اليوم: 30 يونيو، 2009
غرام فانتقام.. غباء شديد فإعدام!
صدّقت محكمة جنوب القاهرة يوم الخميس الماضي على إعدام رجل الأعمال الشهير م.هشام طلعت مصطفى والقاتل الفذ الضابط محسن السكري وكنت قد وصفت تلك الجريمة الشنيعة بأنها «أغبى جريمة في القرن الـ 21» ثم ألحقتها بعد مشاهدتي للقاءات محامي الدفاع «الأوحد» فريد الديــب وتبريراتــه التافهة لكيفية وقوع الجريمة بمقال ذكرت فيه ان المحامي سيوصل قطعا موكله لحبل المشنقة واستغربت ان يقبل المتهم شديد الثراء دفاع محام واحد عنه بدلا من تشكيل فريق «حلم» من المحامين كحال الفريق الذي برأ أوجي سمبسون من قتل زوجته.
ولأن النصيحة كما يقال بجمل فقد قررت اسرة هشام طلعت مصطفى اخيرا وبعد صدور حكم الإعدام، اي بعد خراب البصرة، ضم 8 من كبار المحامين في مصر لتولي الدفاع عن المتهم بعد الفشل الذريع لفريد الديب ويرأس ذلك الفريق المحامي بهاء الدين ابوشقة الذي نشهد له بالذكاء الشديد والذي نصح اسرة مصطفى بالتصالح مع اسرة سوزان تميم لتخفيف الحكم او حتى الوصول لحكم البراءة.
وضمن مسلسل الغباء الشديد الذي يحيط بتلك القضية اعتراف والد القاتل اللواء منير السكري في لقاء مع «العربية» بأن ابنه تسلم بالفعل 2 مليون دولار من هشام مصطفى كثمن فرحة و«بشارة» له كونه اول من اخبره بنبأ مقتل سوزان تميم! ولقاء إعلامي كهذا يدين الابن ولا يبرئه فلا احد يدفع مثل هذا المبلغ لخبر كما ان انفراد محسن السكري بالمعلومة دليل آخر على انه الفاعل.
والحكم يعتبر تاجا على رأس القضاء المصري العادل الذي لا يجامل ولا يداهن في الحق رغم ان الضحية غير مصرية والجريمة لم تقع على ارض مصر، كما ان رجل الاعمال الشهير ليس قاتلا، بل محرض، ويحتل مراكز بارزة جدا في المجتمع كرجل سياسة واقتصاد، ولن أجرؤ على المقارنة بما كان سيحدث لو ان القضية تم تداولها في دهاليز عدالتنا المحلية في ظل وجود جمل لطيفة تضاف عادة للأحكام مثل «عدم كفاية الأدلة» و«وجود خطأ في إجراءات القبض» و«500 دينار غرامة لوقف التنفيذ».. إلخ.
وحضرت في الضفة الغربية انشطة «يوم العدالة» الفلسطيني الذي حضره المئات من رجال القضاء وحصلت على كتب ومطبوعات دورية تختص بنتائج التفتيش القضائي هناك وكيفية التعامل مع تأخر الفصل في القضايا التي يتم تبويبها ومتابعتها من قبل فرق التفتيش للتأكد من سرعة الفصل فيها، منعا للظلم الناجز الناتج عن العدالة البطيئة، وتذكرت على الفور حال محاكمنا واشكالية «الداخل المفقود والخارج المولود».
لهذا ننصح وزير الداخلية بعدم الاستقالة
كتب عبدالله النيباري، الصديق والنائب السابق، مقالا في «القبس» يوم امس الاول طالب فيه وزير الداخلية بالاستقالة لدوره في صرف مبلغ 5 ملايين و326 الف دينار ثمن لوحات اعلانية ربما لم تزد كلفتها على 300 الف!
لا نختلف مع السيد النيباري ان هذه الحالة من التعدي على المال العام سيئة بكل المقاييس، ومخالفة صارخة للقانون. كما لا نخفي عدم اقتناعنا برد الوزير وتأخره في احالة القضية على النيابة، وفوق هذا وذاك لا نشك في ان طريقة واسلوب عمل حكوماتنا هما السبب في غالبية مشاكلنا السياسية والاقتصادية والبيئية وغيرها، ولو ارادت الحكومة امرا لما صعب عليها تنفيذه، ودورها المباشر وغير المباشر في تغيير نتائج انتخابات لجان المجلس، وما سبق ذلك من انتخابات، خير مثال، ولكن مع كل هذا لا نتفق مع السيد النيباري على ضرورة استقالة الوزير، وذلك للأسباب التالية:
أولا: من الواضح من مقال طلب الاستقالة ان خسارة المال العام لمبلغ الخمسة ملايين دينار هي الأمر الجلل، وهذا المبلغ يمكن استرداده متى ما صدر قرار النيابة وعزمت الحكومة عزمها.
ثانيا: الأمر الآخر الذي تم التركيز عليه في المقال هو دور الوزير في تمرير المخالفة المالية، وضرورة استقالته بسبب ذلك، وهنا نرى ان الاستقالة سينظر اليها كثمن للخطأ، مما يعني ان بإمكان اي وزير ارتكاب اي مخالفة ومن ثم الاستقالة بعدها. ان بقاء الوزير في منصبه مهم للتحقيق وحيوي للمساءلة مستقبلا.
ثالثا: يمكن القول، وان مجازا، ان فشل طرح الثقة بوزير الداخلية، وما سينتج عنه من فشل النائب مسلم البراك في الوفاء بقسمه، يستحقان صرف مبلغ خمسة ملايين دينار عليهما!! فالخراب والفساد اللذان تسبب فيهما هؤلاء النواب في مؤسسات الدولة ووزاراتها، وبتعاون الكثير من الوزراء معهم، وقد تكون الداخلية على رأس هذه الجهات، أمر لا يمكن ان يستمر.
وسقوط الوزير يعني استفحال شرهم واستمرار تخريبهم، ولن يكون باستطاعة اي وزير مستقبلا الوقوف في وجههم، خوفا من بعبع الاستجواب. وهذه الغضبة المضرية، او المطرية، معروفة السبب، فما يشاهد الآن من نسف لقوة الهجانة، وما تتعرض له المخافر من تفنيش وتنظيف اداري وعسكري، وما يرى من وقف لتدخلات النواب في قضايا التعيينات والتنقلات العسكرية امور اصلاحية مستجدة ستختفي سريعا وتعود الامور الى نقطة الصفر متى ما نجح طرح الثقة وأجبر الوزير على الاستقالة، التي لا نشجعه عليها لمصلحة الوطن وخمسة ملاييننا!!
* * *
ملاحظة:
أفادنا من نثق برأيه ان النائب خالد سلطان لا علاقة له بأنشطة الشركات العاملة في الخدمات النفطية، وبالتالي نعتذر إليه والى الآخرين إن كان قد تسبب ما ذكرناه في مقال الاحد الماضي بإساءة اليهم. ولكن هذا لا ينفي، حسبما ورد على لسان النائب نفسه، ان مقاولاته مع الجهات الحكومية واسعة ومتشعبة.
أحمد الصراف