كشفت محاولة النائب خالد السلطان ونواب آخرين، تضمين نص القسم الدستوري كلمات محددة، في محاولة للتملص من معناه وتغييره، كشفت المعضلة النفسية والاخلاقية التي يعيشها البعض من هؤلاء السلف كل يوم بقبولهم المشاركة في الحياة السياسية من خلال البرلمان وسلطات الدولة الاخرى. فالفكر الديني، والسلفي بالذات، يحتم على هؤلاء «النفرات» الممثلين في البرلمان، الالتزام بما يمليه عليهم كبارهم وقادة فكرهم من «اساطين السلف»، الذين يعتقدون «بفساد» الانظمة الديموقراطية المقتبسة من الغرب، وان الاولى الالتزام بحاكمية الله وبالشورى وبنظام الخلافة، وان الشرع هو مصدر التشريع، وليس البرلمان، من خلال السلطات المفوضة لنواب الامة.
ولو توقفنا عند واقعة اضافة العضو خالد السلطان عبارة «في طاعة الله» بعد عبارة «احترام الدستور وقوانين الدولة» من القسم، لتبين لنا حقيقة موقف القوى الدينية والسلفية بالذات، من العمل السياسي البرلماني. فأعضاء هذه القوى يعلمون ان شكل الدولة الحديثة لا يشبه اي شكل من اشكال دولة السلف الصالح (!!)، ويرون في الامر شبهة وحكما بغير ما انزل الله!! وهذا يفسر سبب ابتعاد عدد من كبار قادتهم عن المشاركة في الحياة السياسية بصورتها الحالية، ولكن معاناتهم بدأت بعد ان رأوا ان عزوفهم عن المشاركة في الانتخابات قد ترك الساحة لغرمائهم، سواء من القوى الدينية المعارضة لهم أو القوى الاخرى، وان هؤلاء حققوا مكاسب دنيوية وثروات ونفوذا هائلا لم يكونوا يحلمون به. وهنا ظهر اتجاه قوي بين قوى السلف يرى عدم جواز ترك الساحة خالية للغير، وان من الضروري المشاركة في «اللعبة» وهكذا كان، وكان مشروع «الوسيلة» العقاري الضخم الطُعم الذي وضع لغلاة معارضي المشاركة في اللعبة السياسية لجرهم للميدان واظهار منافع «الديموقراطية الكويتية»!!
ولكن بقي نص «قسم النيابة الدستوري» شوكة في حلق القوى السلفية، بنصه الديني الداعي لاحترام المؤسسة الدستورية، ومسند الإمارة، وبتناقضه الواضح مع من يقومون بترويجه من قيم ومفاهيم. ومن هنا جاءت محاولة النائب السلطان، وما سبقتها من محاولات بائسة اخرى لتغيير معنى النص، من اجل تبييض وجوههم امام اتباعهم وزعمائهم في خلواتهم، والقول بانهم بذلك التغيير والتحوير والاضافة، قد أرضوا الله وضمائرهم من خلال عدم الالتزام بنص «مشبوه ومكفر»، وهذا المخرج أملاه عليهم حبهم لجمع المال وملذات الحياة ومباهج السلطة وسطوة النيابة.
ان عقلاء المجلس والحكومة، مطالبون مستقبلا بمنع اي اضافة للقسم، سواء في اوله او نصفه او نهايته، وان يؤدى القسم كما هو من دون تغيير، وعلى الجميع الالتزام بذلك واحترام مشاعر الآخرين، ومن لا يعجبه القسم، بنصه الحالي، فبامكانه الجلوس في بيته.
أحمد الصراف