محمد الوشيحي

الكويتية من الكويتي

الله يطول عمرك ويشفيك يا عمنا الكاتب الكبير محمود السعدني، "العبد لله"، والله يطول عمر أستاذنا الماتع أحمد الجارالله، رئيس تحرير جريدة السياسة، فقد كانا أول من قرر منح رواتب لكتّاب الزوايا الصحافية في الكويت، وكان ذلك عام 1977، وكان المحرر فقط هو من يتقاضى راتبا، أما الكاتب فيكفي نشر رأيه واسمه، وأحيانا صورته إذا كان من كبار الكتّاب، ويحمد ربه ويروح يصلي ركعتي شكر، لكن بإلحاح من السعدني وافق الجارالله على منح بعض الكتاب رواتب نظير مقالاتهم، وكرت السبحة.

وبمناسبة الحديث عن السعدني، صاحب أجمل قلم وأعظم مقالات منذ معركة عين جالوت وهزيمة التتار إلى الساعة السابعة من مساء اليوم… كنت قد رتبت مع ابنه الزميل أكرم، زيارة للعبد لله في منزله، حيث يتمدد على السرير عاجزا عن الحركة والكلام، وفي حالة صحية حرجة… وحان الموعد، وسافرت إلى مصر، وأوصاني الكاتب الكبير سمير عطا الله بنقل التحايا له، وسؤاله إن كان قرأ مقالته (مقالة عطا الله) المعنونة بـ"العبد لله"، والتي تحدث فيها عن عظمة السعدني…

وبعد وصولي، اتصل بي أكرم ليبلغني أن وضع "العبد لله" الصحي انقلب كالعادة، و"أول ما يفوق حاتصل بيك"، وبعد يومين رن الهاتف، وظهر اسم أكرم السعدني على الشاشة، فخطفت الموبايل: "هاه، بشرني؟" وجاء الرد: "للأسف الحالة أنيل من الأول، رجع له العيا تاني، وأنا مش عاوزك تشوفه في الوضع ده"، فأيدت كلامه، وأغلقت السماعة، وعدت إلى الكويت أسحب ثياب الخيبة على وحل الإحباط، وأشارك العبد لله آلامه.

الله يشفيك يا أستاذنا، أخذني الحديث من يدي إليك وأنساني ما كنت أود الكتابة عنه بخصوص رد مؤسسة "البربسة"، الخطوط الجوية الكويتية، المنشور هنا أمس الأول تعقيبا على مقالة سابقة لي، والذي من خلاله مسحت المؤسسة على رؤوسنا، وأركبت خسارتها على قفا انهيار الاقتصاد العالمي، وارتفاع اسعار الوقود والصيانة وعدم تحديث الأسطول، فجاءني توضيح من مصادري بأنهم سيردون على الكويتية في لقائهم مع وزير المواصلات هذا الأسبوع، ثم شرحوا لي بالوثائق والأرقام الفرق بين الصدق وابن عمه. ولا أريد أن ادخل الناس في التفاصيل الفنية الطويلة، لكنني في انتظار أي تشكيك في معلومة واحدة من معلوماتي لأنشر الغسيل على حبل البلكونة.

فعلاً حرام أن تصل الكويتية إلى هذه الحالة التي تدفع الكلاب الضالة الجربانة إلى وضع أيديها على أنوفها لو مرت من جانبها، حرام أن يتهموا الوقود وهو نايم، وهم يدركون أن الدولة تمنحهم خصما بنحو عشرين في المئة على الوقود، حرام أن يتحججوا بارتفاع أسعار الصيانة، وهم يعلمون أن المشكلة في العقود المشبوهة مع شركات صيانة المحركات، والعقود المشبوهة مع شركات تحديث مقاعد الطائرات.

ونقول لقيادات البربسة إن البطولة ليست باسترضاء الكتاب والمحررين، فهؤلاء يتقاضون رواتبهم من صحفهم، من صحفهم فقط، أو هكذا يفترض، وهم ليسوا في حاجة إلى من يتصدق عليهم برحلات مجانية أو بخصم يكاد يُنزل الأسعار إلى مستوى سطح البحر، بل البطولة في إحالة المتلاعبين إلى النيابة، وإفساح المجال أمام الكفاءات التي تمتلئ بهم المؤسسة بدلا من قيادات العبث.

