السياسة قسمة ونصيب، ويبدو أن النائب علي الراشد لم يوفق فيها، ولا أدري لماذا لا يتركها ويشوف له شغلة ثانية، مو عيب… أنا كنت عسكرياً فاشلاً وفلَخْتُ، وكنت على الحدود الكويتية – العراقية أيام حكم صدام، عندما ارتفع عدد تعديات العراقيين، وبدأت المناوشات الفردية بيننا وبينهم تزداد، وتدخلت قوات الأمم المتحدة – اليونيكوم – على الحدود، ولإثبات حسن النية من قبل الكويت، صدرت لنا الأوامر: «لا تطلقوا النار قبل أن يطلق العراقيون النار»! فارتفع عندي مؤشر اللون الأحمر، وصرت أمشي وأشتم كل من في طريقي، وصرت أهذي: «كيف سنطلق النار بعد قتلنا؟»، وجمعت سريتي في لحظة غضب أحمر، وأصدرت أمراً قدحته من رأسي الكريم: «لا يقبض عليكم العراقيون كما يقبضون على الدجاج الحي، أنتم أرجل منهم وأرفع كرامة، فإذا رأيتم عراقيين يحملون أسلحة، حتى وإن كانت خلف ظهورهم وعلى غير وضع التأهب، فارفعوا أسلحتكم مباشرة عليهم واطلبوا منهم رمي أسلحتهم، فإن رفضوا أو تشيطنوا، فأطلقوا النار عليهم، بالهناء والشفاء». قلت لهم ذلك، ثم فتحت مخزن الذخيرة ووزعتها عليهم باستثناء شاب صغير بطل اسمه، إن لم تخني ذاكرتي الخوانة، صلاح المطيري، فقد جردته من الذخيرة وأعفيته من مهامه لشدة حماسته وارتفاع معدل رعونته.
ودفعت غالياً ثمن أمري ذاك، ودفعت ثمن قرارات أخرى أملاها عليّ حماس الشباب، وتبين لي بعد سنين عدداً، أنني لا أصلح للعسكرية ولا هي تصلح لي، فهي تقوم على الطاعة العمياء، وأنا أعاني مرضَ الـ»لا»!، ثم إن العسكرية تستيقظ من نومها في الرابعة فجراً، وتريد رجلاً يلاعبها ويداعبها ويتغزل في شعرها في الساعة تلك، بينما حضرتنا «نوّيم» بامتياز… إذاً بالسلامة أيتها العسكرية، وبحفظ الذي لا تنام عينه، سأغادر للأسباب التي ذكرتها ولأسباب أخرى.
وليس عيباً أن تفشل في مجال فتبحث عن غيره، العيب أن تستمر في فشلك. والنائب الراشد أثبت بما لا يدع مجالاً للعك، أنه فاشل بامتياز في السياسة، وعليه مغادرتها اليوم في الرابعة عصراً قبل الزوال، فهو كثير التحلطم شديد التغمغم، وحبله قصير، بينما السياسة فرس لا يمتطيها سوى طوال الحبال. ثم إن الحكومة لن تقوم بتوزيره كما يتوهم، والنواب لن يتركوه يرتاح في عضويته التي أرادها وجاهة حتى وإن عبثت الحكومة.
وعلي الراشد نائب شكّاء بكّاء، تماماً كحال صاحبه الروح بالدم النائب سيد القلاف، «النسخة تلك الأصل» على رأي الفاجومي. وفي جلسة استجواب وزير الداخلية، تحدث الراشد معارضاً الاستجواب، هو والدكتورة سلوى الجسار، وهذا رأيهما، وكلٌّ ينام على الجنب اللي يريحه، لكن الراشد، بعكس سلوى الجسار، سحب الأمور إلى ملعب الفئوية كعادته البغيضة، وراح يدندن ويطنطن على القبيلة والعائلة، كي تنقسم البلد إلى نصفين، ويمسي من يؤيد الاستجواب من النواب الحضر خائناً يجب رجمه.
ولملعب الفئوية لاعبون يلهبون أكف الأعداء بالتصفيق المر. وكم من جارٍ كاره مبغض يجلس في مقصورته المطلة على الكويت في انتظار هدف يثمر عن هجمة علي الراشد! والراشد يبذل جهده، على أي حال، والتوفيق من إبليس الخسيس.
***
ليت الراشد وصاحبه «تلك الأصل» وبقية النواب والمهتمين يطلعون على رسالة الماجستير الجميلة التي كتبها الرائد في وزارة الداخلية / إدارة المرور سعود ناصر الطامي، وكانت بعنوان «دور البرلمان في حماية الأموال العامة، دراسة مقارنة بين مجلس الأمة الكويتي ومجلس الشعب المصري».