانفصالية وكان ضمن قائمته كبار الوطنيين امثال بطل معارك جبل صهيون عمر البيطار، وتضيف تلك الكتب أن المرشد هو من اقترح إلحاق قضاء الجبة بحلب منعا لإنشاء الدولة العلوية.

وقد انتخب المرشد لدورتين برلمانيتين، وفي عام 1945 القى الزعيم الوطني المعروف فخري البارودي كلمة سلمان المرشد التي أعلن فيها انه يضع قواته وعشائره تحت تصرف الحكم الوطني بقيادة الرئيس شكري القوتلي، ويرى مؤيدوه ان خصومه من الإقطاع العلوي المنتمين لآل شريتح هم من حركوا قوات الحكومة ضد معقله في قريته «جوبة برغال» مما جعله يبادر بإطلاق النار وقتل زوجته الاسطورية المشهورة بالشجاعة الفائقة والجمال الباهر هلالة بنت داود الملقبة بـ «أم فاتح» حتى لا يتم الاعتداء عليها من قبل الأعداء.

وتمتلئ المراجع بصوره وأبنائه إبان محاكمته التي بُرئ خلالها من تهم الخيانة العظمى والتعاون مع الفرنسيين وهو ما شكر هيئة المحكمة عليه ولم يطلب الرحمة عندما حكم عليه بالإعدام على معطى قتل زوجته هلالة وقد نفذ الحكم بعد 3 ايام وتم نفي ابنائه دون اب او ام الى خارج القضاء، وفي عام 1965 اصدر وزير الدفاع حافظ الاسد امرا بالتوقف عن مطاردة المرشديين مما جعلهم يقفون معه في صراعه ضد خصمه صلاح جديد، وفي عام 1984 انحاز المرشديون العاملون في سرايا الدفاع للرئيس حافظ الاسد بعد لقائه معهم ضد شقيقه رفعت وقد ألغيت أوامر النفي والعقوبات ضد المرشديين بعد ثورة التصحيح عام 1970 وقد أعلن نور المضيء المرشد بعد وفاة اخيه ساجي عام 1998 انه ليس اماما للجماعة واكتفى فقط بدور ملقن تعليم الصلاة لمن يبلغ عمره سن 14 من البنين والبنات.

احمد الصراف

هل آن أوان الاعتراف؟

تشكل إسرائيل، ومنذ تأسيسها قبل 61 عاماً، لعرب المشرق بالذات، بعبعاً مخيفاً غريب الشكل والتصرف والمضمون. وعلى الرغم من إصرار غالبيتنا على وصفها بالعدو الأول، فإننا ننسى دائماً، أو نتناسى أننا العدو الأول والأكبر لأنفسنا. والغريب أننا نكتفي بوصفها بالعدو ونجلس على جانب الطريق لنرى ما ستفعله الأقدار بها، فكل حروب الدول العربية معها لم تكن إلا محاولات عبثية للخروج من مآزق ما، ولم تهدف أصلاً للقضاء عليها، بما في ذلك معارك «ما كو أوامر» في حرب 1948!!
وفي سعينا الحثيث لمعاداة إسرائيل ومحاولة القضاء عليها، لم تقم أي جهة حتى الفلسطينيون المعنيون الحقيقيون بالأمر بفعل شيء فعال لمعرفة حقيقة إسرائيل أو الحركة الصهيونية ونقاط ضعف أو قوة الدولة، وهكذا مرت ستون سنة ونحن نصر على تجاهل وجودها، مما ساهم في تجهيلنا بحقيقتها وباستمرار انتصارها علينا المرة تلو الأخرى دون توقف!
وقد أثبتت الأيام صحة ما توصلنا له من أن حرب 2006، كانت خسارة لنا، فإننا وبعد 3 سنوات، لا نعرف من مات منا ومن فقد وكم حجم خسائرنا ومن كان المسؤول عن الحرب وأين أخطأ الحزب أو الدولة اللبنانية، وأين أخطأ العرب ومن الذي يجب أن يتحمل المسؤولية في نهاية الأمر عن نزوة أو نزهة عسكرية كلفت لبنان آلاف الأرواح ومليارات الدولارات دون هدف أو خطة تذكر؟ ومع ذلك خرجنا ندعي انتصارا الهياً!!
من باب العلم فقط، فإن تعداد إسرائيل يبلغ 7 ملايين ونصف المليون، 76% منهم من اليهود، و20% تقريباً من العرب، مسلمين ومسيحيين، و4% من أعراق وديانات مختلفة أخرى كالدروز والأقليات الدينية التي تعيش في القدس بالذات.
أعلن عن تأسيس إسرائيل يوم 14/5/1948، ومنذ ذلك التاريخ، وعلى الرغم من كل حروبها مع العرب، وبفضل المساعدات الأميركية التي نصرف ما يماثلها على شراء القمح لإطعام الجياع من شعوبنا وبفضل العقول اليهودية الاوروبية الجيدة التعليم التي هاجرت لها، فقد وصل دخل الدولة السنوي إلى 200 مليار دولار، وأصبح دخل الفرد فيها الأعلى في المنطقة، حتى مقارنة بدول الشرق الأوسط النفطية. كما وصل معدل الإعمار إلى أعلى معدل بعد اليابان. أما في التعليم فقد وصلت لأعلى المستويات، من خلال مدارس حكومية علمانية، وهي السائدة، بجانب مدارس حكومية دينية قليلة العدد، ومدارس مخصصة للعرب وبقية الأقليات.
توجد في إسرائيل 8 جامعات مرموقة، أهمها الجامعة العبرية التي وصلت للمرتبة 60 كأفضل 100 جامعة في العالم، ليس بينها، ولا حتى قريباً منها، أية جامعة عربية أو اسلامية، ويقال إن جامعة القاهرة كانت في مرتبة الجامعة العبرية قبل أكثر من نصف قرن، وأصبحت الآن في المرتبة بعد الـ550 عالمياً (!!).
كما توجد في إسرائيل مختبرات علمية عالية جعلتها الأكثر تقدما في مجال القوة النووية والأبحاث الزراعية وصناعة الأسلحة التقليدية، الواسعة الانتشار، والأسلحة البيولوجية.
***
وبعد كتابة الفقرة الأخيرة أعلاه عرفت السبب الذي يجعلنا نصر على تجاهل إسرائيل. فالحديث عنها مؤلم لأن كل ما فيها مغاير ومخالف لما لدينا، من عادات وتقاليد سياسية، فرئيس وزراء إسرائيل السابق اسحاق رابين فقد منصبه بعد أن اكتشف البرلمان أن زوجته احتفظت بحساب لا يتعدى رصيده الألف دولار في بنك في نيويورك، وهو ما يخالف قوانين «الدولة»!! أما طريقة معاملتهم للسجناء الفلسطينيين فلا تعجبنا، وقد يجبرنا معرفة الطريقة للاقتداء بها، وهذا لن يمكننا مستقبلا من «انتزاع» الاعترافات من مساجيننا، أخواتنا وأبناء عمومتنا، ونحن ننتزع أظافرهم.
القصة طويلة ومتعبة، بقدر ما هي مشوقة، ولكننا ساهمنا جميعاً في تجهيل بعضنا البعض بحقيقة إسرائيل لكي نستمر في الاستمتاع بأوضاعها ونصلي لكي لا تتغير علينا!
* * *
• ملاحظة:
نفى رئيس المركز القومي للترجمة في مصر أن المركز يعتزم التعاقد مع احدى دور النشر الأوروبية لنشر ترجمات لمؤلفين إسرائيليين!

أحمد الصراف
habibi [email protected]