سامي النصف

تقرير بلير والوطن المشلول

نشرت الزميلة «القبس» ملخص رؤية الكويت 2030 التي أعدها الفريق الاستشاري العالمي الذي يرأسه رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، والمرجو ألا تنتهي تلك الدراسة الهامة بوضعها في درج آخر يعلوه الغبار.

تبدأ الدراسة بتحذير خطير عن حاجة الكويت لاتخاذ قرار جوهري بشأن مستقبلها والا فإن المستقبل سيكون غامضا والأرجح أن يكون قاتما، كما تشير الدراسة الى تحول عالمي مستقبلي بعيدا عن البترول الذي يشكل أكثر من 90% من موارد الدولة وفي وقت تشهد فيه الكويت ظاهرة الهجوم الشرس على رجال الأعمال مما جعلهم يستثمرون ويخلقون المشاريع خارج بلدهم.

وترى الدراسة القيمة ضرورة اصلاح بيئة العمل ومحاربة الفساد المستشري وتحرير الصناعة واصلاح أنظمة التعليم والصحة ومكافأة الأذكياء والموهوبين في الدولة من رجال ونساء (هين) والدفع بمبادئ التسامح للازدهار (يعني لا حقد ولا حسد هين ثانية) وان يستثمر بالتراث الثقافي الغني للأمة من فنون وآداب بدلا من محاربتها (لا تعليق)، كما تشير الدراسة إلى عدة تحديات مستقبلية رهيبة منها التكاثر السكاني الخارج عن المعقول واحتمال التحول الى دولة عاجزة ماليا خلال 5 سنوات (يا حلاوة) وان الاستمرار في هذا الطريق الشوكي يعني ان تواجه الكويت أزمات مالية وسياسية واجتماعية خانقة في ظل شلل تام للنظام السياسي كنتيجة منطقية للمواجهات المتواصلة بين الحكومة ومجلس الأمة.

وتضع الدراسة الحلول العملية للاشكال الكويتي وهي قريبة جدا مما ورد في كتب وخطب الرئيس الماليزي مهاتير محمد وخطته «ماليزيا 2020» ومن الحلول احياء روح المبادرة في الاقتصاد الكويتي وتقليص الروتين وتحسين فرص الوصول للأراضي العامة للدولة (يعني عكس المفهوم السائد بأن الأرض عرض لا يجوز التفريط فيها للاستثمار) وخلق فرص نزيهة ومتكافئة في الأسواق وتطوير وتفعيل الموارد الطبيعية (كمشروع تطوير حقول الشمال المغضوب عليه) واستغلال الموقع الجغرافي المميز وتطوير النقل والعمليات اللوجستية (الاغلاق غير المنطقي لحدودنا مع ايران والعراق).

ومن خطوات التنفيذ الهامة تأسيس وحدة متابعة وتنسيق ترفع تقاريرها أولا بأول لرئيس الوزراء مع التركيز على الأولويات المتفق عليها اضافة الى ضرورة وجود ادارة اعلام استباقية كي يستوعب الناس ما يجري من خطط لدعمها ومحاسبة من يقوم بعرقلتها، كما تحث الدراسة على انشاء مكتب صحافي للحكومة وتعيين متحدث باسم رئيس الوزراء لدعم وحدات الاتصال الاستراتيجي.

آخر محطة: الكويت، كما ترى الدراسة، على مفترق طرق فإما الاستمرار على ما نحن عليه ومن ثم الانقراض والاختفاء بعد سنوات تجري سريعا أو نعدل المسار بشكل صحيح ونبدأ بخلق كويت جديدة تقوم على أسس ومبادئ جديدة لم نعهدها من قبل والخيار بيدنا شعبا ونوابا وحكومة فهل نفعل؟! الجواب معروف وسهل وبسيط!

