سامي النصف

الإشكالات السياسية والمحاكم الاقتصادية

أمام الكويت حاضرا ومستقبلا تحديان محددان، الاول سياسي يتلخص فيما نلحظه من ازمات سياسية متلاحقة لم تنجح الروشتات والوصفات التي استخدمت حتى هذه اللحظة في منعها او وقفها، ولتلك الحالة السياسية «الفريدة» مقالات اخرى.

الاشكال العام الثاني المتواري خلف الاشكال الاول هو الوضع الاقتصادي القائم وما نلحظه من فارق بين الاحلام والطموحات الكبيرة وما هو موجود بالواقع على الارض، وفي جانب من ذلك الاشكال امتلاء المحاكم العادية غير المختصة بالنظر في التشابكات المالية المعقدة القائمة.

فمع الانهيار المالي الكبير في العالم وتوقف التسهيلات الائتمانية للشركات وشح السيولة في الاسواق اتجه كثيرون للمحاكم لأخذ حقوقهم وقد فوجئوا كمدعين او مدعى عليهم بقلة الوعي الاقتصادي لبعض المحققين ممن اخذوا بمبدأ السلامة واصدروا قرارات منع سفر مستعجلة حدت من حضور كثير من المدراء والمسؤولين اجتماعات الشركات التابعة في الخارج واضرت بالتبعية بمصالح المساهمين الكويتيين.

وقد اقترحنا قبل حصول الازمة الاخيرة بوقت طويل فكرة انشاء «محاكم اقتصادية» تنظر في القضايا الاقتصادية وتفصل سريعا في الخلافات المالية شديدة التعقيد كما تحرص على التقدير الصحيح فيما يخص قرارات منع السفر كي لا يتكالب الشركاء الآخرون على نهب الاموال الكويتية في الشركات غير الكويتية بسبب غياب الطرف الكويتي.

ان مشروع كويت المركز المالي لا يمكن ان يتم ويؤتي ثمره دون انشاء مثل تلك المحاكم التي تبررها كثرة القضايا الاقتصادية هذه الايام وحاجة المستثمرين الخارجيين للقرار الحاسم والسريع لدى نشوء اي خلاف داخل الكويت ولن يأتي المستثمرون لبلد يستغرق حسم القضايا فيه عقودا طويلة كالحال القائم في بلدنا.

آخر محطة:
فرغت للتو من قراءة كتابين انصح كل طموح بقراءتهما، الاول عنوانه «الفوز» وكاتبه هو الاميركي جاك ويلش رئيس شركة جنرال اليكتريك لمدة عشرين عاما، وقد قدم له وارن بيفت اغنى رجل في العالم بالقول انه الكتاب الذي لا تحتاج معه لقراءة اي كتاب آخر في الادارة او الاقتصاد. والكتاب الثاني هو «لنفعلها» للانجليزي ريتشارد برونسون صاحب شركة طيران وتسجيلات فيرجن، والاثنان هما من ابرز الشخصيات في بلديهما ويستحقان سبر اغوار افكارهما وتجربتيهما في الحياة للتعلم منهما.

احمد الصراف

فتاوى القرى والثغور

دلت فتوى أصدرها مجموعة من رجال الدين الطامحين للوصول إلى كرسي الأوقاف، وهو ما يدفعهم لأن يكون لهم في أحيان كثيرة قرص في كل عرس، دلت على مدى بساطة تفكير البعض وقلة حيلتهم التي تدفعهم أحيانا إلى قول ما لا يجوز قوله أو التصريح به. والأغرب من ذلك ان لبعضهم مناصب وسلطة، فالسيد محمد الطبطبائي يشغل منصب رئيس المؤتمر الدولي للقضايا الإسلامية وعضو هيئة الفتوى. أما السيد بسام الشطي فإنه يترأس قسم العقيدة في كلية الشريعة، ما غيرها. وثالثهما الداعية المعروف ناظم المسباح. وقد ورد على لسان هؤلاء أن السفر إلى البلاد الموبوءة بانفلونزا الخنازير غير جائز شرعا! ولا أدري كيف يمكن أن يفتى بمثل هذا، خصوصا أن اللجنة الحكومية والرسمية المختصة بالإفتاء، التي يعمل بها الطبطبائي عضوا، قد تنصلت من صحة فتوى هؤلاء ولم تؤيدها! ولا أدري ما الهدف من الفتوى، هل لحماية مواطني الكويت، أم لمنع سفرهم إلى الدول الموبوءة والتي كانت في أغلبيتها دولاً غربية؟ علما بأن الكويت والسعودية بالذات كانتا خاليتين من أي إصابات بانفلونزا الخنازير وقت صدور الفتوى، 18/6، وربما اعتقدوا حينها أن الكويت وغيرها من دول الخير والبركة في الخليج، محصنة من أي وباء عالمي!
والآن ما الذي سيصرحون به، بعد أن دخلت الكويت والسعودية وبقية دول الخليج نادي الدول الموبوءة؟ علما بأن ليس في دولنا المباركة أي خنازير حية؟ وما رد فعلهم على تزايد عدد الإصابات يوما عن يوم؟ وهل تنطبق فتواهم على غير سكان الكويت، من مسلمي العالم بحيث يحرم عليهم السفر إلى الكويت ودخول جنتها؟ وماذا عن الحج والعمرة، هل سيحرم هؤلاء السفر على أنفسهم وعلى غيرهم أداءها، بناء على فتواهم العجيبة؟ وما حكم من يخالف فتواهم ويسافر بدل المرة عشرا ولا يصيبه شيء ويصاب جاره الذي لزم مكانه ولم يسافر؟
إن هذا المطب الذي وقع فيه هؤلاء دليل بين آخر على مدى تخبط رعاة دكاكين الإفتاء هؤلاء، حيث بين فعلهم ضرورة حصر الأمر في جهة محددة ومنع الآخرين من الإدلاء بدلائهم في ما لا يخصهم أو ما لا علم لهم به، فالعصر المربك والمدنية الشديدة التعقيد اللذان نعيشهما يختلفان عن بساطة عصور القرى والواحات والثغور والأمصار!

أحمد الصراف
habibi [email protected]