يا صاحبي خذها قاعدة: لن تصلح "الكويتية" حتى يصلح "الكويتي".

احمد الصراف

الفساد في دولة المليون

في كل جريمة أو مخالفة يرتكبها الكبار يتم البحث عادة عن «كبش فداء» أو Scapegoat لتحميله المسؤولية، وتعبير: «السكيب غوت» يعود أصله الى عادة توراتية كان فيها اليهود يحضرون تيسين، يضحون بأحدهما للرب ويطلقون سراح الآخر في الغابة لينطلق حاملا معه كل ذنوب اليهود.

•••
يتطلب قانون مزاولة التجارة من مؤسسي الشركات الجديدة أن يكون لديهم رأسمال قبل قيامهم بمزاولة أي نشاط تجاري، وذلك حفظا لحقوق الغير تجاه الشركة ولبيان جدية مؤسسيها. وتعتمد الوزارة عادة على البنوك في تسلم رأسمال من الشركاء، كل بحصته، وإصدار شهادات موجهة للوزارة تفيد بذلك وحفظ المبلغ في حساب خاص لا يتم الإفراج عنه إلا بعد الانتهاء من إجراءات تأسيس الشركة أو بكتاب من الوزارة يفيد بخلاف ذلك وطلب رد المبلغ لأصحابه.
وقد ورد في «القبس» 8/6/2009 أن ممثلي وأصحاب 1200 شركة متضررة من القرار الوزاري الذي نص على إغلاق مكاتبهم، تقدموا بكتاب «استرحام» لوزير التجارة لمنع تطبيق قرار الإغلاق عليهم، لأنهم لم يزوروا شهادات رأس المال، بل قامت مكاتب تخليص المعاملات بتزوير تلك الشهادات نيابة عنهم! وهذا يشبه ادعاء نائب ما مستقبلا بأن شهادة البكالوريوس أو الدكتوراه التي يحملها لم يقم بشرائها بنفسه، بل قام مكتب تخليص معاملات بالمهمة نيابة عنه!
ولو افترضنا أن هذه الشركات المتورطة بها 3 شركات في المتوسط، فإن ذلك يعني 3600 مزور في نوع واحد من المعاملات في دولة مرفهة، لا يزيد عدد مواطنيها على المليون بكثير، فما الذي كنا سنقدم عليه لو كنا بحجم سكان دولة كالهند وفقر دولة افريقية؟
وما مصير كل الأطراف التي تعاقدت مع هذه الشركات وباعت لها او اشترت منها؟ وما مستقبل آلاف البشر الذين أصدر لهم أصحاب هذه الشركات إقامات عمل؟ وكيف يمكن أن يحدث ذلك في دولة بها 1500 مسجد ونصف مليون ملتحٍ، ولا تتوقف فيها حملات الحج والعمرة على مدار العام؟ وكيف يمكن القبول بإلقاء مسؤولية هذه الجريمة على عدد من الوافدين «الملاعين»، الذين تركوا البلاد، وإخلاء طرف المواطنين «غير الملاعين»، الذين لم يسألوا من أين جاء رأسمال شركاتهم؟
إنني في حيرة حقا، فربما يكونون هم على حق، وأنا وأمثالي المخطئون! فلا يمكن أن يكون كل هذا «الرهط» على ضلال مبين في هذا الزمن الأغبر.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

عين على الديوان الملكي… عين على الرموز!

 

إلى حد كبير، جاءت توجيهات جلالة العاهل بخصوص تحقيق التوافق بين كل من جمعية الوفاق الوطني الإسلامية وجمعية العمل الإسلامي (أمل) مثيرة لاهتمام جميع الأطياف السياسية على إثر ما تمخض عنه اللقاء بين معالي وزير الديوان الملكي الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، والأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامي ورئيس كتلتها النيابية الشيخ علي سلمان، وهو اللقاء الذي نقل فيه الشيخ خالد بن أحمد رغبة جلالة العاهل في أن يتم التوافق بين الجمعيتين، الوفاق وأمل، لما يخدم البحرين وأهلها.