احمد الصراف

حلم ليلة صيف

بناء على معطيات محددة، فمن المتوقع ان اعيش حتى التسعين من العمر، وربما بعد ذلك بقليل، وهذا يعني ان امامي 9000 يوم قبل ان افنى الى الابد، وحيث انني اقرأ يوميا ما معدله خمس صحف، اي 45 الف صحيفة حتى بلوغ التسعين، فإن كل ما احلم به قبل ان اموت، ان افتح عيني صباحا، ولا اقرأ خبرا عن كشف محاولة تهريب هواتف نقالة، او بطاقات اتصال او مخدرات إلى داخل السجن المركزي، وان المتهم عسكري في الداخلية.
وكم اشتهي ان يمر اسبوع واحد، ولا اقرأ خبرا عن القاء القبض على عاطلين مساكين بتهمة ادارة «مصنع» خمور، واحلم بوقوع نظري على خبر يبشر بالقضاء على الرشوة في البلدية. كما اتمنى ان افتح الصفحة الاخيرة لصحيفة محددة، ولا تصدم عيني اخبار جرائم شرطة المخافر مع نزلاء النظارة، وقصص الاعتداء، او التناوب في الاعتداء عليهن، او عن جرائم خطف الاحداث، والاعتداء عليهم في الصحراء، او ان تجارة الاقامات قد اصبحت شيئا من الماضي، وان المتاجرة ببيع الاعلاف المدعومة قد تم القضاء عليها، وان بيع المواد الغذائية المدعومة من الدولة اصبح في خبر كان، وان الصحف تقول بأن ظاهرة تحويل زرائب الماشية إلى منتزهات ومخازن قد قضي عليها، وتوقفت الى الابد جرائم الاعتداء على املاك الدولة، سواء في المزارع او البحر او عن طريق بناء المخالف من مساجد الشينكو.
آه كما اتمنى فتح جريدة، في دولة المليون مواطن، والتي يزيد دخلها على الستين مليار دولار، واجد ان مخالفي قوانين الاقامة قد اصبحوا بالمئات، بعد ان كانوا طوال نصف قرن بمئات.. الآلاف، وان هم نواب المجلس اصبح التشريع والرقابة، وليس قصات شعر الشباب والجنس الثالث وعبدة الشيطان، واللف على مكاتب الوزراء والوكلاء للحصول على تواقيعهم للمخالف من المعاملات، وان لجنة الظواهر السلبية، قد تغيرت فلسفتها تماما، واصبحت مسؤولة عن السلبي من تصرفات النواب انفسهم، وان التعامل بقضايا الاعتداء على موظفي الدولة، من قبل اعضاء المجلس، قد اصبح شيئا من الماضي، وان نائبا جرد من حصانته، وحكم عليه بالسجن لاعتدائه بالقول، والقول على موظف عام، وان اعداد مزدوجي الجنسية قد اصبح بالعشرات، بعد ان كان في يوم ما يزيد على المائة الف.. «مواطن»! وان مستوى المعيشة في مناطق سكن العمال قد اصبحت مقبولة، وان مناطق السكراب تحت السيطرة، ولم تعد موطنا للفارين من وجه العدالة، ولا منطقة لارتكاب الجرائم، وان قضايا ومشاكل البدون اصبحت شيئا من الماضي، بعد ان تمت تسوية اوضاعهم جميعاً! وان قرارا صدر من البرلمان منع السكن في بيوت الصفيح.
اكتب كل ذلك بعد ان صدمت لقيام اكثر من 3000 مواطن بصورة مباشرة او غير مباشرة، بتأسيس 1200 شركة بطريقة غير قانونية، ومن دون رأسمال، ولا مقر ولا وجود فعلي، وتمكنوا عن طريق هذه الشركات الوهمية من جلب عشرات الاف العمال، مقابل قبض مبالغ مالية كبيرة منهم، ومن ثم رميهم في الشارع من دون وازع من ضمير او خلق، في دولة توجد فيها اعلى نسبة مساجد ودور عبادة في العالم اجمع! وقد حدث كل ذلك بتواطؤ واضح من جهات حكومية، فكيف يمكن ان تصدر وزارتا الشؤون والداخلية عشرات آلاف الاقامات على شركات وهمية؟ اين جيش المفتشين الدائم الزيارة لمكاتبنا؟ اين الاخلاق؟ اين الشرف والتدين اللذان يدعي كل هؤلاء المزورين والمخربين والمتآمرين امتلاكهما؟
اقول ذلك وانا على ثقة انني سأموت، ولو طال العمر بي حتى المائة، وجميع هذه القضايا والجرائم والاوضاع البائسة ستكون على ما هي عليه، وربما هذا ما نتمناه، فتطور الامور إلى الاسوأ هو الاكثر احتمالا!
***
* ملاحظة: عنوان المقال مقتبس من مسرحية للشاعر وليم شكسبير او شيخ الزبير، وفق ترجمة العقيد القذافي لاسم الشاعر الانكليزي.

أحمد الصراف
habibi [email protected]