التقينا في أراضي الضفة الغربية بدولة رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض الذي أظهر بما لا يقبل الشك دعم السلطة الكامل والحقيقي لقطاع غزة حيث يتلقى 77 ألف موظف هناك رواتبهم بشكل منتظم من السلطة كما ان غزة التي تمثل 35% من السكان تحوز 77% من الموارد حيث تجبى الضرائب من الضفة لتدفع لإسرائيل كي توفر الكهرباء والماء والخدمات «مجانا» للقطاع، ثم التقينا صباحا بوزير الداخلية الفلسطيني حيث طمأننا على ممتلكات الكويتيين في رام الله، ومساء بالمستشار ياسر عبدربه، والبعض من الأحاديث معهم سينشر لاحقا والبعض سيبقى طي الكتمان.
ما ان وصلنا لعمّان حتى توجهنا مباشرة للقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي أخر سفره للضفة للالتقاء بالوفد الصحافي الكويتي، وكان اللقاء الذي استمر لساعات عدة حميما وصريحا لأقصى حد وقد بدأه الرئيس أبومازن بإرسال التحية لصاحب السمو الأمير الذي قال ان دعمه للقضية الفلسطينية لم ينقطع أبدا، وكرر ضمن الحديث الاعتراف بخطأ الموقف الفلسطيني من احتلال الكويت والذي اعتذر عنه في وقت سابق مذكّرا بالمصير المشترك للشعبين الشقيقين وموجها الدعوة للمستثمرين والسائحين الكويتيين للقدوم وشاكرا شركة زين دخولها سوق الاتصالات الفلسطينية.
ومما قاله الرئيس أبومازن ان المقاومة العسكرية قد جربت ولا أمل فيها وان المقاومة السياسية هي التي تسببت في حشد دول العالم أجمع خلف القضية الفلسطينية للمرة الأولى في تاريخها وان الواجب ان يدعم الجميع مسار السلام حتى يؤتي ثمره، وقال انه يدعم نهج الرئيس أوباما ويرى انه رجل «فاهم وذكي جدا» وهو ما نريده وأضاف انه طلب من الاسرائيليين تشكيل لجنة مشتركة تبحث عن مناهج «الكراهية» في المدارس ووسائل الإعلام الفلسطينية والإسرائيلية وتجرمها وتمنعها.
كما قال ان عملية السلام تسببت في تحرير أراضي الضفة والقطاع مما ساهم في عودة 350 ألف فلسطيني من المهجر، وأردف بأن المستوطنات بعد إخلائها من المستوطنين يمكن لها أن تستوعب أعدادا كبيرة من العائدين الفلسطينيين، وفيما يخص العلاقة مع حماس طالب بتشكيل حكومة وحدة وطنية على ان يبعد وزراء حماس عن الوزارات التي لها علاقة مباشرة بإسرائيل كوزارات الزراعة والماء والكهرباء والصحة الخ فكيف لوزير حماس ان يجلس مع وزير اسرائيلي للتباحث معه في القضايا التي تهم الطرفين وهو لا يعترف به؟!
واضاف انه لا يقبل من حماس اللعب بالأمن أو حيازة الأسلحة والمتفجرات أو التورط في عمليات غسيل الأموال كما انه لا يقبل ان تطلق صواريخ عبثية تتسبب في تدمير بلدنا، وقال الرئيس أبومازن انه يوافق «بشكل مسبق» على الاتفاق الذي ستقدمه مصر في 7/7 للصلح مع حماس لثقته المطلقة بالقيادة المصرية الحكيمة، وأوضح ان مشاكل فلسطين من مياه وأمن وحدود وإرهاب مرتبطة بجميع الدول المحيطة وليست مختصة بالفلسطينيين فقط، لذا فحل القضية الفلسطينية يحل كل مشاكل المنطقة ويسهل لها التركيز على عمليات التنمية والبناء والتقدم.
آخر محطة:
1 – فيما يخص الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل كدولة يهودية قال الرئيس أبومازن ان لنا ان نسمي دولتنا بما نرغب من أسماء ولهم ان يسموا دولتهم بما يشاءون حتى لو سميت بـ «الجماهيرية الاسرائيلية العظمى» دون ان يفرضوا علينا الاعتراف بتلك التسمية.
2 – سألت الرئيس عن كتابة مذكراته فأطلعني على أوراق صغيرة انتهى للتو من كتابتها وقال انه يسجل كل شيء أولا بأول في تلك الأوراق ثم يخزنها بالكمبيوتر وذكر انها تكفي لكتابة 65 كتابا، وكان الرئيس عرفات يقوم بالشيء ذاته وقد بقيت عشرات الآلاف من أوراقه اليومية الخاصة حبيسة الصناديق بعد وفاته.
3 – دخن الرئيس أكثر من سيجارة وقال لنا مرافقوه ان في ذلك دلالة على ارتياحه التام من اللقاء، وقد سألناه عن تلك العادة الضارة فأجاب ضاحكا «من هول المعاناة منيح اني بدخن ما بحشش» وقد انفجر الجميع بالضحك على تلك القفشة.
4 – لو سخر للقضية الفلسطينية منذ يومها الأول رجال بحكمة وذكاء واتزان وسماحة الرئيس أبومازن لما منيت بالنكبات التي أصابتها، وستفقد القضية الفلسطينية الكثير فيما لو اعتزل أبومازن الحياة السياسية كما هو متوقع.