ولكن، كيف يمكن قراءة أبعاد هذا اللقاء؟ وما الذي يمكن أن نفهمه من تواصل عقد اللقاءات بين الوفاق وكبار المسئولين بالدولة، ومنها لقائا معالي وزير الديوان ووزير الداخلية مع (الوفاق)، بخصوص المتهمين في قضيتي كرزكان والمعامير بعد صدور العفو الملكي الكريم بالإفراج عن جميع المتهمين عدا المتهمون في حادثتي مقتل الشرطي ماجد أصغر علي (كرزكان) ومقتل شيخ رياض (المعامير)؟ ألا يشير ما طرحه معالي وزير الديوان الملكي إلى أنه (لن يتسنى) شمول العفو لأصحابها إلا بعد صدور الحكم وانتهاء موضوع الحق الخاص، وأن هناك عفوا مرتقبا بعد صدور الحكم؟.

ولعل أول قراءة لهذا اللقاء المهم، تتمحور على أن القنوات المفتوحة بين الرموز الدينية والسياسية، أو لنقل على الأقل، المتاح من القنوات بين الرموز وبين القيادة عبر الديوان الملكي كفيلة بأن تنهي الكثير من الملفات العالقة التي تلقي بظلالها على الأوضاع في البلد، وكما أسهم العفو الملكي الكريم وجهود الرموز الدينية والسياسية والناشطين في إعادة الهدوء والاستقرار إلى البلاد، فمن اللازم الحفاظ على هذا المكسب، وتقوية العلاقة بين الطرفين لما فيه مصلحة البلاد والعباد، وليس عيبا أن يتم تجاوز الماضي بكل تبعاته المرهقة، طالما أن هناك توجها مشتركا من القيادة السياسية ومؤسسات المجتمع والرموز لإنهاء حالة الاحتقان والتصادم… فكل من يعيش على أرض البحرين يهمه استقرارها، لكن لابد من العمل المنطلق من إيمان وقناعة بضرورة منح الطرفين الفرصة للتباحث والتواصل، وعدم رفع شعارات التشكيك والتخوين وعرقلة الجهود، وهي شعارات لا يؤمن بها إلا صغار العقول، من لا هم لهم سوى إشعال فتيل الفتنة والتأجيج.

لا يجب أن تتعرقل الجهود، مهما كانت المعوقات والموانع، بسبب الاتهامات (اللامسئولة) التي تصدر من البعض! فإن بادر رموز دينية وسياسية بالالتقاء بالمسئولين بالديوان الملكي، وصفهم البعض بأنهم (خونة)، وإن احجموا عن المبادرة وصفوهم (بالتخاذل وعدم الاهتمام بقضايا الناس وفقدان الشجاعة في مواجهة السلطة)، وإن توجه عالم دين أو رمز وطني للالتقاء بالقيادة لإيصال قضايا المجتمع، طرح البعض بأسلوب فج صغير، اتهامات الوقوف على باب السلطان وبالتالي فساد من ذهب… حتى لو كان ذلك الرمز يحمل هموم الناس وقضاياهم، وفي الوقت ذاته، يؤمن بعدم حرمة الذهاب إلى السلطان لما فيه صالح الناس!.

على أقل تقدير، يمكن اعتبار التوجيهات الملكية لتحقيق التوافق بين الوفاق وأمل أنها رسالة لها عدة مضامين، ولعل من أبرز مضامينها هو تقدير القيادة لهذين الكيانين، ولدورهما الفاعل والمؤثر في مسار الحراك السياسي في البلاد، كونهما يمتلكان قاعدة جماهيرية كبيرة، ولا شك في أن من بين المضامين أيضا التهيؤ لانتخابات 2010 وتمهيد الطريق لمشاركة قوية في ظل وجود أطراف (مقاطعة) لها احترامها ولها حقها في ذلك، وقد لا أكون مصيبا تماما إذا قلت إن المتهمين في قضيتي المعامير وكرزكان سيعودون إلى ذويهم، فاللقاءات الجارية ستؤتي ثمارها، والسلطة تدرك أهمية أن تنعم البلاد بالهدوء والاستقرار وطي صفحة الماضي، ولعلني أقرأ عبارة معالي وزير الديوان الملكي حين قال: «وكم كنا نأمل أن تخلو سجون البحرين من متهمين في هذا النوع من الجرائم التي ليست من طباع أهل البحرين»، على أن التواصل والتنسيق بين الرموز الفاعلة والديوان الملكي لن تواجه بالأبواب المغلقة، وهذا ما يأمله الجميع