سامي النصف

في رحاب المسجد الأقصى

كان الوفد الصحافي الكويتي يتناول الغداء يوم السبت الماضي عندما قررنا وجوب زيارة المسجد الأقصى بعد أن طال انتظار وصول الإذن من سلطات الاحتلال خاصة بعد أن اتصل البعض منا بالمراجع الدينية في الكويت التي أفتت بوجوب زيارة أولى القبلتين وثالث الحرمين.

رتب لنا مضيفونا من رجال السلطة الفلسطينية – ممن أخجلونا بحسن وفادتهم وكرم ضيافتهم – سيارات من القدس يقودها رجال من المرابطين والصامدين في بيت المقدس وقد مررنا على نقاط تفتيش إسرائيلية لم تمانع في دخولنا وبعد أن أوقفنا السيارات أخذنا في المشي عبر الحواري القديمة باتجاه المسجد الأقصى.

انتهى السير في الحواري ليتجلى أمامنا مسجد قبة الصخرة وخلفه المسجد الأقصى المسقوف ومبنى المصلى المرواني والمتحف الإسلامي وكان شعورنا عند رؤيته قريبا من شعور من يشاهد الحرم المكي للمرة الأولى، وقد دخلنا من باب الغوانمة علما بأن للمسجد إحدى عشرة بوابة تبدأ ببوابة المغاربة وتنتهي بـ باب الرحمة والتوبة.

دخلنا وصلينا في مسجد قبة الصخرة المشرفة الذي يعتبر آية في الجمال العمراني الإسلامي الذي بناه الخليفة عبدالملك بن مروان عام 66 هجرية ورصد لبنائه خراج مصر كاملا لسبع سنوات والمقدر آنذاك بـ 2.5 مليون دينار والذي فرض نفسه كأحد أهم معالم القدس، وضمن مسجد الصخرة المشرفة كهف صغير وفوقه فتحة يقول مرافقنا إن الرسول ژ مر منها في طريقه للسماء.

اتجهنا بعد ذلك للمسجدين الأقصى المسقوف والأقصى القديم الذي يقع تحت الرواق الأوسط للمسجد المسقوف ثم المصلى المرواني الذي تبلغ مساحته 3750 مترا مربعا، والمسجد الأقصى المسقوف تحفة معمارية كذلك وهو عبارة عن مسجد ذي رواق يبلغ طوله 80 مترا وعرضه 55 مترا (مساحته الإجمالية 4400 متر2) وقد بني المسجد في العهد الأموي وجدد في عهد الفاطميين و الأيوبيين والعثمانيين والهاشميين.

آخر محطة:
1 – دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي في الخطاب الذي ألقاه يوم الأحد الماضي لقيام مشروع «السلام الاقتصادي» الذي يسبق السلام السياسي والواجب يفرض عليه تحقيقا لذلك المشروع أن يتم فتح المعابر وتسهيل عمليات وصول الزائرين والمستثمرين والسائحين الخليجيين والعرب والمسلمين للقدس ولأراضي الضفة والقطاع.

2 – أرسل مرافقونا المقدسيون عبرنا رسالة دعوا من خلالها الخليجيين لزيارة القدس وقالوا إن في ذلك ما يفرحهم ويشد من أزرهم ويدعم اقتصادهم.

احمد الصراف

دروس ثلاثة

الدرس الأول: أرسلت شركة مرطبات عالمية معروفة مديرا أوروبيا للإشراف على حملة إعلانية في دولة عربية، وبعد مرور أيام اكتشفت الشركة أنه ارتكب خطأ قاتلا تسبب في انخفاض مبيعات المرطب بشكل كبير. فكرة الحملة كانت تتمثل في نشر وتوزيع والتركيز على ثلاث صور كبيرة، تبين الأولى مواطنا وكأنه ضلّ طريقه في الصحراء، والصورة الثانية تبينه وقد أشرف على الموت عطشا، والثالثة وهو يهتدي إلى كوخ فيه كمية من ذلك المرطب الشهير الذي يتناوله، وأمارات السرور والراحة بادية على وجهه بوضوح. المشكلة بدأت بسبب ثقافة مدير الحملة، فكونه أوروبيا فقد قام بترتيب الصور من اليسار الى اليمين، أي بنفس طريقة الكتابة لديه، ولكن جميع من قرأ الاعلان قرأه وفق طريقة القراءة المعتادة، أي من اليمين، وبالتالي فالصورة الأولى على اليمين لرجل يتناول ذلك المرطب وعلى وجهه أمارات السرور والراحة، وفي الصورة الثانية وهو ساقط على الأرض، وأمارات الاعياء الشديد والعطش بادية عليه، والصورة الثالثة بينته وهو تائه في الصحراء وكأنه فقد عقله! والدرس هنا أن علينا معرفة السوق المراد الاعلان فيه، قبل القيام بأي حملة إعلانية.
•••
الدرس الثاني: قال الطفل «جوني» لأمه: لقد كنت ألعب عندما شاهدت سيارة بابا تتجه نحو الغابة وفي داخلها السيدة «جين» وشاهدته يقبلها وبدآ بخلع ملابسهما..! وهنا طلبت الأم من ابنها ألا يكمل رواية قصته، وقالت له: يا جوني أريدك أن تحكي ما حصل اليوم على مائدة طعام العشاء، لأنني أود رؤية ردة فعل والدك، وأنت تحكيها.
أثناء العشاء طلبت الأم من جوني أن يخبرهم بالقصة فاستطرد الصبي قائلاً إنه رأى والده والسيدة جين في السيارة وأنه بدأ بتقبيلها وخلع ملابسها وخلع هو ملابسه وبدأت السيدة جين تفعل به ما كان يفعله العم «سام» مع .. عندما كان بابا يغيب عنا في الجيش!
وهذا الدرس يبين لنا بأن من الأفضل دائما الاستماع للقصة كاملة قبل اتخاذ الخطوة التالية.
•••
الدرس الثالث: دخل راكب ضخم الجثة يملأ الوشم وجهه، وعضلات ذراعيه المفتولة تكاد تمزق أكمام قميصه، وهنا طلب منه سائق الحافلة دفع الأجرة، فقال هذا «المعلم برعي ما يدفعش» ودخل الحافلة وجلس خلف السائق. فسكت السائق مجبرا خوفا من بطش الراكب به، ولكنه لاحظ استهجان الركاب منه ومن جبنه. تكرر المشهد ذاته المرة تلو الأخرى وفي كل مرة كانت تتزايد وتيرة احتجاج الركاب وتذمرهم من جبن السائق! ولما فاض الكيل بصاحبنا قرر الانتقام لكرامته والاقتصاص من «برعي» في ميدانه نفسه، وقام بالالتحاق بأحد نوادي الرياضة، حيث تعلم كل فنون القتال اليدوي من تايكواندو وجودو ومصارعة حرة وملاكمة، وتدرب حتى على الجري السريع، في حال فشلت خطته في تلقين المعلم برعي درسا أمام ركاب الحافلة، وبعد ستة أشهر كان على استعداد تام للقاء استعادة الكرامة. وفي اليوم الموعود، وما إن ركب برعي الحافلة، حتى أوقفه السائق وطلب منه دفع ثمن التذكرة، فكرر هذا مقولته بأن «المعلم برعي ما يدفعش»! وهنا وقف السائق وأمسك بخناق برعي، امام تصفيق الركاب وتشجيعهم، وطلب منه بصوت جهوري إما الدفع أو الخروج من الحافلة، فقال برعي بصوت ضعيف يغلب عليه الخوف، بأنه لا يدفع لأن لديه اشتراكاً سنوياً(!)
وهذا يعني أن علينا معرفة عدونا جيداً قبل التحضير لملاقاته.

أحمد الصراف